الدهاشنة كاملة بقلم اية محمد
فانتبهت لهاتفها الصغير يعود للرنين مرة أخرى رفعته لتعبث بأزراره القديم ثم رفعته على أذنيها قائلة بفتور
أيوه يا ماما بابا كويس ولا في أيه
أتاها صوتها يطمنها على والدها ثم تابعت برغبتها بالإتصال بها لتخبرها بأن خالها وزوجته وأولاده أتوا اليوم بزيارة للبلد ومثلما اعتادوا سيكونوا باستقبالهم أسبوعا كاملا فقدت تسنيم النطق للحظات وهي تحاول باستيعاب ما استمعت إليه فخذلتها قدميها عن حملها فأستقر جلوسها على المقعد القابع خلفها شعرت بذات اللحظة بأن سوط الماضي يجلدها بقوة كل ذكرى ربطتها بهذا الدنيء جلدتها بقوة لتجعل جلدها ملتهب وكأنها تلقت الضړبة فعليا أغلقت الهاتف بأصابع مرتعشة وصدرها يعلو ويهبط بانفعال مجرد تذكر ذاك الشطر الخفي تعيقها الآلآم..
انهى عمله هو الأخر فخرج ليهبط لسيارته كاد باجتياز الطرقة المطولة أمام مكتبه ولكنه توقف حينما لمحها بالخارج تجلس على مكتبها شاردة للغاية إقترب منها آسر رافعا حاجبيه بدهشة
أنت لسه هنا!
لم تنتبه له ولا لما يقول فعاد ليرفع صوته مجددا
تسنيم!
انتبهت له فنهضت وهي تتساءل بتوتر ملحوظ
بتقول حاجة يا بشمهندس!
قال باستغراب
أنتي مش معايا
خالص في حاجة ولا أيه
بارتباك قالت
لا آآ.. أنا كنت بحضر حاجتي ونازلة.
وحملت الحقيبة ثم توجهت بالمغادرة لتتوقف خطاها حينما ارتفع صوته الرجولي مناديا
تسنيم.
توقفت عن المضي قدما ثم عادت لتقف أمامه فأشار بعينيه على الهاتف الموضوع على سطح مكتبها التقطته وهي ترسم بسمة مرتبكة لم تنجح بإقناعه بأنها على ما يرام غادرت ومازال شبحها يلتهم عينيه طيفها مازال يلازمه بداخله شيئا يؤكد له بأن لها بقلبه شيئا!
ابتلع الظلام الضوء بجوفه ليظل ضوئه المرصع هو القائد لتلك الليلة الحاسمة فانسدل بضوئه الأبيض على أمواج البحر المظلم ومن أمامه جلست رؤى تتأمله بأعين قاتمة تعكس ما يدور بداخلها شرودها طال لدقائق ومن ثم امتد لساعة كاملة لم تشعر بها من يراقبها من الأعلى الفتاة التي يشعلها النشاط والحماس منطفئة كالرماد الباقي من جمرات الشعلة الموقدة عادت لتشغل تفكير بدر
من جديد ولكن تلك المرة مما أصابها لم يشعر بقدميه التي سلكت الدرج الجانبي حتى بات قريبا منها يقف لجوارها وبالرغم من ذلك لم تشعر به فاض به الصمت والترقب فجذبها من معصمها لتقف أمامه فانتفضت بفزع وخاصة حينما صړخ بها باندفاع
أنتي أيه حكايتك بالظبط من ساعة ما رجعتي وأنتي ساكتة مش بتتكلمي فيك أيه
نظراتها وألف آه مما تحمله بين دمعاتها اللامعة بأعينها البندقية صوتها الذي كان يبغضه تمنى سماعه ليتأكد فقط بأنها على قيد الحياة فحتى الآن مازالت تتطلع له بصمت أخفضت رؤى نظراتها الياكية لتتعلق بذراعيه المتمسكة بمعصمها بقوة انتبه بدر لذاته وابعد يديه عنها ليسألها بحدة
أيه اللي حصلك خسړتي لسانك ولا اتقطع
ببسمة تحمل ألم كون بأكمله قالت
لا خسړت الأهم منه.
منحها نظرة مهتمة فاردفت پانكسار
خسړت نفسي.
وتركته وكادت بالرحيل فجذبها لتقف أمامه مجددا ليخبرها باستهزاء ساخر
ومتأثرة ليه انك خسرتيها مش دي كانت رغبتك أنك تسلمي نفسك لأول شخص تحبيه!
كلماته اللازعة عمقت من جرحها حاولت التراجع للخلف الابتعاد عنه وعن ما يفيضه من
________________________________________
ألم تحاول العيش قليلا بدونه ولكنه حاصرها كلما حاولت الرحيل أو الهرب فعاد ليسمعها أبشع ما تتغاضاه
الغريب انك متأثرة جدا هو مش ده عندكم شيء عادي ولا أنا غلطان
انهمرت دموعها فرددت بصوت مذبوح
سيب أيدي.
رفض تركها وتعمد الضغط على جرحها بأوسع ما امتلكه فقال
لما أفهم انتي مالك بالظبط شايفك مکسورة وضعيفة ها الانسان اللي كفئتيه بنفسك طلع ما يستاهلش ولا أيه!
انهمرت الدموع من عينيها فحاولت دفعه بكل ما امتلكته من قوة وهي تصرخ به
قولتلك سبني.
ظل متمسك بمعصمها كلما حاولت التحرر ليستكمل حديثه
قولتلك مهما حاولتي تتشبهي بينا عمرك ما هتكوني واحدة مننا..
حدقت به لدقائق قبل أن تخبره بثبات رغم اڼهيار دمعاتها
مش عايزة أكون واحدة منكم فخور أوي بنفسك وبثقافتكم الشرقية اللي أنا كنت ضحيتها ممكن يكون تفكيري كان غلط لكن لما فوقت فوقت بعد فوات الاوان..
الهدف ليحصل على مبتغاه سريعا لذا أنهىأيان اتصاله ليختتمه بقوله الآمر
النهاردة تنفذي.
لمعت حدقتيه بشرارة مخيفة وهو ينهي مكالماته الهامة مع تقى ثم خرج لشرفة غرفته يراقب البحر الساكن خلسة وكأنه سيشهد على خطته التي ستستهدف عصب عائلة الدهاشنة وبالفعل شرعت بالتنفيذ فأرسلت رسالة نصية لروجينا تحثها على الهبوط لليخت القريب من الشاطئ لحاجتها للحديث معها سريعا نهضتروجينا عن فراشها وهي تبرطم بضيق
موضوع أيه ده اللي عايزني فيه وش الفجر ده!
وبحثت عن حذائها لتلتقطه من أسفل فراشها ثم جذبت حجابها لترتديه بنوم ومن ثم ألقت نظرة متفحصة على السرير المجاور لها لتتأكد من أن رؤى يغلبها النعاس ثم جذبت مئزرها لترتديه على ثيابها هبطت للأسفل حتى وقفت أمام المياه تراقب اليخوت بحيرة حتى اهتدت نظراتها على يخت قريب من الشاطئ يحمل نفس المواصفات التي القتها على مسمعها لم تفكر روجينا كثيرا وصعدت على متنه ثم بدأت برحلة البحث عنها..
أما بالاسفل وقفت تقى جوار كريم لتشير له بابتسامة خبيثة
قولتلك هقدر اقنعها انها تديك فرصة وأديك شوفت بنفسك أهو.
أجابها بفرحة
لسه بحاول استوعب هروح اتكلم معاها وأقنعها تديني فرصة أنا بحبها أوي.
كاد بأن يغادر فأمسكت تقى يديه ثم قدمت له زجاجة المياه وهي تستطرد بمكر
هتسمعك اشرب بس كده وافهمني.
التقط زجاجة المياه وإرتشف منها والأخرى تراقبه بابتسامة مكر بعدما تجرع ما وضعته من أدوية ذكورية لتبدأ بالحديث الماكر
هو أنا لو مش واثقة انك بتحبها كنت ساعدتك المهم أنت متحاولش تخليها تنزل من اليخت من غير ما تقولها كل اللي عندك فاهم.
أشار لها بتأكيد ثم أسرع لليخت ليشغل محركه ويتجه به لقاع البحر حتى يضمن محاصرتها لتستمع لما يود قوله..
بحثت روجينا عنها بالأسفل ففزعت حينما شعرت بحركة اليخت فأسرعت للأعلى وهي تنادي پغضب
تقى انتي فين الله!
تراجعت للخلف پخوف شديد حينما رأته يقف أمامها يقود اليخت لمسافة بعيدة عن الشاطئ
كريم أنت بتعمل أيه هنا!
أوقف اليخت بمنتصف المياه ثم اقترب منها وهو يردد بهدوء مخادع
دي الطريقة الوحيدة اللي هتسمعيني بيها يا روجينا أرجوكي ادينا فرصة نتكلم ونسمع بعض صدقيني أنا بحبك أوي.
ارتعش جسدها خوفا مما يهاجمها بتلك اللحظة بالتحديد ومع ذلك بدت قوية متماسكة وهي تردد بحزم
مفيش بينا اللي أسمعه ياكريم من فضلك ارجع بينا الشط حالا أنا أكيد ركبت اليخت الغلط لو سمحت رجعني.
مسك يدها وهو يترجاها
روجينا اسمعيني أنا استحق فرصة مستعد أسافر الصعيد لابوكي واطلبك منه بس أنتي توافقي.
جذبت يدها زهي تصرخ به
وأنا مبحبكش ومخطوبة لابن عمي
وفرحي أخر الشهر أنت مچنون ولا أيه!
لو مش هتبقي ليا مش هتبقي لغيري.
رددت پخوف
يعني أيه!
كفايا بقا حرام عليك.
الحقووني حد يلحقني.
لم يستمع لصياحها أحدا ورغم تأكدها من ذلك الا أنها لم تستسلم وحاولت أكثر من مرة عل أحدا يستجيب لها استغل انشغالها بالصياح وانقض عليها ليقيد حركتها ومن ثم دفعها أرضا ليهاجمها من جديد بكت روجينا وحاولت بكافة السبل الدفاع عن نفسها ولكنه كان يفوقها بقوته الجسمانية فحاولت خدش وجهه بأظافرها وصړخت ألما حينما هوى بصڤعات متتالية على وجهها جعلت رأسها يدور وأخر ما رأته أمامها هذا الشاب الذي رأته امس يحيل بينها وبين هذا الوغد رأته يكيل له اللكمات القاټلة فحاولت النهوض بالاستناد على حافة اليخت فخانتها يدها لتستقر بأحضان المياه الباردة تواجه المۏت وتحاربه بكل ما امتلكته من رغبة بالنجاة!
كاد عقله بالتوقف عن التفكير في أمرها مازال يرفض سفرها الغير مبرر دون أن تعلمه بذلك خرج أحمد لشرفته يستمتع بالهواء النقي بعد آذان الفجر فتسلل لمسمعه صوت عذب يرتل القرآن الكريم ببراعة أنصت إليه واتبع مصدره فوجد حور تجلس بشرفة غرفتها المجاورة لشرفته ترتدي اسدالها الأسود وبين يدها المصحف الشريف تقرأه بصوت مسموع لا يعلم لما أختار التخبئ ومراقبتها ليجدها بعد أن انتهت من واردها تحمل الكتب لتذاكر لاختباراتها استوقفته تلك الفتاة بخصالها الطيبة تمنى بتلك اللحظة لو كانت هي من ستصبح زوجته لطالما كان
الصديق الوفي لروجينا ولكن الآن بات الامر مختلف فأصبح لا يعلم ما الذي تريده حتى الصداقة بينهما لم تصبح كسابق عهدها.
انتبه أحمد من غفلته ليجدها تقف أمامه لا يفصلهما سوى السور الفاصل بين الشقتين وتسأله بدهشة
أحمد أيه اللي مصحيك دلوقتي!
بلل شفتيه بلعابه وهو يحاول التحكم بانفعالاته فقال
نفس سؤالي أيه اللي مقعدك بالجو ده!
ردت عليه بابتسامة أشرقت وجهها
عندي إمتحان وبذاكر وأنت
عبث بخصلات شعره الطويل بحيرة مما سيجيبها فقال بوجوم عابث
مفيش حسيت نفسي مخڼوق فقولت أطلع أشم هوا.
بلهفة واضحة تساءلت
مخڼوق من أيه
راق له لهفتها وتعجب لذلك ولكنه تماسك بقوله المتزن
مش عارف يمكن لأن أخوك عملها وسابني وسافر.
ضحكت وهي تجيبه ساخرة
أنت فيها ما تسافرله وأهو بالمرة تكون جنب روجينا وتقضوا وقت لطيف.
اكفهرت معالمه حينما ذكرتها فقال بضيق
وهي كانت مهتمية بأمري عشان أسافرلها دي حتى مهتمتش تعرفني بسفرها وأتفاجئت بيه من برة..
شعرت بضيقه الشديد فقالت بابتسامة هادئة
لا والله أكيد كانت فاكرة تقولك بس تلاقيها نست ما أنت عارفها عندها زهايمر.
قال بجفاء
ممكن.
ثم أشار لها كمحاولة للتهرب من الحديث عما يضايقه
أنا هدخل أريح شوية قبل ما أنزل المصنع وأنتي ادخلي ذكري جوه الجو برد.
ابتسمت وهي تشير له بالنفي
لا موعدكش لو دخلت جوه على السرير هنام هنا الهوا هيفوقني وهيخليني أركز أكتر.
بابتسامة ساحرة قال
ربنا يعينك.
وتركها وولج للداخل فبقيت محلها عينيها ساهمة بباب شرفته ليت هذا الحب الأعمى يبصر بداخل قلوبهما ليريهم كم خفق القلب خلسة للاخر!
عادت حور لمقعدها لتحاول بائسة التركيز بمذكراتها مجددا فمرت الدقائق وهي تدون ملاحظاتها وفجأة وجدت ذاتها تدون بالقلم إسمه على احدى الصفح البيضاء ومن جواره تضع اسمها مجرد رؤيتها لأسمائهما جوار بعضهما البعض نبت بداخلها ارتباك عظيم وكأنه يقف لجوارها ويتأمل ما تفعله وازدداد الامر سوءا حينما انطلق صوته يغرد
حور.
رفعت رأسها مقابل شرفته فما أن رأته حتى سقطت الكتب والأقلام أرضا من فرط ارتباكها فضحك وهو يردف
أيه يا بنتي شوفتي شبح