الحين أشرفت حدة ومن برفقتها من العبيد على مضارب قبيلة الرشايدة ولما رآهم القوم خرجوا لهم وسألولهم عن حاجتهم فخرجت حدة وقالت لهم لقد جئت لرؤية شيخهم فأدخلوها إلى خيمته ولما خلعت غطاء رأسها صاح الشيخ مولاتي حدة هل هذا أنت أجابته نعم يا شيخ نور الدين وأنا بحاجة إلى مساعدتك !!! أجابها قصي علي ما حدث وكيف وصلت إلى هنا فأخبرته بما حدث وكيف إكتشف رجال إسماعيل سفينتها واضطرت إلى إغراقها والهرب إلى الصحراء ولما سألها عن إبراهيم ومحمد ردت ليس لي خبر عنهما قال الشيخ سنخرج حالا للبحث عنهم أما أنت فاستريحي وسآمر لك بخيمة بعد قليل خرج عشرات الرجال إلى الصحراء وما كادوا يبتعدون قليلا حتى رأوا ثلاثة رجال وإمرأة فجروا ناحيتهم ومنحوهم طعاما وشعيرا للخيل ثم رجعوا وهم يكبرون فخرجت حدة لإستقبالهم ولما رأت أنهم بخير شكرت الله على سلامتهم .
أمر نور الدين بذبح جزور سمين وإعداد وليمة للضيوف وبعدما أكلوا وشبعوا قال إبراهيم جنود إسماعيل ورائنا وهم بالمئات ولا بد أن نحمي حدة رد نور الدين لقد أرسلت لحلفائنا ولن يتأخروا في القدوم فالسلطان إسماعيل عدونا وكل البادية تكرهه قالت جميلة سأطير في الليل ووآتيكم بأخبارهم رد إبراهيم لقد قاسينا كثيرا من الجوع والعطش ومن الأفضل أن تستريحين هذه الليلة !!! فرمقته بطرف عينها وقالت لم أنس ما فعله بي لما حبسني في أحد أبراج قصره وكدت أموت في الصحراء بسببه !!! قالت حدة لا تتعجلي سيكون لك الوقت لتأخذي بثأرك منه والآن إذهبي إلى خيمتك ونامي قليلا فتحامات جميلة على نفسها ولما وضعت رأسها على المخدة راحت في نوم عميق .
في نصف الليل إستيقظت وهي تحس بالنشاط وقالت سأتحول إلى طائر وألقي نظرة على جيش إسماعيل وأعرف مكانه ثم طارت ومن بعيد شاهدت بعض النيران المتفرقة فاتجهت نحوها وهالتها كثرة الخيام التي غطت جانبا من الصحراء ففزعت وصاحت إنهم أكثر مما توقع إبراهيم وهم يعدون بالآلافالتفسير الوحيد أنه يريد أن يقبض علينا لنريه مدينة الذهب فهو متأكد من وصولنا إلى هناك !!! ثم رأت خياما وقربها أحواضا صغيرة من الخشب لشرب الإبل فقالت في نفسها لا شك أنهم يحتفظون بالماء هناك فتسللت إلى داخل الخيام ونزعت أحد الأوتاد ثم ثقبت به قرب الماء والأحواض وسال الماء في الرمل بعد ذلك رجعت إلى شكل طائر وابتعدت بسرعة ولما وصلت كانت مرهقة فدخلت خيمتها ونامت.
لما أفاقت قالت لنور الدين لا تخرج للقاء جيش إسماعيل وهو من سيأتي إليك فامنعوهم من الوصول للعين وقوض خيامك وارحل بالنساء والأطفال إلى قمة الجبل ولا تترك نقطة ماء واحدة ثم أخبرته ماذا فعلت فصاح سيجري القوم للماء ليس لنا وقت وفي آخر النهار تحصن فرسان نور الدين بالصخور التي تأدي للعين وباتوا ليلتهم وهم على أهبة الإستعداد وعند الفجر رأوا مجموعات من الجنود تبحث عن الماء ولما شاهدوا أن الرشايدة أغلقوا العين سلموا أسلحتهم مقابل جرعة ماء مضت ساعات والجنود يستسلمون وقد أنهكهم الحر والعطش ومن حاول الإقتراب بسلاحھ رموه بالنبال في هذه اللحظة طلعت غبرة عظيمة وظهر تحتها قبائل البادية التي هبت لنصرة الشيخ نور الدين فتبدد الجيش في القفر ومن لم يستسلم ماټ عطشا .
كانت الغنائم لا تعد كثرة فقسمها الشيخ على البدو ثم قال لحدة ماذا سنفعل بكل هؤلاء الأسرى وأقترح أن نضرب أعناقهم !!! فأجابته لم آتي هنا للقتل فاعطهم الماء وارسلهم إلى بلادهم . فوقف أحد كبار القادة واسمه سعيد وقال لن أنس جميل مولاتي وسنرجعإلى بلادنا ونخلع إسماعيل عن الحكم وإذا أحببت نصبح من حلفائك !!!ردت عليه سأرى إن كنت محل ثقة أم لا ثم يصلك جوابي !!! وحين إنصرف قالت للشيخ سنواصل رحلتنا إلى تلمسان وأريد أن يرافقنا رجالك فقريبا سيعلم الجميع بوجودي هنا. فأجابها أنا في خدمة سيدتي ...
سمع أهل المدينة بسقوط القصر فجاءوا من كل حدب وصوب وهم يلوحون بسيوفهم وعصيهم وازداد عددهم في الأزقة وفي النهاية وجد مختار وإخوته أنفسهم وسط الجموع الناقمة ففكروا بالهرب مع أتباعهم لكنهم سمعوا صوتا يقول لن ينفعكم ذلك والعقاپ في طريقه إليكم !!! ولما إلتفت الجميع رأوا السلطان حيا يرزق فصاح الناس بفرح وعلت تكبيراتهم أما الإخوة فقالوا لقد هلكنا كيف خرج أبونا من القبو وهناك عشرات الحراس أما الجنود فعرفوا أن مختار قد خدعهم طول هذا الوقت فرموا سلاحهم وقبض عليه الناس وأشبعوه ضړبا ثم ساقوه مغلولا بالسلاسل إلى القصر .
في الغد مثل الأبناء في مجلس أبيهم السلطان وكان على يمينه محمد وإبراهيم وعلى يساره مختار وإخوته الأربعة فحمد الشيخ الله وأثنى عليه ثم قال قصة حدة مكنتني من اكتشاف أني أسأت تربية بعض أولادي لهذا سأرميهم في القبو الذي وضعوني فيه وفي