رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن
أخيرا
التقى بها فى أحدى المتنزهات التى أعتادا اللقاء فيها وجلسا على المقعد المعتاد لهما أمام النيل مباشرة ألتفتت اليه وهى مبتسمه وقالت برقه
متقدرش تتصور وحشتنى ازاى من امبارح للنهارده
أبتلع ريقه وهو يتذكر كلمات الشيخ بلال أنها مازالت غريبة عنه فالخطوبه ليست الا وعد بالزواج فقط لا يحل له شيئا منها حاول السيطره على مشاعره فهو يعلم ان هذا لا يجوز حاليا وقال
نظرت اليه بجرأه وتفحصت ملامحه التى تحبها وكأنها لم تسمعه وقالت برقه وهى تتلمس ذراعه بأطراف اصابعها
يعنى انا موحشتكش
أختلج قلبه للمستها وشعر بحراره تسرى فى جسده غلبه شيطانه وهواه وحظ نفسه من متعها وهو يستمع لكلماتها الرقيقه التى تلقيها بدلال
قالت عبارتها الاخيره بطريقه لم يتحملها أنهارت معها كما ټنهار أبواب السدود لتغمر الارض العطشه بالمياه وأنساه الشيطان كل ما كان يحذره منه صديقه بلال كان محقالقد وضع نفسه موضع فتنه كبيرة وهو بشرى وغير ملتزم بطريقه صحيحه فكانت النتيجه الحتميه هى التنازل واتباع الشهوات
ومر عام
ومر عام يحمل فى طياته الكثير تتقلب فيه أمزجة البشر وأحوالهم وأحزانهم وافراحهم كما تتقلب فصوله بين رعد الشتاء وهطول الامطار وحرارة صيفه وكآبة خريفه ونسيم الربيع وشذى عبير أزهاره هكذا هى الحياه لا تدوم على حال ولا تستقر على شأن ولا تعطى الا وأخذت ولا تأخذ الا وتمنح ولا تحزن الا وتفرح ولا تسعد الا وتكسن يشوبها دائما بعض الملل بعض الالم بعض الوجوم بعض التنحى عن الحياةولهذا هى دنيا لا يوجد بها سعادة دائمه متقلبه متحرره متجمده تعلو وجهها ابتسامه ولكنها أبتسامة مودعه أو راحله أو باقيهوقد تكون ساخره
أما فى نهاية العام كان الانتظار هو أصعب شىء حقا بل كان جبلا يجثو على الصدور يكاد يزهق الارواح أنتظار القرار النهائى بعد مقابلات أختبارات وظيفة النيابة والتى كانت تنبأ عن التفاؤل أحيانا واليأس غالبا ولكن يشوبه بعض الامل
لم يكن يستطيع أن يتفاعل معها كما هو عدها به فى هذه المناسبات ابتسم ابتسامة باهته وهو يقول
توقفت عن القفز وهى تنظر إليه بعينين حائرتين ووقفت والدته وقد تملكت الدهشه هى الاخرى من رد فعله وقالت
مالك يا فارس فى حاجه ولا ايه
ثم قالت بتردد
هى نتيجة التعين طلعت!
أبتسم فارس وهو يقول بأجهاد
متقلقيش يا ماما لسه مطلعتش ثم ألتفت إلى مهره وهو يحاول أستيعاد روحه السابقة معها قائلا
ها يا ستى عاوزه هدية ايه
أخفضت نظرها عنه وقالت بحزن
مش عاوزه حاجه أقبلت والدتها أم يحيى قائله بعجله
طيب نستأذن أحنا بقى يا استاذ فارس والتفتت الى أم فارس قائله بحرج
عن أذنك يا ست ام فارس
خرجت مهره ووالدتها التى أغلقت الباب خلفها بهدوء وشرع فارس فى الذهاب الى غرفته ولكنه والدته استوقفته قائله
أنت متخانق مع خطيبتك ولا فى حاجه تانيه مش عاوز تقولها
أستدار اليها بنفس الابتسامة الباهته وقال
يا ماما مفيش حاجه والله ولا متخانق ولا فى حاجه كل الحكايه بس تعبان شويه ومحتاج ارتاح
أم فارس مش عادتك يعنى تعامل مهره كده ده أنت كنت بتذاكرلها فى الامتحانات كأنها فى ثانويه عامه
أتجه الى غرفته مره اخرى وهو يقول
معلش يا ماما لما أنام شويه هرتاح وابقى كويس وقبل ما اروح المكتب هصالحها ان شاء الله
دخل غرفته وأغلق الباب خلفه وهى تنظر الى الباب المغلق بدهشه وتقول فى نفسها
لا ده فى حاجه وحاجه كبيرة كمان
أبدل ملابسه والقى بجسده المرهق على فراشه وأغمض عينيه يطلب الاسترخاء قليلا ولكن من اين تأتى الراحه فقلبه غير مستقر أبدا والقلب المجهد يجهد معه البدن دائما لا ينفك الا فى التفكير فى حياته بعد يومين او ثلاثه عند ظهور النتيجه كيف ستكون وماذا سيحدث ان تم رفضه
يجافيه النوم دائما عند الوصول لهذه النقطة الصماءلا يريد التفكير فيما
بعدها بل لا يريد التفكير فيها ابدا
فى المساء وهو يغادر ذكرته لعمله ذكرته والدته بمهره فأومأ برأسه قائلا
حاضر يا ماما