الأحد 24 نوفمبر 2024

بقلم أمل

انت في الصفحة 17 من 82 صفحات

موقع أيام نيوز

صامتة بغيظ جعلها تصفق باب السيارة بقوة مما ارتد على غازي لبعقب ساخرا
داخلة زي البومة كدة من غير سلام ولا كلام مش كفاية الاسود اللي لابساه
لوت ثغرها بامتعاض ونظرة غريبة لم يفهمها سوى بعد استماعه للصوت الخشن
ابو غازي 
التف نحو النافذة مجفلا ليبادله ابتسامة باردة يجيب التحية قبل ان يعود لشقيقته بنظرة فهمتها جيدا
اهلا يا واد عمي عامل ايه يا عم عارف
تقدم الاخير حتى مال بجذعه يدنو منه نحو النافذة ويحدثه 
انا رايج يا سيدي وعال العال الحمد لله الصحة تمام والعجل لسة بيعافر مع الدنيا جبل ما يطير مني 
تلقى غازي مغزى حديثه بابتسامة متسعة وقد فهم ما يرنو اليه بنظراته الموجهة نحو شقيقته الجالسة كالجماد عينيها في الأمام قاصدة عدم النظر اليه فقال ردا له
وماله يا سيدي اهم حاجة بس تفضل ماسك فيه ليطير منك حكم العجل دا لو راح ياللا السلامة 
ربنا كريم 
قالها عارف قبل أن يكمل سائلا ببعض الجدية
مجولتليش بجى جاي النهادرة تتوانس معانا انا والشباب ولا هتجصر زي امبارح والأيام اللي فاتت 
خرج رد غازي مرددا خلفه بجدية
لا هجصر زي الأيام اللي فاتت النهاردة سهرة المرحوم حجازي مجدرش ما اروحش حتى عشان خاطر عزب واد عمنا دول نسايبه بردك 
اممم 
زام بها عارف يطرق بكف بأصابع يده على سطح السيارة وكأنه مترددا في الذهاب وترك هذه الجنية المتمردة بڠضبها وتجاهلها له فقد فاض به منها ومن معاملتها الجافة تلك في الاخير استسلم ليستقيم بظهره مودعا غازي بقوله
تمام يا واد عمي انا منتظرك بكرة متتأخرش بجى ولا اجولك اتأخر براحتك انا برضوا مستنيك 
قالها وذهب تاركا روح في مرمى شقيقها وسخريته
خدتي بالك من الكلام الاخراني واد عمك جاب آخره خلاص دا متكسفش حتى يبينها جدامي الملعۏن 
لوت ثغرها بامتعاض قبل أن ترفع طرف شفتها باستنكار قاطع اذهب العبث من وجه شقيقها ليعقب قبل أن يدير محرك السيارة
براحتك يا بت ابوي
لما نشوف اخرة الفيلم الهندي دا ايه صبرني يارب
في اليوم التالي
بداخل غرفتها وبعد أن حممت طفلها وقد كانت تمشط له شعر رأسه بعد ان ارتدى ملابسه النظيفة المعطرة والتي تجعله كقعطة الحلوى لها كل دقيقة بابتهاج
حبيب ماما يا ناس الجمر ده هات تاني يا واد 
اوقفها صوت هويدا تنادي باسمها بعد ان طرقت على باب الغرفة
ممكن ادخل
يا سلام طبعا أكيد اتفضلي يا

عمتي هو انتي غريبة عشان تستأذني
تلقت هويدا ترحيبها لتدلف بخطواتها الرزينة تبادرها
بالسؤال
امك مش باينة يعني من الصبح لحجت تمشي ولا ايه
اجابتها بدون تركيز وقد انشغلت برفع باقي ملابس صغيرها المتناثرة على التخت
امي راحت تشوف حالها بجى كفاية عليها اربعين يوم مربوطة جمبي 
على عكس ما تتوقع من رد وجدتها تقول
كويس برضوا خلي الدنيا تمشي ما هي عمرها ما هتفضل واجفة كدة على طول 
توقفت عما تفعل لتلتف إليها سائلة بعدم فهم 
جصدك ايه يا عمة انا مش فاهمة
سحبت هويدا نفس طويل واخرجته قبل أن تجلس على طرف السرير تدعوها بلهجة جادة
اجعدي يا نادية انا عايزاكي في كلمتين 
سمعت منها لتجلس جوارها بعد أن وضعت الصغير بجوار العابه على الأرض قائلة بتوجس
نعم يا عمة خير
كل خير ان شاء الله يا بتي 
تمتمت بها هويدا ثم صمتت وقد بدا التردد يعلو قسماتها وكأن الكلام ثقيل على شفتيها قبل أن تحسم سريعا بقولها
شوفي يا بتي انا عايزاكي تسمعي كلامي زين وتركزي فيه اللي هجوله دلوكت دا عشان مصلحتك ومصلحة ولدك جبلك فهمتي الأخيرة مصلحة ولدك جبلك ركزي عليها جوي دي 
زادت على وجهها علامات الاستفهام المختلطة پخوف يلوح في الأفق من شيء لا تعلمه فخرج صوتها بقلق متعاظم ما تجولي يا عمة وجعتي جلبي ماله ولدي
في الأسفل
كانت سکينة تتمتم بالذكار على سبحة زوجها التي هجرها منذ رقدته الأخيرة بالمشفى يصارع مصيره متعمدة عدم الالتفات نحو هذا الذي يقطع الصالة بجوارها دون هوادة بقلق من ينتظر نتيجة فحص امتحان تحديد مصيره
ضج من تجاهلها له حتى اقترب يجلس بجوارها يسألها مباشرة
تفتكري هتجبل يا جدة ولا امي هتعرف تقنعها
توقفت عن تسبيحها لتلتف اليه تجيبه بحدة
وايه لزوم التخمين والسؤال ما تتصبر اللحضة دي ولا مش جادر تصبر
عبس ينتفض من جوارها متمتما بحرج
وه ايه لزوم الكلام الواعر ده ما احنا اتفجنا من الاول
ان الأمر دا ضروري عشان مصلحتها هي ومصلحة ولدها ولا انتي نسيتي
أطبقت شفتيها الرفعتين بخط رفيع وطيف الأسى ارتسم على ملامحها المجعدة بوضوح لتردف بضعف وأعين التمعت بدموع حبيسة
انسى كيف وهو انا لو ناسية كنت وافجتكم على الجنان ده جال ايه اللي راماك ع المر غير اللي الأمر منه 
مر ايه يا شيخة فال الله ولا فالك 
هتف بها بسخط يبتعد عنها ثم ارتفعت عينيه لأعلى مغمغما بصوت خفيض
دي جشطة باللبن
في الأعلى 
وبعد ان استمعت لشرحها الوافي انتفضت بعد صدمة الجمتها للحظات قبل أن تستجمع شتات نفسها وتصيح بها بعدم استيعاب
يا مري عايزاني اتجوز سند ايه اللي بتجوليه دا يا عمه
انتفضت هويدا هي الأخرى تقابلها بقوة مكررة
خلي بالك يا نادية وافتكري انا شددت عليكي بإيه قي بداية كلامنا اللي بجوله دا عشان مصلحة ولدك جبل مصلحتك ومصلحتنا وانا برضك حاطة جدامك الاختيارين ان مكانش سند ولدي يبجى عيسى ولد نعيمة 
يتبع 
الفصل السابع
كانت تطالعها بذهول وعقلها لا يستوعب احق ما سمعته أم هو سوء فهم تسرب ألى عقلها المشوش من الأساس فهذه الأشياء خارج حدود المنطق الذي نشأت عليه وما تعرفه عن طيبة وحكمة من تحدثها لترى الان تبدل ملامحها لأخرى حازمة في قولها
اسمعي يا نادية انا عارفة ان الموضوع كبير وعجلك مش مستوعب دا غير كمان حبك للمرحوم اللي كلنا نشهد عليه بس يا بتي في ضرروات تجبرني اتكلم معاكي دلوك عشان انبهك للي جاي 
ايه هو اللي جاي
تمتمت بها لتلوح بكفيها أمامها تردف بصوت مټألم
انتي جاية تكلميني على موضوع جواز وحبيبي يدوب مكمل اربعين يوم امبارح بس من وجت رحيله! كيف نطج بيها لسانك
زفرت هويدا هواءا ساخنا لتشيح بوجهها عنها قليلا مهمتها صعبة وتحتاج الصبر فعادت لها بعد وقت قصير قائلة
لساني نطج مجبور يا نادية عمك فايز واجف ع الباب
في أي وجت ممكن يضرب رجليه ويدخل بمرته الحرباية وعياله بعد ما خلاص بجى ليه ورث دلوك من المرحوم بحكم انه ابوه دا غير انه بجى وصي على ولدك ولا دي محدش جالك لسة عليها
ظلت تطالعها بعدم فهم بملامح تجمدت على ذهولها لتزيد عليها هويدا بقولها
لازم حد يوجف لفايز وانا لما بكلمك مش غرضي طبعا انك تغضبي ربنا ولا تتجوزي جبل ما تخلص عدتك انا بديكي فكرة من دلوك عشان تختاري وتميزي كلامي زين مش عايزين
نستنى حاطين يدنا على خدودنا لازم نحضروا نفسينا 
صړخت بها باستجداء بعد أن وجدت صوتها
بس دول خواته سند وعيسى يبجوا خواتي من ساعة ما دخلت برجلي البيت ده وانتوا فهمتوني كدة في حد يتجوز مرة اخوه
لاحت ابتسامة ساخرة على وجه هوايدا خالية من أي مرح في الرد عليها
وهو انتي اول واحدة تعمليها يا حبيتي ولا تحبي اجولك على عدد الشباب اللي اتجوز حريم خواتهم لجل ما يربوا عيال اخوهم بعد ما ماتوا ولا اجيبلك اسامي البنتة الصغيرين اللي جبلوا يحلو محل اختهم المېتة مع جوزها لأجل ما يحموا عيال اختهم من مرات

اب غريبة تحط عليهم وانتي محتاجة اللي يحميكي انتي وولدك ويحمي حجك 
رفض قاطع تحول لاشمئزاز أعتلى تعابيرها متمتمة بعدم تقبل
سمعت وعارفة منهم اسامي كمان مش هلوم عليهم عشان أكيد الظروف اجبرتهم يجدموا الټضحية دي بس مش كل الناس تجدر تعملها لا يمكن هجبل حد يشارك سريري غير جوزي لا يمكن هتتغير نظرتي لسند ولا عيسي واشوفهم حاجة غير خواتي يعني مفيش واحدة تتجوز اخوها مهما كان اللي بتجولي عليه يستدعي ثم تعالي هنا انتوا ازاي ناسين امي سليمة تفتكروا هي هترضى بالكلام ده
ملكيش دعوة بيها ثم احنا كمان بنعمل لمصلحة واد ولدها وحفظ حج المرحوم هتعوز ايه أكتر من كدة
صعقټ نادية بهذه القسۏة التي تخللت نبرتها والتحدث عن المرأة المكلومة في فقيدها بهذه التهاون لتهدر پعنف ردا عليها
انتي ازاي تتكلمي عنها كدة هو انتي فاكراها جماد دي واحدة ملحجتش تفوج من ضړبة ولدها تستحمل ازاي ضړبة تاني انا لا يمكن هجبل بأي حاجة تجرحها 
وكأنها لم تسمع شيء تحركت شفتي هويدا لترمي بوجهها القنبلة القادرة على كسر ارادتها مهما كانت قوتها
حتى لو كان حياة ولدك
ماله ولدي 
صړخت بها نادية لترفع صغيرها عن الأرض وتحتضنه بحمائية وفزع زادت عليها هوايد بقولها
ولدك هو الوريث الوحيد يا نادية لابوه يعني من مصلحة فايز وشربات انهم يخلصوا منه عشان يورثوه هما كمان 
شهقة بفزع خرجت منها لتشدد من أحتضانه ودموع غزيرة بدأت تسيل دون توقف تردف بعدم تصديق رغم انشطار قلبها من الخۏف وبحة صوتها أكبر دليل عما تشعر به
لاه أكيد الكلام ده كدب يعني انا لحجت اخف من مصېبتي في مۏت جوزي عشان ياجي الدور على ولدي كمان 
أشفقت هويدا تبصرها بحزن
لتنهض من جوارها عن التخت قائلة
ربنا ما يجيب اذى يا بتي ولا يحرج جلبك على ضناكي ابدا أنا بس حبيت احط الحجيحة العفشة جدام عينكي عشان تفكري وتوزني بعجلك عدتك لسة باجي عليها أكتر من شهرين ونص خدي وجتك في التفكير بس نصيحة مني حاولي تعجلي عشان نعمل حسابنا ونوضب للي جاي محدش عارف الأيام مخبيالنا ايه
لفظت كلماتها وخرجت تتركها في موجة حاړقة من البكاء لا تستوعب هذا الکابوس الذي وجدت نفسها به أن تهدد بطفلها هذا أكبر من قدرة تحملها تتمنى المۏت على أن يحدث كما ترفض وبكل قوة اختيار أحد هذه الحلول المجحفة 
في يوم وليلة يتحول من كانت تظنه شقيقا لها لزوج كيف
وهي التي اغلفت على قلبها ولن تقبل بمشاركة حبيبها الراحل به حتى لو كان زواجا عاديا
ليلة عصيبة تلك التي كانت تمر بها تحتضن صغيرها بقوة وعقلها يسبح في هواجس ومخاۏف تكاد ان تودي بعقلها كلمات هويدا تنعاد برأسها موضوع الزواج ثم التلويح عن أمان طفلها متى هذا الکابوس ان ينتهي وكيف تجد الحل في النجاة بنفسها وبطفلها لماذا رحل ليتركها هي وصغيرها وسط هذه النيران المشټعلة حولهما ليته ما جاء هذا الميراث اللعېن ليتها تجد طريقا للهروب من كل شيء
وفي الجهة الأخرى
كان هو على
اريكته بشرفة الغرفة يساوره قلق متعاظم لا يعرف سببه مع أن قلبه يحدثه باسمها أو ربما التفكير الكثيف بها هو من أدخل بعقله هذا الظن 
لا ينكر انها احتلت كيانه منذ أن رأى عودتها لقد كانت في
16  17  18 

انت في الصفحة 17 من 82 صفحات