لم يبق لنا الا الوداع بقلم منى احمد حافظ
بيحصل هنا ميخصكش يا بشمهندس فيا ريت تلتزم بحدود اللي يخصك وبس
صڤعته بإجابتها واستدارت عنه بإهمال ونظرت إلى سامر الذي ازداد فضولا ورغبة لمعرفة ما حدث بينهما ليتفاجأ بها تخبره
_ أنا مضطرة أمشي يا بشمهندس وبالنسبة لعرض الشغل أوعدك إني هفكر فيه بجدية بعد ما استشير والدي وهرد عليك فأقرب وقت وبعدين حضرتك لازم تكون واثق إن مافيش حد عاقل يقدر يرفض عرض مميز زي اللي حضرتك قدمته
_ الزم حدك يا أمجد وأبعد عني وصدقني لو أتكرر اللي عملته دا أنا هقل منك جامد وأظن أنك مش هتقبل إن منار شهدي تعلم عليك تاني
رواية لم يبق لنا إلا الوداع الجزء الاخير بقلم منى أحمد حافظ
10 كيد مرودو
ولجت منار إلى منزلها بجسد منتفض ووجه شاحب واستندت إلى باب مسكنها مغمضة العين لا تصدق رؤيتها لتلك الكراهية بعينه بل وأحستها منه والتي جعلتها حتى اللحظة تتساءل من منهما الضحېة ومن الجلاد كي ينظر إليها وكأنها هي من قامت بخيانته وليس العكس لم تنتبه منار في خضم خۏفها الأعين التي حدقت بها بقلق ففتحت عينيها فجأة بعدما أحست بأن هناك من ينظر إليها لتتفاجأ بشقيقتها عفاف تجلس وبجوراها أخوتها فكان
_ لو سمحت أنا عايز أقابل المهندس أمجد المشير أو صاحب الشركة الدكتور علام
ابتسم الرجل بمودة وأجابه
_ والله يا أستاذ للأسف المهندس أمجد مش موجود النهاردة والدكتور مالوش أي مواعيد عموما حضرتك ممكن تدخل مكتب السكرتارية وهما يحددوا لك ميعاد
_ لو حضرتك عايز تقابل المهندس أمجد فهو هيكون موجود على الساعة خمسة بالنسبة للدكتور علام فحضرتك ممكن تسيب كامل بياناتك وهنبعت للدكتور وهو اللي هيحدد الميعاد بنفسه وهنبلغك
رفع شهدي عينه وتطلع إلى ساعة الحائط أمامه وزفر بضيق فما زال الوقت مبكرا على عودة أمجد وليس بيده شيء يفعله غير الانتظار فأومأ لها وجلس خارج مكتبها عازما على مقابلته
ما أن صف أمجد سيارته أمام بوابة المؤسسة الرئيسية حتى صف سامر هو الآخر سيارته بمواجهته وغادرها بوجه مكفهر واتجه صوبه فزم أمجد شفتيه وأشار إليه برأسه ليتبعه وما كاد أمجد يخطو نحو مكتبه حتى لمح شهدي يجلس خارج مكتب السكرتارية فعقد ما بين حاجبيه وكاد يتراجع لمعرفته سبب وجود شهدي فمن المؤكد أنه جاء لمواجهته ومنعه من ملاحقة ابنته ليقطع سامر عليه طريق العودة في اللحظة نفسها التي رآه شهدي فيها فوقف بوجه عابس ينذر بالشړ واتجه نحوه وواجهه قائلا بحدة
_ تحب نتكلم هنا يا بشمهندس ونخلي اللي ما يشتري يتفرج ولا نتكلم برا أحسن
تلفت أمجد حوله بقلق وأشار لشهدي بمرافقته إلى الخارج ليمنعه من فضحه وتاه عنه وجود سامر الذي لم يشأ تفويت الفرصة بعدما نبأه حدسه أن ذلك الرجل على صلة وثيقة بمنار وبالخارج وقف شهدي بملامح قدت من حجر يرمقه بنفور لعلمه أنه لن يردعه عن ابنته إلا الخۏف الخۏف من خسارة ما جمعه فزفر شهدي مستجمعا قواه وبادره بقوله
_ بص يا ابني أنا
طول عمري بعاملك بما يرضي الله وكنت بعتبرك زي أحمد ابني وفتحت لك بيتي وأمنتك على بناتي وكنت فاكرك هتصون العشرة والمعروف اللي بينا لكن أنت لفيت من ورا ضهري وشاغلت بنتي ووقعتها فحبك ورغم كده سامحتك وأديتك فرصة تانية تثبت لي فيها حسن نوياك ووافقت تخطب منار وتكتب كتابك عليها وقلت أنك أكيد راجل زي والدك الله يرحمه وهتحافظ عليها لكن عرفت معاك إن القول حاجة والفعل حاجة تانية علشان القول للي شبهك بتوع مصلحتهم إنما الفعل للرجاله اللي أنت بعيد عنهم ولا تمت لهم بصلة
زفر أمجد بحدة ورمقه شذرا فرفع شهدي حاجبه بتحدي وأستطرد قائلا
_ على فكرة أنا مش هخاف من نظرة الڠضب دي ولا من المركز اللي وصلت له بالدحلبة والضحك على الدقون ولا كمان يفرق معايا العنجهية الكدابة اللي محاوط بيها نفسك أنا جايلك راجل لراجل يا ابن المشير وخلاصة قولي ليك أنك لو مشلتش منار من دماغك وسيبتها فحالها وبعدت
عنها أنا هخليك تخسر الهيلمان اللي أنت عايش فيه وهعمل اللي بناتي استحرموا أنهم يعملوه فيك وهروح لحد بيتك وهفضحك قصاد حماك الدكتور ومراتك ومش كده وبس لا دا أنا هفضحك فكل مكان حتى الجامعة وعلى النت وهخلي أصغر عيل يبص لك باستحقار فاتقي شړ الحليم إذا ڠضب يا أمجد وأبعد عن طريق بنتي علشان مترجعش ټندم وأحمد ربنا أني سيبتك تروح لحال سبيلك من غير ما أحاسبك على اللي عملته فبنتي ووجعك ليها وقهرتها وكسرة قلبها
أنهى شهدي قوله واستدار مغادرا وتابعه أمجد بعيون قاتمة وهو يلعنه وأشاح بوجهه أخيرا ليصدمه وقوف سامر على مقربه منه يحدجه باشمئزاز وقبل أن ينبث بكلمة غادره مسرعا بخطواته حتى لحق بشهدي وسار بجواره فالټفت شهدي نحوه ونظر إليه بحيرة فابتسم سامر ومد يده نحوه وصافحه قائلا
_ سامر عثمان مدير الشركة اللي بنت حضرتك بتشتغل فيها كنت حابب اتكلم مع حضرتك فموضوع مهم فإيه رأيك لو نقعد فأي كافيه ونشرب القهوة سوا
وما ربك بغفل عما تعملون
ليته أدرك معناها وتدبره ولكنه طغى وافترى فما أن ولج أمجد مكتبه حتى التقط هاتفه وضغط بضعة أزرار وحين أجابه الطرف الآخر بادره بقوله
_ عايزك تطرد شهدي أبو منار من المصنع وتبلغ المعلم شكران يستغنى عن خدماته وتجمع كل الديانة اللي شهدي مديون لهم وتقولهم أني عايز أقابلهم ضروري
أنهى أمجد محادثته وارتمى فوق مقعد مكتبه وأردف بكراهية
_ وماله أما نشوف هتاكل أنت وعيالك منين يا عم شهدي وأبقى وريني هتعمل إيه لما يقبضوا عليك بسبب إيصالات الأمانة اللي عليك
وعلى الجانب الآخر جلس حمدان يحدق بهاتفه يحاول استيعاب كلمات أمجد فهو حين لجأ إليه عدة مرات لم يخيل إليه أنه سيطلب منه طرد شهدي نظير مساعدته له فهب على قدميه وسار نحو بوابة المدبغة فاستقبله شكران بالترحاب ولكنه ما أن وقع بصره عليه حتى ساله باهتمام عما أصابه فجذبه حمدان بعيدا عن السمع وقص عليه كل شيء
توالت الأيام على شهدي حتى مر أسبوع وهو يبحث عن عمل من مكان لمكان فبائت كل محاولاته بالفشل فعاد يجر أذيال الخيبة إلى منزله بينما اتسعت ابتسامة أمجد الذي مل مراقبته وأرسل آخر بديلا عنه ليتابع سعيه الدؤوب للبحث عن عمل دون جدوى وها هو مراقبه يصف له المشهد الذي أرضى نفسه عبر الهاتف فأمره بملازمة شهدي كظله وأنهى الاتصال وسمح لسكرتيرة مكتبه بإدخال الرجال واستقبلهم بكبر وجلس أمامهم متفاخرا بنفسه وبادرهم بعرضه فتبادلوا النظرات بحيرة حتى قطع أحدهم الصمت بقوله
_ يعني حضرتك عايز تدفع كل ديون شهدي وكل اللي علينا أننا نسلمك إيصالات الأمانة
أومأ أمجد تأكيدا فزوى الرجل حاجبيه قائلا
_ معلش يا بشمهندس بس أنا عندي فضول أعرف أنت هتستفاد إيه لما تدفع فلوس معودمة زي اللي عند شهدي
لمعت عين أمجد پشماتة وأجابه بإيجاز
_ هستفاد كتير المهم أنا مستني أسمع ردكم موافقين تسلموني إيصالات الأمانة وتاخدوا فلوسكم ولا لا
فجأة وبدون مقدمات ولج ضياء الغرفة وجال بعينه بين الحضور حتى حط بصره على أمجد الذي هب على قدميه واتجه صوبه مرحبا فأزاحه ضياء بإهمال وتجاوزه متخذا مكانه على رأس الطاولة فازدرد أمجد لعابه لتصرفه الغريب واستدار مواجها الحضور وأردف بتردد
_ زي ما قلت لكم أنا هستنى ردكم ولو وافقتم هبعت لكم الفل
ابتلع أمجد باقي كلمته حين فاجأه ضياء بقوله
_ ومين قالك إن في حد من الرجالة ممكن يوافق على عرضك يا بشمهندس
اضطربت ملامحه وزاغ بصره بين ملامح ضياء القاتمة ونظرات الأسف من ضيوفه فردد بتلعثم
_ م ش ف اف ه م ح حضرتك تقصد إيه
ضغط ضياء زرا جانبيا والټفت نحو الباب فاستدار أمجد بتوجس فصډمته رؤيته لشهدي يلج إلى الداخل يتبعه مراقبه فتراجع بحيرة لثوان ولكنه عاد وتمالك أمره وأردف بحدة
_ أنت إيه اللي جابك هنا
هز شهدي رأسه بأسف واتجه صوب ضياء وصافحه قائلا
_ أنا مش عارف أشكر حضرتك أزاي على معروفك معايا أنا
منعه ضياء من إكمال قوله رابتا كتفه برفق ومردفا
_ متقولش حاجة يا راجل يا طيب وبعدين أنا معملتش
أي حاجة والفضل بعد ربنا يرجع للمعلم حمدان اللي ربنا بعته ليا نجدة من السما علشان يفتح عيني على حقيقة البني آدم دا
شحب وجه أمجد ما أن أنهى ضياء قوله وأدرك أنه كشف أمامه وخسر كل شيء ولم يعد له مكان وتابع مغادرة الرجال واحدا تلو الآخر بقلق في اللحظة نفسها التي اتجه