قصص ړعب حدثت بالفعل ( هتتعود علي الريحه)
انت في الصفحة 1 من صفحتين
إحنا في سنة 1999، أنا عندي 19 سنة، ومفلِّس تمامًا، أغلب أصدقائي راحوا يدرسوا في جامعات كبيرة بعد ما خلصنا الدراسة الثانوية، مُعظمهم لقى شُغل في ولايات تانية بمُرتبات كويسة، لكن أنا الوحيد اللي لا عارف يكمِّل دراسة وقادر يلاقي شُغل برا المدينة الحقېرة اللي أنا ساكن فيها دي، كُل أصدقائي سابوني، أهلي زهقوا مني، شاب فقير مفلِّس عايش عالة على أهله لحَد دلوقتي، أنا محتاج فلوس، وليني محتاج حد يساعده
سكت للحظات.. تردَّد شوية قبل ما يقول: " الوظيفة دي خطېرة جدًا، أنا لازم أحذرك الأول، إحنا هنغادر على مركب صُغيَّر بعد غروب الشمس، وهنرجع قبل الشروق، مهما كانت ظروف الجو، لازم نلتزم بالمواعيد دي تحت أي ظروف، لازم نراقب الجزيرة مهما حصل "
إتكلمنا حوالي ساعة عن الجزيرة دي وتاريخها، طول عمرها كانت قاعدة عسكرية وحصل فيها وفيات كتير، وبعدين اتسابت مهجورة لفترة طويلة، الأطفال الأغنياء عرفوا دا وفورًا حولوها لمكان يعملوا فيه حفلات ويشربوا فيه، الحكومة عرفت وقرَّرت تحمي الجزيرة منهم، ابتسم وهو بيقول: " قرروا يدوك 500 دولار أسبوعيًا "
سكت للحظة قبل ما يقول: " صحيح، ناس كتير بتقول إن الجزيرة دي مسكونة، أتمنى دا ميضايقكش يعني "
مش مُهم.. المُهم إني لقيت وظيفة وخلاص
.
الساعة 5 من يوم الجُمعة كُنت مستنيه على الشاطئ، وقعدت مستنيه ساعة كاملة، ظهر في ميعاده بالظبط، كان راجل ضخم، طويل، وعجوز، مديت إيدي عشان أسلِّم عليه، لكنه تجاهلني تمامًا
ركب قارب قديم مصدي بمُحرِّك، بصلي وقال: " ميلين، 19 دقيقة، قارب مصدي، بمُحرِّك واحد، قُلت إيه؟ "
ركبت القارب الضيق وأنا مش عارف أعمل إيه، ابتسم وقال: " امسك كويس، عشان هتقع في المية، لو بتحب السباحة سيب إيديك "
وصلنا الجزيرة، لكن الضباب مخلانيش قادر أشوف الجزيرة كويس، بس كُنت شامِم كويس، ريحة عفن وصدأ قوية جدًا، لدرجة إني كُنت على وشك أتقيأ، الموضوع كان صعب، ليني حس بيَّا، قال بسُخرية: " اكتم مناخيرك، زي ما قُلتلك، هتتعوِّد على الريحة "
المنارة كانت قديمة ومليانة شروخ، مُمكِن تقع في أي لحظة بمُنتهى السهولة، الشبابيك قديمة ومكسَّرة، طلعنا على سلم مكسور بدون سور لحَد ما وصلنا لأوضة الاستقبال، في أعلى نقطة في المنارة، سامحة لينا نشوف الجزيرة كلها بوضوح، ليني ابتسم وهو بيسألني: " حلوة، صح؟ "
قعدنا ساكتين شوية وبعدين زهقت، سألت ليني: " هنعمل إيه بقي؟ "
" ولا حاجة "
" ولا حاجة إزاي؟ مش المفروض نفتح الكشَّاف؟ "
ضحك وهو بيقول: " لو ناوي تشتغل، فدا مش الشُغل المناسب ليك "
تردَّدت شوية وبعدين سألته: " تقصد إيه؟ "
ضحك وهو بيقول: " مفيش تمويل، وبطاريات الكشَّاف قربت تخلَص، فمش بنفتح النور أو بنشغَّل الكشَّاف إلا لو سمعنا سفينة بتقرَّب مننا، بس كدا "
غمض عينيه وقعد ساكت، أنا كمان عملت زيه، بعد شوية سمعته بيقول: " مرتاح.. صح؟ "
وبصراحة.. كان عنده حق، أنا مرتاح، مفيش شُغل وكمان هاخد فلوس آخر الأسبوع، بعد شوية سألني: " مش عايز تعرف أي حاجة عن الأشباح؟ "
بصيت في ساعتي، واحدة بعد مُنتصف الليل، نمت وأنا قاعد، ابتسمت وأنا بقول: " غالبًا إنت كُنت بتسخَر مني "
ضحك ومردش
سألته: " كُنت بتسخَر مني؟ "
تردَّد للحظة قبل ما يقول: " ساعات بنسمع حاجات، وساعات بنشوف حاجات، أكتر حاجة مُخيفة شُفتها كان وجه مُخيف عملاق بيبصلي من وسط المُحيط، بس.. مش عارف، غالبًا هتشوف وتسمع بنفسك، وساعتها ابقي أحكيلي "
ضحكت پخوف
سألني: " عايز تنام؟ "
" أكيد "
" طيب نام، هناخد دوريات، نام إنت لحَد الساعة 3، ومن 3 لـ 6 هنام أنا "
" شكرًا "
.
مش فاكر قلقت من النوم ليه، بس أنا كنت مغطي عينيا بفوطة، وسادد وداني بفوطة تانية عشان صوت العاصفة، آه.. افتكرت.. صحيت لأن فيه حد لمسني
نطيت من مكاني وأنا بتلفت حواليا في الأوضة المُظلمة، ليني مش موجود، الكرسي بتاعه فاضي، أنا لوحدي
صړخت پخوف: " ليني؟ إنت فين؟ "
بعد دقيقة ظهر، سمعت صوته من على السلم وهو بيقولي: " كُنت بنضَّف السلم، إنت كويس؟ "
حسيت بالخجل، قُلتله: " آه، كُله تمام "
ونمت تاني