رواية بقلم ميار عبد الله كاملة
لأن هناك نفس يدخل ويخرج منه .. توقف عن العمل .. توقف عن الحياة.. توقف عن السعي وراء زوجته .. توقف عن إصلاح خطئه .. وهو من كان يقرر أن يتزوج عن حب لكن عدل قراره يختار زوجه تكون مناسبه له لن يجعل القلب من يختار بل عقله ..
نظر أمير إلى هيئته المزرية أمام المرأة .. لحيته استطالت بشكل تثير الړعب في النفوس .. بريق عيناه انطفأت .. لا يوجد لديه شغف في الحياة .. اعتزل العمل لمدة لا يعلم إلى متى ستطول وأصبح يعاقب نفسه قبل أن يعاقبه أحد .
مخادع وكاذب ومنافق لم استطيع ان احافظ علي حبك نور .. أنا آسف حبيبتي آسف
تسير بخطى واثقة رافعة رأسها بشموخ .. مطلقة نعم الاسم الذي اتلصق خلف بطاقتها منذ سبعة أشهر لكن لم تعبأ بأحد ولا الهمز واللمز من جيرانها ولا لنظرات الصدمة والشفقة لأحدهم
صباح الخير مستر هاشم
ابتسم هاشم بهدوء وقام من مجلسه وهو يحثها علي الجلوس
اهلا يا نور اتفضلي
بصراحة انا منبهر بتقدمك ونجاحك في شغلك
ابتسمت بهدوء وغمغت
شكرا يا فندم
دقق النظر الى عيناها لحظة جعلتها تشيح ببصرها عنه .. قال بنبرة رزينة
اتسعت عيناها صدمة وفرحا وهتفت بعدم تصديق
بجد
ضحك بخفة وقال بنبرة ذات مغزى
طبعا .. عموما الوفد هيوصل بكره
حسنا كل ذلك كان يستطيع أن يخبرها في الهاتف او ان يضع ملف لها في الصباح على مكتبها .. لاحظت التردد وهو يهم بقول شيء لكنه يبتر عبارته سريعا ويتحدث عن العمل .. ضيقت نور عيناها وقالت بإبتسامة هادئة
سحب هاشم نفسا عميقا وزفره علي مهل قائلا
الصراحة ايوا بس ياريت متستعجليش في ردك
هزت راسها بإيماءة خفيفة
اتفضل
لا يصدق ان بعد كل تلك الايام والشهور أنه سيفعلها هتف بهدوء رغم ثوراته الداخلية
بصراحة ومن غير لف ودوران انا معجب بيكي من اول يوم شفتك فيه في الشركة .. لو سمحتي انا لسه مكملتش كلامي
احساسي وانا اول مرة اتعلق بواحدة في فترة بسيطة وترني جدا ولما عرفت انك متجوزة بعدت وقټلت الحب اللي بينمو جوايا
هتفت بوهن
استاذ هاشم
تمعن النظر نحو عينيها وقال بإبتسامة تزين ثغره
لكن بعد فترة رجعتي وعرفت انك انفصلتي عن جوزك حاولت اشيلك من دماغي معرفتش عشان كده قررت افاتحك واقولك تقبلي تتجوزيني
هل تحلم أم هي في ارض الواقع .. تريد أن يقرصها أحد لكي تعلم أن ما يحدث حقيقة وليس هراء.
همست بسخرية
استاذ هاشم انا مطلقة مش آنسه
هز رأسه مقاطعا وتابع بثقة
كل ده ميهمنيش
ازدردت ريقها وهي ترى أن حججها مبتذلة ... ما المشكلة الآن لقد جاء عريس لها بعد طلاقها يجب أن تفكر .. فرصة ذهبية لن تعوض .. وسيم صاحب جاه ومتمسك بها .. ما المشكلة إذا !!
طب وعيلتك
لمع عيناه وهتف بإبتسامة
لطالما انا اختارت الانسانة اللي حابب تكمل معايا حياتي فهما موافقين
أطرقت رأسها ارضا وهي تفرك يديها .. تلعثمت قائلة
ممكن احتمال انا يعني مقدرش أكون أم
لم يتردد ولم يفكر وكأنه لم يتسمع إليها بل قال بحزم
احتمال مش مؤكد وبعدين انا قلت انا عايزك انتي .. ذاتك انتي يا نور
هزت رأسها يائسة وقالت بجمود
انا اسفه عرضك مر..
قاطعها وقال بحدة طفيفة
متكمليش خدي وقت وقرري وانا هنتظر الاسبوع الجاي رأيك
مع استمرار إلحاح رنين الهاتف التقط هاتفه وقال بجفاء
ما الأمر يا متين
تردد اخيرا في قولها لكن حسم امره .. في كلتا الأحوال كان سيعلم ..هتف مترددا
أمير .. نور سيعقد قرانها الاسبوع القادم
اظلمت تعابير وجه وقال پحده
ماذا هل تتحدث بجدية!
ازدرد ريق متين ورد متعلثما
نعم لقد علمت ذلك من احدي الصحف المصرية
حسنا
رفع حاجبه باستنكار
حسنا ماذا
زفر أمير بحنق وقال
سأغلق الهاتف متين
رمى هاتفه بعيدا وهو يتوجه نحو المرحاض .. دقيقتان كان جامدا متبلدا .. لكن حان الآن وقت الثوران .. لم يشعر بنفسه سوى أن يحول مرحاض وغرفته إلى هيئة مزرية .. تنفس متنهدا بعمق وهو يكيل الضړب للحائط بجواره
اللعڼة اللعڼة اللعڼة
رنين جرس المنزل جعله يلتقط أنفاسه قبل أن يتوجه نحو باب المنزل .. فتح الباب وتطلع الي ظافر بلا ادني ملامح
هز رأسه يائسا وهو يتجه الى غرفته
أمير
صاح بها ظافر وهو يسير خلفه .. اڼصدم من منظر الغرفة وهو يشعر كأن اعصار قلب غرفته رأسا على عقب تمتم بذهول
الله الله ماذا حدث في الغرفة
لا دخل لك
ثم تابع بنبرة واهنة
ستتزوج
اذا هذا هو سبب تغيره .. وتحول الجمود الي اڼهيار .. إنهار الجبل اخيرا هز كتفيه بلا علامة مغمغما
اذا
أطاح بالمزهرية ارضا وهي الشيء الوحيد السليم الذي لم يمسه في الغرفة المدمرة
اللعڼة يا رجل هل صرت جمادا اخبرك انها ستتزوج
صاح ظافر ببرود
لم تعد زوجتك بعد الآن أمير
هز رأسه نافيا
بلي
عقد ظافر حاجبيه بضيق
الله الله !! هل جننت يا هذا
أجاب بنفاذ صبر
نعم جننت تخبرني ان زوجتي تتزوج رجلا غيري وتريدني ان اهدأ
لم تعد أمير لم تعد لقد مرت شهور عديدة وهي حرة الآن
ليست حرة يا ظافر ليست حرة .. انها لي يا رجل لي أنا فقط
بدأ يتصاعد القلق علي معالم وجه ظافر وردد بحذر
أمير ماذا تقول
زفر بحنق وهو يضم قبضته ويحاول أن يتحكم في اعصابه قائلا بنبرة لا تقبل النقاش
اقول انها لي يا ظافر مهما بعدت هي لي
توقفوا جميعا عن معاقبتي
هتفت بها فريدة بنفاذ صبر وهي تهب من مجلسها وقد شعرت بملء معدتها ولا رغبة لها في الطعام .. رفعت نازلي بصرها قائلة
الله الله فريدة ما بك
صاحت بنفاذ صبر وهي تصعد لغرفتها
أرى نظرات الاتهام في اعينكم لقد ضقت ذرعا سأصعد لغرفتي
نظر الجميع الى بعضهم بسكون .. ليتابع الجميع تناول الطعام وكأن شيئا لم يحدث
صاحت نازلي
ظافر
نعم
تساءلت نازلي بصوت منخفض
هل ستسافر الليلة مع زوجتك
نعم كما تعلمين بعد غد عقد قرآن نور
ابتلعت نازلي غصة مؤلمة في حلقها .. رغم أن ما فعلته نور هو القرار الصحيح .. لكن تشعر بالحزن والأسف لأمير
لا املك سوى الدعاء وان تكون قد أحسنت اختيارها ولم تقرر الزواج من اجل الاڼتقام
هز ظافر رأسه
اتمنى ذلك ايضا
وقبل أن تتابع تناول طعامها .. ألقت نظرة نحو الصغير وهي تراه لم يمس شيئا من طبقه قالت بحنو
اياد ما بك
تساءل إياد بحزن
الحب لا يدوم تيته نازلي صحيح
ألقت بنظرة عابرة نحو ظافر لترد بابتسامة مڠصوبة
من قال ذلك حبيبي انا احبك حبا جما والجميع يحبك
همس بصوت متحشرج وهو يهب من مجلسه
لا يدوم تيته سأصعد لغرفتي
لكزت زينب عمر بخفة وتمتمت
عمر
رد بنفاذ صبر
يا نعم
انت ايه رأيك فى الوضع ده
رد ببرود وهو يضع قطعة الخيار في فمه
انا مليش دعوة انا مجرد متفرج لحد ما اعرف الرحلة هترسي علي فين
تساءلت في خفوت
تتوقع انه ممكن نور ترجع تاني
رفع عمر حاجبه الأيسر ورد
وانتي تتوقعي كده
هزت رأسها نافية وتمتمت
معرفش
ولا انا
مكالمة هادئة مع هاشم وهو يخبرها عن اخر التطورات في منزلهم .. لن تكذب بأنها رأت الرفض بادىء الأمر من والدته لكنها يبدو انها استسلمت يائسة .. تخشى أن يحدث مثل المرة السابقة .. أن يكون اختيارها خاطىء ..لكن هاشم اخبرها ان تهدأ .. والدته متشددة لكنها حنونة وطيبة .. كادت أن تضحك ساخرة وهي تتذكر حماتها التركية .. فكلاهما وجهان لعملة واحدة .
شعرت بنغز كبير يؤثر علي قلبها هي تتذكر معذب قلبها صاحب العيون الزيتونية .. قلبها يشتاق يشتاق بقوة يريد فقط عطر رائحته
صاحت بحدة مزجره قلبها الخائڼ
خلاص احنا اخترنا مفيش مجال للتراجع
رنين جرس الباب انتشلها من شرودها .. انتظرت لعدة ثوان وهي تناست أن الجميع ليس هنا .. والدها في المقهى وشقيقتها ذهبت للسوق مع اطفالها .. توجهت نحو الباب وهي تفتحه صائحة بضيق وهي تظن أن شقيقتها جاءت للمنزل
يا منه كام مرة قولتلك حطي المفتاح م...
بترت عبارتها وهي تتطلع الى صاحب ذلك الوجه .. لم تتوقع بعد كل تلك المدة ستراه هنا .. تغير وجهه اصبح شاحب للغاية اصبح كهيئة قاطعي الطرق بلحيته الطويلة التي تعبث الړعب في النفوس ..
رفع بصره نحوها وهو ينظر إليها بلهفة عاشق .. ناضجة وشهية وبراقة وهو الذي ظن أن بعد طلاقهم سيجدها شاحبة وتعد النجوم ليلا مثله ..
نظرت إليه بمرارة شديدة وعلامات الاشمئزاز بادى على صفحات وجهها
ارحل من هنا...لا اريد ان ارى وجهك ثانيه
ثم تابعت بسخرية وقلبها ېتمزق بشده بسبب رؤيته وهي قد اعتادت على نسيانه
اذهب الى زوجتك لا يوجد معى شىء اخر لأعطيه لك ..لأنك وببساطة أخذت كل شيء
ثم بدون وعي مني ضړبته فى صدره بقوه واطلقت العنان لدموعها
ايها المحتال المخادع كيف فعلت ذلك بى هيا اخبرنى
اغلق جفنيه بأسى ثم سحبها الى احضانه بحنان لتشتد بذراعيها حول عنقه ودموعها تحترق جسده همس بمرارة
اقسم لك لم يحدث بيننا اى شىء
دق ناقوس الخطړ .. ليس زوجها لكي تحتضنه .. لم يعد بعد الآن .. تعتبر خېانه لزوجها القادم
ازاحته بقوه وكأنها ليست منذ قليل تلك التي سارعت باختباء وجهها إلى ملاذها الآمن وجففت دموعها بكف يديها ..صاحت پقسوه وجمود بعد اڼهيارها التام بين ذراعيه الحانية
مثل ما حطمت قلبي يا أمير استطعت أن