حتي أقتل بسمة تمردك بقلم مريم غريب
المتواضعة البسيطة و كأنها بمكتب ملكي و ليس مكتب عادي لإجراء مقابلة عمل إتضح لها أن تلك المقابلات كانت تتم هنا بمكتب رب العمل ..
أفاقت من تآملاتها وخيلاتها علي صوت الموظفة.. يا انسة .. ده مستر عز الدين نصار صاحب الشركة ورئيس مجلس الإدارة.
سرت بأوصالها قشعريرة خفيفة فيما كان يجلس عز الدين خلف مكتبه بهدوء محدقا فيها ألتقتت نظراتهما للحظة وجيزة قبل أن يتوجه بالحديث إلي الموظفة.. تقدري تتفضلي انتي يا انجي مش جبتي إستمارة الأسئلة إللي مليتها الانسة
قالت الموظفة ذلك وهي تضع الملفات علي المكتب بينما أذن لها عز الدين بالإنصراف فأنسحبت بهدوء ..
ثم حول نظره إلي داليا وقبل أن يتفوه بكلمة تناول علبة بلاتين أنيقة وأخرج سيكارا وضعه بين أسنانه وأشعله .. شعرت داليا في تلك اللحظة كإنما ركبتاها ستبدآن بطرق الواحدة الأخري فيما كانت عيناه تتفحصانها بجرآة ساخرة إلي أن نطق أخيرا حيث قال بهدوء آمر مشيرا إليها بالجلوس في أحد المقاعد الجلدية قرب مكتبه.. اتفضلي اقعدي يا انسة.
كان يحدق فيها من خلال نصف عينيه المقفلتين حيث بدا غير مبالي بها فتعلثمت وهي تقول.. تجارة انجلش حضرتك وبعدين كل المعلومات اللي هتعوز تعرفها عن مؤهلاتي موجودة في الاستمارة اللي مليتها قبل ما ادخل.
أجابت داليا في إنزعاج أمام نظرته المتهكمة الثاقبة.. انا عارفة حضرتك الاعلان طالب ايه وجاهزة للوظيفة والا مكنتش جيت انا بعد ما خلصت كليتي عملت دراسات علية في ادارة الاعمال والكمبيوتر ده غير اني بعرف انجليزي وفرنساوي واسباني.
إنتهي من القراءة سريعا ثم ألقي بالأوراق علي المكتب ثم نظر إليها بإمعان قبل أن يقول.. إيدك كانت بتترعش وإنتي بتكتبي !
لم تجب .. فقط صمتت وهي تعض بقوة علي شفتها بينما تنهد وهو يطفيء سيكارته بعد أن أمتص عبقها الأخير بعمق كم يستلذ بذلك النفس الأخير منها ثم تناول ال CV وتصفحه سريعا ثم ألقاه فوق الإستمتارة.. طب عندي سؤال.
أجابته داليا بصراحة مطلقة.. المكتب اللي كنت بشتغل فيه كان بسيط شوية فكنت واخدة مكان موظفة الاستقبال وحضرتك عارف ان موظفة الاستقبال شغلها الرد علي المكالمات وخلافه فلازم تكون متحدثة لبقة والحقيقة دي ميزة مش فيا انا مش بعرف اتكلم كويس انما بعرف اشتغل كويس.
لم يكن عز الدين بنظهرها أحدا من هؤلاء الأشخاص فقد بدا لها طويلا عندما وقف فجأة فوقفت تلقائيا لم تكن قصيرة القامة ومع ذلك إضطرت للتطلع إلي أعلي لتكون في مواجهته كان نحيلا ذا جسدا ممشوقا مكدس بالعضلات يتمتع بقامة قوية صلبة بالإضافة إلي إناقته المتناهية كان يرتدي ثيابا باهظة الثمن وربطة عنق من اللون الرمادي غير أن بشرته برونزية ملامحه قاسېة بعض الشيء عينان عسليتان فمه حسن التكوين شھواني عليه مسحة قسۏة شعره اسود غزير وأملس ..
إرتخت ركبتا داليا من الصدمة هذا اسوأ اسوأ بكثير مما توقعت وكأنها في مواجهة وحش بشړي فوق هذا كله تلك البسمة الساخرة السريعة وكأنه قرأ أفكارها فقال.. طيب انتي هتاخدي معاكي ال CV بتاعك وهتسيبلنا الاستمارة ولو تم اختيارك هيوصلك مننا اتصال.
تلك الجملة لم ترضها بل شعرت بالضيق فلملمت أشيائها وغادرت الشركة ثم وصلت إلي بيتها ..حاولت إقناع نفسها بأن حصولها علي هذا العمل لا يهمها في شيء لكنها لم تنجح في ذلك من كانت تخدع إنها في حاجة ماسة لهذا العمل حقا أنه ليس أخر عمل يمكنها التقدم إليه لكن المكان أعجبها كما أنها تعلم أن لديها الكفاءة اللازمة للعمل ولم يكن من العدل ألا تحصل علي الوظيفة بمجرد أنها لا تحسن تقديم نفسها والتعامل مع الغرباء ! تساءلت .. تري كم سيكون أجرها لو حصلت علي هذا العمل ضايقها التفكير في النقود فضمت قبضتيها بشدة وهي تتنهد بثقل وفكرت سحقا لهذا المال لا يملك الإنسان ما يكفي منه أبدا!
إستيقظت قلقة عند منتصف النهار حينما شعرت به يمرر أنامله علي وجهها تململت بضيق ثم فتحت عيناها ونظرت إليه باسمة ثم قالت بغنج و دلال.. حبيبي صحيت امتي
.. من بدري يا حبيبتي.
أجابها ثم تابع بقلق.. عبير يا حبيبتي انتي لازم تقومي تمشي دلوقتي بقي انا خاېف وقلقان بصراحة من وجودك هنا من امبارح.
قهقهت عبير بغنج ثم قالت.. يا جبان خاېف من ايه بس انت مش عارف ان عز مسافر بقاله 3 ايام ولسا مرجعش.
.. ايوه بس اخوكي عمر ..
قاطعته مرة أخري ضاحكة ثم قالت.. عمر لا يا سيدي عمر ده في وادي تاني لوحده.
وقبل أن يتفوه بحرف أخر قالت بحزم.. حسام قلتلك بطل جبن بقي خاېف من ايه
.. يا حبيبتي بصراحة قلقان من وضعنا ده انا مجرد موظف عند اخوكي في الشركة وكل ما بفكر كده مع نفسي لو عز عرف حاجة ! يا نهار اسود دي هتبقي کاړثة اخوكي متهور والله ېقتلني مچنون ويعملها.
إسهجنت عبير جملته فقالت بحدة.. وبعدين معاك لما انت جبان اوي كده وپتخاف ارتبطت بيا ليه من الاول
.. يا بيرو يا حبيبتي افهميني لازم نحط احتمالات لكل خطوة تخصنا زي ما المثل بيقول مش كل مرة تسلم الجرة وبعدين ماتنسيش خالد ابن عمك انتي لسا ما اقنعتيش عز الدين بفسخ الخطوبة.
.. لا يا بيبي من الناحية دي اطمن انا مستحيل اتجوز خالد انا بحبك انت وقريب كل شيء بيني وبينه هينتهي.
قطع حديثهما صوت رنين هاتفهها مدت يدها إلي حقيبة يدها الملقاة أرضا وأخرجته لتجد المتصل خالد فنظرت إلي الهاتف في إستغراب وقلق في آن واحد فسألها حسام بقلق مماثل.. ايه يا عبير في ايه مين بيتصل بيكي
قالت ببطء شديد وعيناها معلقة علي شاشة الهاتف وكأنها شاردة.. ده خالد بس ده رقمه إللي هنا معني كده إنه رجع مصر ممكن يكون رجع منغير عز!
.. يانهار اسود يعني اخوكي رجع شفتي يا عبير شفتي روحنا في داهية.
.. شششش اسكت دلوقتي.
قالت بحدة ثم أخذت نفسا عميقا وأجابت بثبات.. الو !
ليأتي صوت خالد الهادئ.. حبيبتي صباح الخير عاملة ايه يا بيرو
أجابته بشيء من التوتر..