الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية في قبضة الاقدار (كامله جميع الفصول) بقلم نورهان ال عشري

انت في الصفحة 42 من 115 صفحات

موقع أيام نيوز

بتعب 
معدش باقي في العمر كتير يا ابني . عايز أصلح غلطتي و أطمن عليهم قبل ما أموت .
تدخل قائلا بلهفه 
ماتقولش كدا يا حاج .ربنا يطول في عمرك و يخليك لينا . 
قاطعه بتعب 
يا ابني محدش هيخلد فيها المۏت علينا حق . و أنا مش خاېف منه . أنا خاېف من ذنبي إلي إرتكبته زمان و مش هقدر أخده معايا آخرتي . 
طب قولي أعمل إيه تاني و أنا أعمله 
تنزل مصر تدور بنفسك . و مترجعليش غير و بنات عمك في إيدك . جنة و فرح !!
يتبع 
الحنين هو زائر غير مرغوب به عادة ما يأتي في الليل ليطرق أبواب قلوب ظنت أنها إستطاعت لملمة أشلائها ليبعثرها من جديد . 
نورهان العشري 
و كعادتي كلما أشتد بي الشوق أبحث بين رسائلنا القديمه عل أجد مخدرا لأوجاعي و لكن تلك المرة تعثرت برساله تشرينيه تخبرني بها بأن يومك لا يكتمل سوي بوجودي فابتسمت بسخريه و أردت سؤالك كيف حالك بعد مرور عاما كاملا بدوني ..
نورهان العشري 
أحيانا يكون النوم هو الحل الوحيد لإنهاء يوم سئ أستنفذ طاقاتنا و أهلك الروح التي قاومت كثيرا حتي بلغ منها التعب ذروته و لكن الأمر لم يقتصر علي يوم واحد فقد طال حتي تخطي الاربعه أشهر منذ أن إستيقظت علي خبر تلك الحاډثه المشؤمه و هي بتلك الدوامه التي لم تنتهي . بل أخذت تبتلعها أكثر حتي وجدت نفسها تعيش حياة تختلف كثيرا عن ما تمنته. بمكان لا تطيقه مع أناس لا يتحملون وجودهم و الأدهي من ذلك أنها مجبرة علي تحمل كل ما يحدث حتي تلد شقيقتها صغيرها و بعد ذلك ستبدأ معركه من نوع آخر فما شاهدته للآن من تلك العائله يوحي بأنهم لن يتنازلوا بسهوله.
كانت تنظر إلي الكلام المدون أمامها بشرود بينما عيناها لم تمس حرف واحد من الكتاب المفتوح بين يديها . فقد كانت تود الهرب من التفكير بالقراءة و لكن لم تفلح محاولاتها فنهضت من مكانها تنوي الهروب إلي النوم فأغلقت الكتاب لتضعه مع باقي الكتب فإنفلت من بين يديها ليسقط علي الأرض و تسقط منه ورقه صغيرة بحجمها كبيرة بما تحمله من مشاعر جعلت قلبها يرتجف حين رأتها و بأنامل مرتعشه إلتقطتها و قامت بفتحها و شرعت تقرأ الحروف المدونه بخط منمق كصاحبه 
وحشتيني ! يومي كان طويل و ممل أوي النهاردة عشان مشوفتكيش لدرجه حسيت أنه مش هينتهي ! متغبيش عن قلبي تاني . بحبك !
عدة حروف بسيطه كانت قادرة علي سحق قلبها بين طيات معانيها فمنذ أربعه سنوات كانت قادرة علي أن تحييها من قلب الحمي التي أرهقت جسدها و أجبرتها علي التغيب عن العمل لمدة أسبوع كامل و لم يعيدها إلى صحتها سوي رسائله المرفقة مع أزهار يعلم كم تحبها كما كان يعلم كيف يخترق جميع حصونها و يحتل قلبها و كأن عشقه كان سفينه نجاتها التي إنتشلتها من بحور الوحدة و العڈاب و ظنت بأنها أخيرا وجدت بر الأمان الذي إتضح بعد ذلك أنه سراب كان بدايه لرحلة عذاب لا يحتمل و أن سفينه نجاتها ماهي إلا زورق مثقوب رست بكل ثقلها فوقه فأغرقها في بحور الألم الذي لا نهايه له.
دون أن تدري جعدت الورقه بين قبضتها تعتصرها بقوة كما إعتصرت الذكريات قلبها الذي للآن مازال ينبض بالألم الذي لم تستطع السنين إخماده و كم كانت تكره ذلك الضعف الذي ينتابها حين تتذكره و هذا الحزن الذي يتسرب إلي قلبها فيدميه و يجعل تنفسها ثقيلا فلم تشعر بنفسها سوي و هي تجذب وشاح و تضعه فوق كتفها متوجهه إلى الخارج لتأخذها قدماها إلي ركن منعزل في الحديقه الكبيرة التي تحيط بها الأشجار في كل مكان فأخذت تسير بلا هوادة تنظر إلي الزهور الجميله و قد كان ضوء القمر يضئ كل شئ حولها فيعطيه مظهر ساحر إستطاع أن يعطيها شعور بالهدوء قليلا و قد خطڤ أنظارها ركن الزهور الجميله ذات الرائحه الرائعه فاقتربت تتأملها بإعجاب و مدت يدها تتلمسها بحنو و هي تتذكر كم كانت تتمني أن تعامل مثلهن . تتمني لو تجد من يعتني بها مثل الوردة يسقيها حبا و حنانا تحتاجه كثيرا . أن تشعر بأنها شيئا ثمينا لدي أحدهم فيضعها في إناء يحميها من بطش الزمن الذي وضعها في تلك المواقف التي تفوق قدرتها بكثير و علي الرغم من مقاومتها و لكنها تتوق إلي الإنهيار علي كتف أحدهم . أن تسقط ذلك الحمل عن أكتافها لتستطيع للتنفس براحه و لو قليلا . 
حاسبي الشوك يعورك !
كانت تغمض عيناها و هي تتلمس الورود غارقه في تفكيرها دون أن تدري كم كان مظهرها ساحرا بشعرها الذي يطير بكل مكان حولها و ملامحها التي سړقت فتنتها من ضوء القمر الذي كان يضئ تقاسيم وجهها الجميله ليأتيها صوته الحاد الذي أخترق هدوئها و سلامها المؤقت فجفلت و تحركت يدها بسرعه لتنغرز إحدي الأشواك بجلدها الرقيق فصړخت بخفوت جاذبه يدها بلهفه لتجد بعض قطرات الډماء تنساب منها و قبل أن تقوم بمسحها وجدت يد ضخمه ذو كف خشن كصاحبه إمتد ليقبض عليها بحنو أربكها فتعلقت أنظرها بإهتمامه المنصب علي يدها التي وجدتها ترتفع لتعانق شفتيه الدافئه حين قام بوضعها فوق جرحها ليسحب الشوكه العالقه بجلدها بأسنانه فشعرت و كأنه إنتزعها من قلبها لا إصبعها ! فصارت دقاتها تتقاذف پعنف داخل قفصها الصدري فيما إنحبست أنفاسها به و هي تري رأسه المنحني علي كفها و قد أزهلها ما رأت فذلك الرجل الضخم الفظ المتعجرف ينحني علي كفها ليسحب شوكه أخترقته ! 
كان الأمر مثير بدرجه يصعب وصفها و الأكثر حين أرتفع رأسه يطالعها بعيناه التي أظلمت للحظات حين قال بخشونه 
مش تخلي بالك !
هزت رأسها في محاوله منها لجعله يعود إلي العمل قبل أن تقول بصوت مبحوح
عا. عادي . دا چرح بسيط .
ضاقت عيناه و هي تطوف فوق ملامحها قبل أن يقول بخفوت
و چرح بسيط يخليكي ټعيطي كدا !
جفلت من كلمته و إرتفعت يدها لتجد بعض قطرات من عبراتها لازالت عالقه بجفونها فأزالتها بلهفه و هي تبتسم بتصنع قبل أن تقول بحرج
تقريبا حاجه طرفت عيني و أنا بتمشي. بسيطه يعني متاخدش في بالك !
ظلت نظراته مثبته عليها قبل أن تلوح بهما بسمه ساخره وكأنه يخبرها بأنها تكذب و لكنه أجابها مغيرا الموضوع 
إيه إلي مخرجك دلوقتي في البرد دا 
بهدوء أردفت 
كنت زهقانه قولت أشم شويه هوا !
أختارتي المكان الصح ! مزرعتنا هواها يرد الروح !
ناظرته بإندهاش دام لوهله فقد بدا مسالما هادئا علي غير عادته و لكنها سيطرت علي دهشتها إذ قالت بتأييد 
فعلا المزرعه حلوة أوي شبه الجنة بالظبط
41  42  43 

انت في الصفحة 42 من 115 صفحات