قصه يقول صاحب مطعم في إحدى محافظات السودان الشرقية كامله
قصة وعبرة..
يقول صاحب مطعم في إحدى محافظات السودان الشرقية:
كنا في المطعم نستعد لتقديم وجبة العشاء فى إحدى ليالي الخريف..
وبعد تجهيز الطعام هطلَت الأمطار بشدة ، وأظلمت علينا السماء ، وانقطعت الكهرباء ، وبدأ أهل السوق في المغادرة ، فأشعلنا الفوانيس واتفقنا على المغادرة بعد هدوء الأحوال ، وعددنا الطعام الذي صنعناه خسائر ، إذ لا توجد مبردات كافية ، والمبردات الموجودة لن تنفع مع انقطاع الكهرباء..
فحملتُ فانوساً وعصا لظني أنه لص يريد کسړ أحد الدكاكين..
اقتربتُ من السواد وعلى ضوء الفانوس الضعيف رأيتُ امراةً معها طفلان في غاية من الضعف والتعب..
فسألتها إن كانت تحتاج إلى شيء..
فقالت: أريد طعاماً لي ولأولادي..
فقدّمتُ لها أحسن ما عندي من الطعام ، وأعطيتها بعض المال..
فبكت المړاة بكاءً شديداً..
فقلت: ما الذي يبكيكِ؟
فقالت: تُوُفِّيَ زوجي ، وهذا ثالث يوم لا أجد فيها ما يسد جوعتي وجوعة أطفالي..
قلت لها خيراً وتركتها..
فسمعتُها تتمتم بكلمات منها:
ربي يوسع عليك الليلة زي ما وسعت على أولادي..
قلت: آمين.. وإن كنا خسرنا في هذه الليلة ، فالأمر كله لله ، والمؤمن لا يقنط من رحمة الله..
فرفعت رأسي فجأة على صوت حافلة تحمل مسافرين تقف أمام باب المطعم لا أدري من أين جاءت..
نزل سائق الحافلة وسأل: عندكم طعام؟
قلت: نعم..
فنزل من الحافلة أكثر من أربعين مسافراً واشتروا جميع ما لدينا من الطعام ، وصنعنا لهم طعاماً آخر..
وحتى بقايا الخبز الجاف بعناها عليهم مع الشوربة..
قال أحد العمال: ايش عملت من عمل صالح اليوم؟!
فانتفضتُ كالملدوغ وأنا أتذكر دعوة المرأة وهي تقول: ربي يوسع عليك الليلة زي ما وسعت على أولادي..
فحمدتُ الله ، ثم خړجت تحت المطر أبحث عنها فلم أجدها..
وتذكرتُ قول النبي(ص):
وكيف أن : غيث رحمة يغيث ملهوف ....
ساق الله المطر لتَشبَع المرأة وصغارها..
وساق الحافلة ليَجزي المُنفق على إنفاقه..
وهكذا الدنيا يُقَلِّبها الله بين عباده لِيَختبرهم ويَبلو أخبارهم وينظر كيف يعملون..
{ولَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذينَ آمَنوا وكانُوا يَتَّقُون}..
العبرة :
ففي الصدقة تيسير للأمور وراحة للصدور
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)
النتيجة: فسنيسره لليسرى