الأحد 24 نوفمبر 2024

عشق وإنتقام (لا ټجرح قلبي)

انت في الصفحة 8 من 11 صفحات

موقع أيام نيوز


جسده باشتياق معتصرة إياه في عناق أمومي حار وهي تتمتم بعدة كلمات غير مفهومة من فرط سعادتها برؤيته أمامها بعد عدة أشهر قضاها في إحدى المدن البعيدة عنها ...دمعت عينيه بتأثر وانحنى مقبلا رأسها عدة مرات باشتياق مماثل ومشاعر صادقة كالتي أغدقته بها طيلة حياتها ...بقيا على حالهما هكذا عدة ثواني حتى ابتعدت نادية عنه وهي تتلمس وجهه بتفحص وإمعان ثم انحنت محتضنة إياه مرة ثانية وعيناها تفيضان من الدمع من فرط اشتياقها لفلذة كبدها الذي قسى عليها بابتعاده عنها غير شاعرا بقلبها الذي ينتفض في كل ثانية خوفا عليه .

ابتعدت عنه بهدوء منافي لحالتها الثائرة منذ قليل بعدما استمعت إلى كلمات زوجها وهو يهتف بجمود تعالوا ادخلوا چوه مينفعش الحديت على الباب إكده
أومأت له نادية بإيجاب وتأييد بينما رمقه طاهر بتوتر من تلك النبرة الجامدة التي يعلم سببها جيدا
بعد ثواني معدودة جلست نادية بجوار ولدها على المقعد الكبير ذو اللون البني الداكن وهي تطالعه باشتياق بينما جلست ملك بخجل على المقعد المقابل لهما بعدما شعرت بالندم ينهش لبها على تسرعها وقدومها معهم في هذا اليوم فولدهم الوحيد أتى لزيارتهم بعد شهور كثيرة لم ير أيا منهما الآخر فحتما سيبقى معهم عدة أيام يتفقد أحوالهم ويروى ظمأ اشتياقهم الذي أدمى قلوبهم وجعلها بحاجة إلى عناق ربما يطيل إلى أيام عديدة كي يشفي چروح قلوبهم المستعرة ويلملم حطامها... رفعت نظراتها إلى طاهر بعقل شارد دون إدراك فوجدته يطالعها هو الآخر ولكن بنظرات تختلف عن تلك التي تطالعه بها
...فاقت من شرودها على التقاء نظراتها معه وسرعان ما أخفضت عينيها بخجل أكثر من ذي قبل وهي تلوم نفسها ... فأحيانا ما نسرح بخيالنا وتضيع عقولنا في ذكرايات لا تفارقنا مهما حاولنا الفرار والانفلات عنها ونصطدم بعد إفاقتنا من هذه الدوامة التي دلف بها عقلنا بأشياء تطالعها أعيننا دون أن ندرك ما ننظر إليه دلف عقلها بدوامة أخرى بعد رؤيتها لنظرة طاهر تلك التي كان دوما ما يغدقها بها شعرت بالخۏف يسري في عروقها بعدما تذكرت ذلك الموقف الذي حدث بينهما قبل زواجها من صالح بأيام قليلة حينما أخبرها بأنه يعشقها ولا يستطيع الخلاص من عشقها الذي يكبل قلبه ويجعله غير قادرا على مواصلة حياته مع زوجته التي تزوجها فقط عله يستطيع نسيانها بها ولكنه لم يقدر أخبرها بأنه حاول كثيرا نسيانها وذم قلبه في كل مرة كانت تتحدث بها أمامه عن صالح حبيبها الذي لا يحقد على أحدا بحياته كما يحقد عليه لفوزه بقلبها الذي أفنى عمره في الوصول إلى أعماقه تذكرت نظراته البائسة حينما أخبرته بأنه لم يمثل سوى أخ لها وأن قلبها ملكا لآخر لا تستطيع التخلص من عشقه هي الأخرى لم تك تدري حينها أن عشقها الذي حطمت قلبه حينها لأجله سيحطم قلبها آلاف المرات ويجعل اللقب الوحيد المناسب لها هو حطام أنثى....على ذكر عقلها لصالح شعرت بالندم لعدم استماعها لكلماته وإطاعته بأن يأتي في آخر اليوم ويصطحبها بدلا من بياتها في هذا المنزل أسبوعا كما كانت تنوي أرادت مهاتفته في هذه اللحظة وإخبارة بأن يأتي ويصطحبها في آخر اليوم كما كان يريد ولكن بأي حجة ستخبره عن سبب عودتها في قرارها هداها عقلها إلى محادثته في الصباح وإخباره بأن النوم لم يطرق بابها وعدم قدرتها على البيات هنا كما كانت سابقا فاقت من شرودها مرة أخرى على نبرة خالها الجامدة المغلفة بعتاب خفي الموجهة إلى ولده
إيه اللي فكرك بينا دلوك يا طاهر لسه فاكر تسأل علينا 
ازدرد الآخر ريقه بتوتر وهو يتيقن من صدق ما أخبره به حدسه فطريقة والده التي يحدثه بها لا تنم على الخير أبدا ثم استجمع قواه وأجابه بهدوء وحزن دفين في عينيه
أني آسف يا أبوي أرچوك سامحني جلبي معادش متحمل زعلك أنت كمان 
تناسى والده غضبه حزنه ضيقه منه وعتابه له أمام نبرة ولده المنكسرة التي يتحدث بها أمامه... فما أصعب على الرجل من أن يشعر بأن ولده وخليفته الذي من المفترض أن يستند عليه في شيخوخته ويجعله ظهرا له أمام طوفان العجز الذي لا ينجو منه سوى القليل أن يراه يعاني ويحتاج إلى كل البشر كي يواسونه ويربتون على قلبه ولا يقدمون له سوى الحنان والاهتمام...شعر أشرف بأن حالة ولده هذه ليست من فراغ فربما أصابته آفة أو أحلت به نقمة أو أن عشقه الذي كان يتواري خلف الستار ولا يظهر سوى في ساعات الليل العسيرة والمتعبة سيطر على جسده وجعله بهذه الحالة
التي يراه بها... دون أن يشعر وجد نفسه يسأله بقلق أبوي حاني
فيك إيه يا طاهر إيه اللي چرالك يا ولدي
تنهد طاهر بحرارة بعدما استمع إلى نبرة والده الحنونة التي كان بحاجة ملحة إلى الاستماع إليها في الفترة السابقة ثم أجابه ونظراته
 

انت في الصفحة 8 من 11 صفحات