قصة طفلة من الجن
الطفلة مرة أخرى
أصبح يرسم صورا و أحداثا في عقله...
تارة يتخيل أنه لو لم يحضر ذلك الفتى لذهب بها إلى أهلها و وبخهم...
تخيل أيضا أنه يدخل القرية دخول الفاتحين و هو يحمل الطفلة فيستقبله الجميع بالشكر و العرفان...
تخيل والدة الطفلة مهرولة إليه باكية فتحتضن الطفلة و تشكره على صنيعه...
ثم تخبره بأنها فقدتها من أيام ثلاثة...
تخيل أن هذه الفتاة هي أختها فتعجب بشهامة خالد ثم تحبه و تتعلق به...
و كانت هذه أكثر صورة استحوذت على تفكيره و رسمت قرارا يتخذه لاحقا
وتارة يتخيل أن أهلها يغدقون عليه بالمال والمجوهرات شكرا وعرفانا ...
لكن يعود خالد إلى واقعه... فيحتسب عند الله ويسأل الله أن يجعل ما فعله لوجهه خالصا لا رياء فيه ولا شبهه...
أنطلق خالدا من رحلة العودة وهو يدافع صورة الطفلة من خياله...
حين أقترب خالدا من نفس المكان... شعر بحاجة ملحه للتوقف... حاول أن يتجاهل هذا الشعور ويمضي في طريقه
لكنه عجز عن ذلك...
فكر أن يتوقف ليقضي حاجته إلا أنه كان يحاول الصمود حتى يصل إلى أقرب استراحة
كان يتخيل شقيقة الطفلة...
فتاة جميلة تتعلق برجولته و شهامته دونا عن كل شباب القرية فتحبه و يحبها ليصورا أجمل قصة حب في تلك
الصحراء...
أخيرا قرر خالد... سيتوقف ... يجب أن يقضي حاجته... لن يستطيع أن يصبر دقيقه واحده فربما يرى ما
يتمنى...
. . ! ! وربما كان يقنع نفسه...
جرداء ممتدة بمد البصر....
أرض خالية...لا شجر فيها ولا بيوت شعر...
أدار مقود السيارة وأتجه بها إلى الجهة الأخرى...
الجهة التي ظهر منها الفتى وغاب فيها بعد أن أخذ الفتاة...
توقع أن يرى شيئا في هذا الاتجاه...نزل من سيارته... ألقى نظرة فاحصه شامله ليعود إليه بصره بلا شيء...ارض
جلس خالد وقضى حاجته... وما أن انتهى وقفل راجعا إلى سيارته حتى تسمر في مكانه...
رأى شخصا واقفا جوار سيارته... تقدم قليلا ليجده ذات الفتى...
تلفت خالد يمنه ويسرى قبل أن يوجهه كلامه إلى الفتى قائلا أنت من أين أتيت!!!
أشار الفتى إلى البعيد ودون أن يتكلم ...
كان الفتى يرتدي ثوبا طويلا جدا...
كان صوته أكبر من سنه بكثير...
أجاب خالد أردت أن أقضي حاجتي وأرى في أي الجهات قريتكم...
قال الفتى مباشرة إذن فلنذهب فوالدي يتمنى أن يشكرك على صنيعك..
لم ينتظر الفتى جواب خالد بل فتح باب السيارة من جهة السائق وركب... قضى وقتا وهو يجمع ثوبه قبل أن يرمي بنفسه
على المقعد الآخر... نظر إلى خالد وأشار له بأن يركب...
ركب خالد السيارة وهو يسأل الفتى في أي اتجاه... أشار له الفتى قائلا من هنا!!!
شعر خالد بأن رائحة الفتى قوية نوعا ما... كان جالسا وقد جمع الزائد من ثوبه أمامه... ليتبين لخالد أن الثوب طويل
أكثر مما يتوقعه العقل...
نظر الفتى إلى خالد وهو يقول هل أتيت لتراها!!
لكن ما أن نظر في عيني الفتى حتى لاحظ أمرا غريبا... سرت قشعريرة قوية في جسده...
نظر خالد إلى عيني الفتى ليجدهما بلمعان عيون القطط... لاحظ الفتى تركيز خالد في عينيه فأغلقهما لبرهة قبل يفتحهما
فيجدها خالد بلون أبيض مشع لا سواد بهما أقنع خالد نفسه بأنه يتوهم.... رأى الفتى علامات التعجب في وجه خالد
فأغمض عينيه من جديد... فتحهما فرآهما خالد كعيون البشر قبل أن يشيح الفتى برأسه مشيرا لخالد أن يسلك اتجاه
الوادي...
شعر خالد بأنه في مكان نسيه بني البشر...
بدأ يشعر پخوف لم يعرف كنهه...
خوف من المجهول... من العالم السفلي...
لكنه و رغم ذلك يحاول أن يقنع نفسه بالعكس...
سار خالد بسيارته في الوادي وهو مسلوب الإرادة...
يعجز عن التوقف يعجز عن الكلام أيضا...
دخل خالد بين جبلين عظيمين وفي الأمام جبل آخر يغلق الطريق...طلب الفتى من خالد التوقف... فقد وصلا إلى
القرية...
ترجل الفتى فتبعه خالد...
نظر إلى الخلف فرأى أنه بين جبال أربعة...
سار الفتى وخالد خلفه لينزلا إلى منطقة منخفضة عن الوادي...
ما أن نزل خالد حتى رأى القرية أمامه...
قرية مظلمة إلا من بعض الأضواء المنبعثة من أمام أبواب المنازل...
هناك بعض الفوانيس الضوئية موزعة على أرجاء القرية...
منازل صغيرة متباعدة...
هدوء غريب و سكون رتيب...
كانت خطوات الفتى سريعة فأسرع خالد للحاق به...
انعطف الفتى بعد أول منزل في القرية فهرول خالد ليدركه...
وما أن انعطف خالد حتى شد انتباهه مشهد غريب...
رأى رجل ضخم الچثة يجلس القرفصاء و قد ربطت إحدى قدميه بسلسلة كبيرة مثبتة إلى جذع شجرة شامخة...
ظنه خالد في بادئ الأمر مچنونا
إلا أن قدم الرجل الأخرى كانت مربوطة بسلسلة أصغر لكن نهايتها ربطت حول رقبة شاة سوداء...
xxxxxxx
حين مر خالد بجوار الرجل وثبت الشاة مطلقة صوتا غريبا...
رفع الرجل رأسه لتلتقي نظراته بنظرات خالد...
هاج الرجل وصاح صيحة عظيمة و هو يندفع باتجاه خالد لكن السلسلة حالت دون وصوله إليه...
كان الرجل قريبا من خالد بحيث لفحت أنفاسه النتنة وجه خالد...
كان يطلق زمجرة غريبة و يتمتم بكلمات لا قبل لخالد بها...
هنا .. و هنا فقط سكن الړعب بين أوصاله فسرت في جسده قشعريرة كادت أن توقف قلبه...شعر أنه لا يقوى على
الوقوف على قدميه...
تراجع خالد خطوات إلى الوراء ثم تلفت حوله في خوف...
رأى الفتى بعيدا ينظر إليه...
تحرك خائڤا وجلا وانطلق في إثر الفتى و الذي بدوره اختفى بين المنازل...
في هذه اللحظة لمح خالد شخص يقترب منه ببطء...
ثبت خالد في مكانه و هو موقن أنه ليس بين بني البشر...
حركة الشخص الغريب تدل على أن هناك خطب ما...
شعر أن ما سيحدث أمر لن تحمد عقباه...
كان الشخص الغريب مخيف في خطواته...
يخطو خطوة ثم يقفز في الثانية و يرجع رأسه إلى الوراء بقوة... أوجس خالد منه خيفة و سلم أمره لله...
حين تبين خالد شكل الشخص الغريب صعق مما رأى...
رجل بلا ملامح!!!
بل بلا وجه!!!
لا شيء سوى فتحات تقوم مقام الفم و العين أما الأخرى فممسوحة...
قطعتا لحم سوداء تتدلى من كتفيه بدلا من الذراعين...
ساقان قصيرتان متصلتان بقدمين مفتوحتين في الاتجاه الآخر...
أنحلت العقدة عن لسان خالد ليصيح بأعلى صوتهأعوذ بالله من الشيطان الرجيم...
توقف الرجل أمام خالد مباشرة ...
تقلص حجم ما يفترض أن تكون عينه الوحيدة...
كشړ عن فم لا أسنان فيه أطلاقا...
تمتم بكلمات غريبة و بصوت كالرعد يصم الآذان...
تحدث إلى خالد بغلظة وقال لماذا تستعيذ بالله!!
هل رأيت شيطانا!!!
لم يجبه خالد بل فتح عينيه على مصراعيها...
تابع الغريب كلامه قائلا هل تظن أن أشكالكم أنتم بنو البشر تعجبنا!!
هل تعتقد بأن هذا التشكل القبيح يعجنا!! لقد أجبرنا من ملك القبيلة بأن نتشكل بهيئة البشر بسبب وجودك على أرضنا...
كان خالد يستمع وقد تجمدت أوصاله حتى عن الهرب...
يشعر ببرد يسري في أطرافه...
يقرأ في سره ما قد حفظه من كتاب الله...
لم ينتظر الغريب أي رد من خالد بل باغته بسؤال
هل تريد أن ترى