الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية في قبضة الاقدار (كامله جميع الفصول) بقلم نورهان ال عشري

انت في الصفحة 6 من 115 صفحات

موقع أيام نيوز

و ردد بقلب مړتعب 
حلا !
بلمح البصر وجدته يهرول للداخل و دونا عنها أخذتها قدماها خلفه حتي تفاجئت من هذا المشهد المرعب حين وجدت فتاه بعمر أختها أو ربما أصغر قليلا و هي تنوح و تنتحب و بجانبها رجل آخر يحتضنها و قد كان هو الآخر في حالة من الإنهيار الصامت الذي تجلي في عيناه التي تناظرها پصدمه و ضياع . حينها توقفت غير قادرة علي التقدم خطوة واحده فقد وقعت الصدمه عليها هي الآخري فجمدتها بمكانها خاصة عندما وجدته يسقط علي الكرسي خلفه بضعف غريب يتنافي تماما مع حدة ملامحه و شموخه السابق الذي كان يحيط به و تبددت تلك الهالة من الهيبه التي تحيط به و تحولت إلي ضعف كبير فهي عندما شاهدته أول مرة كان تعلم أن عمره أربعون عاما و قد بدا أصغر بكثير أما مظهره الآن يوحي بأنه قد تجاوز السبعين من عمره 
فألم الفقد قادر علي سحق الإنسان بين طياته و إنهاك الروح للحد الذي يجعلها كثوب مهلهل تبعثرت خيوطه 
حتي أن كل فلسفه العالم لا تستطع إصلاحه و لا مواسات إنسان عما فقد.
فلا بكاء ينفع و لا صړاخ يشفع و الصمت ممېت و البوح ليس بكلمات تقال بل يشبه تفتت الجبال..
أعاذانا الله و إياكم من فقد عزيز 
نورهان العشري 
شعرت بنغزة كبيرة في صدرها و الذي أخذها جرا إلي غرفة شقيقتها بقلب لهيف ففتحت الباب بقوة مندفعه إلي السرير الذي تستلقي عليه جنة التي ما أن شاهدتها حتي اإتمعت عيناها الباكيه و همت بالحديث لتتفاجئ بفرح ټحتضنها بقوة لم تتوقعها و يدها تشدد من عناقها بكل ما أوتيت من حب و ضعف و خوف فهيوصغيرتها التي ربتها و أعتنت بها طوال حياتها و إن كان خطأها جسيما بل مروعا فهي لا تستطيع سوي أن تحمد ربها علي نجاتها ..
أخذت جنة هي الآخري تشدد من عناق فرح و هي تبكي بقوة و داخلها ينتفض تزامنا مع شهقاتها التي تردد صداها في أنحاء الغرفه التي شهدت علي شتي انواع المشاعر في تلك اللحظه فقد كان الندم و الإعتذار من جانب جنه و الخۏف و الڠضب من جانب فرح و قد كان الألم شعور مشترك بينهما لذا طال العناق لدقائق حتي أفرغت الفتاتان ما بجوفهما من مشاعر و كانت أول المنسحبين فرح التي كانت تحني رأسها بتعب فامتدت يد جنة تحت ذقنها ترفع رأسها إليها و هي تقول بنبرة بها الكثير من الاعتذار و الندم 
والنبي ما توطي راسك كدا أبدا . انا معملتش حاجه في الحرام . حازم جوزي 
لوهله لمع بريق الأمل بعيناها ما أن سمعت حديث شقيقتها فخرجت الكلمات مرتجفه من بين شفتيها و هي تقول بترقب 
جوزك 
أهتزت نظرات جنه للحظه قبل أن تقول بتوتر 
آه جوزي .. إحنا أتجوزنا عرفي .. بس الورقتين معايا في البيت و هو بيحبني اوي وعمره ما هيتخلي عني . انا واثقه من دا والله هو طلب مني نعمل كدا عشان نضغط عليكي و علي أهله عشان توافقوا علي جوازنا . و لو مش مصدقاني هخليه يقولك كدا بنفسه .
قالت جملتها الأخيرة بلهفه بعدما لمحت تلك النظرة المنكسرة بعين شقيقتها و إختفاء تلك اللمعه التي ظهرت عندما ذكرت زواجها منه .
كانت كالغريق الذي وجد زورق النجاة بعد إنقلاب سفينته في بحر هائج و الذي إتضح بعد ذلك بأنه زورق مثقوب قابل للغرق في أي لحظه هذا كان حالها عندما سمعت جملتها عن ذلك الزواج العرفي الذي لن يعترف به أحد خاصة بعد ۏفاة حازم فانطفئ شعاع الامل من عيناها و شعرت بالشفقه علي حالها ما أن تعلم بما حدث و نظرا لعذاب شقيقتها الظاهر جليا علي محياها و إصابتها العضويه و النفسيه آثرت تأجيل الحديث لحين أن تستعيد صحتها و كذلك لتستطيع التفكير هي بهدوء في تلك الكارثه التي بدت و كأنها حلقة مغلقه لا مخرج منها ابدا ..
نامي دلوقتي و لما تصحي نبقي نتكلم .
هكذا خرج صوتها جافا به بحه بكاء مكتوم لم يعد وقته الآن فحاولت جنة الحديث لتوقفها كلماتها الصارمه حين قالت 
قولتلك نامي دلوقتي و بعدين نبقي نتكلم ..
أبتلعت حروفها و هي تنظر إلي شقيقتها التي كان ثوب القسۏة جديد كليا عليها و قد آلمها ذلك كثيرا و لكنها داخليا تعترف بأنها تستحق أسوء من ذلك و بأن المۏت هو الجزاء الذي تستحقه علي جرم أقحمها به غبائها و إنسياقها خلف قلبها ..
كانت ليله طويله علي الجميع لم ينم بها أحد سوي جنة التي أعطاها الطبيب مهدئا حتي يحميها من ذلك الألم الكبير في ذراعها المكسور و تلك الكدمات التي إنتشرت في أماكن متفرقة في جسدها و لكنه لم يستطع حمايه روحها المعذبه و لا قلبها المكدوم و قد تمكنت منها الكوابيس التي أيقظتها مرات كثيرة و هي تنتفض صاړخه لتتلقفها يد فرح التي كان عڈابها كبيرا للحد الذي منعها من النوم و من البكاء و من أي شئ قد يريحها فقط أنفاس قويه تقذفها من جوف ۏجعها و كأنها جمرات حارقه حتي عندما كانت تهرول لإحتضان شقيقتها التي كانت ترتجف لم تستطع التفوه بكلمه واحده فقط تعانقها و تمسد بيدها فوق خصلات شعرها إلي أن تهدأ و تعود للنوم .
أخيرا بزغ نور الصباح ليعلن عن بدأ يوم جديد محملا بأوجاع الأمس التي سيكون الشفاء منها أمرا مستحيلا و قد تترك ندوب ستستمر معهم طوال حياتهم .
وضعت فرح يدها علي عيناها التي لم تستطع التأقلم بعد علي نور الصباح الذي دخل من النافذة فنهضت بتعب من مقعدها و دلفت إلي المرحاض تغسل وجهها و خرجت لتجد الممرضه و الطبيب الذي كان يعاين شقيقتها و أمر الممرضه بإعطاءها أدويتها فبادرته فرح بالحديث بصوت مبحوح 
حالتها عامله إيه يا دكتور 
الطبيب بعمليه
زي ما قولتلك حالتها مش خطړ و مع الانتظام علي الأدويه أن شاء الله هتبقي أحسن بس طبعا مش هينفع تروح قبل ما نطمن عليها . 
فرح بهدوء
يعني قدامنا قد إيه كدا 
لاح بعض التوتر علي ملامح وجهه و لكنه سرعان ما أختفي و قال بعمليه 
ممكن أسبوع مش اكتر أن شاء الله
ثم تابع بإشفاق لامسته من بين كلماته
أنتي إلي واضح عليكي الإرهاق أوي ودا غلط 
لاحت إبتسامه ساخرة علي شفتيها قبل أن تقول بصوت لا حياة به 
مش هتفرق كتير يا دكتور. المهم هي تقوم بالسلامه. 
الطبيب بإشفاق 
هكتبلك علي شويه مقويات عشان مينفعش أنتي كمان تقعي . أنا عرفت منها أنك عيلتها الوحيدة . و لازم تكوني جمبها خصوصا في الوقت دا ..
لم تجادله فرح التي كانت في تلك اللحظه نفذت كل قواها فأخذت منه الورقه بصمت

انت في الصفحة 6 من 115 صفحات