قصة طفلة من الجن
انت في الصفحة 11 من 11 صفحات
خالد و هو يقول أهو الفراق
لم تجبه زيزفونةعلى سؤاله لكنها اقتربت منه...أمسكت رأسه بكلتا يديها...طبعت قبلة حانية على جبينه...أمالت زيزفونة رأس خالد فاستجاب لها و استلقى على الوسادة...جلست جوار رأسه... نظرت إلى عينيه...كان يستجديها ببصره...مسحت دموعه بكفها الصغير...
مدت يدها في الهواء لتسحب غطاء لم يكن موجودا و كأنها أحضرته من الفراغ...غطته و دون أن تتكلم أشاحت بوجهها بعيدا و أغمضت عينيها...بدت و كأنها تسبح بأذكار الصباح...
لم يشعر خالد إلا بأشعة الشمس و هي تلفح وجهه...فتح عينيه ليصطدم بصره بالشمس و هي في كبد السماء...نظر حوله ليجد نفسه في صحراء قاحلة...أرتعب خالد خاصة حين وجد نفسه مغطا بالرمال إلى رقبته...أما الوسادة فلم تكن أكثر من صخرة كبيرة ملساء تم اختيارها بعناية...
وجد خالد انه تحت جبل صغير و الذي كان يقيه الشمس منذ الصباح و حتى الآن...نظر إلى ساعته ليجد أن الوقت هو وقت صلاة الظهر...
تلفت خالد حوله مرة أخرى فلم يجد أثرا لحياة...خفق قلبه ړعبا...طار صوابه غير إن نسمة باردة لامست وجهه فهدأ قليلا...قرر أن يغادر و أن يصلي الظهر في أقرب استراحة في الطريق...
توقف خالد في نقطة معينة... إذا لم يكن حلما...هنا قابل ذلك المخلوق الذي أراد أن يريه الشكل الحقيقي للجن...عرف ذلك من آثاره حين جلس.. و حين بكى.. و حين حبى لكن..لا آثار للجني...هناك فقط آثار يعرفها جيدا... آثار أقدام صغيرة...هي ..آثار زيزفونة و في نفس المكان فقط ثم انقطعت...كانت حقيقة إذا...
أطلق خالد ساقيه للريح و هو يقرأ آية الكرسي...
خرج خالد من بين جبلين ليجد سيارته في نفس المكان الذي نزلا منها في هو و طارخ بعد وصولهما ليلا...ركب خالد سيارته و أدار محركها...قبل أن ينطلق ألقى نظرة إلى الخارج ليفاجأ بأمر آخر...
صاح خالد و هو يرددزيزفونةلا بد أن القبيلة الأخرى أخذتها أسيرة...يتخيلها في قبضة قبيلة الجن الكافرة...يتخيل أجمل فتاة في يد من لا يرعون براءة و لا ذمة...يراها في يد ابن ملك القبيلة الكافرة... لن يرحموها فهي ابنة ملك الجن...
تخيل حال والدها الشيخ صوخان و حال شقيقه هيدبا...تخيل اغتمام طارخ و حزن شرعيل تخيل بكاء ضعفن على حبه و حلمه الذي ضاع...تخيل انكسار فرسان القبيلة و رجالها...
شعر خالد بقشعريرة قوية تسري في جسده...أحس و كأن شخصا يحاول لمسه...رفع خالد صوته مكبرا و مهللا...قال بصوت عال يا اللهقرأ المعوذتين و صدح بآية الكرسي...
عاد إلى سيارته... ركبها خائڤا و جلا...بكى بصمت حتى حجبت الدموع عنه الرؤيا...لكن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد...بل شعر بشي أبيض يتساقط من سقف سيارته...رفع خالد رأسه ليفاجأ بمادة بيضاء كالدقيق تسقط على رأسه...استنشق من تلك المادة دون أن ينتبه فوجد لها رائحة قوية جدا...
هم خالد بالنزول من السيارة و ما أن فتح الباب حتى سقط على جنبه لا يقوى حراكا...رأى خالد كما يرى النائم...أو لنقل أنه رأى و كأن شاشة كبيرة قد فتحت أمام ناظريه...رأى في الشاشة عجبا... رأى فيها كل شيء...
رأى خالد نفسه حين استيقظ و هو مغطى برمال الصحراء...رأى الصورة كما عاشها تماما...رأى خوفه و هلعه... رأى محاولته زحزحة الصخرة...كل شي كما حدث تماما إلا أمر واحد...في الشاشة يرى أنه لم يكن لوحده...
كانت زيزفونة عند رأسه حين استيقظ...رآها تضحك منه و هو يحاول تحريك الصخرة...و حين سكن الخۏف في قلبه رآها تنفخ في وجهه بهدوء فسكن خوفه قليلا...
كانت تتبعه بطفولة بريئة... وحين وصل الشجرة كانت جواره...أما ما رآه غرابا ففي الحقيقة هو جني يحرس حدود القبيلة...حين وصل إلى سيارته أيضا كانت معه و حين نزل يتبع خطواتها إلى مؤخرة السيارة أيضا...
و ما ظنه خالد فرد من القبيلة الكافرة لم يكن في الحقيقة إلا وجه يعرفه...كان أيضا من الجن لكن الوجه وجه طارخ أما الجسد فكان غريبا جدا...
كائن طويل يمتد عنقه بعيدا في السماء... له ثلاث أجنحة لحمية عظيمة كأجنحة الخفافيش...بأصبع كبير في باطن قدمه يغوص في عمق الأرض ليزيد الجسد ثباتا على الأرض...كائن تظهر على ملامحه القوة و انه شديد البأس...
إذا فقد حضرت زيزفونة تودعه...أما شعوره بالقشعريرة و إحساسه بأن هناك من يحاول لمسه فهو صحيح...لأنه حين خاف حاولت زيزفونة أن تحتضنه و تنفخ في وجهه ليهدأ غير إن طارخ منعها...
رأى زيزفونة تركض و جوارها طارخ الذي فرد جناحه و هو يحيط زيزفونة بعنقه...ركبت زيزفونة على ظهره و وقفا ينظران إلى خالد...و حين صاح خالد قائلا يا الله...رق قلب طارخ له خاصة و أن خالد ظهر كمن بدأ يفقد عقله...فنفث طارخ من أنفه مادة بيضاء استنشقها خالد لتعيد له صورة ما حصل فيطمئن قلبه...
تحرك خالد و عدل من جلسته...نظر حوله... ابتسم براحة تامة...رفع يده ملوحا في كل الجهات...صاح بأعلى صوته مع السلامة يازيزفونة إلى اللقاء يا طارخ...تابع خالد كلامه بصوت عال فقال بلغوا شكري للشيخ خوصان و للشيخ هيدبا... أغمض عينيه قليلا قبل أن يصيح قائلا شكرا لكم جميعا يا أهل الوادي
تذكر خالد قول الله تعالى و إنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا...صمت خالد قبل أن يحمد الله...لم ينسى خالد أن يستعيذ بالله من شړ ما خلق و ذرأ و برأ... قرأ خالد دعاء السفر و انطلق متابعا رحلته...
وهذا وصلا الله وسلم على
نبينا محمد وعلا اله وصحبه اجمعين
النهاية...