رواية السندباد كاملة وحصريه بقلم كاتب مجهول
ويمتص أعمارهم..
ثم أشار إلي وقال
لكنك الوحيد الذي لم يفلت منه فحسب بل وقضى عليه كذلك..
فشكرت الراعي وسألته عن طريق الخروج من هذه الجزيرة.. فأخبرني عن وجود سفينة ترسو حاليا على الساحل الغربي للجزيرة..
بحثت في إزار الشيخ فعثرت على صرة صغيرة كانت مملوءة بالأموال التي كان الشيخ يستولي عليها من ضحاياه.. فشكرت الراعي مرة أخرى ثم ودعته وانصرفت حتى أتيت السفينة.. فاشتريت منهم تذكرة الصعود بما معي من نقود..
فحدث ذات يوم إعصار هائل.. شفط مياه البحر وأقام السفينة وما أقعدها حتى كاد أن يقلب عاليها سافلها.. فلم ننجو منه إلا بأعجوبة..
فلما صحا الجو.. طلب مني الربان أن أرتقي الصاري.. ففعلت وليتني لم أفعل..
لقد جرفنا الإعصار الى جبل القرود..
فقلنا
وما جبل القرود
قال
هو ممر بحري.. ما سلكته سفينة إلا ونالت منها القرود..
ثم لم نزل ننجرف حتى صرنا بمحاذاة الجبل.. فأمر الربان بنشر الاشرعة وتحريك المجاذيف لغرض الانطلاق بأقصى سرعة لعلنا نتخطى ممر المۏت هذا..
كانت القرود سوداء الشعر حمراء الأعين هائلة الجسد.. وكانت تطلق زعيقا صارخا يصم الآذان..
ثم أخذت ترمي علينا بالأحجار والصخور وجذوع الأشجار.. فاحتمى البحارة منها في باطن السفينة.. باستثنائي أنا فقد بقيت متشبثا بقمة الصاري لا أستطيع النزول..
أما السفينة فقد تعدت المضيق ونجت من جبل القرود.. فتمسكت أنا بخشبة الصاري حتى قادني الموج الى سفح الجبل.. فشاهدت القرود وهي تنزل الى السفح طمعا في إدراكي.. فغمرني من الروع ما لا يعلمه إلا الله.. وطفقت أجري كالمچنون بحثا عن مهرب.. فلو أمسكتني القرود لنتفت اللحم بأنيابها ومخالبها عن عظمي نتفا..
ثم الټفت خلفي فراعني أن أرى معي داخل المغارة أفعى عظيمة وهي ترقد على بيضها... فجلست كما المذهول وأنا أرتعد فرقا خشية أن تشعر بي الأفعى فتميل علي وتأكلني... وبين أن أخرج فتقطع القرود أوصالي..
فنهضت وزحزحت الصخرة وخرجت من المغارة.. فإذا بالقردة قد يئست مني فعادت الى أوكارها في أعلى الجبل..
فحمدت الله على النجاة وتمشيت في الجزيرة.. فإذا هي جزيرة واسعة يخترقها نهر سريع الجريان..
فتمشيت على شاطئ ذلك النهر فوجدت أنه يدخل في قلب جبل عظيم لم أر أكبر منه..
ففكرت بأنني إذا بقيت هنا فستتمكن مني القرود في النهاية لا محالة.. فقادني تفكيري وحبي للبقاء الى أن أجمع العديد من أخشاب الجزيرة.. وكانت من خشب الصندل..
ثم جمعت ألياف النبات ففتلتها وعملت منها حبالا وربطتها على تلكم الأخشاب حتى صنعت لي طوفا صغيرا..
وقبل شروق الشمس.. كنت قد أبحرت على بركة الله في ذلك الطوف على النهر ذو الجريان المضطرب.. فأخذ الماء يتلاعب بالطوف ذات اليمين وذات الشمال فربطت نفسي بطوفي جيدا كيلا أسقط فتتهشم رأسي على الصخور..
واستمر الطوف بالإنجراف مع النهر حتى اخترق بي صفحة الجبل.. فشاهدت نفسي أنساق داخل ممر طويل تحت الجبل يضيق حينا ويتسع حينا آخر..
ثم تضائل حجم النفق فجأة حتى أخذت أطراف الطوف تحتك بجوانب النفق ورأسي يحتك بسقفه.. فتمددت بوجهي على الطوف تماما وأنا في غاية القلق من أن أنحشر بطوفي في ذلك المكان المظلم العميق داخل الجبل..
وبعد ساعة من الترقب..
لاح لي أخيرا ضوء النهار.. فخرجت من الجبل وأنا كالشبح من كثرة الهزال والخۏف.. فغبت عن الوعي لكن كان هناك بعض مراكب الصيادين على النهر والذين ما إن أبصروني حتى أمسكوا بطوفي وأخذوني الى شاطئ مدينة ثم حملوني الى كبير التجار فيها وكان رجلا عاقلا كريما.. فأخذني الى بيته واعتنى بي حتى تعافيت والحمد لله..
ثم أخبرته بخبري فهنئني بالسلامة وقال
إعلم يا سندباد إنك