قصة طفلة من الجن
انت في الصفحة 1 من 11 صفحات
من فضلك اطفىء النور بعد اذنك وتابع الروايه
شخص يقطع الطريق من الجهة الاخرى....لم يكن شخصا عاديا..بل كان طفلا
الجزء الاول ١
البحث عن لقمة العيش من أحد ألأسباب التي أبعدت الناس عن مسقط رأسهم و خالد كذلك...
هو شاب في مقتبل العمر يعمل حديثا في مدينة تبعد ما يقارب 300 كلم عن مسقط رأسه...
في كل عطلة أسبوعية يعود إلى مسقط رأسه يقضي أياما بين أهله و أحبابه ثم يعود ليذوب في زحمة العمل...
كل دقيقة يقضيها بين أهله كانت تعني له الكثير لذلك كان متكدرا من هذا التأخير...
هبط الظلام و لم ينهي عمله بعد... فاتته فترة العصر بكل ما فيها من نشاط و حيوية و ربما لن يصل إلا متأخرا يكون حينها
الوقت قد ضاع ...
ما أن أنهى خالد عمله حتى أنطلق راكضا... وصل لسيارته و استقلها...
لم يمض كثيرا على غياب الشمس بيد إن رحلته ما زالت في بدايتها...
زاد إحساسه بالۏحشة طول المسافة و غياب القمر و قلة السيارات...
وصل إلى نقطة يجب أن يهدئ فيها من سرعته قليلا فهي منطقة لنقطة تفتيش عسكرية مهجورة و ضعت أمامها بعض
المطبات الاصطناعية...
أمامه و على الطريق لمح شيئا يتحرك... ربما كان كلبا...
أضاء خالد الأنوار العالية لسيارته ليتبين أن ما يتحرك ليس كلبا و لكن إنسان...
شخص يقطع الطريق من الجهة الأخرى...
نظر إلى الخلف من خلال مرآته ليعطي نفسه الوقت الكافي ليتوقف إن استدعى الأمر لذلك... كان
أضاءت السيارة المقابلة من أنوارها ما يعنى أن صاحبها أيضا قد لاحظ ذالك الشخص الذي يعبر الطريق ببطء ...
الغريب في الأمر أن الشخص قصير جدا...
لا ... لم يكن شخصا عادى...بل كان طفلا ...
بدء يهدئ خالد من سرعته... أما الطفل فمازال في طريق السيارة القادمة ويتحرك ببطء ...
نظر خالد من خلال مرآته إلى الخلف ليجد أن الشاحنة قد اقتربت منه كثيرا...
أمام خالد عدة خيارات ... يستطيع أن ينحرف بسيارته ويخرج خارج الطريق إلى المنطقة الترابية حتى يتجاوز الطفل وأيضا
يستطيع أن ينحرف قليلا باتجاه السيارات القادمة ويتجاوز الطفل بسلام ...
بسرعة قرر خالد!!!
لحظة!!!!!
لم يكن طفلا!!! بل كانت طفلة!!!
فتاة صغيرة... اقترب منها خالد بسيارته فلم تعرها أي اهتمام...
أستمر خالد في التخفيف من سرعته حتى إذا وازى الفتاة فتح باب سيارته و حملها من ذراعها بسرعة و هو يخرج إلى المنطقة
الترابية خارج الطريق و باب السيارة ما زال مفتوحا...
مرت الشاحنة و سائقها يطلق أبواقها بشدة موجها لخالد سيلا من الشتائم...
في نفس الوقت عبرت السيارة المقابلة و أبواقها تنطلق بقوة...
تنفس خالد الصعداء بعد أن أنقذ الطفلة و أصبح هو أيضا في مأمن من حاډث وشيك كاد أن يودي بحياتهما معا...
وضع خالد الفتاة في حضنه و هو في دهشة من أمرها...
لاحظ خالد أنها خفيفة بخفة ريشة...
ينظر إليها بإعجاب و دهشة...
فتاة صغيرة في الثانية و النصف أو الثالثة من عمرها... كالقمر...
ترتدي جلبابا أبيض مائل إلى الحمرة...
شعرها كستنائي اللون ممتد على ظهرها بشكل جديلة...
شعر خالد بجمالها و ولوجها إلى الروح دون عناء...
حاول أن ينظر إلى عينها لكنها كانت تشيح بوجهها عنه...
لم تنظر الفتاة إليه و لم تبكي أيضا...
عيناها مفتوحتان تنظر إلى البعيد بهدوء عجيب...
لم يكن خالد ينظر إليها فقط بل كان يشعر بها.. غير الطفولة لا شئ في ملامحها...
لا خوف.. لا ړعب.. لا ابتسامة.. و لا حتى تعجب...
ملامح جامدة لكن جميلة...
لم يستطع خالد تحديد الغريب فيها... ما يعرفه أنها أجمل طفلة رآها يوما في حياته... براءة...
أين أهلها!! و كيف وصلت إلى هنا!! هل تراهم من البدو الذين يعشون في هذه المنطقة!! و هل يتركون أطفالهم
هائمين حول الخطړ بهذه الطريقة!!
تلفت خالد يمنة و يسرى لكنه لم يرى أحدا في إثر الفتاة...
قبلها خالد دون شعور منه فأغلقت عينيها...
رائحتها عبقة ليست رائحة عطر أو طيب بل رائحة العشب الأخضر الندي...
قبلها بعمق فاستكانت... قبلها ثانية و ثالثة فغطت وجهها بكفيها.. أسره جمالها و بهرته طفولتها...
هم خالد بسؤالها كيف وصلت إلى هذا المكان غير أنه شعر بحركة غريبة...
شيء ما لفت انتباهه...
نظر إلى النافذة البعيدة عنه ليرى شخصا واقفا و قد الصق وجهه بزجاج النافذة...
كان ينظر إلى خالد باستهجان و هو يقبل الطفلة...
تحرك الشخص إلى الخلف قليلا و هو ينظر إلى خالد بتوجس و كانت عيناه تتحركان بشكل غريب جدا...
تحركت الطفلة و نظرت باتجاه الشخص...
سمعها خالد و كأنها تهمس بكلمات...
جمد الشخص في مكانه حرك شفتيه بكلمات لم يسمعها خالد..
ابتعد قليلا عن النافذة ثم تحرك باتجاه مقدمة السيارة...
دار نصف دورة حول السيارة ليلتف و يقترب من نافذة خالد...
كان خالد يتابعه بنظراته حتى وصل أمام الباب ليتبين لخالد أنه فتا في حدود الثانية عشرة من عمره...
التفتت الطفلة إلى خالد... نظرت إلى عينيه مطولا...
عيناها بلون موج البحر الهادئ... كأن زرقتهما تتماوج...
نقلت بصرها إلى الفتى الغريب و الذي بدوره لم يتحدث مع خالد بل وجه كلامه إلى الطفلة قائلا ما الذي أتى بك إلى هنا!!
طبعا لم تجب الطفلة و كل ما استطاع خالد قوله كان بصوت خاڤت جدا...
قال انتبهوا عليها!!!
حملها الفتى دون أن يعلق على كلام خالد و غادر من نفس الجهة التي حضر منها
و قبل أن يغيبهما الظلام نظرت الطفلة إلى خالد ثم أبتسمت و أغلقت عينها و رمت برأسها على كتف الفتى...
سارا قليلا ثم غابا في الظلام...
كل هذا و خالد واقف يراقب...
سؤال يسأله خالد لنفسه إذا كانوا يسكنون هذه الجهة فما الذي أوصل طفلة كهذه إلى الجهة الأخرى من الطريق السريع!!
كان خالد كالمشدوه لا يدري ما الذي يحدث... لكنه يعرف أن رؤيته لهذه الطفلة أشعرته براحة غريبة جدا...
وضع خالد رأسه على مقود السيارة... أغمض عينيه... تنفس بعمق...
ما زال يجد رائحة الطفلة... رائحة جميلة بحق...
فجأة شعر بطرقات على جوانب سيارته... سيل من الحجارة تقذف باتجاهه...
فتح عينيه... نظر حوله ليجد السكون... و السكون فقط...
خالد من الذين لا يخشون الظلام و لا ترهبهم أخبار الجن...
ردد بينه و بين نفسه بحنق أطفال البدو!!!
لماذا هذا الإزعاج... سأغادر قبل أن يحطموا السيارة
أدار مقود سيارته و انطلق متابعا رحلته......
وصل خالد إلى أهله و انشغل مع أصدقاءه لكنه أبدا لم ينسى تلك الطفلة... خفتها جمالها عبقها و غموضها...
صورتها تستحوذ على مساحة كبيرة من تفكيره...
يتمنى أن يراها مرة أخرى...
يتمنى أن ينظر إلى عينيها...
لم يكن خالد كعادته بين أهله...
بل كان مشغول البال... لا يدري ما الذي يجعل صورة الطفلة راسخة في ذاكرته...
وعلى غير العادة تمنى أن تنتهي العطلة الأسبوعية سريعا ليعود إلى مقر عمله فربما يصادف