لقد ألقت بهم العاصفة قريبا منا والآن لن يمكننا الهرب !!! قال الطائر إنتظروني فهم لحد الآن لا يعلمون بوجودنا قربهم لشدة الظلمة ثم حلق حتى وصل إلى السفينة فلم يشاهد إلا قلة من الرجال والعبيد الذين كانوا مربوطين إلى المجاذيف ثم نزل الطائر وتحول إلى امرأة رأت ثيابا معلقة فلبستها وكل مرة كانت تتسلل وراء رجل وتدفعه في البحر .
ثم نزلت إلى عنبر السفينة وأقفلت الباب بالمفتاح على جنود إسماعيل ولم يبق لها إلا أن تحل وثاق العبيد وقالت لهم ستكونون في خدمتي وأنا أعرف كيف سأكافئكم فمن منكم يوافق على ذلك فصاحوا كلنا يا مولاتي !!! فقد سامنا إسماعيل العڈاب وحرمنا من والطعام !!! قالت سننقذ الأول سيديكما محمد وإبراهيم إبنا سلطان تلمسان ثم تأكلون وترتاحون .فجدفوا حتى وصلوا للزورق فصعد الأميران وهما لا يصدقان بالنجاة وتعجبا لشجاعة تلك الجارية وزاد عشق إبراهيم لها في الصباح إقتربت السفينة من الشاطئ وأنزلوا جنود إسماعيل المحبوسين ثم إنطلقت نحو بلاد حدة وكان فيها من الطعام والماء ما يكفي لرحلة طويلة قال محمد وهو يأكل تفاحة لقد بخل علينا إسماعيل بسفينة صغيرة لكننا أخذنا واحدة من مراكبه القوية مع عشرين من العبيد وسيضيف أبونا ما حصل إلى قصصه التي يحكيها للسلاطين ومن المأكد أن كل الممالك ستسمع بها .
أمضت السفينة عشرين يوما في البحر وفي النهاية لاح في الأفق جبل مرتفع مليئ بالأشجار وأمامه صخرة كبيرة في البحر فصاح إبراهيم إنها صخرة الجمجمة التي قال عنها شيخ الرشايدة وتتحطم عليها كل المراكب التي تقترب من هنا سننتظر الريح الذي سحملنا إلى الشاطئ وهي لا تهب إلا مرة واحدة في اليوم وفي منتصف النهار رست السفينة في خليج صغير ونزل قارب فيه الأميران والجارية جميلة ثم مشوا قليلا في طريق ضيق بين الصخور ولما خرجوا منه وجدوا أنفسهم أمام مدينة عظيمة شاهقة الأسوار لم يروا مثلها في جمالها ...
قال محمد لا أرى أحدا على الأبراج ماذا نفعلهل نطرق الباب ونقول للحرس جئنا لخطبة ملكتكم حدة ضحك إبراهيم والجارية وردا عليه هذا إذا فتحوا لك ولم يلقوا على رأسك حجرا !!! قالت جميلة عندي فكرة سنصيد سمكا ونشويه على الحطب مع بعض حشائش الغابة وننتظر فربما يمر أحد السكان فنسأله أجاب إبراهيم على كل حال ليس لنا سوى الإنتظاروقد يطول ذلكفذهبوا إلى البحر واصطادوا أربعة أسماك كبيرة ثم جلسوا تحت سور المدينة وضعوها على الڼار فصعدت رائحتها وتقاطر زيتها وبدأت الجارية تغني بصوت رخيم
ما أحلى البحر
والهواء إذا فاح برائحة السمك
فاقترب أيها النورس
واثني جناحيك
ومد للمائدة يدك
وراق الجو لمحمد وابراهيم بعد كل ما عانياه في الرحلة وهب النسيم العليل على الأشجار وبدأ الجميع في الغناء والمرح .وكان من عادة حدة أن تصعد فوق الأسوار وتتفرج في الغابة وتسمع تغريد الأطيار لكنها لما صعدت هذه المرة شمت رائحة السمك وسمعت الغناء والضحك وفنظرت إلى أسفل فشاهدت شابين وجارية يلهون ويمرحون وأربعة أسماك شهية على الحطب قد فاحت رائحتها في كل مكان فضحكت وقالت يبدو أن القوم سعداء لا أدري كيف وصلوا إلى هنا لكني سأنزل وآكل معهم ولن يعرف أحد أني الملكة فارتدت ثوب الفلاحين وغطت رأسها ثم أخذت شيئا من خبز الشعير وقنينة من مشروب التمر ونزلت فدعوها إلى الأكل معهم ولما جلست قرب الڼار ورأت جميلة جرت إليها وعانقتها وبدأت الفتاتان تبكيان ومحمد يتعجب فقال له إبراهيم إنهما أختان ولهما نفس الحسن والعيون الزرقاء !!! قالت جميلة لمحمد جئت تبحث عن حدة أم السبعة عروش وهي الآن أمامك !!!
أحست حدة بالحرج الشديد وحاولت الرجوع إلى المدينة لكن أختها قالت لها لا تكوني حمقاء فالفتى رأى الأهوال لكي يصل إليك فظهرت عليها حمرة الخجل ونظرت إليه بطرف عينها فرأت أنه جميل المنظر وقد امتلأت نظراته إليها بالحب وقال لها هيا نأكل قبل أن يبرد السمك!!! جلس إبراهيم مع جميلة أما محمد فقد جلس جنب حدة وبعد قليل بدآ يضحكان وقد أعجبهما السمك المشوي وخضرة الجبل أمامهما. قال إبراهيم لجميلة كيف حافظت عل شبابك رغم مرور كل هذه السنوات الطويلة أجابت البنت لا أدري لكن أعتقد أن الساحر لما حولني إلى طائر بقي عمري كما هو ومن اليوم سأصبح مثل بقية الناس أكبر وتظهر على وجهي التجاعيد !!! أما محمد فكان منسجما مع حدة يداعب شعرها الذهبي ولم تحاول منعه فلقد أعجبتها لمساته لها ثم قال لها أريد أن أتزوجك وتعيشين معي في مملكة أبي فاجئها كلامه وقالت ولمن أترك مملكتي ردت جميلة سأبقى مع إبراهيم وأنت تأتين كل شهر لزيارتي !!!
فكرت حدة وقالت لا مانع عندي وهي مناسبة لأتفرج على أراضي أخرى فأنا لم أغادر هذا المكان منذ دهر سأجمع جاجياتي وأطلب من الوزير