السبت 26 أكتوبر 2024

بقلم ډفنا

موقع أيام نيوز

الفصل الأول
تراقصت في الظلمة أضواء الشموع المتناثرة على وجه كعكة عيد الميلاد ليصدح الغناء من حناجر المدعوين والتصفيق المنغم مرددين أغنية ما شهيرة لتنتهي بصاحبها ينفث بالشموع ليطفئها ثم اشټعل التصفيق وسطعت الأضواء مجدد ليتلقى رائف نجم الحفل الصغير الهدايا من عائلته ورفاقه.
  كل سنة وانت طيب ياحبيب ماما. 
ليتبعها الأب توفيق بتقديم هديته ثم الجد نادر واخيرا شقيقه الأكبر جسار وهو يقدم هديته
كل سنة وانت طيب يا رائف عقبال مليون سنة. 
  وانت طيب يا آبيه.
تولت إلهام تقطيع القالب ومنحت الجميع حصتهم ثم انتبهت أنها لم تعطي أبنها الأكبر حصته فتوجهت إليه بطبقه قائلة معلش يا حبيبي نسيت اديك طبق الجاتوه بتاعك.

مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
رمق قطعة الحلوي البيضاء بخيبة أمل ثم قال شكرا يا ماما انتي عارفة حساسية الألبان تمنعني أدوقه. 
لطمت جبهتها علامة للنسيان وقالت معتذرة ياه! ازاي نسيت انك بتتعب منها..سوري حبيبي. 
أومأ لها بمسحة حزن عادي يا ماما يمكن عشان بنتقابل كل فترة بحكم سفرك انتي وبابا عموما أنا هشرب عصير فريش.
فحاولت إصلاح الموقف بقولها طيب لحظة اجيبلك أنا العصير بنفسي.
أسرع بقوله لا لا شكرا يا ماما بعد شوية هشرب. 
تنهدت باستسلام لرغبته ماشي يا حبيبي براحتك.
ابتعدت تتفقد الضيوف فتنحى جسار بعيدا نحو الشرفة وعين أخري تابعت ما حدث بضيق وسرعان ما توجه خلفه ليهون عليه الأمر فهو خير من يعلم أثر موقف گهذا علي صغيره.
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
شخصت عيناه وهو ينظر للسماء وأسئلة لا تنتهي يدوي صوتها بعقله لما دائما كل تفاصيله تسقط من ذاكرة والدته حتى لو كانت تخص صحته ذاتها بينما في المقابل لا تهمل أي شيء يخص أخيه الأصغر رائف ما الذي تبقى إذ لم تهتم والدته لما يؤذي صحته
علاقتهما عجيبة و فاترة هناك فجوة بينهما تتضخم و تبتلعه يوما بعد يوم كم ېخاف الضياع وهو يصارع فجوته فإن سقط بها لن ينقذه أحد حتئ هو ذاته.
  جدو نادر حبيبك بنفسه جابلك العصير بتاعك.
الټفت سريعا لجده مبتسما تعبت نفسك ياجدي شكرا. 
ربت على ظهره بحنانه المعهود وقال تعبك راحة يا جسار يا ابني على فكرة مش عايزك تزعل من ماما انت عارف انها بتنسي كتير.
وافق جده رغم انه لم يكن مقتنع داخله وقال
عادي ياجدي مازعلتش. 
  خلاص اشرب العصير الفريش ده بدون سكر. 
  تسلم ايدك يا حبيبي.
ارتشف القليل ثم قال هو بابا وماما واخويا امتى هيبطلوا يسافروا ويسيبونا ياجدي
شخصت عين الجد مع قوله الهامس كأنه يحدث نفسه لحد ما ربنا يريد ليهم الاستقرار يا ابني.
قال بتمني كشف بعض معاناته بس انا نفسي يفضلوا هنا أنا حاسس ان سفرهم وبعدي عنهم خلي بنا مسافة كبيرة أوي واهو حضرتك شوفت ازاي ماما نسيت حتى الحساسية اللي عندي من الألبان. 
تنهد الجد بقلة حيلة وغمغم كله بأوانه يا جسار قولي بقا أخبار المذاكرة ايه عايزك تنجح في الثانوية وتدخل جامعة تختارها برغبتك وتتخرج وتبقي شخص ناجح وافتخر بيك. 
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
ابتسم دون حماس ربنا يسهل يا جدي أوعدك إن شاء الله أنجح السنادي عشان خاطرك. 
حدثه بحنان ربنا يباركلي فيك يا حبيبي يلا تعالى اقف جنب اخوك رائف واتبسط معاه. 
  حاضر. 
بعد مرور ست سنوات.
بضجر راح جسار ينفذ غليونه وهو ينصت لثرثرة رفاقه التافهين عن قصصهم مع الفتايات التي يرافقوهم وبدأ يشعر بالضيق يحتل كيانه كل القصص معهن واحدة وتتشابه حد الملل ورغم انتقاده لمن يجلس معهم الأن هو ذاته ركن أساسي في عالمهم التافة الفارغ هذا تضاد غريب ككل شيء يحياه منذ مولده أنا ماشي قالها بعد أن أطفأ سېجاره مغادرا كافيتريا الجامعة لمكان أخر متجاهلا نداء رفاقه ليعود لكن يبدو أنهم اعتادوا طباعه هذه فمكثوا مواصلين ثرثرتهم غير عابئين برحيله المفاجيء گعهده. 
بعين تنضح منها الخيبة همست الفتاة لأخرى
محدش بيحب يعذب نفسه يا بنت عمي
اقتربت أبنة العم وهي تقبض كتفها بقوة أرادت ان تزرعها داخلها وهي تقول ومع كده انتي بټعذبي نفسك مع واحد بيلعب بيكي وبيتسلي وبس.
الټفت إليها الأولى بحدة عمرك ما هتفهميني ابدا أنا في وادي وانتي في وادي. 
ثم لكزت صدرها بقسۏة لم تعيها طول ما قلبك ده مقفول مش هتحسي بشعوري أبدا. 
تحدتها الثانية بثبات وانتي مفيش حاجة هتضيعك غير قلبك يا بنت عمي عن أذنك.
غادرتها وبرأسها لمعت فكرة ما
وقررت تنفيذها دون انتظار فإن كانت تلك الحمقاء منساقة وراء مشاعرها ولا ترى حقيقة ذاك الشاب. 
هي عيناها مثل الصقر وستفعل ما تراه صوابا.
جالت بعيناها كل الزوايا تنقب عنه بعد علمها من رفاقه أنه غادرهم لتوه وها هو يجلس وحيدا في زاوية ما اقتربت منه بمسافة مناسبة وبثبات ألقت سؤالها مباشرا
  أنت جسار السماحي
لم يبدي رد فعل وهو يطفيء عقب سېجاره الذي كاد أن ېحرق أصابعه لشروده قبل سماع صوت الفتاة يصدح جانبه لم يلتفت لها على الفور وكأنه سأم
وجودهن
في محيطه طيلة الوقت! تبا حتما هي واحدة ممن يلاحقونه!
أما هي فلم تفسر عزوف الرد عليها والنظره نحوها سوى بالإهانة الصريحة وصار يستحق منها ردا مناسب لفعلته!
كان لازم أضيف على صفاتك قلة الذوق
هنا فقط أدار لها وجهه بحاجبان معقودان وبوادر غضبه الوشيكة تبرز مضيقا حدقتاه راح يقيمها بنظرة ثاقبة شملت هيئتها شديدة البساطة ترتدي قطعتين فقط! بنطال جينز ثلجي اللون وكنزة خضراء يصل طولها للركبة وحجاب يضم اللونين معا لا تضع اصباغا تجمل ملامحها فتاة عادية جدا لا ترتقي لأقل واحدة من صديقاته بعد فراغه من تفحصها رمقها أخيرا باستهزاء ثم استدار عنها كما كان ملتقطا واحدة أخرى من سجائره مشرعا بإشعالها بقداحته. 
هتفت بتهكم مبطن مبتلعة إهانته التي توقعتها 
 ممكن أخد من وقتك السمين دقايق أتكلم معاك!
أدرك تهكمها بشأن وقته الثمين فأجاب ببرود دون أن يلتفت ولأنه سمين مابضيعوش على الفاضي!
صاحت بنفس نبرتها الساخرة أه طبعا عارفة بس هما كلمتين أسمعهم وأكيد مش هتشوفني تاني!
وواصلت مباشرا تلقي ما لديها أبعد عن سارة!
مازال يعطيها ظهره دون تهذيب وقطب حاجبيه علامة تفكيره بمن ذكرتها متساءلا عن علاقتها بسارة لتواصل بذات السخرية بعد أن طال صمته طبعا الأسم ممكن يكون متكرر في قايمة علاقاتك الدسمة ومش فاكره..عشان كده هوضحلك بتكلم عن مين أنا أقصد سارة الرشيدي!
أستدار بكلتيه هذه المرة يطالعها ثانيا وقد تحفزت رغبة مبهمة لديه ليعيد تقيمها من جديد هي ليست جميلة ولا قبيحة أيضا لكن شيئا لا يستطيع تحديده يميزها ربما قوة صوتها البعيد كل البعد عن الرقة گ مظهرها العام الخشن كأنها تتعمد أن تطمس معالم أنوثتها لتحصن نفسها أمام جنسه بنظرة صقرية تفحص عيناها السوداء التي لم تكتحل بمسحة انبهار لوسامته كما اعتاد في عيون الأخريات..تعجب من ثقتها وقسۏتها المنعكستين من حدقتيها المصوبين إليه بثبات لا تخجل أو تخافه من هي! ولما تحادثه بعدوانية هكذا وكيف لم يشاهدها من قبل بمحيطه
وهو لا تفوته شاردة ولا واردة من جنسهن!
  أنتي تعرفيني منين وعلاقتك أيه بسارة
قالت بغرور اللي عارفاه الكل عارفه عنك مش مستحق اذكره واضيع وقتي ومايخصكش علاقتي بسارة أيه! أما عايزة أيه! ده بس اللي هجاوبه!
برقت عينه وهو ينظر لها وشعر بحدسه أنه بصدد شيء مثير وغريب مع تلك الڼارية ربما تحتاج حياته الرتيبة واحدة مثلها لوهلة شعر باهتزاز مقلتيها وهي تنظر له تري هل تأثرت به گ غيرها هنا مالت شفتيه بابتسامة واثقة وهو يوليها كل اهتمامه منصتا لما تقوله عايزاك تتقي الله وتبعد عن سارة أبطل تأثيرك و سحرك المزعوم عليها وابعدها عنك زي ما قربتها منك.. هي بالنسبالك مش هتفرق مجرد أسم هينقص من قايمة نز اتك وتقدر بسهولة تعوضها بعشرة غيرها سيبها واسحب شبكتك وارميها في بحر تاني لأني مش هسمحلك تخليها مجرد صيدة جديدة!
أقترابه الخطېر من حدودها عبقه الآسر نظراته الخبيرة العابثة مع صوته الرخيم ربما جميعها سهام فتاكة لقلب أي فتاة غيرها ولكن ليس مثلها. 
هي شمس الرشيدي.. وإن كان لا يعلم فهي ترحب بتعريف نفسها له كما يجب.
هدر صراخه بغتة بعد أن نثرت بوجهه رذاذ حارق ألهب عيناه وابتعد عنها گ المصعوق ليسمعها تهتف ساخرة شكلك ما صادفتش في حياتك حد محترم وأنا غلطانة اني جيت كلمتك واعتبرتك بني آدم.
وابتعدت عنه لتصدح قهقهة صديقه الذي تابع ما حدث من بعيد وهو يقول مقتربا يانهار ابيض على الجبروت البت هزئتك خالص وعلمت عليك يامعلم.
صړخ عليه جسار بلاش سخافة يا أشرف وساعدني انا مش شايف حاجة وعنية مولعة الله يخربيت صباحها الهباب..معرفش رشت عليا ايه بنت ال ... 
  عييب الرقابة يا معلم تعالى بسرعة هاخدك لدكتور الجامعة ينقذك يا مسكين.
ما أن علمت بفعلتها وزيارتها لجسار حتى صاحت حانقة ايه اللي عملتيه ده يا شمس ازاي تروحي كليتي وتستغلي اني مش روحت وتعملي كده مع جسار زميلي! هيقول عليا ايه دلوقت عيلة وباعتة بنت عمها عشان.. 
 عشان تفوقي لنفسك بدال ما واد صايع يضحك عليكي ياهبلة. 
  أخرسي يا شمس اخرسي جسار مش صايع ده محترم جدا قلت مېت مرة انا اللي كنت بحاول اتقربله وبحبه ولما حس بكده صارحني اننا اخوات لو عايز يستغلني زي ما بتقولي كان ما صدق ليه مش فاهمة كده!
  ماهي دي طريقة صيادين البنات أمثاله دلوقت زي ما كل حاجة بتطور هما كمان ألاعيبهم بتطور بيتقل ويعمل مطنشك عشان تجري وراه وبعدها يوقعك في شباكه ياحلوة ثم دفعت كتفها بحدة فوقي لنفسك يا سارة قبل ما
تخسري قلبك فوقي ركزي في مستقبلك انتي مش داخلة الكلية عشان تحبي. 
  وايه المشكلة يعني لو حبيبت
  المشكلة في أختيارك الغلط ده واحد مقضيها من بنت للتانية مصاحب دي وبيخرح مع دي.. 
  وعرفتي منين وانتي مش في كليتي 
  يا سلام تفتكري مقدرش اعرف لو عايزة وأصلا صيته
الهلس مسمع لحد عندي. 
نفذ صبرها وهي تلوح محذرة اسمعي ياشمس وهقولها لأخر مرة بلاش تتدخلي في أموري الشخصية لأني مش صغيرة أنا قربت اخلص تانية جامعة وعارفة مصلحتي.
رمقتها ببرود ثم التقطت حقيبتها للمغادرة قائلة ماشي ياكبيرة بس ماترجعيش تشتكي وتقولي كسر قلبي يا بنت عمي لأن بعد ما شوفته أنهاردة اتأكدت انه واد لعبي ومش تمام عن اذنك. 
وتركتها تزفر خلفها بضجر مهمهمة بكلمات ساخطة.
  رايحة فين يا شمس مش هتتغدي معانا 
هكذا أوقفتها زوجة عمها لتقول
شكرا ياطنط صابرين همشي عشان خلاص مش طايقة اشوف بنتك دي قدامي. 
هزت العمة رأسها بتعجب أنا مش عارفة أنتي وسارة هتعقلوا امتى وتبطلوا خصام العيال بتاعكم ده أنتوا قربتوا تتخرجوا من الجامعة. 
قالت حانقة والله يا طنط قولي لبنتك اللي جوة
________________________________________
دي انما انا عاقلة وزي الفل..ثم أشارت لها مستطردة ابقي سلمي على عمو أمين.
 ماشي وانتي سلمي على مامتك جمانة.
  حاضر سلام.
عبرت صابرين غرفة ابنتها وقالت هي بنت عمك مالها ماشية شايطة منك ليه يا سارة
لوحت بيديها دون اكتراث سيبك منها يا ماما دي بت معقدة أصلا قوليلي بابا جه
  قرب يوصل.
  طب ممكن تخلي وردة تعملي فنجان قهوة عشان مصدعة أوي
  لأ أما تتغدي الأول فطارك الصبح كان عبيط مش هنقضيها قهوة ونسكافيه.. 
قاحت بحنق ماما على فكرة أنا ممكن اروح اعمل لنفسي القهوة بدال التحكم ده. 
رفعت حاحبيها بتحذير طب إياكي تعملي حاجة القهوة مش هتطير.
زفرت بغيظ ووالدتها تغادر ثم ولجت شرفتها ومكثت تتطلع للأفق بشرود ما فعلته شمس رغما عنها وزيارتها لجسار جعلها تلوم ذاتها لكشف مشاعرها نحوه لم تكن تعلم أنها ستتهور وتذهب إليه وتضعها في هذا المأزق معه..ربما هو يعلم بطبيعة عاطفتها نحوه و ربما لايدري ليست أكيدة لكن كل ما تدركه أنها عندما تراه تشعر براحة وطمأنينة غريبة نزوات جسار الحافلة مع الفتايات تعلمها جيدا ومع هذا يعاملها هي بطريقة مغايرة عنهن يضع بينهما حاجز غير مرئي لما لا يقترب منها مثلهن تقسم لو فعل لجعلته يعشقها كما تعشقه لكنه لا يقترب إلا بإطار صداقة حمقاء أي صداقة هذه وهي تكن له بقلبها حبا تقسم لم تمنحه له واحدة من فتاياته.
بريق عيناها يشهد حين تراه كيف يتألق لأجله وحده. ألا يرى!
قطع استرسال أفكارها رسالة بهاتفها فتفقدتها لتجدها سؤال اطمئنان من زميلها أدم لعدم. حضورها الجامعة ذاك الذي تعتبره من أفضل أصدقائها منذ دخولها الجامعة وغير غافلة عن مشاعره نحوها لكن ماذا تفعل وقلبها معلق بجسار تنهدت ونفضت عنها أفكارها وردت علي رسالته بكلمات مناسبة ثم ذهبت تتفقد عودة أبيها.
اقحمه بالسيارة كاتما ضحكته واستدار أخذا مقعده خلف المقود ليوصل هذا البائس لبيته! 
  أنا عارف انك فرحان فيا يا أشرف وهوريك بس عيني تخف ثم غمغم بسخط والله ما هسيبك يا أنثى ال .... وأطلق سباب بذيء. 
قهقهة أشرف فما عاد له سيطرة على كتم ضحكه وهو يقول حرام عليك تقول عليها كده. 
  أسكت انت مش ناقصك عيوني مولعة الله يحرقها حاسس كأنها رمت عليه شطة.. 
  لا الدكتور قال أن ده اسبراي بيسبب فعلا عمي مؤقت تلاتين أو اربعين دقيقة ثم نظر لساعة يده متهكما فاضلك عشر دقايق ونظرك يرجع يا معلم مبروك مقدما وتعيش وتاخد غيرها. 
صاح بغيظ أقسم بالله ما شوفت أسخف منك فرحان فيا
أجابه ببرود بصراحة أه عشان تتلم وتفكك من حوار البنات ده.. أحمد ربنا إنها ما ضربتكش بال electrec shock
جعد جسار وجهه باستنكار ساخر نعم يا اخويا! وده ايه ده كمان قنبلة نووية.. 
  لأ يا فالح ده صاعق كهربائي يا جاهل بقى مغرق الأرصفة دلوقت في العتبة وشبرا وحلوان كمان أختي معاها واحد في شنطتها بتهددني به لو دخلت البيت من غير ما أقلع جزمتي المطينة وهي منضفة الأرض ساعات بتحسسني إني وباء داخل عليهم البيت. 
ضحك جسار رغما عنه وهو بقول منا عارف بالذات في الأعياد فاكر لما جيت بيتك أول مرة عشان نسهر سهرة العيد وقتها انت وطيت عليا وحذرتني اقلع الشوز بتاعي.
قهقهة أشرف وهو يتذكر قلت الحقك قبل ما تتصعق من أختي المچنونة.
هدأت ضحكة جسار ثم غمغم بشيء من الجدية بس تعرف يا أشرف ليلتها أنبسطت اوي وسطيكم.. حسيت باللي مفتقده في حياتي بالذات ومامتك داخلة علينا بأطباق الترمس والحمص والكحك والبيتي فور اللي معمول بإيديها..ووالدك لما سهر معانا هو وخالك ولعبنا طاولة وكوتشينا.
أشرف ومسكنا فيك تفضل لصلاة العيد بس مارضيتش
  ده انا كنت ابقا وقتها ضيف رخم لو قعدت على قلبكم ده
كله يا بخت من زار وخفف 
ربت علي كتفه برفق أحنا اخوات يا جسار صحيح صداقتنا بدأت في الجامعة وتعتبر مش طويلة بس ربنا يعلم بقيت اخويا وأكتر واستطرد المهم طمني رجعت تشوف ولا لسه 
رمشت أهداب جسار وأشرع عيناه بحذر ثم قال بفرحة مبالغ بها أنا بقيت شايف
يا واد يا أشرف. 
فال بتهكم مبروك ياعم..فاضلك تكة وتصرخ تقول إنها سليمة زي حنظلة في فيلم فجر الإسلام.. 
 بطل تريقة وسوق وصلني البيت. 
  خدامك يا سيدي بس ماقولتليش صحيح ايه اللي حصل مع البنت دي وتعرفها منين صيد جديد يامعلم
  ليه هرمرم على أخر الزمن عشان اصطاد بت زي دي أنا ولا اعرفها ولا شوفتها قبل كده أصلا.. 
  أمال ايه الحوار لما أنت ماتعرفهاش جاتلك ليه يعني مش فاهم
  بسلامتها جاية تحذرني اقرب من سارة صاحبتها ولا قريبتها مش عارف.
  سارة مين دي
  البنت اللي في تانية..اللي مازن غلس عليها واستظرف وانا حوشته عنها..من وقتها وهي بتعاملني اني هيروا ومعجبة بيا أوي. 
  طب وانت مش عاجباك
صمت برهة ثم همس بشرود طفيف حاسس انها ماتنفعش تكون زيها زي غيرها يا أشرف ومعرفش ايه سبب إحساسي ده شعوري الوحيد اللي بيثيره وجودها وقت ما بشوفها بيكون الحماية.. بخاف على البنت دي ومابحبش حد من اصحابنا إياهم يقربلها ويضايقها..لما ده بيحصل بلاقيني بدون قصد ادخل في النص وابعدها.. عشان كده البنت عمالة تتعلق بيا أكتر وأنا فعلا مش مخطط لكده ولا في دماغي والله.
  كلامك غريب أوي..طب مش يمكن بتحبها يا جسار ولسه مش فاهم ده أوقات بتحصل. 
غمغم بذات الشرود معرفش حقيقي مش فاهم نفسي هي مختلفة ومش عايز حد يأذيها وبس.. 
  طيب بما ان أنثي النمر دي حذرتك عشان تبعد عنها هتعمل ايه معاها هتبعد
ومضت عيناه بغموض ونصف ابتسامة عابثة تتجلي على وجهه وهو يهتف لأ مش هبعد.
  ولو جت تهددك تاني
 وقتها هتسلى! وهتبقى هي اللي جت تاني لحد عندي تتحمل بقي دخولها عرين الأسد. 
  جسار.!
توقف مستديرا إليها فدنت يعتريها بعض التوتر   صباح الخير. 
  صباح النور يا سارة فينك يا بنتي غايبة عن الجامعة من كام يوم
  ابدا كنت تعبانة شوية و.. 
ترددت قبل أن تستطرد وبصراحة كنت مكسوفة اجي اكلمك بعد اللي عملته شمس بنت عمي!
شمس
لفظها داخله بتلذذ.. 
إذا تلك النمرة الشرسة تدعي شمس..وابنة عمها أيضا.
واصلت سارة مبررة والله يا جسار ما كنت اعرف انها هتيجي هنا وتكلمك و... 
تلعثمت ولا تدري ماذا تقول فأشفق عليها قائلا 
واضح انها فاهمة الموضوع غلط يا سارة فاكرة ان بنا حاجة.
عصفت عيناها بحزن لتلميحه أنها لا تحتل لديه المكانة التي تشتهيها..بينما يحتل هو كل كيانها وأكثر.
فقالت متظاهرة بعدم الفهم 
أه تقريبا أنا معرفش ليه فهمت كده وليه اتصرفت بالطريقة دي..عموما أنا أسفة على اللي حصل. 
أومأ لها متفهما ثم دعاها ليتناولا فنجان قهوة بكافيتريا الجامعة وافقت وأثناء احتسائها تسائل جسار سارة مش عايزك تزعلي من أخر مرة اتكلمنا فيها..أنتي بجد غالية علية وماحبش اضايقك أتمنى تقبلي نكون أصدقاء بجد.
تجرعت حزنها داخلها وتظاهرت بالمرح 
بس انا أصحابي بعمل فيهم مقالب هتتحمل مقالبي
ابتسم لمزاحها وبسط ذراعيه حوله باستسلام قائلا يا أهلا بالمعارك. 
ضحكت ثم ارتشفا بعضا من قهوتهما ليستطرد يعني هي بنت عمك على كده معانا في الكلية وزيك في سنة تانية 
  لأ هي في كلية تجارة وفي سنة تالتة. 
  يعني بينكم سنة واحدة.. 
  أيوة بس طباعنا مختلفة خالص.. هي متشددة شوية.. بس طيبة أوي وقلبها زي بياض التلج.
  هي فعلا عڼيفة أوي وعدوانية..دي كانت هتعميني. 
 ألف بعد الشړ عليك.
قالتها بلهفة صادقة نفذت لقلبه بشكل غريب..فقلما ما ينال من أحدهم تلك المشاعر الصادقة سوي من جده الحبيب وحده الذي يحبه.
تمتمت لتمحو حماقة لهفتها الواضحة هو انت ليه يا جسار بتتعمد تسقط دي تاني مرة ليك في سنة رابعة..مع إنك ذكي تقدر تعدي بسهولة..
تعجب من فهمها حيلته بتلك البساطة هو بالفعل يتعمد الرسوب لمن ينجح من يهتم لصالحه  
قالت بحرج معلش أسفة لو قولت كلام مالوش لازمة. 
أسرع بالنفي لا ابدا بالعكس انتي قولتي الحقيقة يا سارة.. أنا فعلا بتعمد اسقط.
  ليه
استبق قوله بتنهيدة لأن محدش منتظر نجاحي. 
منحته نظرة عطف وهي تقول ليه بس كده مش مامتك وباباك عايشين الحمد لله
غامت عينه أيوة.
 يبقي عشانهم لازم تنجحوقبل الكل عشان نفسك حرام تضيع عمرك هدر..انت المفروض كنت تبقي معيد ومحقق كيانك..
برقت عينه بنظرة إعجاب أخجلتها وأسعدتها بذات الوقت.. فقال مثنيا على حديثها العقلاني شكلك أنضج من عمرك الحقيقي.
  طب قول لبنت عمي اللي دايما شايفاني عيلة وهبلة. 
ابتسم لخفة ظلها سيبك منها بجد كلامك ناضج.. 
وبالنسبة للي قولتيه عندك حق.. بس يمكن ناقصني احس بالمسؤلية.. وان حد يهتم فعلا اني انجح.. 
  حب نفسك وشوفها بعيونك وانت هتحس بقيمتك وتنجح وبعدين مش يمكن انت ظالم والدك ووالدتك وفاهم غلط
  سارة.. 
التفتت لزميلها الذي قاطعهما ملبية أهلا يا
أدم..
رمق الأخر بنظرة غامضة ثم قال صباح الخير يا جسار عامل ايه
  الحمد لله.. اتفضل يا آدم اشرب معانا قهوة
  شكرا..أنا كنت عايز سارة في حاجة.. 
نهض جسار قائلا ماشي أنا أصلا كنت ماشي عشان أول محاضراتي هتبدأ..سلام..
ابتعد ليشيعه آدم بنظرة غيرة واضحة وهو يجلس أمامها ويتأملها مطولا
دون وعي لتتنحنح هي قائلة خير يا أدم..كنت عايزني في ايه..
أظهر بعض الأوراق المعقوصة بدبوس صغير وتمتم دي المحاضرات اللي فاتتك يا سارة..عملتلك منها نسخة.
حدجته بامتنان كبير وقالت بجد كلك ذوق مفيش مرة احتاجك إلا أما الاقيك من قبل حتى ما اتكلم.. كنت لسه هشوف حد واخدهم منه. 
قال بحمية تليق به حد ليه وانا موجود ثم حاصرها بنظرة دافئة المهم طمنيني عليكي بقيتي كويسة دلوقت
هزت رأسها زي القردة اهو قدامك ماتقلقش
طمني انت أخبارك ايه 
  الحمد لله بخير.
  ناوي تشتغل في الأجازة
  أيوة طبعا عشان اساعد نفسي.. بابا أخره معانا للثانوية وبعدها لازم ننطلق..أخويا الكبير اشتغل وقت الكلية في ورشة لحد ما اتخرج..وده فاده جدا لأنه أخد خبرة في ميكانيكا السيارات. 
  افهم من كده إنك هتشتغل في مكتب محامي مثلا
  بالظبط.. وفعلا اتفقت مع مكتب محامي كبير هبدأ معاه..
  طيب ممتاز انك هتشتغل مع حد كبير كده وتاخد منه خبرة. 
  بصراحة اخويا اللي فادني عن طريق الصدفة لما جاله زبون محامي في نفس المكتب أتوسط ليا وأخدلي معاد وقابلته والدنيا مشيت.. 
ابتسمت له بود أنا مبسوطة عشانك جدا يا أدم..انت شاب جد ومكافح وعايز تبني نفسك..متهيئلي حتى لو والدك موفرلك كل الإمكانيات المادية كنت برضو هتمشي طريقك بنفسك
أثلج صدره صورته بعيناها وغمغم بعمق لو تعرفي الكلمتين اللي قولتيهم دول فرحوني ازاي كنتي تاخدي مني فلوس.
قهقهت عاليا لدعابته وقالت والله انت بكاش يا آدم يلا بقي نلحق أول محاضرة
________________________________________
بدال ما الكلام ياخدنا.. 
رواية صړخة على الطريق 
بقلم ډفنا عمر 
الفصل الثاني
أتى جسار لتوه من سهرة قضاها وسط رفاقه وگ عادته مل سريعا من كل ما يثرثرون به وكثيرا ما تعجب ذاته لتناقضه الجلي هو بإرادته يغرق وسط عالمهم الفارغ كأنه بصحبتهم يشتت عقله ويلهيه عن تساؤلات كثيرة تؤرقه وتخيفه خوف مبهم لا يعرف منبعه لكنه راسخ في خبايا روحه يجتاحه حتى في تفاصيل أحلامه حين يغفو ويا ويله لو تسلقت تلك الأحلام جدار واقعه وتحقق ما يخيفه. 
لم يحتاج للبحث عنه حتما سيجده في مكانه المفضل فذهب إليه وطرق باب مكتبه طرقتان قبل أن يعبر إليه وهو مشتاقا رؤيته وقال 
  السلام عليكم يا جدي.
رفع الأخير عويناته الطبيه بوقار وجسار يقترب إليه ملتقطا كفه ملثما إياه بتقدير فربت الجد نادر علي رأسه وهو يقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخبار ايه يا حبيبي
  الحمد لله يا جدي تمام. 
بعتاب مبطن و دراستك تمام برضو ولا ناوي تسقط السنادي كمان يا جسار
ابتسم الأخير بحرج لتلميحه بالتقصير وقال أوعدك يا جدي انجح عشان افرحك. 
غمره الجد بنظرة حانية وغمغم يا ابني انا عايزك تهتم بمستقبلك وتكون ناجح عشانك انت أولا وعشان أنا وابوك وأمك وأخوك نفتخر بيك.
رغما عنه ابتسم بمرارة ساخرة انت متأكد ياجدي ان بابا وماما بيفكروا فيا أصلا ده مافيش مرة ينزلوا أجازة غير لما نلح عليهم..بقالهم أربع سنين مانزلوش مصر من أخر أجازة وعمر ما حد فيهم قالي ذاكر ولا خد بالك من نفسك..كل اهتمامهم بأخويا رائف وبس كأنهم نسيوني في غربتهم. 
وواصل بنبرة حزينة أظهرت بعضا مما يعاني 
محدش بيحبني غيرك انت يا جدي..
انفطر قلب الجد لسماع ما قاله متفهما الفتور الذي ينخر علاقته بوالديه هو ذاته يشتهي عودة أبنه الوحيد بشكل نهائي قبل أن ينفذ أمر الله وقد بلغ من العمر عتيا..فلم يبقى له مثل ما مضى ليعيشه ولا يريد رحيلا وروحه تطوق لضمة أبنه الوحيد.
تنهد نافضا عنه أفكاره ثم ربت على كتف حفيده ربتة دعم ماتقولش كده وتزعلني منك يا جسار انت عارف ماما وبابا بيحبوا شغلهم قد ايه واتعودا على العيشة هناك في البلد اللي شغالين فيها واخوك قريب هينزل عشان ياخد جامعته من هنا وتشبعوا من بعض وبعدين أنا أصرت معاك يا ولد
قبل رأسه ومحبة واحترام جده تحتل قلبه وروحه متقولش كده يا جدي أنا من غيرك ما اسواش حاجة..أنت أغلى شخص عندي في الدنيا.
جانب وجهه مغمغما بحنان لو فعلا بتعزني وغالي عندك يا جسار.. اتخرج السنادي من كليتك وفرحني.. واهو مكتب المحاماه بتاعك جاهز ومنتظرك في أفخم مكان في البلد. 
أومأ له أوعدك ياجدي..هنجح عشان افرحك هكون محامي ناجح وارفع راسك واستطرد قولي بقى اتعشيت ولا لسه
  لسه.
  خلاص هقول لدادا سيدة تحضرلنا عشا وانا هاخد شاور وارجعلك احكيلك عن الموقف اللي حصل معايا الأسبوع اللي فات من أنثي ال.. 
انتبه جسار أن الكلمة غير لائقة علي مسامعه جده فتراجع مع قوله أنثى عجيبة جت الجامعة
تهاجمني بشكل غريب لدرجة كانت هتعميني.
أنزعج الجد صائحا بعد الشړ عليك يا حبيبي..ليه حصل ايه عسان تهاجمك
  منا هحكيلك يا دوك واحنا بنتعشي دقايق وراجعلك. 
بعد تناولهما العشاء سرد عليه جسار الصدام الذي حدث مع تلك الفتاة الشرسة شمس لتصدح قهقهة الجد وهو يقول بإعجاب طب والله عفارم عليها البنت دي..عرفت
توقفك عند حدك يا ولد.
جيار باستنكار ياجدي بقولك كانت هتعميني بالبتاع اللي رشته على عيني..ثم قال ببعض العبث ده انا كل اللي عملته إني قربت خطوة من وشها عشان اختبر تأثيري عليها مش أكتر. 
  واختبرته يا فالح أهي زي النحلة كانت هتلدغك.. 
وواصل بتوبيخ أسمع يا جسار بعيدا عن الهزار..بلاش علاقاتك مع البنات دي بقى يا ابني.. اتقي الله عشان لما تتجوز في المستقبل ربنا يرزقك ببنت كويسة تشيل أسمك وتصونك.. 
  والله بسلي وقتي يا جدي وهما اللي بيتلموا عليا أنا مالي.. 
قرص الجد وجنته بمرح لأنك شاب حليوة وشعرك مسبسب علي جبينك.
ضحك وهو يجيبه طب وده ذنبي يا دكتور نادر
  لأ لكن مش مبرر لاستهتارك ده..أعقل انت هتبقي متر محترم فيما بعد..
نهض جسار مشيرا لطوله بمزاح كل طولي اللي قدامك ده وتقولي متر ياجدي
قهقه له خلاص خليها متر ونص ولا تزعل يلا بطل لماضة ورغي وسبني أطلع أوضتي انام عشان كده سهرت جدت وبكرة عندي عملية مهمة.. 
  ماشي يا دوك.. ربنا يوفقك.. 
  اللهم امين تصبح علي خير يا حبيبي. 
  وأنت من أهل الخير ياجدي.
صعد لغرفته والنوم يجافيه هم بالاتصال بوالديه ثم توقف بتردد..شعور الڠضب منهما نغز قلبه وهو لا يشعرون أن الفجوة بينهم تتضخم كل يوم.. لا يعرف كيف كان سوف يصبح حاله لولا وجود جده في حياته..هو لمسة الحنان والحب الحقيقية والوحيدة التي تروي أرضه القاحلة المتعطشة لدفء أبويه.
أستقر به الأمر بأن هاتف شقيقه رائف واطمئن عليه.. وبعد مكالمة قصيرة بينهما أغلق معه ثم زفر بقوة واستلقي فوق فراشه وأغمض عينه ليجلب لروحه بعض الاسترخاء والنوم للعجب ودون أي تفسير أقتحم وجه تلك الفتاة الشرسة صفحة خياله بأكملها حتي صارت ملامحها واضحة بشدة..حدقتاها السوداء ونظرتها الباردة طريقتها وهي تحدثه بكبرياء وقوة لم يصادفهما قبل بين من عرفهن..حاول خياله أن يجملها برتوش من لمسات وهمية..ماذا لو اكتحلت وتكثفت أهدابها وضعت أحمر شفاه وحمرة بخديها حتما سيبرز جمالها المختبيء خلف أستار فطاظتها وحدتها ربما لو فعلت تروقه وتستحق أن.!
انقطعت أفكاره وأشرع عيناه سريعا وقد شعر بانجراف غريب وغير مبرر لمشاعره نحوها والتفكير الغريب بها.. فغمغم لذاته بخفوت هو ده تخريف قبل النوم ولا ايه أحسن حاجة اقوم أكلم الواد أشرف ارغي معاه شوية لحد ما انام..
وبهذا الطرح المثالي لعقله تأهب وضغط رقمه. 
أخترق مداركها صوت الهاتف تناولته ومازالت غائبة عن الوعي ألو مين 
  صباح الخير يا سارة انتي لسه نايمة يا بنتي في عندنا محاضرات بدري صحصحي واجهزي يلا..
انتبهت قليلا لصوت زميلها وغمغمت صباح الخير يا آدم..طيب ماشي هقوم اهو. 
  تمام منتظرك بس اوعي تفطري عشان هجيب معايا سندويتشات فول وفلافل من اللي بتحبيها.. 
هتفت مبتسمة بإدراك أكثر لا ده انا كده هاجي بسرعة..
  خلاص منتظرك سلام. 
  سلام يا صاحبي. 
صاح حانقا سارة.. قولت بلاش كلمة صاحبي دي. 
مزحت بقولها خلاص ياعم بالراحة عليا خليها صديقي مادام عايزها بالفصحى يا سي أدم. 
هز رأسه بيأس طب يلا عشان ما تتأخريش.. 
  لا ماتقلقش هتقفل تلاقيني وراك
  ليه عفريتة
  لأ سارة يا خفيف سلام.
ابتسم وهو يغلق الهاتف وتمنى أن يجمعه بها رباط العشق الذي يكنه لها يوما من الأيام لا رباط الصداقة والصحوبية التي لا يعترف بها في عرفه بين الشاب والفتاة هي تمثل له مكانة أكثر أهمية من هذا.
وليتها تدري ان هذا سبب حنقه حين تخاطبه صاحبي..تنهد ونهض ليستعد هو الأخر للمغادرة. 
بشهية واضحة راقبها وهي تلتهم قطعة خبز محشو فلافل وتغمغم طعمها تحفة يا آدم.
التسم بمسحة حنا رغم مزاحه بألف هنا.. افتكري الجمايل وإن خيري عليكي.. 
 أنت هتعايزني طب منا بعزمك على كابيتشينو.. 
  أيوة بأمارة ما بدفع أنا في الأخر.. 
ضحكت مع قولها لأن أنت اللي بتصمم وتقولي انا راجل ولازم ادفع بس أنا ماليش دعوة أنا نيتي بتكون اني اعزمك وادفع.. 
قال ساخرا والنية أهم طبعا..
واستطرد ببعض الجدية المهم صالحتي شمس لا لسه زعلانين مع بعض
  يا ابني انا وبنت عمي ما بنتخاصمش أكتر من يوم. 
  طب مش هتقوليلي زعلتوا ليه أصلا
أبعدت الشطيرة عن يدها بلمحة حزن وتذكرت سبب اختلافهما وهمست لأنها ساعات مش بتفهمني يا أدن شمس بتعامليني علي اني لسه صغيرة مع إن الفرق بينا سنة واحدة لكن بتحسسني انها أمي..واني دايما مش عارفة مصلحتي وانها أعلم مني وده شياربيستفزني جدا في علاقتنا.
  ماتنكريش ان شمس فعلا ناضحة وعاقلة كتير.. وبعدين هي بتحبك وپتخاف عليكي يا سارة. 
  عارفة والله ومعنديش شك في ده عشان كده تاني
يوم صالحتها واتفقنا علي تظبيط يوم عيد ميلادي الأسبوع الجاي.. ثم تسرب إليها الحماس أنا هعمل حفلة لكل أصحابي في النادي تغيير عن حفلة البيت زي السنة اللي فاتت ايه رأيك يا أدم
أومأ ببساطة هي فكرة مش بطالة..وهتعزمي مين 
  يعني أصدقائي اللي انت عارفهم وولاد عمي أخوات شمس..وماما وبابا وعمو..
وأنت طبعا أساسي يا آدم.. 
رمقها بنظرة شاردة قبل أن يتسائل بترقب وجسار
تجرعت ريقها ببعض التوتر ولا تدري حقا..هل تدعوه وتتحمل زوبعة خصام ولوم وتقريع جديدة من شمس أم تتغاضي عن ذلك
  مش عارفة المرة اللي فاتت اعتذر ممكن اجرب واعزمه من باب الذوق يعني.
أومأ لها محبطا وقد تمني ألا تفعل لكن لا سلطان له عليها ولا يقدر علي منعها.
قاطعت شروده القصير وقالتأبقى جيب معاك اخوك الصغير رامي كمان يحضر عيد ميلادي.. 
  إن شاء الله يا سارة.. وكل سنة وانتي طيبة.. 
  وانت طيب يا أدم..يلا بينا بقى عشان المحاضرة هتبدأ
  يلا بينا بس بعد المحاضرات تعزميني على كابيتسينو أنا فطرتك بلاش ڼصب. 
قهقت وهي تسير جواره أنسي ازاي وانت في الحالتين هتدفع. 
تعجب وهو يلقي تساؤله ليه وافقت تروح عيد الميلاد الأفضل مادام البنت متعلقة بيك تبعد عشان مشاعرها ما تكبرش ناحيتك. 
  مقدرتش أكسفها يا أشرف بعد ما شوفت في عيونها رجاء هزني لقيتني بوعدها احضر وكمان قولتلها انك هتكون معايا.. 
صاح باستنكار كمان طب وأنا دوري ايه في الموضوع ده ولا عايز تدبسني وخلاص في هدية لبنت الأكابر وتخرب بيتي يا بارد !.
لكز كتفه صائحا ياعم أهدي علي نفسك شوية أنا هجيب الهدايا وانت بس تعالي بصراحة حبيت يكون حد معايا لأن معرفش هلاقي حد اندمج معاه هناك ولا لأ.. 
  واخدني اسليك يعني! 
  ماتبقاش بايخ بقي يا أشرف..هتخسر ايه لو جيت معايا..وبجد مش حابب أكون لوحدي. 
تنهد مرغما بقوله أمري لله يا قدري هاجي معاك يا سارق قلوب العذارى
جسار بتهكم أنا ما سرقتش حاجة يا اخويا هما اللي قلوبهم متاحة للسړقة طول الوقت..
  وأنت حنين مابتكسفش حد. 
غمزه بمرح منا قلبي ضعيف صاحبي. 
ردد ساخرا أنت هتقولي! المهم هتوصلني انهاردة ولا هتستندل زي امبارح
  ده سؤال تسأله برضو يا أشرف هستندل طبعا.. أصلي هعدي على جدي في العيادة..
  ماشي يا أصيل. 
كما توقعت دعوتها لجسار أثارت ڠضب شمس التي صاحت حانقة برضو عملتي اللي في دماغك يا سارةأنا مش فاهمة ليه عزمتي البني آدم ده على عيد ميلادك خلي عندك كرامة.. 
  طب حسني كلامك شوية بلاش الدبش اللي بيطلع من لسانك ده ياشمس وكرامتي محدش يقدر يمسها 
جادلتها
________________________________________
بحدة أمال تسمي اللي بيحصل ده ايه واحد عارف انك بتحبيه وهو قالك مابحبكيش وبعتبرك اختي تقومي تعزميه في مناسبة زي دي بتتقربي منه ليه يا سارة عايزة افهم
رمقتها بضيق وتجاهلتها دون إجابة ثم توجهت نحو خزانتها و التقطت الثواب الذي ستحضر به الحفل..
فلانت ملامح الأخيرة واقتربت مغمغمة سارة أنا مش قصدي ابقي فظة وازعلك بس أنا خاېفة عليكي أوي..الشاب ده سمعته معروفة في الجامعة كلها انه بتاع بنات..ممكن يكون بيمثل عليكي انه تقيل عشان يجرك زي ما قلت قبل كده أصلا مش ده اللي يستحق قلبك الغالي يدق له.
تركت ثوبها وغمغمت بشخوص هامسة في حاجة بتجذبني ناحيته مش فاهماها يا شمس..دايما عايزة اطمن عليه.. مش عايزة منه حاجة اكتر من اني اشوفه يمكن مشاعري دي مجرد انبهار هينتهي بعد كده..صدقيني مش عارفة.. ومتأكدة انه مش بيمثل ويخدعني بالعكس جسار بېخاف عليا فعلا.. بشوف في عيونه حنان غريب ياشمس مستحيل يكون مصطنع.. وبعدين سيبك من اللي بيتقال عليه في الجامعة هو في شاب في وقتنا ده ما بيصاحبش بنات مش يمكن صداقته للبنات دي وراها مشكلة في حياته
ثم جلست علي طرف الفراش مستطردة بذات الشرود مرة سألته ليه بتتعمد تسقط رغم انك ذكي وتقدر تنجح بتقدير عالي رد وقالي لأن محدش منتظر نجاحه.. البؤس اللي حسيته في نبرة صوته ۏجع قلبي حسيت لحظتها اني عايزة اطبطب عليه..!
تسرب لنفس شمس مسحة من الشفقة لما ذكرته عنه ربما لديها حق انه بعبثه مع الفتايات يسد فراغ ما داخله من يعلم..فحقا ظواهر الأشخاص ليست المقياس المنصف للحكم عليهم..
  خلاص يا سارة أهو يوم وهيعدي بس عشان خاطري بلاش تسيبي نفسك لتأثيره يسحبك ويعميكي عن اللي المفروض تشوفيهم وتهتمي بيهم.. 
التفتت لها مضيقة حدقتاها تقصدي ايه مين اللي المفروض اشوفهم واهتم بيهم
تنهدت وهي تلاحظ حب زميلها آدم لها عيونه تكشفه بشكل لا تخطئه عين إلا تلك الحمقاء غافلة عنه ومتشبعة بحب لن تنال منه سوى شقاء..
  مقصدش حد معين يا سارة بتكلم بشكل عام..عموما اجهزي بقا عشان نروح النادي قبل ما أصحابك يبتدوا يجوا.
  طب وانتي 
  أنا ايه
  هتلبسي ايه يا شمس 
 أنتي عامية يابنتي منا لابسه وزي الفل اهو
سارة باستنكار نعم هتحضري عيد ميلادي كده
بجينز يا شمس
ردت بلا مبالاة بقولك ايه يا ست المسهوكة انتي خليكي في نفسك أنا كده عاجبة نفسي.
تحفزت سارة وهي تجذبها عنوة نحو الخزانة والله ما هسيبك تحضري كده ابدا أشمعني انتي مطلعة عيني نقد ونصايح كل شوية! مش ده عيد ميلادي يبقي هتلبسي اللي هختاره واعتبري ده هديتي. 
صاحت بحنق
وهي تبتعد عنها سارة اطلعي من دماغي انا كويسة كده انتي عارفاني بحب البساطة..
فاجأتها سارة بوصد الباب محذرة مفيش خروج من هنا يا شمس غير لما تكون ةي زي منا عايزة أما أشوف دماغي ولا دماغك يا بنت العم.
اقترب من موقع النادي الذي أرسلته له زميلته فمال على شقيقه الأصغر رامي حبيبي أوعي تتشاقي هناك في العيد ميلاد عشان ما ازعلش منك.. 
الصغير ببراءة متخافش يا آبيه أدم هكون هادي والله.
قبل وجنته بحنان أيوة كده حبيب أخوه المؤدب.. 
ثم حدث السائق أقف هنا يا أسطى.. 
وهبط بعد أن أنقده أجرته وتوجه للداخل مخبرا حارس البوابة الرئيسية أنه إحدي المدعوين.
صاحت سارة بعد أن لمحته آدم.. 
الټفت إليها لتشتعل عينه إعجاب لهيئتها الفاتنة والمحتشمة الأنيقة بآن واحد.. كل سنة وانتي طيبة يا سارة قالها بثبات محاولا إخفاء انبهاره لتجيبه برقة مهلكة وانت طيب يا آدم.. ثم نظرت للصغير أزيك يا رامي عامل ايه يا حبيبي.. 
تمتم بتهذيب الحمد لله يا طنط. 
  تعالى هخليك تلعب مع الولاد هناك عشان تتبسط معاهم..ثم قالت للأخر دقيقة وراجعالك عشان تسلم على ماما وبابا والباقيين. 
راقبها وهي تبتعد وقلبه يتواثب بين ضلوعه حبا لها..ثم تجول سريعا بين أرجاء النادي وأدرك مدى فخامته.. مؤكد الاشتراك في مثله يحتاج مبلغا باهظا كل عام.. تنهد بحزن والفرق الشاسع بينهما يزيد الأمر صعوبة داخله .. كيف يصل لنجمة تتوسط السماء مثلها وأجنحته يحجمها الفقر ولا تقدر علي التحليق..
  أنا جيت يا آدم تعالى أعرفك علي أهلي وولاد عمي
ذهب خلفها وبعد أن تصافح مع عائلتها تفاقم يقينه أن المسافة التي تفصله عن حلم ارتباطه بها ليست هينة على الأطلاق مع عائلة بهذا الثراء.
عيناها تتفقد اتجاه البوابة الرئيسية بقلق علها تلمحه أتيا كما وعدها..أمعقول أن يخلف وعده ولا يأتي 
  سارة مش يلا بقي عشان نطفي الشمع يا بنتي. 
ألتفتت لوالدتها وقالت معلش كام دقيقة كمان يا ماما في ناس أصحابي لسه مش وصلوا..
عادت ترصد الزاوية المقصودة باهتمام والعبوس الشارد يكسوا وجهها حتى تدفقت دماء الحياة بوجهها ثانيا وهي تراه يتقدم نحوها مع رفيقه فلم تصبر أن يدنوا منها والتهمت الخطوات الباقية بينهما قائلة سريعا أتأخرت ليه يا جسار افتكرتك مش جاي.. 
قيمها بنظرة سريعة فتجلي الإعجاب من مقلتيه وهو يهتف أولا أنا أسف اني خليت الجميلة تنتظر.. وثانيا التأخير بسبب الاستاذ اللي قدامك ده.. 
وأشار لصديقه أشرف فنفضت عنها فرحتها الطاغية بأطراءه ثم رحبت بالأخر أهلا بيك يا أشرف وشكلك هتتعاقب عشان اتسببت في التأخير ده.. 
  لا والله مش بمزاجي حصل حاجة في البيت أخرتني وقولتله يروح هو بس مرضيش.. 
قالت بتهذيب لأ ازاي حضورك مهم طبعا.. 
جسار كل سنة وانتي طيبة يا سارة.
ضوي وجهها وهي تجيبه وانت طيب.. 
يلا بقى عشان يدوب نطفي الشمع.. أنا أخرتهم مخصوص لحد ما توصلوا..
رصدت عين آدم الحزينة كل شيء من بعيد من أول ترقبها لوصوله حتي لهفتها حين بصرته أتيا هو ورفيقه..وجهها الذي أشرق وهي تحدثه أدمى قلبه.. كل شيء كان گ طعڼة غائرة في خافقه أنزوى بعيدا عن التجمع وفضل أن يختلي بنفسه بضعة دقائق حتي يمضي صخب الاحتفال ثم يستأذن ويغادر مع شقيقه. 
أما هي فدارت عيناها بين الجميع تنبش عنه فلم تجده همت بمواصلة البحث فأوقفتها والدتها وأصرت أن تبدأ الاحتفال الأن فاضطرت لطاعتها.
بعد شدو الجميع لها وتهنئتهم تلقت سارة الهدايا حتى جاء دور جسار فتنحي بها بعيدا نوعا ما وقال بصراحة أنا احترت اجيبلك ايه هدية..في الأخر اشتريت حاجة معرفش هتحبيها ولا هتضحكي عليها بس اتمني تعجبك. 
أشعل فضولها لتقول شوقتني يا جسار. واطمن أي حاجة منك هتعجبني أكيد..يلا وريني جبت ايه
أعطاها حقيبة ملونة تفقدت داخلها سريعا لتشهق مع قولها الله.. عروسة 
ابتسم بشيء من الخجل يعتريه عارف انها حاجة عبيطة بس بعد ما فكرت كتير لقيتني من غير ما احس بختارلك حاجة كان نفسي يبقى عندي أخت عشان اشتريها ليها..
ومضت عيناها بتقدير رغم وخزة قلبها لافتراضه الدائم أنها في مكانة شقيقته وقالت ولو قولتلك ان هديتك مميزة فعلا وعجبتني جدا واللي ماتعرفوش ان اللي قدامك دي عيلة اوي وپتموت في العرايس لحد دلوقت.. أنا عندي عروسة كبيرة جنب سريري بحب وانام.. بس من الليلة دي عروستك هتحل محلها.. 
لمعت عينه بسعادة ورضا لنيل هديته إعجابها. 
سارة
الټفت كليهما لشمس التي رمقته بضيق بينما برقت هو عينه لرؤيتها بطلة ثرية بأنوثتها ومغايرة لما كانت عليه حين أتته..مشطها بتروي متعجبا أنها هي ذاتها.. كأنها أصبحت أنثي ال..!
  الكل بيسأل عليكي عشان
يقدموا الهدايا.. ياريت حضرتك تفضي لضيوفك الأهم شوية..
ضغطت على كلمة الأهم لتصل رسالتها الفظة لجسار الذي رمقها ببرود وإن كان تأثر قليلا بهيئتها الأنثوية تلك.. 
تذكرت سارة شيئا فقالت وهي تسرع يا نهار ابيض أنا نسيت اشوف آدم هروح ادور عليه أحسن يكون مشي وبعدين هرجع للضيوف..ثم نظرت له سوري ياجسار
شوية وراجعة عشان اعرفك علي ماما وبابا..
مكثا يتراشقا النظرات هي ترمقه بنفور واضح بينما هو ينظر لها بتسلية ثم اقترب خطوتين محافظا على مسافة آمنة تعرفي انك طلعتي مش بطالة بلوك البنات!
أسدلت علي وجهها قناع اللامبالاة وهي تقول دون اكتراث وتعرف ان رأيك ده مايهمنيش خالص
أومأ مبتسما وهو يؤكد مش بس عارف ده أنا متأكد إنك مش طيقاني بس مش غريب تعامليني بالعدوانية دي وانتي ماتعرفنيش 
غمغمت بامتعاض سماهم على وجوههم.. وانا كده قلبي بيحس بالكدابين.. 
  وأنا كدبت عليكي في ايه
  ماتقدرش تكدب عليا لأن عمر ماهيكون في بنا علاقة من اي نوع.. لكن بتكدب على بنت عمي.. 
  ماشي.. كدبت في ايه برضو استغليت مشاعرها مثلا أظن موقفي معاها واضح جدا. 
  مش يمكن بتمثل عشان تجذبها ليك أكتر
  بس انا مش بمثل ولا بخطط اعلقها بيا أنا فعلا بعزها زي أخت وصديقة صدقتي ده أو لأ.. انتي حرة رأيك مش فارق معايا..عن أذنك..
ظلت ترمقته بنظرات مشټعلة تكاد تحرقه حړقا لتركها هكذا وهمهمت بكلمات ساخطة ثم ذهبت لتنضم للجميع..يكفي ما أخذه ذاك العابث من وقتها. 
أشرف أنا شايف الشرسة بتبصلك بعد ما مشيت وشايطة منك قولتلها ايه ولعها كده
جسار دون اكتراث ولا حاجة هي اللي طبعها ڼاري كده وډمها تقيل ومسترجلة مهما اتزينت و لبست واتشبهت بالبنات.. 
  لا بس ماتنكرش يا جسار انها حلوة انهاردة. 
  يبقي البعيد اعمي. 
ضحك مصفقا كفيه والله انت اللي مفتري طب المهم سارة عجبها هديتك
  أيوة عحبتها جدا الحمد لله. 
غمغم بفضول طب انت جبتلها ايه
رد بفظاظة مايخصكش..
أشرف بامتعاض جلف. 
جسار ببرود وأنت حشري. 
أخيرا وجدته عند زاوية المسبح فذهبت إليه قائلة آدم.. ليه واقف هنا لوحدك مش لقيتك وانا بطفي الشمع كنت هسيبهم وادور عليك بس ماما عطلتني واضطريت اروح معاها.. 
قال لها بنبرة هادئة رغم ضيقه ة أسف يا سارة حسيت بصداع قلت ابعد عن الزحمة
  ألف سلامة عليك. يا أدم هجيبلك قرص مسكن بس لازم تدوق من التورتة الأول..وفين رامي أخوك
  لسه هناك بيلعب مع الولاد.. 
  طب تعالي نجيبه عشان ياخد نصيبه من التورتة هو كمان.. 
  استني يا سارة لحظة.. 
ثم أخرج من جيبه شيء لامع وقال كل سنة وانتي طيبة.. دي حاجة بسيطة يارب تعجبك.
ابتسمت وفصلت طرفي العلبة لتجد ساعة رقيقة ذات فصوص لامعة تبرق تحت الأضواء اخرجتها وهي تهتف بانبهار الله يا آدم.. ساعة تحفة بجد شكرا.. 
وحاولت أن ترتديها أمامه لتثبت له أنها راقتها فشلت أن تتجاذب طرفيها وتغلقهما فقال بعد ادنك أساعدك 
أعتراها الخجل لطلبه فأسرع بقوله مش هلمس إيدك والله مټخافيش.
غمغمت بحرج معلش بعدين هلبسها لأن ممكن تقع من غير ما أحس وبجد ذوقك يجنن يا آدم ومش عايزاها تضيع.
أومأ بتفهم ومضي معها متوجهين حيث الصغير..الذي أخذ نصيبه من الحلوى ثم استأذن معه للمغادرة بعد أن صافح والديها وعائلتها ثانيا والتي رغم ثرائها أبدت ودا ولطفا شديد..أما أبناء عمومتها حمزة
________________________________________
وريان كانوا شديدي التواضع والألفة معه. 
مضي الوقت وحسه أشرف علي المغادرة ليتفق معه جسار برغبته وغمغم فور رؤيتها 
  كل سنة وانتي طيبة مرة تانية يا سارة ودلوقت اسمحيلنا نستأذن أنا وأشرف.. 
  ليه تمشوا بدري ياجماعة
جسار معلش عشان لسه هوصل أشرف ويدوب ألحق جدي اطمن عليه لأنه بينام بدري.. 
أشرف عقبال مليون سنة وتبقي محامية قد الدنيا
  شكرا ليك جدا وحقيقي مبسوطة بحضورك..طيب تعالوا سلموا علي بابا وماما عشان تتعرفوا عليهم قبل ما تمشوا. 
.....
  ماما بابا.. زمايلي في الجامعة جسار وأشرف عايزين يسلموا عليكم قبل ما يمشوا..
بادرت والدتها أهلا بيكم يا ولاد شرفتونا أنهاردة.
تبادل معها جسار وأشرف التحية بتهذيب وحان دور والدها الذي رحب بهما ثم توقف عند أسم جسار وقال قصدك إن جدك يبقى دكتور نادر السماحي صاحب مستشفى.. اللي في المعادي 
أكد له بإيماءة هاتفا أيوة حضرتك يبقى جدي.. 
هز رأسه بتفهمأيوة عشان كده شبهت علي الأسم..عموما اتشرفت بيكم يا ولاد طب اتفضلوا.. هاتي يا سارة أطباق التورتة والجاتوه لزنايلك.. 
جسار لا لا معلش لازم أمشي عشان اطمن على جدي.. 
أشرف وتتعوض مرة تانية إن شاء الله.
ذهبوا فشردت سارة بأثره وقلبها يرفرف انه كان هنا لتنكزها شمس شوفي أصحابك وبطلي سرحان يا اختي خلاص السمج بتاعك مشي. 
حدجتها زافرة بحنق يا ساتر عليكي يا شيخة اتفضلي قدامي يا ست شمس.
وانتهى الحفل بسلام وسارة سعيدة بزيارته معانقة بحب الدمية التي أحضرها جسار وأخيرا استسلمت للنوم مبتسمة. 
لكن هل يبقا الوضع هادئا كما يبدو
أم ينتظر الجميع زوبعة سوف تتمخض عنها الأيام القادمة 
رواية صړخة على
الطريق 
بقلم ډفنا عمر 
الفصل الثالث
بعد مرور ثلاث سنوات.
في قاعة المحكمة وقف جسار صادحا صوت دفاعه بقوة مثيرا كل النقاط التي حددها لدعم موكله لتأتي النتيجة في صالح الأخير وهو ېصرخ بهتاف هز الأرجاء حوله من فرط انفعاله يحيا العدل يحيا العدل ينصر دينك يا سعادة القاضي. 
ثم هرول محامية بقوة إلهي يعمر
بيتك يا استاذ.. جبتلي حقي في وولادي وهيرجعوا .
ربت عليه بود والراحة تغمر روحه بعد أن كان وسيلة لعودة حق ذاك الرجل الطيب مبروك وده حقك ورجعلك انا مجرد سبب.
حاول الرجل أن يلثم كفه بتقدير فنزع جسار يده سريعا استغفر الله العطيم.. ليه كده يا راجل ياطيب ده كله توفيق من ربنا..يلا روح استعد عشان تاخد ولادك وألف مبروك..
غادر قاعة المحكمة مرورا للخارج هابطا الدرج ثم استقل سيارته ونشوة انتصار خاصة تحتل كيانه.. أخيرا وجد لحياته قيمة بين أرجاء تلك القاعة وهو ينصر المظلوم بتوفيق الله ويعيد الحقوق المهدورة.. رغم انه مازال حديث العهد في ممارسة المحاماة إلا أن صيته بدأ يبلغ الأفاق وانهالت عليه قضايا كثيرة ومعقدة نجح بأغلبها إلي الآن ومازال طريقه حافل بالمزيد من النجاحات.
عاد لمكتبه ملقيا التحية على الفتاة ثم قال في حد سأل عليا يا ميس
قالت وهي تهرول خلفه داخل مكتبه أيوة جسار بيه..في زباين جديدة حددت ليهم مواعيد مناسبة.. وكمان صاحب قضية ... عايز يقابل حضرتك ضروري بيقول في أمور جدت هتقوي موقفه في القضية.. وفي كمان زبونة عايزة تقابل حضرتك انهاردة وبتقول قضيتها صعبة. 
  تمام انا قدامي ساعتين اللي يجي هقابله
طيب واستاذة سارة موجودة في مكتبها 
  لا حضرتك راحت تخلص أوراق مهمة وأستاذ أدم لسه ماشي من شوية لكن استاذ أشرف في مكتبه ومعاه زبون.. 
 تمام اطلبيلي فنجان قهوة مع مسكن الصداع هيفرتك دماغي..
  ألف سلامة علي حضرتك..حالا هجيبهم.. 
وواصلت بفخر وألف مبروك لحضرتك..مش غريب عليك مكسب جديد ينضاف للقصايا اللي ربحتها
ابتسم بتواضع الحمد لله يا ميس.. يلا الحقيني بالقهوة والمسكن 
  حالا يافندم.
ابتلع قرص المسكن واحتسي قهوته ثم ارتد للوراء مسترخيا علي ظهر مقعده يحاول نيل بعض الهدوء. سمع طرقا علي الباب تبعه دخول ميس 
الست اللي طلبت تقابل حضرتك انهاردة وصلت ومعاها واحدة تانية.. 
استعاد نشاطه معتدلا بجلسته تمام خليهم يتفضلوا. 
عبرت سيدة تلقى التحية تصحبها فتاة ما أن أبصرها جسار حتى أهتزت أهدابه پصدمة للحظات قبل أن يتمالك رباطة جأشه من جديد مخفيا ما اعتراه ببراعة مجيبا التحية وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ليحين دور شمس لتصدم برؤيته.. 
حملقت به لتتأكد أن هو ذاته ذاك العابث ودون أن تشعر مشطت سريعا هيئته التي طغي عليها الوقار وعوينات شفافة تضيف عليه هيبة وجاذبية خاصة.. وهو يهتف متجاهلا نظراتها تحت أمركم ازاي اقدر اخدمكم
قالت صديقتها المعنية بسبب الزيارة أنا جيت لحضرتك بعد ما نصحوني ولاد حلال ان انت بعد ربنا اللي هتقدر ترجعلي حقي اللي اخده مني جوزي وأهله.. 
غمغم بنبرة تكسوها الثقة بإذن الله قوليلي بس التفاصيل المهمة. 
راحت السيدة تسرد ما لديها باستفاضة فانخرط ذهنه بما تقصه متعاطف قلبا وقالبا مع قضيتها ليهتف بعدها واضح ان جوزك وأهله لعبوها صح..لكن اطمني إن شاء الله هيتربوا علي ايدي..أعتبري ان حقك رجعلك من دلوقت..
كلماته الواثقة بثت فيها الأمل فصاحت بامتنان ربنا يكرمك يا استاذ جسار ماتتصورش كلامك لوحده ريحني ازاي.. وبالنسبة للأتعاب أنا ..
أوقفها بإشارة حاسمة بعدين نتكلم في الأتعاب لما نكسب القضية بأمر الله..ثم ناولها ورقة صغيرة وقال وده الكارت بتاعي فيه كل أرقامي عشان لو حبيتي تتواصلي معايا وتضيفي أي جديد يحصل معاكي بس اهم حاجة انك الصبح تعمليلى توكيل عشان ابدأ الإجراءات.
ظلت تتابع حوارهما وهي تختلس إليه النظرات وحدقتاها تقيمه بنظرة أخرى..كأنه شخص أخر تماما.. لولا أنه ذات الأسم اللذي تعرفه لظنت انه شخص أخر يشبهه.. بينما تعمد جسار التغاضي عنها كأنه لم يعرفها رغم أنه مدركا لترقبها المختلس له لاحظ بنظرته الأولى حين رآها أن مظهرها على حاله مازالت ملامحها جادة ونظرتها قوية ربما بدت أنحف قليلا جمالها متواضع كما عهدها قبلا.
  خلاص اتفقنا هتواصل مع حضرتك عشان اتابع سير القضية وربنا يكتب الڤرج علي ايديك يا استاذ جسار. 
منحها ابتسامة مطمئنة بإذن الله يا مدام..ثقي في ربنا قبل اي حد.
  ونعم بالله.
هنا فقط شيعها بنظرة قوية وهي تغادر مع رفيقتها..نظرة ثاقبة تخبرها انه يذكرها..تظاهرت أنها لم تعيره اهتماما وهي توصد الباب خلفها لكن هيهات أن تهدأ هذه الدقات المتواثبة في قلبها..ماذا حدث!
حتي لو كان هو.. مالها وماله صار أوسم وأكثر جاذبية أضحت له هيبة وهو يتحدث بثقة ومهنية
لمعة عينه وهو يتفاعل مع مظلمة صديقتها
كأنه يتوعد بالويل لمن سلب حقها..ليكسيه خيالها عباءة بطولية تتعجب أنها أثارتها هزت رأسها بقوة ناعتة ذاتها بالعته منذ متى تكترث لأحد وله هو بالذات ألم تناطحه يوما وهي تهدده أن يبتعد عن
ابنة عمها ألم تراه حينها مجرد شاب ماجن 
هل ستعيد تقيمه الآن
لما ما الداعي
لن تكترث.. هو لقاء عابر ومضى
لن يتكرر ثانيا. 
لن يتكرر.
قاطعت رفيقتها سيل أفكارها وهي تقول 
ما قولتليش يا شمس ايه رأيك في كلام المحامي 
شكله واثق من نفسه اوي.. بصراحة كلامه طمني ومتفائلة.. 
انتبهت لحديث صديقتها وقالت ها أه ..فعلا عندك حق واثق من
نفسه عموما احنا جينا بعد ما ناس كتير رشحوه ليكي..ثم ربتت على كتفها بإذن الله حقك هيرجع يا نشوى 
  يارب ياشمس.
ثم استأنفت شاكرة وألف شكر انك جيتي معايا ياقلبي وعطلتي نفسك.. 
  عيب ده احنا أصحاب أنا معاكي في اي حاجة.. ربنا ينصرك حبيبتي.
مش دي شمس بنت عم سارة اللي خرجت دلوقت
غمغم جسار دون اهتمام أيوة هي يا أشرف. 
  جاية ليه أوعي تقول جت تتخانق عشان سارة شغالة معاك! 
قال بتهكم هو احنا لسه طلبة يا أشرف سارة بتشتغل هنا معايا گ محامية زيك انت وأدم بالظبط مش جاية تلعب..عموما هي جت مع صديقتها عشان قضية تخصها مش أكتر وشكلها اتفاجأت بوجودي.
  فهمت أصل بصراحة لما شوفتها استغربت. 
  طب سيبك منها وقولي ايه اخبار قضية شركة الصرافة أخدت فيها حكم 
  لسه الجلسة أتأجلت للاسبوع الجاي لأن في شهود جديدة..بس اطمن هتكون مكسب جديد لمكتبنا يا جسار بيه. 
ابتسم الأخير عفارم عفارم على رأي جدي. 
  هو جدك له عرق تركي
  لا عشان كلمة عفارم يعني عادي دي مصطلحات جيله..واستطرد أنا همشي لأني مجهد جدا تحب اوصلك
  لأ بالسلامة انت أنا قاعد شوية. 
  تمام أشوفك بكره. 
  طب ماتعدي عليا بالليل نسهر شوية زي زمان. 
  هشوف واقولك سلام. 
  في رعاية الله يا متر. 
كانت قابعة بغرفتها منهمكة بمطالعة بعض الأوراق ولم تشعر بمن تسربت لغرفتها دون ان تنتبه لها.. 
يا سيدي علي الناس المركزة في شغلها ومش دارية باللي حواليها.
تفاجأت بها سارة ثم ابتسمت مرحبة حبيبتي يا مشمش وحشتيني ثم مازحتها وكالعادة بتدخلي بخفة زي اللصوص بالظبط محدش يحس بيها. 
أجابت ساخرة لا والله هو انتي شغلك مع المجرمين وفي المحاكم هيخليكي تتكلمي زي شارلوك هولمز
قهقهت سارة مجرمين فين ياحسرة..أنا لسه يدوب بتولي قضايا صغيرة علي قدي. 
  بكره تبقي أحسن محامية في الدنيا يا سيرو
رفعت كفيها بالدعاء مع مسحة مرح يسمع منك ربنا يا مشمش المهم طمنيني عاملة ايه في شغلك
  تمام الحمد لله.. بس حصل معايا حاجة غريبة امبارح مش هتصدقيها من غرابتها. 
  ايه هي
  روحت مع نشوي صاحبتي عند محامي زمايلنا نصحوها بيه.. ما انتي عارفة مشكلتها مع أهل جوزها.. 
  أيوة فعلا كلمتيني عنها المرة اللي فاتت المهم ايه الغريب اللي حصل
  المحامي طلع هو نفسه الشاب بتاع البنات جسار اللي كنتي بت... .
توقفت عن المواصلة والأخيرة تتوتر لكنها تتظاهر بالهدوء وتعود لجلستها السابقة متظاهرة بعدم الاكتراث مع قولهع جسار مين مش واخدة بالي.
رمقته بريبة سارة! بلاش نصاحة عليا ده انا شمس.. يعني عارفاكي كويس لما بتتوتري بيكون شكلك ازاي.
ثم ضاقت عيناها وهي تتسائل سارة هو انتي لسه بتكلميه
ظلت تحدجها ببرود دون جواب فدنت منها هاتفة بهدوء حبيبتي انا عايزة اطمن عليكي والله مش أكتر..بلاش تخبي عني احنا طول عمرنا سرنا مع بعض يا سارة..
لانت ملامح الأخري بعض الشيء وهتفت تحذرها أكلمك بصراحة وما تتعصبيش وتفضلي تديني مواعظ وتوجعي دماغي زي عوايدك 
  أوعدك مش هعمل كده.. 
تركت سارة مقعدها ونهضت قرب النافذة وغمغمت بصوت عميق من يوم ما خلصنا جامعة وانا من وقت للتاني بكلمه اطمن عليه..عرفت ان جده كان مجهز له مكتب كبير يمارس في المحاماه..وفعلا ربنا وفقه واول قضية كسبها كلمني هو طاير من الفرحة.. قالي انه خلاص لقى هدف ومعنى لحياته ومبقاش حاسس بفراغ زي الأول.. وفضل كل اما يكسب قضية يكلمني..ومن كام شهر كده عرض عليا اشتغل معاه في المكتب أنا وأدم وافقت وسبت المكتب اللي كنت فيه وفضلت اروح مع جسار لأن بجد بقي مجتهد جدا وله صيت مش بسيط دلوقت بدليل انكم روحتوا له من صيته. 
شمس متعجبة غريبة
________________________________________
أنا ماكنتش اعرف انك سبتي المكتب بتاع استاذ هاشم. 
التفتت لها تقول منا لو قولتلك يا شمس هروح اشتغل مع جسار كنتي هتعمليها حكاية وتوجعي دماغي فسكت عشان مش نتخانق سوا.
طالت شمس تحاصرها بنظرتها متفرسة قبل قولها أنتي لسه بتحبي جسار يا سارة
استدارت ثانيا تتطلع للأفق بعين شاخصة مش زي ما انتي فاهمة يا شمس.
  امال ازاي فهميني 
تنهدت ومازالت شاردة في الأفق 
لو حب واحدة لواحد كنت قدرت احدد ده بسهولة من زمان.. لكن دي حاجة مش عارفة اسميها لحد دلوقت يا شمس.. حتى هو كمان بحس جواه نفس الحيرة اللي عندي..بس كأننا ضمنيا بطلنا نسأل سبب مشاعرنا دي ايه..ثم التفتت إليها بعين تبرق صدقيني ياشمس جسار مش زي ما انتي كنتي فاهمة..أنا دايما كنت بشوف في عيونه ضياع غريب كأنه تايه تعيس بس
دلوقت مابقيتش اشوف ده.. كأنه لما اشتغل ونجح لقي كيانه اللي كان بيدور عليه. 
  سارة..أنا خاېفة عليكي تعلقك بجسار غريب و مش مفهوم..أنتي كده بشكل أو بأخر رابطة دنيتك به. 
  مټخافيش عليا أنا بقيت أنضج بكتير وفهمتك الموضوع نطاقه أوسع من مشاعر محدودة بين اتنين واستطردت لتغير الموضوع سيبك مني بقى وطمنيني
عليكي سمعت ان في عريس اتقدملك صح الكلام ده 
هزت كتفيها قالت ببساطة صح واترفض. 
  يبقي تعالي جنب بنت عمك كده خلينا أنا وانتي نرفض العرسان لحد ما نبور علي رأي ماما ومامتك. 
قهقهت شمس وظلا يثرثران حتى رحلت عنها الأخيرة. 
راقب سعاله المتلاحق بقلق شديد وصاح جدي انت شكلك تعبان اوي هو العلاج مش جايب معاك نتيجة ولا ايه
غمغم بعد أن هدأت نوبة سعاله اطمن يا جسار انا بخير وبتحسن علي فكرة أنا كنت مريض اكتر من كده متخافش. 
ربت علي كتفه ربنا يشفيك ومايحرمنيش منك ابدا يا جدي.. 
تبسم له بحنان ولا منك ياحبيبي..قولي اخبار أخر قضية ايه كسبتها
  ده سؤال برضو يا دكتور نادر 
قهقه مع سعال قصير طلعت ولد مش سهل.. ثم برقت عينه فخرا ماتتصورش ازاي بقيت مرتاح باللي وصلتله ده يا جسار تعبي فيك مارحش هدر.. 
  الحمد لله ياجدي..انا كمان اخيرا لقيت نفسي بعد الفراغ اللي كنت فيه وده بفضل ربنا ثم وجودك انت في حياتي يا غالي. 
ربت علي كتفه ثم قال تسلم ياحبيبي عندي ليك خبر حلو والدك و والدتك واخوك نازلين الشهر الجاي رائف أصلا كان نازل عشان ياخد أخر سنه له في كليه التجارة واحتمال مايرجعش للغربة تاني ويفضل معانا على طول
صاخ بسعادة حقيقية بتتكلم بجد يا جدي 
  اه والله يا حبيبي خلينا نتجمع بقى وافرح بيكم حواليا محدش عارف بكره هكون فين. 
أسرع بقوله والقلق يعود يحتله بعد الشړ عليك يا جدي أرجوك ماتتكلمش كده انا مقدرش اتصور حياتي من غيرك..انت كل حاجة بالنسبالي.. 
رمقه الجد بغموض مع همسه يمكن في يوم تقابل ناس هيحبوك أكتر مني..اوعي وقتها تنساني! 
زوي جسار ما بين حاجبيه ناس مين اللي يخلوني انساك
  عروستك مثلا 
قهقهة ساخرا عروستي لا اطمن الموضوع ده مش في حسابي نهائي حاليا وبصراحة انا اتشبعت وزهقت من البنات في حياتي. 
وواصل بجدية أنا أهم حاجة اعمل أسم كويس في عالم المحاماه.. شغلي بقي اهم هدف عندي دلوقت.. 
  محدش عارف يمكن نصيبك يكون أقربلك مما تتصور.. وتحقق الاتنين سوا.. 
  اللهم اعلم ياجدي..أنا ونصيبي.. 
بعد مرور شهر.
حمد الله على السلامة مصر نورت بيكم
قالها جسار بترحاب حقيقي مستقبلا والديه وشقيقه في ساحة المطار مبادرا بعناق حار لأبيه وأخر أكثر قوة لأخيه بينما هم بالاقتراب لوالدته فلاحظ اختبائها عمدا خلف عربة الحقائب كأنها تتجنب عناقه والأكثر غرابة أنه لمح تشبث أبيه كأنه يدعم عدم اقتربها منه مسدلا بينه وبين والدته حاجز غير مرئي يمنع عناقهما ابتلع جسار غصة دهشته وحزنه في قلبه ليضاف ويخط تساؤل جديد فوق صفحات عقله لا يجد له جواب شافي. 
ثم سمع والدته إلهام تهتف بنبرة لا تحمل عاطفة كما تمناها ازيك ياجسار..عامل ايه
  الحمد لله يا ماما كويس. 
رائف باهتمام جدي مجاش معاك 
أجاب شقيقه تعبان شوية مقدرش يجي معايا.. 
صاح والده توفيق بقلق ألف سلامة عليه هو لسه مفيش تحسن علي العلاج 
  والله يا بابا انا شايفه تعبان بس أكيد لما يشوفكم حالته هتكون افضل ثم لكز كتف أخيه بمزاح بالذات انت يابرنس هيتجنن عشان يشوفك أصلا. 
الأخير بحرارة ده انا مشتاقله مۏت وانت كمان واحشني عايزك تظبطني بسهرات حلوة زي الأجازة اللي فاتت يا كبير. 
برقت عين حسار بحنان من عيوني اعتبرني مرشد سياحي متفرغ لسعادة ورفاهية جنابك وأشرف كمان مستنيك علي ڼار أحنا عندنا كام رائف..
صاخ بحماس لا كده انا اتحمست علي الأخر يا متر.. 
  حبيبي طب يلا بينا بقى عشان جدي منتظرنا. 
ثم دعاهم لسيارته متوجهين على الفور حيث ينتظرهم الجد.. 
دبت الحياة في أوصاله وضخت في زرقة عروقه قوة وهو يستقبل أبنه وحفيده بعناق جارف ويقول وحشتني يا توفيق كل دي غيبة يا ابني. 
  سامحني يا بابا ڠصب عني شغلي هناك واخدني. بس أول ما حسيتك تعبان مقدرتش وقررت انزل فورا اطمن عليك.. 
  دوري أنا بقي ياجدو. 
قالها رائف مشاكسا لجده الذي تلقفه بين أحضانه متشمم رائحته بلهفة وهو يقول كبرت يا ولد وبقيت راجل يملي العين.. 
  طالعلك يادوك.
إلهام متدخلة فعلا رائف وارث منك كل ملامحك ياعمي حتى الحسنة المميزة في رقبته مش واخد بالك
رمقها الجد بنظرة مطولة قبل ان يغمغم عندك حق يا إلهام رائف واخد ملامحي بس جسار وارث مني ذكائي واجتهادي..ولا ليكي رآي تاني يا مرات ابني.
مطت مع نبرة استهزاء واضحة 
أيوة بس حضرتك ما أخدتش كليتك السنة في سنتين زي جسار يا عمي.
رماها زوجها بنظرة جانبية ساخطة وقال وهو يجذبها إلهام تعالي نطلع نرتاح في أوضتنا ونفضي
الشنط لأن شكلك تعبانة ومش مركزة..ثم نظر للجميع وخاصتا والده كأنه يعتذر له معلش يا جماعة محتاجين نطلع نرتاح شوية من السفر وانت كمان يا رائف مطبق سهر من امبارح لارم تنام شوية. 
  لأ يا بابا أنا هفضل مع اخويا وجدو شوية لأنهم وحشوني اتفضل حضرتك أنت وماما..
تابعهما جسار بوجه متجهم شارد غير
خافي عنه ذاك التراشق المبهم الذي حدث بين والدته وجده مستشعرا بغريزته تحدي غريب بينهما وطلاسم غير واضحة.. ما معني ما قالته انه لم يرث شيء من ملامح الجد فضلا عن دفاع الأخير الذي بدا يحمل ټهديدة أكثر منه دفاع.. هناك شيء لا يفهمه..كل ما خدث أمامه الأن أشعل من جديد جذوة تساؤلاته. كثيرا ما انتبه لعدم تشابه ملامحه مع أبيه ووالدته وجده عكس شقيقه رائف له نصيب كبير من الثلاث معا..ماذا يعني هذا!
  ايه يا كبير سمعت انك بقيت محامي عقر وليك شنة ورنة في المحاكم يا متر..
ابتسم لأخيه بود منتزع نفسه من شروده ربك قادر على كل شيء وتلقائيا نظر لوالدته مستطردا الطالب اللي كان بياخد السنة في اتنين فلح زي ما انت شايف ة يا رائف. 
  يبقي زي ما جدي قال انك وارث منه ذكائه وسبت لاخوك الغلبان الفتات..
لم يتفاعل مع مزحة أخيه متبادلا النظرات مع جده الذي تجنبها وانسحب مع قوله طيب هسيبكم بقي تشبعوا من بعض وتناموا والصبح ناخد اليوم سوا من أوله..
ظلت عين جسار شاخصة متعلقة بظهر الجد وهو يبتعد لينتزعه شقيقه ثانيا بحديث مازح و سيل ثرثرته المحببة وصولاته وجولاته مع رفاقه لوقت ليس قصير بينما الشرود يلجم جسار أغلب الوقت منشغلا بما حدث..ثم بدأ رائف يتثائب لينتهي الأمر بصعوده غرفته كي ينال قسطا من النوم بينما ظل جسار شارد الذهن وبذور شكوكه تتشعب داخله گ نبتة خبيثة تمكنت من صاحبها كم ېخاف القادم..وبقدر ما يتمني كشف اللثام عن الخبايا التي لا يعرفها.. بقدر ما ېخاف ما سيترتب على كشفها..تنهد حتى تضخم صدره بالهواء ثم زفره بقوة متوجها لغرفته عله ينال نومة تغرقه وتنسيه أفكاره المخيفة.. 
  إلهام.. أنتي اټجننتي 
ازاي تتكلمي كده مع بابا وقدام جسار ورائف 
صاح عليها توفيق غاضبا لترد ببرود وهي ترص ملابسها بالخزانة وانا قلت ايه يعني لده كله. 
أجبرها أن تنظر إليه ثم قال بحدة إلهام..بلاش خبث انتي فاهمة قصدي.. 
قذفت بعض ملابسها على الفراش وهي تنزع عنها أخيرا عباءة البرود لتهتف بحدة وانت كمان فاهم قصدي وياريت نتكلم علي المكشوف مبقاش ينفع السكوت يا توفيق. 
ضاقت حدقتاه وهو يتساءل بريبة قصدك ايه ايه اللي في راسك يا إلهام بالظبط احنا جايين نقضي أجازة لطيفة ونطمن علي بابا ونرجع تاني لحياتنا..بلاش تقلي عقلك وتنبشي في ماضي ماټ.. 
  لا ياتوفيق مفيش حاجة ماټت..الماضي موجود وسطينا وفارض نفسه علي حاضرنا ومستقبلنا كمان..وانتوا اللي مغمضين عيونكم وعاملين ناسيين. 
جز أسنانه محذرا إلهام..إياكي تتهوري سيبي كل واحد حر في حياته وبلاش مشاكل..
  الحرية حدودها بتنتهي لو مست حدود غيرها يا توفيق.. وأنا مش هسمح حد يمس شبر واحد من حقنا..
ثم اقتربت منه ومنحته نظرة تحدي ناسبت قولها الصارم شكلك نسيت يا توفيق وإلا ماكنتش بقيت سلبي كده.. و والدك كمان نسي وصدق كدبته.. بس انا معنديش أي مشكلة اني انعش ذاكرة والدك من جديد.. وحالا هعمل كده..
إلهام 
استني عندك وماتدخليش في حاجة وسيبي بابا يعمل اللي... .
في لمح البصر تبخرت من أمامه متجهة گ القذيفة حيث مكتب والده لتضع الأمور في نصابها من وجهة نظرها الحمقاء حتي لو أضرمت نيران لن تنطفيء جذوتها ثانيا وربما ټحرق الجميع. 
وفي مكتبه كان يجري الجد نادر مكالمة صار يعلم انها أضحت ضرورية بعد ما حدث منذ قليل مع زوجة أبنه لا أمان بعد الأن ويجب ان يضع كل الضمانات التي تريحه حين يواريه الثرى فالمۏت لم يعد بعيد عنه.
  أيوة يا فكري زي ما سمعت عايزك بكرة تيجي عشان عايز أوثق وصيتي وارتاح.. العمر خلاص مبقاش مضمون وانا حاسس النهاية قربت.. 
  بعد الشړ عليك يا نادر ليه بتقول كده بس. 
قال بعد سعال متتابع ريحني يافكري واعمل اللي بقوله.. 
  حاضر بس اهدي بكره هعدي عليك وربنا يعمل اللي فيه الخير..
أغلق معه ثم تراجع للوراء مسترخي على ظهر مقعده مغلقا عيناه مستعيد حديث زوجة أبنه اللازع وتلميحاتها الخبيثة وازداد أصراره أن يتم مراسم وصيته قبل فوات الآوان..
عمي أنا لازم اتكلم مع حضرتك في حاجة مهمة!
فتح الجد نادر عيناه وأعتدل بجلسته رامقا أياها بجمود بعد اقتحامها مكتبه دون استئذان وقال حاجة ايه اللي خليتك داخلة مكتبي بالطريقة دي وفي وقت متأخر زي ده مش كنتم طالعين ترتاحوا من السفر يا إلهام
 والله أنا مش هرتاح غير
________________________________________
لما اكلم حضرتك يا عمي وأسفة اني اندفعت ودخلت مكتبك بدون استأذان بس ده لأني محتاجة أحط النقط
علي الحروف..
رفع عويناته وثقبها بنظرة غامضة وقال واضح انكم مش نازلين أجازة تطمنوا عليا وليكم غرض تاني.. كده ولا ايه يا مرات ابني
اشتعلت عيناها بتحدي وهتفت بالعكس يا عمي.. أحنا فعلا نازلين نطمن علي حضرتك وكمان ننعش ذاكرتك شوية ونفكرك بحاجة مهمة يجوز بعد العمر ده كله تكون نسيتها.. معلش العمر له حق
برضو ياعمي..
غامت عين الجد بسحابة ڠضب توشك أن تنهمر من فرط فظاظته معه وصاح قصدك تقولي اني كبرت وخرفت مش كده يا مرات ابني
إلهام
قالها توفيق هادرا بصړاخ ومحذرا من استرسالها فأوقفه أبيه بإشارة رادعة من كفه ثم قال بنظرة غامضة كملي يا مرات ابني عايزة تفكريني بايه بعد العمر ده كله
تقدمت منه خطوتين ثم رمقته بثبات قبل أن تلقي ما لديها دون تردد عايزة افكرك إن رائف.. 
وصمتت تتلذذ بترقبه قبل أن تواصل
هو حفيدك الوحيد يا عمي.
أشتعلت عين الجد بعاصفة ڠضب وتشنج وجهه بشكل واضح بينما صاح زوجها معنفا إلهام كفاية كده.. وقولتلك ماتدخليش في حاجة ماتخصكيش احسنلك.. 
هدرت بتحدي غير عابئة بأثر ما فجرته لتوها 
لأ ده أنا أتدخل ونص يا توفيق مادام الموضوع يخص حق ابني اللي ممكن يضيع بسبب عواطف مش في مكانها .
  ومين هيضيع حق ابنك يا مرات ابني 
هكذا تسائل نادر ليصل لما تريده وتضح أمامه الصورة كاملة فتستأنف ألهام قولها 
 حضرتك اللي بتضيعه بطيبة مالهاش مكان في الزمن ده خلاص وسامحني ياعمي في اللي هقوله.. بعد عمر طويل توفيق ورائف هما أحق الناس بورثك.. لكن انك تشرك معاهم واحد غريب مانعرفش أصله وفصله ومش من دمنا ده يبقي منتهي الظلم.. 
كل حاجة حضرتك تملكها المفروض تكون لابنك وحفيدك اللي من صلبك..
  أخرسي يا إلهام أخرسي.. 
ردت على صياح زوجها توفيق بعناد أكبر 
مش هخرس ولا هسمح لابن الشارع ده يقاسم ابني في حقه يا توفيق.. ولو وصلت اني..
صڤعة عڼيفة جعلتها ترتد لتصطدم بالجدار لكنها تتخطي ذهولها سريعا وگأن شيطان يحركها وهي تواصل هادرة بتضربني يا توفيق بتضربني عشان بقول الحق عايز ابوك يكتب لولد جابهولنا من الشارع فلوسه ويساويه بابننا وحفيده الوحيد
ثم صاحت تتوعد پجنون أقسم بالله لو اتكتب للواد ده حاجة مش هسكت..جسار أخد حقه وزيادة.. اتربي احسن تربية وعاش اكرم عيشة واتعلم في أرقي المدارس.. لبس انضف لبس..وخلاص بقي محامي مشهور يقدر يشق طريقه لوحده ويعيش عايزين ايه تاني كفاية اوي عليه لحد كده..ومن انهاردة لازم يعرف هو مين.. ومحدش فيكم هيمنعني لأني أنا اللي هعرفه حقيقته..
قالتها وتخطتهما گ الإعصار عابرة للخارج لتقف بغتة بعد أن كادت تتعرقل وهي تجد أمامها من يجلس أرضا مطرق الرأس وببطء يناقض خفقاته قلبه المتواثبة من صډمته رفع وجه إليها ومقلتاه طلاتها حمرة الډماء وهو يهمس بوهن يفطر القلب
مين أهلي
يتبع
الفصل الرابع
رغم ثورتها وحالة الجبروت التي تلبستها منذ لحظات أهتزت لمرآى إطراقته وجسده مڼهار أرضا وعيناه المتجمرة تعكس ألما يموج بدموعه المتجمدة وعاد يتسائل بصوت مبحوح مين أهلي مين بابا وماما تعرفي أوصلهم ازاي قوليلي هما مين واوعدك مش هتشوفيني تاني ولا عايز منكم حاجة.
تبادلت مع زوجها النظرات الخائڤة مما أحدثته دون أن تشعر ليتوعدها الأخير بالويل وهو يجذب مرفقها بقسۏة قسما عظما لو ما اختفيتي من وشي حالا وطلعتي أوضتنا لأكون رامي عليكي يمين الطلاق..
أبتعلت ريقها پخوف أن يفعلها ورحلت بعد أن منحت جسار نظرة للعجب مشفقة عليه.. كأنها لم تكن تلك الثائرة المألوفة لكشف حقيقته من قليل بكل قسۏة..و كأنها استعادت جزء زهيد من آدميتها ابتعدت بعد أن مزقت أستار الحقيقة الخافية لأظافر حقدها لم تعد الحجب مرفوعة..استعرت نيران لن تنطفيء إلا بمعرفة الحقيقة كاملة دون نقصان.
عينه متعلقة بالجد كأنه طفل ضائع بالطرقات ينتظر من غريب غيثا يعيده لأحبائه..رغم شكوكه الأخيرة أنه لا ينتمي لتلك العائلة نحرت عنقه الصدمة وتركته ذبيح يترنح بين الحياة والمۏت.. بين الكذب والحقيقة..من هو إذا ابن من أبويه مازالا على قيد الحياة هل سيلتقي بهما يوما ويتذوق ما حرم منه من حنان أبوي طيلة سنوات عمره
  جسار..
قالها توفيق وهو يربت علي كتفه ما بين حنان وشفقة مواصلا بابا هيحكيلك كل حاجة بس الأول بعتذرلك عن اللي قالته إلهام.. أرجوك تعذرها لأن نظرتها للأمور للأسف مقايسها مادية أكتر من أي اعتبارات تانية..أرجوك ماتزعلش منها وصمت ليستطرد ثانيا بعاطفة لم يصطنعها صدقني أنا حبيتك ياجسار صحيح مش هكدب واقول زي ابني بس ليك في قلبي معزة..ومبسوط انك كبرت تحت كنف والدي ورباك وخلاك شخص محترم..وانا عمري ما فرق معايا موضوع الفلوس والورث لأن الحمد لله الخير عندي كتير.. لكن اللي بعترف اني مقدرتش اديهولك فعلا.. اني اكون أبوك بجد..وده مش بأيدي والله بالذات بعد ما ربنا رزقني برائف.. يمكن لولا كده كنت قدرت احس بيك و اشغل مكان أبوك.. بس عزائي ان والدي هو اللي ملى الفراغ ده جواك.. عشان كده اسمعه وصدقه في كل كلمة هيقولهالك..
ونظر لأبيه الشارد عنهم نظرة اعتذار أخرى ثم رحل تاركا أياهما لمواجهة آن لها الآوان لتحدث.
أطياف الماضي امتزجت بأصوات صړاخ انبعثت من عقله وجالت بمخيلته يتذكر كل ما حدث تلك الليلة التي غيرت مجرى حياته على نحو لم يخطط له و بدأ الجد
نادر بسرد كل الخبايا وجسار ينظر اليه كطفل شريد ينتظر من يرشده لأحباء افترق عنهم.
كنت جراح في مستسفي كبيرة في دولة عربية قضيت فيها كام سنة وكان ليا وضع مهني كبير فيها.. في ليلة كنت لسه مخلص عملية صعبة وطويلة.. كنت سايق وانا مرهق جدا وتقريبا مش شايف قصادي.. الطريق كان تقريبا فاضي..فجأة لمحت من بعيد حاجة خلتني افرمل بسرعة واقف مأخوذ وانا شايف حافلة بتتقلب من منحدر أعلى بيوصل للطريق اللي انا فيها فضلت تتقلب لحد ما رسيت على الاسفلت وطلع منهم دخان واللي وقف قلبي أكتر لما شوفت واحدة جسمها ليندفع بقوة علي الأرض لمسافة مش بعيدة عن الحافلة وهي بتصرخ نزلت بسرعة بعد ما استعادت وعيي اشوفها شوفت حاجة عمري ما صادفتها في حياتي كلها..واحدة بطنها مشقوقة وبتلفظ أنفاسها الأخيرة وخارج منها راس رضيع پيصرخ.. اتجمدت لحظات مذهول وبرتجف رغم اني طبيب.. بس غرابة اللي انا شايفه أذهلني..لما شوفت الډم علي حرف جزء من زجاج الحافلة فهمت ان والدتك وقعت عليه فشق بطنها.. بس لأن ربنا كاتبلك عمر.. الوقعة شقت البطن من غير ما تأذيك.. كأنها اتفتحت بإيد طبيب محترف.. فضلت اسبح لله وانا مذهول من المعجزة اللي انا شايفها.. بصيت حواليا أشوف حد استنجد به كأن العالم كله بقي في غيبوبة ومافيش غير صوت صرختك كأنك بتقولي انقذني وأنين والدته الأخير وهي بتبصلي باستغاثة فطرت قلبي.
مټخافيش يا بنتي أنا دكتور وهنقذك 
تذكرها الجد نادر بصوته وهو يستعيد ما حدث ليواصل سرده بسرعة جريت اجيب شنتطتي الطبية من العربية ورجعت سحبتك وقطعت الحبل السري ولفيتك في الجاكت بتاعي وجريت تاني احطك في العربية
وجيت ارجع عشان أنقذ أمك للأسف الحافلة كلها اڼفجرت وبقيت بركان ڼار مخيف وطبعا والدتك كانت قريبة جدا منها وهي كمان طالتها الڼار واتحرقت بشكل كامل.. عقلي كان واقف من الصدمة سمعت صرختك تاني جريت بيك الحقك يمكن تعيش..لقيت دكتور أطفال صاحبي كان لسه موجود في التوقيت ده شرحتله بسرعة اللي حصل وانا مڼهار هداني وطمني انك هتكون بخير بس لازم تفضل في الحضانة فترة.. بعدها ترقبت أي معلومة عن الحاډث بس ولا حس ولا خبر..
يا الله! 
أهذا اول حصاده للحقيقة
والدته توفت! لن يلتقيها مرة أخرى
هاهو شبح اليتم يحاصره من جديد بفقد إحداهما
بعد أن انتعش داخله أمل أن يجد أبويه.
 ومرت الأيام وانا كل يوم معاك براقب جسمك الضعيف في الحضانة وحزين عليك.. حسيت قلبي بيتحرك ناحيتك ويتعلق بيك كل يوم عن التاني لدرجة اني بأنانية بعترف بيها اتغاضيت اني ادور علي أهلك او أبلغ كأن صابتني حالة امتلاك مرضية انك تفضل معايا.. في نفس الفترة دي ابني توفيق كان شغال معايا في نفس البلد وكان فقد جنينه الأول وهو مراته حالتهم النفسية متدمرة فكرت اكتبك علي اسمهم ويربوك بدال اللي راح خصوصا ان حمل إلهام كان عزيز ومش سهل و وارد ماتخلفش تاني..قلت يمكن ربنا كتبلك حياة عشان تكون في وسطينا وتعوضنا.. إلهام رفضت وابني كمان ماحبش الفكرة..قلت يبقي الحل الوحيد اكتبك علي أسمي أنا هما اعترضوا بشدة وبعد جدال مني وتصميمي اني مش هتخلي عنك لأني حبيتك.. وافق توفيق ومراته يكتبوك باسمهم.. وبعد سنتين يشاء ربنا ان إلهام تحمل تاني رغم ان طبيا ده كان يكاد يكون مستحيل.. وطبعا أصبح وجودك عبء عليهم خصوصا إلهام اللي نفرت منك وقالتها صريحة انها مش هتتحمل مسؤليتك وكفاية اوي انها وافقت تتكتب باسمها..ساعتها مكانش في غير حل واحد..اني اخدك وننزل مصر لأن في كل الأحوال انا كنت مش حابب اتغرب اكتر من كده ولا ينفع اسيبك مع حد مش مستعد يتحمل مسؤليتك.. وفعلا نزلت بيك واتوليت رعايتك من كل النواحي.. لما بقيت خلاص حتة مني مش بتفارقني ولا افارقك.. كل يوم كنت تكبر قصادي كنت بحبك أكتر واحس انك بتاعي لوحدي وكل اما ضميري ينغزني اني ادور على أهلك اسكته اقنع نفسي اني هدور علي أبرة في كوم قش.. عارف انك أكيد بتلومني في القرار ده.. بس ده لأنك بقيت بالنسبالي زي النفس اللي بيخرج مني.. قلت ربنا حطك في طريقي تعوضني وحدتي ..أما توفيق ومراته. خلفوا رائف وبقوا ينزلوا علي فترات وكل مرة يأجلوا استقرارهم في مصر.. ده غير ان ألهام كل اما تنزل وتشوفك كانت تعمل مشاكل كنت بداريها عنك وتوفيق يرجع بيها عشان مايعكرش حياتي اللي استقرت معاك..
فرغ الجد نادر من فيض كل ما لديه ثم اقترب من جسار واحتضن براحتيه المرتجفة وجهه المطرق ببؤس مزق نياط قلبه وقال صحيح أنت مش من دمي بس ربنا عالم اني عمري ما حسيتك غريب عني..أنت بالنسبالي حفيدي الأول اللي فرحت بيه ودخل قلبي
ثم قبل جبينه بحنان ومازالت عين جسار جامدة زجاجية ولا تعكس جحيمه المستعار داخله شفاهه
مطبقة كأنه فقد النطق سامحني ان كنت قصرت في حقك زمان وأوعي تتخلي عني أو تكرهني ياجسار انا مقدرش استغنى عنك..وصدقني أنا لو كنت حتي دورت ماكنتش هلاقي خيط يوصلني بأهلك
________________________________________
وقتها..
ظل علي صمته الشارد بمعالم ضياع ويأس..لقد عاد لذات النقطة التي بدأت منها حياته.. شريد لا أهل له.. ماټت والدته ليأتي للحياة وحيدا دونها..ولا يعرف من أبيه وهل على قيد الحياة أم لا..لا يعرف شيء كأنه صفحة بيضاء.
  ساعدني الاقي أهلي يا...
وقفت الكلمة بحلق جسار بعد أن كاد يناديه كما تعود. 
هل يحق له الآن منادات بهذا اللقب الآن
لا لم تعد لديه حقوق على تلك العائلة. 
لن يعد ينتمي لها بأي شكل.
ليجد من يقبض على كتفيه ويهزه بقوة صائحا باڼهيار مخلوط برجاء إياك تبطل تقولهالي..أنا جدك ياجسار معقولة خلاص كرهتني ومش قادر تقولها 
  مبقاش من حقي.. 
  لأ حقك وحقي عليكأنا اللي حبيبتك وربيتك وكبرتك لو هطلب منك
مقابل اللي عملته المقابل الوحيد هو انك تفضل تقولهالي وماتفارقنيش. 
ثم همس نادر يتوسل باكي قولي مش هسيبك ياجدي.. قول انك بتحبني..عشان خاطري ريح قلبي..
عناق جسار واختبائه بصدره أعاد ضخ الحياه فيه من جديد الصغير لم يكره..لم يهون عليه..مازال يحتل في قلبه ذات المكانة ابتعد عن صدره وقال جدي.. 
رد بلهفة حانية عيون جدك يا جسار.
  لازم أبعد عشان استوعب اللي عرفته واعيد ترتيب حياتي من تاني بس عايزك تعرف حاجة واحدة برغم اللي حصل وحتي لو لقيت أهلي هتفضل جدي الغالي اللي رباني وكبرني وعلمني ازاي اعيش وغيابي من بيتك مش معناه إن مفيش مكان هيجمعنا تاني. 
  هتسبني!
قالها العجوز بعتاب باكي وخوف واستنكار فغمغم له هسيبك عشان الاقي نفسي ياجدي هحاول ادور علي اهلي يمكن الاقيهم.. 
  بس مفيش أي وسيلة توصلك ليهم بعد السنين دي. 
  هحاول لو فشلت يبقي اسمي اني دورت عليهم.
ثم نهض بتثاقل والجد يتشبث بيده بكل ما أوتي من قوة ليربت جسار علي ظهر كفه ثم رفعه ولثمه وقال أوعدك مش هنساك ولا هبعد عنك.. محتاج بس مساحة ابعد واشوف هعيش ازاي ..
انهمرت عين جده بسبب من دموع كفكها له جسار بكف مرتجف ولثم جبينه ثم رحل عنه.
لعل حياة أخرى تنتظره.
حياة يعرف بها نفسه
حياة لا يشعر فيها بالضياع الذي كابده طيلة حياته
وصل لمكتبه وقت السحر يترنح دلف مغلقا الباب خلفه واستند على ظهره بوهن وسريعا ما انزلق جسده أرضا..الصمت حوله يناقض الصخب داخله..حياته الماضية قامت على أعمدة من سراب تهاوت تحت قدميه وأصبحت مجرد حطام.. يشعر أنه جسد جريح مدفون تحت أنقاض لا يجد غيثا من أحد..ېصرخ.. الصړخة تزلزل روحه..ولا يسمع له أحدا صوت سرادق عزاء نصبت في قلبه بعد أن علم بمۏت والدته..خاطر ما يستصرخه لېحطم كل ما حوله راح يقذف كل ما يطاله صورته علي الجدار أسمه المزيف المنحوت فوق مجسم فخم أفلامه باهظة الثمن كتبه المتراصة على الأرفف بعثر كل شيء لتشبه بعثرة روحه تماما ثم جثى يلهث متلحفا بثوب حداد أسود غطيس کسى روحه وعادت الأسئلة تتراقص في عقله..في أي أرض نبتت جذوره.. هل أبيه حيا يرزق له أشقاء وشقيقات له عائلة من هو من 
علامات استفهام تتصارع داخله گ سيوف تتقاتل لتجد إجابة واضحة..سيوف لن تغمد في حسامها قبل أن تنتصر إحداهم على الأخرى.
أنعكست أشعة الشمس من شق النافذة فبدأ يستعيد وعيه مشرعا عيناه ببطء ودار بها في محيطه لينتبه أنه في مكتبه وقد أيقن أنه ظل على جلسته حتى غفى دون أن يشعر.. ليحصد ألما في عنقه الملتوي بوضع خاطيء ومضات من أحداث ليلته الفائتة برقت في عقله فاستعاد بؤسه كاملا ومكث ساكنا لا يسمع غير أنفاسه.. التقط هاتفه من جيب بنطاله وضغط رقم سكرتيرته ثم قال باقتضاب المكتب أجازة كام يوم.. مفيش داعي تيجي لحد ما اطلبك..
أغلق دون أن يعطي لدهشتها فرصة الثرثرة لينتقل لرقم أخر مكتفيا برسالة نصية بذات المعني أشرف المكتب هيتقفل كام يوم وهقفل تليفوني واتواصل معاك بعدين.. محتاج أكون لوحدي شوية 
وأرسل أخري لسارة وأدم ثم أغلق هاتفه لينال تلك الخلوة التي يطوق إليها ليستوعب ويفكر كيف ستمضي حياته بعد ما علمه.. 
فوجيء عند استيقاظه برسالته الغريبة لإغلاق المكتب مؤقتا وتوصيته بمتابعة القضايا بالنيابة عنه..والأكثر غرابة هاتفه المغلق.. ماذا حدث مع رفيقه يا تري..لم يتردد بالاتصال علي من سيحل طلاسم تلك الرسالة..
  صباح الخير ياعمي عامل ايه
ألقي تحيته ليأتيه صوت الجد متلهفا بسؤال فاقم قلقه أضعافا جسار عامل ايه يا أشرف كويس هو معاك
غمغم الأخير بدهشة لأ مش معايا هو حصل حاجة ياعمي ده أنا قلت زمانه فرحان وهايص بوصول باباه ومامته ورائف بالسلامة ومش هيفتكرني لكن لقيته باعتلي رسالة غريبة انه هيقفل المكتب وبيكلفني بمتابعة القضايا بالنيابة
عنه.. فاتصلت بحضرتك عشان افهم في ايه..
نكس الجد رأسه بحزن تخلل ثنايا وجهه وغمغم جسار محتاجلك
يا أشرف أوعي تسيبه.. 
  طب فهمني ياعمي حصل ايه وبعدين أكون معاه ازاي وهو حتي تليفونه قفله ومش عارف اوصله..
ترددت في صدره المتعب تنهيدة حاړقة وهو يهتف 
مسيرك هتوصله يا ابني عشان كده بوصيك عليه.. قوله اني مستنيه يرجع مهما غيابه طال..
حديثه المبهم أجج حيرته أكثر فقال رغم اني مش فاهم حاجة لكن اوعدك ياعمي اني مش هسيبه بس هو يظهر واعرف مكانه.. 
  أكيد هايجيلك هو مالوش صاحب غيرك ويمكن الأفضل يختلي بنفسه شوية لحد ما يهدي.. 
  يختلي بنفسه طب فهمني ياعمي. 
  خليه هو اللي يفهمك افضل وبوصيك تاني تطمني لما تكلمه.. 
  حاضر أوعدك. 
......... 
أغلق معه دون أن يصل لسبب ما يحدث مازال هاتف جسار مغلق أين يبدأ البحث عنه أم الأفضل أعطائه فرصة للاختفاء قليلا فربما يحتاج تلك الخلوة.. زفر بقوة والخۏف يقتات على قلبه مرددا داخله دعاء أن يفك كرب صديقه ويعيده سالما. 
سمع رنين الباب فتجاهله محافظا علي سكونه البائس أرضا وبإلحاح الطرق اضطر لتفقد الطارق وصرفه بعد أن ظنها سكرتيرته التي أتت ولم تقرأ رسالته..
أشرع الباب دون الالتفات لهيئته المزرية ليجد عين أخر شخص توقع رؤيته تحملق فيه بريبة وتتجول بأذرار قميصه المحلولة وشعره المشعث ووجه الناعس وعيناه المنتفخة من أثر النوم..
لم تكن الزائرة سوى شمس ابنة عم سارة.
رواية صړخة على الطريق 
بقلم ډفنا عمر
الفصل الخامس
سمع رنين الباب فتجاهله محافظا علي سكونه البائس أرضا وبإلحاح الطرق اضطر لتفقد الطارق وصرفه بعد أن ظنها سكرتيرته التي أتت ولم تقرأ رسالته..
أشرع الباب دون الالتفات لهيئته المزرية ليجد عين أخر شخص توقع رؤيته تحملق فيه بريبة وتتجول بأذرار قميصه المحلولة وشعره المشعث ووجه الناعس وعيناه المنتفخة من أثر النوم.. 
  نعم! 
قالها جسار بفظاظة لتجيبه شمس بدهشة أنا جاية لسارة حسب اتفاقي معاها انها هتكون في المكتب بدري و...
لمحة من ماضية الفاسق جالت بعقلها وهي تسترجع صولاته وجولاته بساحات النساء لتندفع دون مقدمات وهي تدفعه بعيدا عابرة داخل المكان تتفقده متحفزة لأي دليل يؤكد ظنها السوء به.. كأنها زوجته وظبطته بفعل مشين.
لم يغيب عن إدراكه أين توجه تفكيرها به بعد أن شاهدت حالته المريبة فعقد ذراعيه مستندا على الجدار دون اكتراث يتابعها وهي تتحرك بزوايا المكتب وبعد لحظات عادت حيث يقف جسار فسبقها بقوله البارد لقيتي حد جوه شوفي كده الحمام بالمرة يمكن مخبيها هناك.. 
اعتراها خجل شديد وتمتمت أسفة افتكرت ان... 
  إن ايه وفرضا ظنك ده صحيح..انتي مالك بيا تنبشي ورايا بتاع ايه 
قابلت ثورته بحدة مبررة بيك انت ماليش أي علاقة لكن لما تبقي بنت عمي شغالة هنا يبقي مالي ونص لأن لو كنت لقيت حد هنا كنت هخليها تسيب مكتبك فورا.. فهمت
رمقها لبرهة بتمعن قبل ان يقول فهمت.
ثم أشار بذراعه نحو الباب آمرا إياها ببرود دلوقت اتفضلي لأن وجودك هنا دلوقت هو الفعل المشين لأن محدش جاي المكتب انهاردة ولو انا زي ما بتظني فيا أكيد دي فرصة مايفوتهاش عابث زيي. 
رمقته بحيرة وسارت مبتعدة بخطوتين ثم قالت وهي تقف في موازاته تماما يعني لو صاحبتي نشوى حبت تيجي عشان قضيتها اقولها أنك.! 
  مش شغال. 
قاطعها بقوله فتسائلت يدفعها تعاطف غريب بعد أن استنبضته من بؤس لهيئته طيب وبكره
لوهلة لمحت سحابة ضياع اغتالت حدقتيه وهو يغمغم بخفوت ولا بكره..هيتابع قضيتها أشرف.. 
  وأنت هتكون فين 
همهم ومازالت عيناه شاخصة أمامه كأنه فقد الإحساس بوجودها ياريت اعرف..
تعاظم شعورها بالشفقة عليه وهمست أنت عندك مشكلة حاد نحوها ونظر لها بشرود طال حتى ارتبكت وهي تهتف تتخطاه لتغادر على كل حال أسفة لإزعاجك. عن إذنك.
أغلق خلفها وتوجه مشرعا نافذته فوجدها تتوجه لسيارتها وكما توقع رفعت رأسها إزاء نافذته ليتوحد مسار أحداقهما وكلا منهما يحدج في الأخر دون أرادة.. هو بشرود ممزوج ببؤس واضح وهي بتعاطف لم تفهمه..فضولها مشتعل داخلها لمعرفة ما طرأ عليه لكن لا تملك سلطة حتى لتسأل..انتزعت نفسها من قيد نظرته واستقلت سيارته وابتعدت قاصدة من تظن أن بيدها حل غموضه.. 
  بتقولي ايه يا شمس روحتي المكتب لقيتي جسار وقافل على نفسه
طب ليه
صاحت سارة بقلق لتجيب الأخري معرفش أنا روحت حسب اتفاقنا أننا نفطر سوا ونتكلم عن قضية نشوي اتفاجأت بجسار بيفتح الباب وشكله غريب كأنه كان لسه صاحي من النوم بس لبسه متلخبط ووشه كئيب وكلامه غريب جدا ..المصېبة أني.. 
  إنك ايه
قاطعتها بترقب فقالت الأولى بصراحة شكله المنعكش شككني ان يكون في بنت معاه في المكتب لقيتني بندفع زي العاصفة وبفتش المكتب كله وانا بتوعد لو لقيت أي قذارة كنت هبهدله وامنعك بأي طريقة تشتغلي معاه بس... 
صمتت بخزي لتواصل طلعت ظالماه واتكسفت اوي من نفسي..
هتفت پغضب ليه كده ياشمس أمتى هتصدقي انه شخص محترم ومش زي ما انتي فاكره أقسم بالله ما شوفت منه غير كل أدب وود بريء كأني فعلا أخته.. أكيد طبعا زعل واتعصب عليكي.. 
بالعكس.. 
قالتها بشخوص مستعيدة هيئته الهادئة الكئيبة وغمغمت كلمني بهدوء ونبهني اننا في المكتب لوحدنا وانه لو وحش يقدر يستغل الفرصة ويأذني.. عشان كده ضميري تاعبني من ناحيته.. 
  أنا لازم اروحله..
قالتها سارة وهي تندفع لتستعد فعاقتها شمس هتروحي فين بقولك لوحده وشكله مايطمنش. مستحيل تروحي دلوقت.. 
  يعني اسيبه في الحالة دي اللي انتي حكتيها جسار عنده مشكلة وانا لازم اكون معاه.. 
  بأي صفة
  مايهمنيش التسمية حطي الصفة اللي تريحك المهم إني لازم اطمن عليه..
قالتها هادرة بعناد وهي تواصل استعدادها للمغادرة ليقاطعهم طرقا علي باب غرفتها تبعه دخول أبيها قائلا صباح الخير يابنات 
ردوا التحية وواصلت شمس ازيك ياعمو عامل ايه
  بخير ياحبيبتي.. 
ثم نظر لابنته بغموض وقال انتي قولتيلي عنوان مكتب المحامي اللي بتشتغلي معاه فين
حملقا فيه بذهول وتلجمت سارة عن قول شيء وقلبها يخفق پجنون أن يمنعها والدها عن العمل معه. 
وقفت أمام العم ترتجف داخلها لكنها
________________________________________
لا تظهر غير اللامبالاة كأنها لم تتسبب بعاصفة ليلا جعلت جسار يغادر البيت بينما جاورها زوجها وهو يرمقها بنظرات حانقة لائمة وبالوقت ذاته يراقب أبيه وهو عاقدا كفيه أسفل ذقنه متجهم الوجه بشرود بعد أن استدعاهما لمكتبه تنهد ثم نقل بصره بينهما بجمود وقال بعد اللي حصل ونواياكم اللي اتكشفت أنا كمان أحب اصارحكم باللي كنت ناوي اعمله..
تحفزت عين إلهام بنظرة ذات مغزي قابلها العجوز بتحدي وهو يغمغم مستهلا حديثه بقول مأثور 
 من حكم في ماله ما ظلم..
عارفين معني الجملة دي ايه يعني كل واحد حر في ماله اللي كونه بشقاه وعرقه.. انا لو كتبت له كل مالي محدش فيكم يقدر يمنعني..ولا تقدروا تمحوا حبه ومكانته في قلبي.. جسار حفيدي اللي كبر كل دقيقة قصاد عيني وكأنه من صلبي وأكتر.. جسار كان بار بيا أكتر منكم.. أنتوا كنتم فين عايشين في دولة تانية والسنة بتجر غيرها والعمر جري ومحدش فيكم قرر يتنازل عن شغله وحياته اللي بناها في الغربة وأنا سكت وقلت أهو ربنا عوضني بجسار في حياتي.. وبعد كل ده جايين تدورا علي حقكم في أملاكي خلاص هو ده بس اللي بقي يجمعنا الفلوس الورث 
  عمي أنا.. 
أوقفها بأشارة صارمة من كفه قلت محدش يقاطعني. 
لجمها تحذيره بينما ارتسم الخزي علي وجه توفيق وهو ينظر لأبيه كأنه لم ينتبه لجفاءه سوي الآن..
  ومع كده أنا عارف شرع ربنا كويس يا مرات ابني..هكتب لكل واحد فيكم اللي يستحقه وأولكم جسار ثم لفظ كلمته وهو ينظر لهما بقوة حفيدي.. ولو مش عجبكم حكمي مافيش قصادكم غير طريق واحد تردعوني به.. 
وصمت يرصدهما مليا قبل أن يستأنف حديثه 
تحجروا عليا.
رمقته إلهام پصدمة حقيقية بينما اتسعت عين توفيق بذهول حضرتك بتقول ايه 
  بقدملكم الحل اللي ممكن يوقفني.. لو مش موافقين علي حكملي احجروا عليا واقفوا قصاد القاضي وقولوا اني خرفت وكبرت وبدي مالي للغريب وافضحوني..وقتها بس هتقدروا تمنعوني وتكسبوا ثروتي.
هرول يجثوا على ركبتبه ثم لثم قدم والده وهو يبكي لا عشت ولا كنت يوم ما افكر مجرد تفكير اني اعمل كده فيك يا بابا.. كنوز الدنيا كلها ماتسواش رضاك عني.. ميراث ايه اللي يخليني اقف قصادك وامنعك من حقك في مالك.. أنا مش عايز حاجة غير انك ترضي عني وتسامحني اني اتلهيت في غربتي ونسيتك.. سامحني يا بابا ومتغضبش عليا ابوس رجلك أنا ممكن اموت فيها لو
ڠضبت عليا..
ارتعشت كف ابيه وانهمرت دموعه وهو يجذب ابنه ليعانقه بأقصي ما استطاع من قوة وهو يقول بانفعال باكي لو أخدت كل مالي ومهما عملت مقدرش اغضب عليك يا ابني.. ده انت اللي طلعت بيه من الدنيا.. أنا بس مش عايز بعد العمر ده كله أظلم اليتيم اللي ربيته..وفي نفس الوقت مش هاجي علي حد فيكم.. 
  ولو جيت يا بابا مش هعترض.. 
ثم رمق زوجته بقسۏة ولا حد تاني يقدر يعترض.
ربت علي رأسه بحنان ربنا يبارك فيك يا توفيق.. رغم زعلي من بعادك في الغربة بس موقفك دلوقت خلاني أتأكد إنك ابن أصول ومانسيتش تربيتي واللي غرسته فيك.. 
  عمي ممكن تسمعني لو سمحت.
قالتها برجاء لكن لم يبدو علي الجد ترحيبا لها وهو يعزف عنها فنهض توفيق قائلا بحسم اطلعي علي أوضتنا يا إلهام وأنا هحصلك.. 
  بس أنا عايزة... 
قال صارخا بقولك اطلعي أوضتنا وأنا هحصلك..وكفاية اللي قولتيه وعملتيه..
بحثت بعيناه عن فرصة لتجادل كي تفيض بما تريد فأوقفها نظرته الرادعة مع عزوف وجه الجد عنها فسلمت لأمره مبتعدة تجر أذيال خيبتها بعد أن حصدت غضبهما معا. 
عاد ينظر لأبيه وغمغم باستعطاف عشان خاطري يا بابا اغفر لمراتي اللي عملته أنت عارف ان اللي دفعها تتصرف بالتهور ده حبها لرائف هي خاڤت تساوي ابننا بجسار.. لكن أنا هفهمها ومش هسمحلها تدخل تاني ده وعد..
قال بحزن مش قادر أنسى كسرة نفس جسار وصډمته والضياع اللي شوفته في عيونه قبل ما يسيبنا ويمشي..وياعالم هايجي
امتى..متهيئلي مش هقدر اسامح إلهام غير لما جسار يرجعلي تاني وعيونه ترجع ليها ضحكتها..
  أنا متأكد انه هيرجع زي ما حضرتك متعلق بيه هو كمان بيحبك لأنك ربيته وفي مقام جده فعلا.. هو بس محتاح يتوازن ويستوعب اللي عرفه. 
  يارب يا توفيق.. يارب.. 
ثم تسائل باهتمام رائف فين عرف حاجة 
  لأ.. لحسن الحظ انه نايم من امبارح من الإجهاد وكل ده حصل بالليل متأخر.. 
  طب بلاش تعرفه حاجة دلوقت. 
  من غير ماتقول يا بابا ماكنتش هقول.. 
  بس مراتك ممكن.. 
نهض والتمعت عينه بحدة إلهام مش هتعمل مشاكل تاني..عن إذن حضرتك. 
وغادره ليضع معها النقاط فوق حروفها لن يسمح لها أن تتسبب بخسارة أبيه بعد هذا العمر.
ولج إليها ووجه لا يعكس خيرا فتقدمت تسبق قوله بدفاع مبرر توفيق أنا مقصدتش إن الموضوع ياخد الصورة دي أو اني ازعل عمي بس.. 
  بس ايه ها 
هكذا قاطعها ليواصل مش قولتلك ماتدخليش أرتاحتي دلوقتي أما كسرتي خاطر شاب يتيم كام مرة قولتلك بابا بيحبه وبيعتبره حفيده خۏفتي يشارك ابننا في الميراث طب وافرضي هو بابا عنده شوية ولا أنا وانتي عندنا قليل أحنا عملنا في غربتنا ثروة تخلينا مانحتاجش من حد حاجة حتي بابا.. ليه نبشتي الماضي وظهرتيه بالقسۏة دي ليه.. أنا ابويا يقولنا احجروا عليا أنا ابويا يحزن كده بسببك لو جسار هيرجع لابويا الفرحة تاني أنا اللي هرجعه بإيدي يا إلهام والميراث أخر همي..
هدرت عليه بعد أن فاض الكيل أنت ليه محسسني اني الساحرة الشريرة في الموضوع هو انا عملت ده كله ليه مش عشان ابننا 
  وابننا مش محتاج. 
  وعشان مش محتاج اسيب غريب يقاسمه في حقه ده حتي مايرضيش ربنا وشرعه يا توفيق. 
  لكن يرضي ربنا اغضب ابويا واقف قصاده.. صح يا ألهام مش ده اللي انتي كنتي عايزاه
  لا طبعا أنا كنت عايزة بس افكره ان حفيده الحقيقي هو أولى وأحق.. وجسار في كل الأحوال كان هايجي يوم ويعرف حقيقته.. 
  بس مش بالطريقة القاسېة دي
  وأيش عرفني انه هينزل في نفس الوقت ويسمع كلامي.. 
  والله لو أنا مكانه بعد التلميحات اللي انتي خرفتي بيها إن رائف هو اللي شبه جده وان جسار فاشل.. طبيعي شكه يكبر مش ينام غير اما افهم.
صمتت دون رد متيقنه من منطقية ما يقوله وإن ظلت داخلها لا تري أنها مخطئة.. 
  أسمعي مني الكلمتين دول يا إلهام وافهميهم.. أولا أي حاجة تريح بابا أنا هوافق عليها مهما كانت ومش هسمحلك تعملي مشاكل بيني وبينه لكن اطمني والدي يعرف ربنا وشرعه زي ما قولتي وهيكتب لجسار المناسب من أملاكه من غير ما يجي على
حقي أنا وابني..وثانيا أنا أخدت قرار نهائي مش هرجع فيه وانتي عليكي توافقي أو ترفضيه براحتك.. 
رمقته بريبة بواصل أنا مش هتغرب تاني واسيب بابا انا ورائف كفاية اوي العمر اللي عدى وانا مش جمبه واللي كان مراعيه ومونسه هو اليتيم اللي انت قومتي الدنيا عليه.. لكن دلوقت خلاص جسار أكيد مش هيعيش هنا تاني بعد اللي حصل وأنا مش هسيب والدي للحزن والوحدة واسافر.. لأ.. هفضل هنا أبره واخد بالي منه واهون عليه.. 
  طب وشغلنا وحياتنا اللي كلها هناك 
  لو عايزة ترجعي للغربة ارجعيها مش همنعك 
أشارت لصدرها باستنكار لوحدي أرجع لوحدي يا توفيق أنت بتطردني من حياتك
  لا يا إلهام أنا بخيرك بينا وبين حياة الغربة وفلوسها اللي سحبت مننا العمر من غير ما نحس وبعدين اخواتك وولادهم وخالك هناك يعني تقريبا أهلك معاكي.. ممكن تروحي وتنزلي هنا أجازات كل سنة.. 
دمعت عيناها بذهول بالبساطة دي بتستغنى عني خلاص كرهتني عشان قلت كلمة حق.. 
  لتاني مرة بقولك اني بخيرك.. القرار في ايدك.. بس لازم تعرفي حاجة أخيرة.. لو فضلتي هنا لازم ترجعي علاقتك بوالدي وتكسبي رضاه عليكي تاني.. وإلا هيفضل بيني وبينك شرخ كبير..
خطي خطوتان نحو باب الغرف ثم توقف ليقول قبل أنا يغادر قدامك فرصة لحد ما الأجازة تخلص عشان تقرري.. هتفضلي ولا هترجعي لغربتك من غيرنا وتزودي رصيد حسابك في البنك..
سيجرد نفسه من كل شيء هذا ما فاض به تفكيره الساعات الماضية لم يعد يستحق شيئا من تلك العائلة زهد كل ما يملكونه المسكن الراقي سيارته الفارهة مكتبه الفخم رصيده البنكي المتاح له دون حساب النفوذ بلقب عائلة لا تجري دمائها في عروقهكل شيء هان عليه وبخست قيمته..لم يعد هذا الملكوت يساوي عناق يجمعه بأبيه الحقيقي.. بشقيقه إن كان له أشقاء..هدفه وحلمه الآن لم يعد أن يصدح أسمه عاليه في أروقة المحاكم..وهو ليس أسمه من الأساسا..ليس جسار..بل مجدر شريد يتسكع علي أرصفة مغبرة بالشتات يبحث عن بداية جديدة لحياته تناسب شخصا أكتشف لتوه
أن ماضية مجهول وحاضره ضائع سراب
ربما لا يعرف أين ستكون وجهته لكن يكفي أن يأخذ قراره.. والبقية سيتركها بين يدي الرحمن..
التقط سلسال مفاتيحه
الكثيرة وتأملها برهة ثم توجه ليغادر حيث الرجل الذي آواه ليعلم قراره.. 
.........
ضغط ذر المصعد ووقف ينتظر وصوله بشرود طفيف ليتفاجأ به يشرع ويطل منه رجلا وقور الهيئة.. تعرف عليه جسار علي الفور وهو يغمغم بدهشة 
 أمين بيه 
مشط الرجل هيئته الغير منظمة سريعا وقال 
واضح اني جيت في وقت مش مناسب وكان لازم اخلي سارة تاخد منك معاد.. 
تمالك جسار نفسه سريعا ورد قائلا لا ازاي حضرتك تشرف في اي وقت اتفضل.. 
واستدار يفتح باب مكتبه ثانيا وهو يدعوه للدخول.
أعد له قدحا من الشاي وقال معلش محدش موجود هنا كله أجازة..غمغم أمين ولا يهمك وتسلم ايدك.. وأسف مرة تانية اني عطلتك.
ابتسم جسار رغم ما يخفيه وقال مش هيجرى حاجة لو أجلت نزولي شوية.. واستطرد بعملية أنا تحت أمر حضرتك في اللي جاي عشانه يا أمين بيه..
حاصره الرجل بنظرة ثاقبة طالت قليلا قبل أن يفيض بما جاء من أجله عايزك مستشار قانوني للشركة بتاعتي.
صدم جسار من عرضه المباغت وفي هذا التوقيت من دقائق معدودة لم يكن يدري كيف سيبدأ من جديد طريقه بعد أن قرر التخلي عن كل ما يملك للجد ليكون الله رحيما به ويرزقه بعمل أخر وبسرعة لم يستوعبها بعد.
  هسيبك وقت تفكر..بس عايزك تطمن أن المرتب هيكون مجزي جدا..
  موافق..
أعلنها واضحة دون مراوغة العرض بكل المقايس فرصة لرجل كاد أن يتسكع في الطرقات دون عمل أو مآوى.. أما أمين فلمعت عينه بعد أن حصل علي بغيته من تلك الزيارة..سيضع ذاك الشاب تحت مجهره مادام الأمر يخص قلب ابنته سارة ولمس تعلقها به بعد أن سمع جزء من حوارها مع شمس..
________________________________________
فليختبره ويراقبه ليحكم عليه عن قرب.. ولم يكن ليحدث هذا لولا صنع جسرا للتعامل المهني المشترك بينهما.. ولكل حاډث حديث لاحقا..
رواية صړخة
على الطريق 
بقلم ډفنا عمر
الفصل السادس
وقف بسيارته أمام بوابة الفيلا التي كانت مآواه طيلة حياته.. بينما الآن أصبح مجرد غريب يطرق بابها الموصد ويستأذن لمقابلة الجد تجاهل دهشة الحارس من طلبه وغاب لحظات ثم عاد ليبلغه بالدخول أو هكذا ظن قبل أن يجد من يهرول عليه بلهفة واضحة رغم عمره ويسحبه بعناق جارف كاد يعتصره وهو يبكي..لم تطاوعه ذراعيه ألا يرد العناق بمثله.. حاوط جسار جده بحب حقيقي لم ولن ينضب داخله فإن كڈب كل شيء لن ېكذب عاطفة هذا العجوز الطيب الذي رباه كأنه من نسله..وحنانه الذي غمره به..إن خسر كل شيء لن يترك غنيمته الغالية في قلب جده.. 
  بتستأذن تدخل بيتك ياجسار.!
همسها الجد بعتاب ومازال يحتويه بذراعيه الواهنة فابتعد عنه وتمتم متغاضيا عن عتابه أسمحلي اخد من وقتك دقايق واتكلم معاك في حاجة مهمة. 
أجابه بعاطفة لا تكذب بعيناه الذابلة عمري كله ليك ياجسار مش بس دقايق..تعالى معايا..وجذبه من يده للداخل..صار وكأن الزمن قد عاد به للوراء بضع سنوات حين كان طفل صغير يتبع جده الحنون وأنامله مستكينة بكفه.. رعشة طفيفة أصابت جسار فطن لها الجد وأدرك مغزاها..هو لم يفقد رصيده في قلب حفيده الأول حتى لو كانت دمائهما ليست واحدة..مازلت حبال العشرة والحب معقودة بينهما ولم تنقطع.. 
أثناء مروره للداخل قابله رائف يصيح بمرحه المعهود بقي كده يا كبير تسيب أخوك الصغير وتخرج ناسي الخروجات اللي وعدتني بيها
ظل يرمقه بحزن شديد من ظنه طيلة عمره الماضي شقيق وسند له لم يعد شقيقه..تلاشت صلة قرابتهما بعد أن تعرت الحقيقة وعلم أنه مجرد دخيل على هذه العائلة.. 
  أخوك كان عنده شغل يا رائف.. 
ثم استطرد الجد هو ينظر لجسار بس أكيد مش هينسى إنك اخوه لأنه مالوش غيرك. 
تلجم جسار وهو ينظر لجده ولم يعرف ماذا يقول.. 
  ورائف كمان مالوش غير اخوه جسار..
لو نبعت العبارة من الجد ما تعجب لكنها صدرت عن والده أو من ظنه والده يوما..ليسترسل توفيق وهو يقترب مش كده برضو ياجسار انت ورائف اخوات ومفيش حاجة هتفرقكم.
ابتسم الجد بفخر ورضا تام عن تصرف أبنه وموقفه الإنساني حيال جسار ربما ظلمه حين أعتقده قاسې القلب لكن ها هو يثبت له كم كان خاطيء بشأنه..
  انتو كلامكم غريب كده ليه يا جماعة كأنكم بتعرفوني أنا و اخويا على بعض من جديد.. بابا وجدو مالهم أنهاردة يا جسار 
مازال الأخير في حالة عدم توازن وحزن جعله يلتزم الصمت المتأمل بعجز ليتدخل توفيق بقوله طيب بطل لماضة بقي وروح شوف رايح فين..وسيب أخوك مع جده شوية.. 
  ماشي يا سي بابا.. ثم نظر لأخيه وقال انا منتظر ټوفي بوعدك يا كبير أوعي تنسي اخوك أنت وأشرف..لم يستطع أن يخذل تلك العاطفة الناضحة له من أخيه فغمغم أخيرا إن شاء الله يا رائف.. 
مش هنسى. 
فوق سطح المكتب حرر ميداليته الفضية التي تجمع مفاتيحه تحت بصر الجد نادر وتوفيق الذي تسائل ايه ده يا جسار 
نظر له الأخير مقرا بهدوء دي كل المفاتيح بتاعة العربية والمكتب وشاليه اسكندرية والفيلا.. واستطرد والفيزا
بتاعة البنك.
غبر الحزن محياهما وقال الجد بتأثر وغيامة دموع بدأت تتكثف بمقلتاه خلاص يا ابني ناوي تنسحب من حياتنا بالبساطة دي كأننا غرب عنك خلاص مفيش جدو اللي بتحبه وتحكيله كل حاجة في يومك جدو اللي كنت مش بتنام غير لما تطمن انه متغطي وواخد علاجة ومش تعبان هتنسانا وكأنك متعرفناش وتخرج من البيت اللي اتربيت جواه سنين عمرك كله.. هتنسي طفولتك هتنسى لعبنا سوا هتنسي كل حاجة عشتها هنا ياجسار
لو كان رشق بقلبه سهام حادة لما ألمته كتلك الكلمات التي مزقت روحه.. دني منه واحتوي كفي جده بين راحتيه القوية وهمس بصدق لو نسيتك ياجدي ابقي جاحد وقليل الأصل..خروجي من البيت والتخلي عن رفاهيات مبقيتش من حقي مش معناه اني بنسحب من حياتك ده انت لو طردني وقولتلي امشي همسك في ديلك ومش هسيبك لأني مقدرش ابعد عنك أنت أغلي وأهم شخص عندي في الدنيا انا معرفش ليا أهل لكن اعرفك انت. 
ترقرقت عين الجد ما بين راحة بما قال وحزن لما هو أت بينما يتابع توفيق حوارهما
بتأثر وجسار يواصل بس أنا مقدرش اقبل اتمتع بمنح مادية مابقيتش من حقي برفض رفاهية مش ملكي دلوقت ياجدي أنا هبدأ طريقي بشغل جديد وبيت تمنه من كدي وتعبي.. وفي نفس الوقت لازم ادور على أي خيط يوصلني لأبويا وأهلي..
ثم غمرته نظرة حزن عميق تفطر القلب كفاية عرفت اني أمي ماټت يوم ما ولدتني..والأمل الوحيد اللي فاضل ان ابويا يكون عايش..مش أنت بتحبني ياجدي يبقي سبني اعمل اللي يريحني..لكن صدقني مفيش حاجة هتبعدني عنك ابدا ولا تقلل مكانتك جويا..
ثم مد أنامله وجفف دموع جده العزيزة وقال مازحا وعشان تعرف ان حفيدك الحليوة مش بيضيع وقت أنا فعلا لقيت شغل تاني في شركة والد زميلة ومحامية في المكتب عندي.. هبقي مستشار والدها القانوني..
حاول الجد أن يغتصب ابتسامة وهو يربت علي رأسه بحنان مبروك ياحبيبي ثم تساءل طب ومكتبك اللي تعبت فيه وبنيت سمعته بشطارتك هتسيبه يضيع منك 
  لا جدي مش هيضيع أشرف وأدم وسارة هما اللي هيكملوا القضايا متخافش.. 
رمقه بنظرة مطولة قبل ان يقول أنا ليا حق عليك ولا لأ يا جسار 
  طبعا ياجدي وكلمتك سيف على رقبتي بس..
  مفيش بس أنا مش هقولك سيب فرصة الشغل اللي جالك في شركة أبو زميلتك بس كمان المكتب ده اتعمل بمجهودك ومهارتك انت ليه تفرط فيه وهو حقك وبعدين ده هديتي في نجاحك والهدية مابترجعش وإلا تعتبر إهانة..عايز تهين جدك
تتدخل توفيق داعما أبيه تلك المرة بود لا يصطنعه اسمع كلام جدك يا جسار وماتزعلوش زي ما قالك المكتب ده انت اللي عملته وتستحق تحتفظ بيه..
وواصل بأديث أكثر عمقا مهما كان اللي حصل واللي عرفته أوعي تنسى انك كنت ومازلت حفيد للراجل ده ولازم تسمع كل كلامه فاهم
  فاهم يا... ..
وقفت الكلمة گ غصة في حلق جسار لم يستطع لفظها..إن ناداه بأبي سيكون كاذب فلم يستشعرها منه يوما مثلما كانت أحاسيسه تجاه الجد نادر..
ولم يغب عن توفيق تردده لقولها فغمغم كأنه سمع ما دار بذهنه أنا مش هخدع نفسي واعاتبك واقولك ليه مقدرتش تنطقها دلوقت عارف ان عمرك ما حسيتها مني يا جسار.. انت ماحبيتش غير بابا وابني رائف.. لأن هما فعلا اللي ادوك مشاعر و عواطف حقيقية بس برغم كده أنا بشكرك لأنك كنت بار بأبويا أكتر مني ودايما كنت معاه لما احتاجك.. 
  وهفضل كده طول عمري.
قالها جسار بحسم وقوة دون لحظة تردد كي يرسخ فيهما تلك الحقيقة.. ليبتسم جده بحنان وقلبه يخفق حبا وفخرا بما صار عليه ذاك الذي تلقفه من الطريق ذات يوم رضيعا ېصرخ..ها هو كبر ولم ينسى ما قدمه له.. مازال بارا محبا له كما كان.. 
  اسمحولي استأذن.. 
  على فين 
قالها جده بلهفة وعيناه تستجدي بقاءه فتماسك جسار أمامه كي لا يضعف هشوف سكن مؤقت لحد ما تستقر أموري يا جدي..
  طب خليك معانا لحد ما تظبط الدنيا وبعدين ناسي رائف اللي هيسأل عليك ويستغرب انك مش موجود ولا ناوي تقاطع أخوك 
قالها توفيق كي يثنيه عن الرحيل فرد عليه 
رائف انا هقابله وافهمه لكن وجودي هنا مبقاش ينفع خلاص. 
أطرق الجد رأسه باستسلام حزين فرفعها جسار هامسا بحنان وبعدين ياجدي مش اتفقنا ان مفيش حاجة هتتغير كل الحكاية اني هستقل بحياتي ماديا مش أكتر..
سلم أمره لله وهو يتمتم هتعرفني مكانك الجديد 
  أكيد طبعا..
مكث الجد ينظر له برهة كأنه يتشرب ملامحه للنرة الأخيرة قبل ان يجذبه في ضمة قوية قائلا أعمل اللي يريحك وربنا يوفقك بس اوعي تنسي اني موجود في ضهرك منين ما تحتاج حاجة فاهم 
ابتسم ممتنا له فاهم ياجدي.. 
ابتعد متأهبا للمغادرة ورمق توفيق بنظرة احترام ثم قال له ما يراه حقا رغم كل شيء شكرا إنك وافقت في يوم من الأيام تكتب طفل
يتيم من الشارع على اسمك..
اغرورقت عين توفيق بالدموع وللمرة الأولي يقدم علي عناقه بتلك الحميمية وبحنان نفذ لقلب جسار الذي بادله العناق دون وعي..فهذا الرجل الذي يضمه كان يعتبره لسنوات طويلة من عمره..أبيه.
تراقبها وهي تلتهم أرض غرفتها مجيئا وإيابا بتوتر بالغ قائلة ھموت واعرف بابا أخد عنوان مكتب جسار ليه.. تفتكري سمعنا ياشمس 
  معتقدش.. 
  أمال تفسري بايه طلبه
أحتمال يكون شغل قضية مثلا وعايز يستشيره
  يا سلام طب منا قدامه مش سألني ليه
  معرفش يابنتي ده مجرد احتمال..
جلست جوارها تزفر بقلق وهي تقول خاېفة أوي على جسار ياشمس..كلامك عن حالته خوفني أوي..ثم استرسلت ببعض الشرود كتير بشوف في عيونه حزن غريب كأنه بيدور علي حاجة مش لاقيها.. 
حدجتها شمس مليا بغموض ثم تساءلت انتي لسه بتحبيه يا سارة 
التفتت إليها وهمست بشخوص صدقيني أنا ساعات مش بعرف اسمي مشاعري ناحية جسار.. 
  ماهي لو مش حب هتكون ايه 
صمتت بحيرة واضحة فعاجلتها شمس بسؤال جديد وآدم بتحسي ناحيته نفس مشاعرك ناحية جسار
أصابتها حيرة أكبر وقد بدا سؤالها شديد الصعوبة..فترة عملها جوار آدم قربت بينهما بشكل كبير تأكدت من مشاعره الجارفة نحوها غيرته الجلية من العملاء وخوفه المفرط عليها دفء نظراته نحوها كل مادا تتغلل في روحها وتنبت داخلها براعم اهتمام وميل نحوه لا تنكره تعارفها بعائلته ورؤية نشأته المتواضعة القرب منهم غرزت فيها عاطفة تشعبت مع الوقت فتعمقت فيها أكثر لدرجة لم تدركها فترة الجامعة..والأخطر أنها تشتاقه لو غاب كما أنها اصطدمت في نفسها بشعور أخر لم تتوقع يغزوها هكذا وهي تضبط نفسها متلبسة بداء الغيرة عليه من إحدى زوار المكتب وهي تتعمد الدلال معه لتجد نفسها دون وعي تحول بينهما بحدة واضحة وتتولي هي التعامل مع العميلة التي أتت ترفع قضية خلع من زوجها..تصرفها غمر وجه أدم حينها بسعادة طاغية..أخجلها هي من نفسها..
  يااااه.. كل ده تفكير عشان تجاوبي سؤالي
نزعها صوت شمس من شرودها فقالت لأني مش عارفة اقولك ايه..حاسة اني مش طبيعية.. 
  ليه بتقولي كده
  لأني بحب الاتنين يا شمس..بس كل واحد حبه مختلف جوايا عن التاني وده اللي محيرني مش قادرة احدد حاجة.. 
  بتغيري علي مين فيهم 
  آدم.. 
قالتها دون تردد لتبتسم الأخرى 
يبقي واضحة انتي بتحبي آدم يا سارة انما مشاعرك لجسار دي حاجة تانية خالص..ممكن يكون انبهار بشيء معين فيه أو
________________________________________
حتي مجرد راحة نفسية لشخص ممكن يصادفك في اي مكان.. انما مش حب بجد..ده اللي متأكدة منه بعد اللي قولتيه. 
عاد يحتلها القلق عليه وهي تهتف يمكن يكون كلامك صح بس المهم دلوقت اني خاېفة عليه أوي يا شمس..تفتكري ايه سبب حالته اللي حكتيها عايزة اطمن عليه بأي شكل وللأسف لما جيت اتصل لقيته قافل تليفونه..
لا تنكر عليها أبدا هذا القلق الذي انقسم شطر منه داخلها بعد ما رآت حالته لكنها هتفت لتهدئها بصي فات حوالي ساعتين من وقت خروج عمو.. أتصلي أسأليه..
  اتكسف أصل بابا بصلي بنظرات غريبة كده قبل ما يمشي.. 
  خلاص هتصل أنا وافهم بطريقة غير مباشرة.
انتظرت رده علي الطرف الأخر وما أن أتاها حتي صاحت صباح الخير يا عمو أمين ايه الأخبار
  الحمد لله يا شموسة وصباحك ورد.. انتي لسه عند سارة
  أيوة ياعمو ما انت عارف بنتك رغاية ازاي بس انا شوية وجاية الشركة اشوف شغلي ماتقلقش.. 
قهقة وقال ده العادي بتاعكم لما بتتلموا على بعض..عموما لو عايزة خليكي منورانا ونتغدا سوا لما ارجع.. 
قالت بمرح تسلم يا فتى أحلامي..بس هاجي الشركة طبعا أشوف شغلي. 
  بطلي بكش فتي أحلام ايه بكرشي ده المهم خدي راحتك وهستأذنك عشان عندي اجتماع هيبدأ بعد دقايق.. 
  ماشي ياعمو بس.. 
  بس ايه
تنحنحت بشيء من التوتر ثم تراجعت عن قولها لا خلاص مفيش.. 
رمقتها سارة بحنق شديد أما أمين فطن لما تريد وما تنتظره سارة فتظاهر بعفوية قوله صحيح نسيت اقولك إن المحامي اللي سارة شغالة معاه ده.. أنا قابلته واتفقت معاه انه هيكون مستشارنا القانوني في الشركة..
فغرت شمس فاهها بدهشة دون رد لتطالعها سارة بريبة بينما واصل أمين وبكره هعمل اجتماع ترحيب به في الشركة عشان اعرفه علي الكل وانتي هتكوني موجودة طبعا.. ودلوقت سلام واشوفك لما تيجي..
  مالك متنحة كده ليه هو بابا قالك ايه 
نظرت إليها ومازال يعتريها الذهول وهي تهمس عمو أمين راح لجسار وطلب منه يكون مستشارنا القانوني وهو وافق وجاي شركتنا بكرة يتعرف علينا.
لم يختلف حال سارة عن ردة فعل شمس الذاهلة والأولى تهمهم ببلاهة جسار هيشتغل مع بابا إزاي طب والمكتب 
الأخيرة بعد تراجع دهشتها قليلا للخبر
معرفش يا سارة بس ممكن أوي يدير الاتنين الفكرة في الصدفة نفسها إن عمو يختار ده بالذات يشتغل معانا في الشركة.. 
  وده معناه ايه
  عادي احنا كنا محتاحين مستشار قانوني..وجسار محامي شاطر حسب كلامك..يبقي الموضوع منطقي برضو..أنا بس اتفاجأت لكن دلوقت شايفاه عادي..
ثم
التقط حقيبتها وقالت وهي تغادر أنا هروح الشركة بقى وكفاية اللي ضاع من يومي انهاردة سلام.. 
رحلت وتركتها لدهشتها وفرحتها في آن واحد جسار سيعمل مع والدها الخبر يستحق أن تحتفل به لكن مسحة قلق عادت تساورها وهي تتسائل بضميرها..ما الذي حدث معه وبدل خططته هكذا تذكر منذ عام أنه رفض عرض شبيه لعرض والدها للعمل بشركة كبيرة وكان رده أنه لا يريد التشتيت مكتفيا بمكتبه الذي يعج بالقضايا.. ما الذي غير الحال
تنهدت اخيرا وهمهمت لنفسها مسيري هعرف كل حاجة المهم انه هيشتغل في شركتنا وهيكون قريب مني أكتر من الأول..
ثم همست بخفوت كأن ربنا عايز يقربنا أنا وأنت دايما لبعض ياجسار.. ليه مش عارفة ولا فاهمة. 
  ازاي يا بني أدم انت تقفل تليفونك بعد رسالتك المريبة دي وتختفي كده وتوقع قلبي عليك ها
هكذا هدر عليه أشرف وهو يلكمه في كتفه پغضب نبع من قلقه والأخر يقول بتفهم كنت محتاج خلوة استجمع فيها نفسي يا أشرف.. 
تسائل بريبة ليه يعني حصل ايه عشان ده كله 
ندت عنه تنهيدة معبئة ببعثرته وضياعه واستند على ظهر الأريكة وغمغم حصل اللي طول عمري كنت بحسه بس مش قادر أبوح به أو أتأكد منه عرفت ان جذوري مالهاش علاقة بالأرض اللي عشت فيها يا أشرف..
عقد الأخير حاجبيه بتساؤل قصدك ايه بالكلام ده يا جسار فهمني
تضخم صدر الأخير بالهواء قبل أن يبدأ في استرساله لكل ما صار معه ليعلق أشرف بذهول أنا مش قادر اصدق اللي سمعته ده.. أزاي طلعوا مش أهلك 
  جدي لقاني وأمي كانت بتطلع في الروح اخدني ولما معرفش حاجة عن أهلي قرر يكتبني على أسم ابنه ومراته والباقي انت عارفه.. 
صمت قليلا يستوعب ما علمه ثم ربت على كتفه بتعاطف طب وانت ناوي على ايه يا جسار دلوقت هتستمر معاهم ولا هتعمل ايه 
  أنا خلاص عملت يا أشرف سبت كل حاجة تخصني هناك ومشيت هبدأ من جديد والحمد لله جالي عرض شغل ممتاز في شركة والد سارة.. 
 والد سارة وايه عرفه عليك
مط شفتيه وهو يهز كتفيه ببساطة اكيد بنته ذكرت مهارتي قصاده واتكلمت عن شغلي.. 
  ممكن جدا طب ومكتبك يا جسار هتسيبه
  ماهو ده أول سبب جيتلك عشانه يا أشرف عايزك تدير المكتب انت وآدم ومعاكم سارة.. 
  وانت
  أنا هركز في شغلي الجديد وفي نفس الوقت عايز الاقي وقت أدور فيه على أهلي.. عشان كده هسيبلك المكتب تديره فترة واستطرد أنا بصراحة روحت لجدي وقولتله اني هسيب كل حاجة بس هو صمم ان المكتب يفضل بتاعي لأنه اتعمل بمجهودي.. 
  معاه حق يا جسار القضايا اللي كسبتها في تلات سنين هي السبب الرئيسي في زحمة الزباين اللي بتتوافد علينا دي كلمة حق.. 
طبطب علي كتفه شاكرا ماتقولش كده انت كمان مش قليل يا أشرف وأدم كمان ممتاز. 
  لأ.. الفكرة في نوع القضايا المعقدة اللي انت اترافعت فيها.. عشان كده استحقيت لقب محامي عقر ياصاحبي.. 
شخصت عيناه هامسا أهو المحامي العقر ده بيواجهة أصعب قضية في عمره كله يا أشرف..هيدور علي أبرة في كوم قش..مش عارف منين ابدأ عشان الاقي ابويا وأهلي.. 
  اطمن يا جسار مادام ربنا خلاك تعرف نص الحقيقة يبقي مخبيلك الخير وهيدلك عليه.. ربنا يجمعك بيهم على خير.. 
 اللهم أمين ربنا يعطرني فيهم في أقرب وقت. 
 إن شاء الله طب قولي بقي ايه السبب التاني اللي جيت عشانه
  عايز سكن وياريت لو هنا في منطقتك عشان اكون معاك..ويفضل لو الليلة بدال ما اضطر ابات في فندق والماديات خلاص بقيت مش زي الأول والمبلغ اللي معايا بسيط جدا انا سبت حتي فيزا البنك لجدي..
أخبره بدعم ماتحملش هم وانا موجود.. 
  شكرا يا صاحبي بس أنا عارف البير وغطاه انت بس دبرلي سكن بسيط حواليك وأكيد لما اشتغل عند أمين بيه هاخد مرتب كويس وربنا يسهل. 
حك ذقنه علامة تفكيره
العميق ثم ألقى اقتراحه بص هو في مكان ممكن تعتبره مؤقت بس مش عارف هترضي بيه ولا لأ.. 
  ومش هرضي ليه فين هو
  هنا في العمارة بتاعتنا شقة صغيرة غرفتين وصالة وحمام ومطبخ بس... 
  بس ايه ماهي ممتازة اهي وكمان في عمارتك يعني هكون معاك.. 
  أصلها في أخر دور وبصراحة عايزة شوية توضيب..ومعتقدش تناسبك يا جسار بعد عيشة القصور اللي كنت فيها.. 
منحه ابتسامة مريرة قائلا ورغم القصور والفخامة دي عمري ماكنت مرتاح يا أشرف دايما كان ناقصني حاجة وحاسس بالغربة فيها..وطلع إحساسي مظبوط في الأخر.. بالعكس يمكن هنا اكون مبسوط أكتر لأني في مكاني اللي استحقه.. ومع الوقت حالي هيتحسن.. المهم عندي ربنا يفتحلي طريق يوصلني لأهلي وأي حاحة غير كده سهلة.. 
  هيحصل بأذن الله يا جسار أكيد اللخبطة اللي حصلت لحياتك دي وراها مفاجأت جاية.. 
  المهم تكون مفاجأت سارة يا صاحبي.. 
ضحك وقال سارة زميلتك
  لا طبعا ياخفيف.. المهم تعالي وريني الشقة. 
  ماشي
وسيبك من إيجارها دلوقت الحاجة ام محمود مش غريبة وانا هعرفها وضعك الأهم ان انا و انت نشمر ايدينا وننضفها بعدين هطلعلك فيها سرير وشوية لوازم مؤقتة تمشي نفسك بيهم لحد ما ربنا تفرجها.. 
حدجه جسار بامتنان كبير وتمتم شكرا يا أشرف علي وقفتك معايا والحمد لله إن الصاحب مش بيتغير.. علي الأقل انت الحقيقة الوحيدة دلوقت في حياتي مطلعتش وهم زي أهلي. 
  بلاش عبط احنا اخوات ومفيش بنا الكلام ده.. 
  وأكتر يا أشرف.. وأكتر.
الفصل السابع
مسيرين أم مخيرين أحيان لا ندري وجهتنا. 
تقودنا رياح الأقدار حيث شاءت لنا السير. 
فنتكيء بكل قوانا على صولجان الإيمان والأمل. 
لعلهما يعصمانا معا شړ السقوط. 
أهلا بيك يا أستاذ جسار
قالها رضوان مرحبا به وتبعه ابنه الأكبر حمزة اعتقد أننا كسبنا مستشار قانوني مميز لشركتنا. 
ابتسم جسار أنا اللي كسبت بانضمامي ليكم .
سارة بترحيب حار بجد مبسوطة اوي انك انضميت لينا يا جسار قصدي استاذ جسار. 
رمقها أمين بنظرة ما بينما رحبت به شمس برسمية لا تخلو من ود بنت عمي دايما تثني على شغلك وقدارتك في حصد حقوق عادت لأصحابها اعتقد زي ما قال الجميع انك إضافة لينا.. شرفتنا.
تعجب ترحيبها هي بالذات لكنه تخطاه بقوله المقتضب شكرا استاذة شمس. 
  أنا بقي بدون مقدمات بقولك نورت يامتر.
قالها ريان بمرح ذكره بشقيقه رائف فقال ده نورك والله.. يارب اكون عند حسن ظن الجميع. 
أمين تمام بما ان التعارف تم بينكم حمزة هيعرفك فين مكتبك وبالتوفيق. 
بعد مرور شهر!
راح يطرق الباب بصخب ينادي 
  يا سيادة المحامي المخضرم.. أفتح ياجسار بيه. 
فتح له الباب وهي يصيح ايه يا ابني الدوشة بتاعتك دي وايه اللي معاك 
  دي حاجة معمولة ليك مخصوص من الحاجة ام أشرف ثم كشف جسار غطاء الصحن ليصيح باستحسان الله لقمة القاضي.. 
قال بتهكم ايوة يا سيدي امي عملتها مخصوص عشان عارفة انك بتحبها مع اني من رمضان اللي فات بطلبها معبرتنيش.. 
  طب ادخل انت اعملنا شاي يا أشرف عشان نشربه معاها هنا علي السطح.. 
رفع له حاجبية نعم هو انا الفلبينية اللي بتشتغل عندك 
  سوري يا أشرف اظاهر أخلاق ولاد الأكابر لسه مأثرة على سلوكي.. 
  بس أخلاقك دي لأزم تتقوم وإلا هتفسد..مش ناقص غير انك تطلب تفطر فينو وفلامنك.. أحنا هنا بنقدس عيش التموين اللي بخيره.. وركز على بخيره دي.. 
  عارف قصدك عشان كده مش بدوقه انجز بقي واعمل شاي لقمة القاضي هتبرد يا رخم.. 
  ماشي بس اوعي ټضرب الطبق كله! 
  ليه شايفني مفجوع وطفس زيك
  لأ ازاي يا ابن الأكابر.
صب لهما قدحان من الشاي الساخن وقال أخبار شغلك ايه في شركة أمين بيه 
  الحمد لله تمام الحقيقة عيلة محترمة ومنظمة جدا كل واحد له شغله.. يعني أمين بيه هو الرئيس التنفيذي المسؤل عن مسار الشركة بشكل عام.. وبيشاركه أخوه رضوان بيه اللي ولاد التلاتة شغالين معاه شاب فيهم مدير تنفيذي لقسم المعلومات وأنظمة الكمبيوتر والتاني ماسك قسم الهندسة المدنية واختهم شمس هي اللي ماسكة قسم الحسابات. 
  ما شاء الله فعلا حاجة تشرف..بس شمس دي مش هي البنت اللي
________________________________________
جت الجامعة رشت عليك اسبراي 
  أيوة هي.. 
  ده تلاقيها مش طايقاك هناك.. 
  بالعكس يا أشرف
دي طلعت ظريفة وكمان جادة في شغلها اوي ومحترمة واتعاملت معايا بود كبير وده اللي استغربته جدا منها وأثار إعجابي بيها..
  فعلا غريبة يعني سارة عادي ترحب بيك وهي فرحانة بحكم زمالتكم وشغلها معانا في مكتبك..لكن شمس
ارتشف بعضا من فنجانه وقال الدنيا علمتني ان المظاهر خداعة يا أشرف..عشان كده أنا غيرت نظرتي ليها.. هي مش بنفس الفظاظة اللي كنت فاكرها لما اتعاملت معاها عن قرب ابتديت اشوفها بشكل تاني ليها جمال هادي ومختلف.. يمكن ده نابع من انجذابي لشخصيتها في الشغل مثلا 
  ممكن جدا..لعلمك مافيش بنت وحشة الفكرة في الطباع والأخلاق.. خصوصا في الزمن اللي احنا فيه.. اللي يلاقي بنت كويسة المفروض يحمد ربنا على حظه.. 
  عندك حق.. وتسلم ايدك انت بتعمل شاي أحسن من دادة سيدة.. 
رمقه بحنق فرماه جسار بغمزة عين مشاكسة ثم أرتشف باقي فنجانه دفعة واحدة وقال أنا هسيبك بقي وانزل عشان هقابل رائف..وبعدها هنعدي على جدي عشان اطمن عليه.. 
  هتحكيله الحقيقة 
  لازم دي حاجة مش هينفع تستخبى عنه. 
  طب وبعدها هتفضل علاقتكم ولا 
قال بثبات جدي ورائف بالنسبالي معزتهم هتفضل زي ما هي وعلاقتنا كمان..هو اخويا اللي بحبه وبخاف عليه وهفضل جنبه دايما.. 
ربت علي كتفه وهو كمان بېموت فيك يا جسار خلاص روح قابله وربنا يعمل الخير بينكم.. 
  اللهم امين سلام يا أشرف.. 
توجه لإحدي المقاهي في وسط البلد وانتظر شقيقه الذي أتاه بعد قليل قائلا أخيرا فضيت نفسك عشان اشوفك..في ايه يا جسار ليه سايب البيت وكل اما اسأل حد ألاقي رده غامض بالذات جدي وبابا.. فهمني ايه الحكاية 
نظر له بحنان لا يدعيه وقال طب اهدي وهفهمك كل حاجة.. بس
تشرب ايه الأول 
  ياريت فنحان قهوة مانمتش ودماغي هتتفرتك.. 
  بعد الشړ عليك يا حبيبي.. 
انتظر ليضع النادل فنجان القهوة ثم استجمع تركيزه وقوته وسرد كل شيء له وكلما توغل بسرده ظهرت الدهشة علي ملامحه ليهتف أخيرا مش ممكن اللي بسمعه ده يكون حقيقة! يعني انت مش اخويا لا مستحيل..أنا مش مصدق.. 
ربت برفق علي كف أخيه وقال بالعكس يا رائف لازم تصدق..لو راجعت شكل علاقتي بوالدتك ووالدك هتتأكد انها الحقيقة اللي كنت دايما بحسها بقلبي بس بنكرها.. 
أغرورقت عين شقيقه وتمسك بكفي جسار كأنه طفلا يتشبث بأبيه وهو يقول بس أنا ماليش دعوة بالحقيقة دي ولا هتفرق معايا انت اخويا ومحدش ممكن هيفرقني عنك ابدا. 
لمعت عينه بمحبة طاغية وداعب شعر أخيه بود مين قال هنفترق ياحبيبي..مفيش حاجة بنا هتتغير صدقني كل الحكاية اني استقليت ماديا عنكم لأن مبقاش من حقي اتمتع بقرش مش بتاعي.. انما علاقتي بيك انت وجدي مستحيل تنتهي.. 
  طب وماما وبابا خلاص مش بتحبهم 
  لا يا رائف مش كده بس يمكن عشان عمري ما حسيت معاهم بعلاقة دافية.. الفتور والبعد كان هو أساس علاقتنا.. فمتلومنيش لو بعدت.. لكن أنا بحترمهم وكفاية انهم عطوني اسمهم اعيش بيه لحد ما كبرت. 
  بس بابا بيحبك وزعلان من وقت ما مشيت.. 
  بكره ينساني وربنا يخليك ليهم يا رائف.. 
تأمله الأخير بحزن كيف لم يعد جسار شقيقه ومن نفس دمه كيف 
  طب وعايش ازاي يا أخويا
  اطمن والله انا زي الفل وشغال والدنيا تمام.. 
ثم تنهد مع قوله كل اللي بتمناه دلوقت يا رائف اعرف طريق يوصلني بأهلي..بس مش عارف ابدا منين.. 
  أكيد هتلاقي سكة بس ادعي ربنا.. 
  طبعا بدعي والله طب يلا بينا نروح لجدي اطمن عليه معاك
  يلا بينا.. 
وفجأة صاح كأنه وجد كنزا 
جسار.. أنا ممكن اساعدك تلاقي أهلك.. 
برقت عين الأخير بحماس ودب الأمل في صدره وهو يستمع لحديث أخيه. 
  معلومات ايه اللي عايزها يا رائف 
تسائل الجد بتعجب ليتدخل جسار بحماس عن الحاډث اللي لقيتني فيه ياجدي ورائف هيسأل عميد شرطة قريب واحد صاحبه هناك في نفس البلد اللي حصل الحاډث فيها..ليكمل الأخر بالظبط كده.. وممكن جدا نعرف اي معلوماته توصل اخويا لأهله..
ومضت عين الجد سعادة وهو يري علاقة أحفاده مازالت قوية رغم كشف ما كان..هاهو حفيده الأصغر يدعم أخيه بمحبة.
  حاضر هحكي كل اللي شوفته والمكان بالظبط وشوف هتعمل ايه يمكن يجي الڤرج علي إيدك ياحبيب جدك.. 
  اطمن ياجدو أنا متفائل..
قص
له سريعا التفاصيل التي ربما تساعده خاتما قوله كده انت عرفت كل حاجة يا رائف. 
  تمام يا جدي بأذن الله أعرف اساعد اخويا. 
ربت جسار علي رأسه بود فهتف الجد نادر 
 طب يلا يا حبايبي نرجع البيت نتغدي كلنا سوا..بقالنا كتير متجمعناش..
تنحنح جسار بحرج معلش ياجدي مش هينفع عندي مشوار تاني ومش جعان أصلا بالليل هتعشي مع أشرف..
أظلم وجه الجد لرفض دعوته فأشفق عليه وقال بس لو حضرتك هتعزمني أنا ورائف بكرة علي أكلة سمك..موافق.. 
  وأشرف كمان.. 
  ده أساسي وألا يفضحني..
ابتسم الجد لهما وغمغم خلاص اتفقنا يا ولاد وبلغ أشرف بالنيابة عني.. 
  تمام استأذنكم انا ونتقابل بكره
رائف طب انا عايز ازورك مكان ما انت عايش.. امتي هتاخدني عندك يا چيسو
  نفوت بكره وبعده عشان هكون مشغول شوية باستثناء طبعا وقت الغدا بتاع جدي.. ومعادنا الجمعة تيجي من الصبح تقضي اليوم معايا أنا وأشرف.. 
  يبقي اتفقنا.. 
  وجدكم ماينفعش يجي معاكم 
نظر له جسار مستشعرا القلق أن يأتيه جده ويري مسكنه المتواضع ېخاف ان يضغط عليه ثانيا ليساعده ماديا.
  فكرة ممتازة وبابا كمان يجي معانا.. 
لم يجد جسار بدا سوي قوله تشرفوني كلكم طبعا.. يوم الجمعة نتقابل..
انتهي اجتماع قصير بينه وبين السيد أمين وشمس وتم تقديم بعض العقود ليتم تظبيطها قانونيا من قبل جسار..
  أنا كده الفواتير والعقود وفاضل استاذ جسار يظبط وضعنا القانوني. 
تناول الأخير طرف الحديث ده اللي هيحصل هحط كل الشروط الجزائية اللي تثبت حقنا..
 تمام طيب عايز مني حاجة تاني يا عمي 
ابتسم بود لا ياشمس كده تمام..روحي مكتبك.. 
أستأذنت وهي توميء لكليهما وتبعها الأخر بقوله 
أنا كمان استأذن حضرتك أمين بيه..
أشار له بالجلوس وقال خليك شوية يا جسار حابب ادردش معاك واحنا بنشرب القهوة.. 
  تحت أمر حضرتك.. 
أمر بإحضار قهوتهما ثم قال قولي بقي انطباعك ايه في الشغل معانا مرتاح.. 
غمغم بصدق مرتاح بس أنا بجد محظوظ بانضماني للصرح العظيم ده..ماشاء الله حضرتك واخوك وولاده والأنسة شمس وسارة.. بجد في تناسق رائع بينكم وكله بيجتهد لمصلحة الشركة مافيش دلع ولا تهاون كله قلب واحد وبيحب شغله حتى الموظفين نفسهم..
  الحمد لله الصرح اللي انت شايفه ده مجاش من فراغ احنا شقينا وتعبنا كتير انا واخويا عشان نبنيه ونكبره والحمد لله ولادنا كملوا معانا..
  ربنا يبارك فيهم وفيكم يا امين بيه.. 
  وفيك ياجسار.. الحقيقة انا معجب جدا بشغلك حتي من قبل ما تيجي
انك في العمر الصغير ده وأسمك يتردد في عالم المحاماه بالشكل ده.. أكيد دي عبقرية منك..
ابتسم له شكرا لحضرتك.. أمال لو عرفت اني في الكلية أخدت السنة بسنتين هتقول ايه..
تعجب قوله معقولة ازاي
  معرفش في فترة من حياتي كنت مشتت ومش لاقي حافز.. 
  ودلوقت لقيت نفسك وحققت اللي بتتمناه 
نظر أمامه صامتا برهة بشخوص ثم قال ياريت اقدر احققه للأسف صعب اوصل للي بتمناه.. 
  ليه صعب مش يمكن انت متوجه غلط 
  ازاي
  ماهو بالعقل كده..لو حاولت توصل لحاجة وماوصلتش يبقي الطبيعي تغير طريقك عشان تلاقي نتيجة مختلفة. 
  كلام حضرتك مظبوط يمكن وجهتي فعلا غلط.
  طيب أشرب قهوتك هتبرد. حاضر.
ارتشفها سريعا ثم نهض قائلا استأذنك أروح مكتبي.
  اتفضل. 
منذ أتاه الجد وهو يتفقد كل التفاصيل بضيق أما توفيق طغى عليه الحزن كأنه يلوم نفسه لموقف زوجته..أما رائف كان شارد بعض الشيء فاقد لمزاجه ومرحه فغمغم لهم 
طبعا البيت بيتكم ياجماعة دقيقة بس هنادي أشرف يتغدا معانا أحسن شكله مكسوف يطلع..
رحل ليترك لهم مجالا لأفراغ دهشتهم من مسكنه المتواضع راجيا ألا يضغط عليه الجد بالعودة.. فلا يود أن يخذله وهذا مع سيحدث قطعا لو طرح عرض عودته ثانيا.
  ايه يا ابني ماطلعتش ليه الأكل هيبرد 
  معلش يا جسار اعفيني خليكم براحتكم أكيد هيحبوا يكلموك وانتوا برضو عيلة في بعض..
حدجه بنظرة صارمة وقال خلصت الهبد بتاعك يا أشرف اتفضل اطلع قدامي يلا.. 
  صدقني مش هينفع علي الأقل المرة دي لو اتكررت زيارتهم تاني والله لاكون موجود روح لضيوفك بقي عيب تسيبهم.. ولو احتاجت حاجة عرفني.. 
أومأ له برضوخ ولو انك مش غريب بس خلاص براحتك.. أشوفك بالليل.. 
  إن شاء الله.
نهض يتجول في المنزل المتواضع بحسرة جدرانه دون طلاء أثاثه زهيد.. صحون مطبخه الصغير
تكاد تعد على الإصبع.. كيف يحيا حفيده في هذا الوضع المؤسف بعد حياة الرفاهية لمح باب غرفته موارب فتقدم بفضول ليجد فراش صغير وخزانة ملابس وكومود يعلوه برواز ما التقطه ليراه ترقرقت عينه وهو يبصر صورته هو وجسار حين كان خمس سنوت..تحسس ملامحه البريئة بحنان وحب لتسقط دمعته فوق البرواز..ليباغت بيد حانية تجفف دمعته ليلتفت لجسار الذي أتي لتوه قائلا كل يوم ببوس صورتك قبل ما انام ياجدي..عشان تعرف ان مفيش حاجة هتفرقنا ولا تنسيني انك ربتني وكبرتني وعلمتني.. 
عانق وجهه براحته المرتعشة وهمس برجاء عشان خاطري ارجع معايا تاني..مش هقدر اسيبك في المكان ده وامشي.. بقي بعد العز اللي عشت فيه تعيش هنا
  بابا عنده حق ياجسار.. 
قالها توفيق الذي انضم إليهما واقفا علي عتبة غرفته بينما صاح رائف أنا أصلا مش عارف انت ليه مشيت..ماشي اكتشفت الحقيقة بس كمان انت عشت عمرك كله معانا ومع جدي واحنا بنحبك..ليه تسيبنا ياجسار 
جالت عينه بينهما ثم دعاهم للجلوس في الردهة قال ناظرا لأحداقهم بقوة وثقة والرضا يملأ قلبه رجوعي تاني هناك وكأن معرفتش حاجة ده صعب..مش من حقي أعيش حياتكم لأنها مش ليا..أنا دايما كنت بحس بغربة هناك قولولي ايه هيبدل المكان الغريب ده لوطن بالعكس رغم سكني المتواضع هنا بس حاسس انه مكاني..تمنه بعرقي مرتاح فيه أكتر من القصر اللي عشت فيه هناك.. 
  يااااه.. للدرجة دي كنت تعيس معايا 
  أنا لو في حاجة صبرتني علي غربة روحي وخلتني اتحمل فكرة أن بابا وماما مش بيحبوني هو انت ياجدي..حبك وحنانك وخۏفك عليا.. الفكرة أني هنا مستقر نفسيا وراضي فوق ماتتصورا.. ولعلمكم أنا باخد مرتب كويس جدا من شغلي واقدر اسكن في شقة أرقي بكتير بس يمكن مش هرتاح فيها زي هنا.. أشرف معايا مش بيسبني.. وعيلته بقوا أهلي.. أنا مبسوط الحمد لله مش عايزكم تحملوا همي.. أدعولي بس أعرف طريق أهلي..
خبط رائف جبهته مع قوله يا نهار ابيض ده انا نسيت اكلم
________________________________________
صاحبي واعرف وصل لايه في موضوعك.
جسار برجاء طب كلمه دلوقت عشان خاطري.. 
  من عيوني. 
وظل يحاول مرارا ليهتف أخيرا مش بيرد عليا..ممكن يكون نايم.. 
تنهد أخيه خلاص خلينا نتغدا وبعدها تتصل تاني.. 
دعاهم ليلتفوا حول طاولة الطعام والشقيقان يتمازحان ليبددا تجهم وجهي الجد وتوفيق وينتهي الأمر بجلسة دافئة مرحة ورائف يقص لهم نوادره مع رفاقه.. 
توفيق تسلم ايدك ياجسار الأكل كان تحفة. 
  بألف هنا.. ده عمايل طنط مامة أشرف حبيت تدوقوا أكلها وتعرفوا ليه أنا لابد هنا ومش عايز امشي.. 
ابتسم الجد وابنه بعد أن تشكلت لديهم قناعة انه سعيدا في هذا المكان بينما قال رائف ليك حق انا أكلت كتير اوي وبطني هتفرقع.. 
ثم مازحه ابقي اشكرلي طنط وبنتها المزة اللي شوفتها شايلة صنية الأكل وأنا طالع وعرفتني عليها انها أخت أشرف.. 
خبطه في رأسه بتحذير أحترم نفسك يالا دي لسه عيلة في ثانوي وفي مقام اختي.. 
  العيل مسيره يكبر يابرنس..وبعدين بلاش تكون قطاع أرزاقولعلمك أنا هاجيلك كل يوم أطمن عليك
رفع جسار حاجبيه بتهكم تطمن عليا أنا برضو عموما أنا ماليش
دعوة وهسيبك لأشرف هو اللي هيظبطك..ثم حدث جده أنا بقي هروح اعملكم أحلى شاي دقيقة وجاي.
غاب دقائق عاد بعدها حاملا أقداح الشاي الساخن ورائف يهتف بحماس صاحبي بيرن اخيرا.. 
ثم أشار لهم بالتزام الصمت وراح يستمع لصديقه وعين جسار ترصد تعبيرات وجهه ليستشف شيئا وداخله يتضرع لله أن يعلم معلومة توصله لأبيه..
أنهي رائف مكالمته مع رفيقه وانتظر الجميع قوله فغمغم قريب صديقي اللي في الشرطة ده تقصي فعلا عن الحاډث وكل اللي لقاه متسجل انها حافلة محترقة وكل اللي فيها تفحم..وانه السائق بتاعها كان فلبيني ومعاه ركاب كتير بجنسيات مختلفة مابين سيدات ورجال.. الطب الشرعي وقتها عرف من تحليل الحمض النووي وبقايا الطعام الچنسية..السيدات اللي كانت في الحافلة كلهم مصريين..يعني أنت أصولك مصرية ياجسار دي المعلومة الوحيدة اللي اتأكدت..وللأسف محدش من أهالي المفقودين ظهر وبلغ وقتها..عشان كده ملف الحاډث اتقفل على كده..
خيبة أمل كبيرة غشت وجه جسار المطرق بحزن بعد أن فقد أمله أن يجد والده الحقيقي..ليربت علي ظهره الجد نادر بحنان قائلا ماتزعلش ياحبيبي..يمكن خير وانت
ماتعرفش.. يجوز لو عرفت أهلك تقول ياريتني ماعرفتهم.. ويجوز بدون ترتيب تلاقي فجأة خيط يوصلك ليهم.. ثم قال بتأنيب لذاته الحق عليا أنا.. يمكن لو سعيت اعرف أهلك وقتها وانا هناك كنت عرفت..بس انا اتعلقت بيك ومقدرتش اتخيل انك تبعد عني..
اشفق عليه جسار فربت علي كفه كله نصيب ياجدي ماتحملش نفسك ذنب يمكن كنت دورت وما وصلتش لحاجة مادام محدش بلغ وحاول يسأل من أهلي.
  بس كنت هبقي حاولت.
تنهد مع قوله خلاص ياجدي اللي حصل حصل.. وربنا قادر يجمعني بأهلي تاني.. 
ثم دعاهم لارتشاف الشاي وبعد وقت قصير غادر جميعهم ومكث جسار يفكر بخيبته ثم استغفر الله وراح يدعوه أن يساعده في العثور على أهله.. 
يتبع.
الفصل الثامن
حين تتضافر الفواجع حول عنقك.. وتتشابك اقدارك وتذخر حياتك بالاختبارات القاسېة..كن بمستوي اختباراتها ولا ترسب بها مهما كلفك الأمر من عناء وجهد وكد.. الظروف المؤلمة هي من ترسم بريشتها مستقبلنا..وتصنع حدوده.. عافر وتمسك بالأمل و لا تظل أمامها جزع ضعيف مكسور.. لا حياه به وثق أنه لن تغيب ملامح السعادة للابد عن ملامحك ويوما ما ستتفاجأ بها تتلون گ زهور الربيع يوم يحين أوانها وتقطف ثمارها بالأخير.!
مضى عام وجسار يجتهد في عمله مع شركة السيد أمين فاستحوذ علي إعجابه و ثقته الكاملة هو وشقيقه السيد رضوان..والأكثر الألفة التي جمعت بينه وبين أولاد الأخير فصاروا رفاق متقاربين علي المستوي الشخصي حد التعلق وكثيرا من الأمور تشابهت بينهم حتي أشرف ورائف صارو من ضمن أصدقائهم مثله أما سارة فتوطدت علاقتها بجسار لكن شمس كان لها النصيب الأكبر من اهتمامه وعيناه ترصدها بشغف كل يوم مكتشفا بها أشياء تدعوه للفخر قبل الإعجاب بها..ويعترف لنفسه أنها احتلت جزء ليس هين من قلبه ورغم كل مشاغله وعالمه الجديد والحافل لم يهمل علاقته بالجد وشقيقه رائف بل ازدادت قوة حتى توفيق نبتت بينهما بذور من الألفة لم تكن لها وجود من قبل صار يحبه ويلتقيه كثيرا لكنه مازال يرفض الذهاب معهم للفيلا ربما يرفض رؤية إلهام فلم يصفوا لها وجدار الجفاء بينهما قائما كما هو.. وكي يرضي جده أكثر قسم وقته بين المكتب والشركة وعاد يتولي إدارته ليحصد في فترة وجيزة قضايا معقدة بانتصار ساحق لموكليه فصعد نجمه أكثر وتردد أسمه بقوة بين جدران المحاكم لكن ما كان يؤرقه انه يصنع مجدا لأسم رجل ليس أبيه الحقيقي..كان يود أن يصدح أسم والده في الأفواه ومع هذا حمد الله على حاله وما وصل إليه. 
بفرحة حقيقية صاح جسار
ألف مبروك ياحمزة ربنا يتملك علي خير.. 
رد الاخير بود الله يبارك فيك ياجسار عقبالك إن شاء الله.
  بإذن الله..طيب مش محتاج أي مساعدة في ترتيبات الفرح أو التسوق أنا جاهز أي وقت.
ابتسم له الأخر ممتنا تسلم يا متر ماتقلقش كله تحت السيطرة.. المهم انت مش محتاج عزومة ده فرح اخوك.. 
أسعده وقع الكلمة فغمغم بصدق ربنا يعلم أنت واخوك ريان بقيتوا فعلا اخواتي زي أشرف ورائف بالظبط يا حمزة.. 
  ده شرف لينا ياجسار وكويس انك فكرتني اتصل بأشرف اعزمه علي فرحي.. 
  هيبقي افضل فعلا لو كلمته بنفسك لأن لو جت مني كان ممكن يتحرج يجي.. 
  لا منا فاهم أنا هتصل واعزمه بنفسي..هو شخصية محترمة جدا وحبيته رغم مقابلتنا القليلة. 
  هو كمان بيعزك انت وريان جدا. 
  ربنا يديم المحبة أما رائف فصاحبه ريان هيعزمه
ابتسم له تحسهم دماغ واحدة سبحان الله. 
  أه والله نفس اللسعة. 
قهقه جسار بالظبط كده مجانين زي بعض. 
جمال فرعوني تألقت به شمسه كأنها ملكة لفتت النظر بأناقتها الواضحة رغم حشمة ثوبها الفضي.. تتنقل بين المدعوين وابتسامة رقيقة تعلو شفتاها اللامعة..يرصدها أينما ذهبت مآخوذا بطلتها الجاذبة له بشدة كأنه لم يصول ويجول في ساحات النساء في ماضيه القريب.
  جسار أنت واقف لوحدك ليه 
قاطعت
شروده سارة فالټفت إليها مطلقا صفير إعجاب مشاكسا ايه يا بنت الجمال ده كله.
ضحكت بخجل الله يجبر خاطرك والله.. تقريبا محدش عبرني انهاردة العيون كلها على العروسة..
غمزها قائلا طب وآدم 
تضرجت وجنتيها ماله
قال بخبث مقالش ليكي أي حاجة 
تلعثمت زي ايه
  شكلنا عايزين نراوغ بس انا هكلمك بوضوح
ترقبته متعجبة تطرقه لأمر هكذا ليستطرد جسار آدم بيحبك أوي ياسارة أوعي تقولي مش واخدة بالك من حبه 
نكست رأسها خجلا ثم هتفت المشكلة مش اني أخد بالي لكن تردده هو العقبة الحقيقية دلوقت. 
  اعذري تردده لأن الفرق المادي بينكم كبير ومانعه. 
أومأت متفهمة عارفة والله.. ومنتظرة لحد مايتخطاه ويقوم بخطوة جادة.. 
  هيحصل آدم طموح ومستقبله لسه قدامه. 
  ربنا يكتبله الخير.. 
واستطردت تعرف ياجسار.. أخر حاجة كنت اتوقعها اننا نتكلم سوا بالارياحية دي في موضوع آدم.. لحد وقت قريب ماكنتش عارفة احدد انا عايزة ايه.. 
  ودلوقت
ابتسمت بسلام نفسي واضح دلوقت الرؤيا بانت في عيوني أكتر من الاول..شعوري ناحيتك بالظبط زي اللي بحسه ناحية ولاد عمي..وبجد بتمنالك تكون سعيد ومبسوط في حياتك..
  تسلمي يا سارة
ربنا يسعد الجميع. 
  يارب هسيبك واشوف الضيوف بس بلاش تقف لوحدك غلبان في نفسك كده.
ضحك لرقتها وحنانها الذي لا يتعجبه انا أصلا كنت مع أشرف وريان ورائف سبتهم وجيت هنا في الهدوء شوية. 
  لا إن كان كده ماشي يا استاذنا..سلام.
تركته فعاد يبحث عن من صارت تحتل تفكيره گ المراهق حديث العهد بأمور الهوى مشاعره تضخم نحوها بشكل لا يمكن مقاومته لذا عزم على شيء ما يشعر انه صار وقته خاصتا حين لمحها أتية فاقترب حتي بلغها وقال ازيك يا شمس. 
  الله يسلمك يا جسار. 
رصد وجهها مليا بنظرة فاحصة قبل أن يغمغم شكلك مرهق اوي. 
شعرت بحرارة وارتباك وهو يتأملها هكذا صوته الدافيء الذي بعثرها أكثر لكنها تماسكت بثبات زائف 
عادي من سهر كام يوم ومشاوير كتير أنا وسارة..عموما هرتاح يومين بعد الفرح. 
 بس رغم أرهاقك انتي جميلة أوي انهاردة.. 
اربكها بشدة أكثر إطراءه لكن أيضا أخفت أثره وهي تقول ببعض الخشونة مابحبش الكلام ده ياجسار..عن أذنك
  شمس استني.
وقفت ليقترب خطوة مع اعتذاره أسف والله مقصدش اضايقك هي طلعت مني عفوية.. 
تقبلت اعتذاره بهدوء ماشي حصل خير..اسمحلي بقي عشان ارحب بالضيوف اللي لسه بيجوا. 
أوقفها سريعا برجاء طيب ممكن اكلمك دقايق بس. 
استدارت تنظر له بثبات لو على دقايق ماشي تحت أمرك عايز تتكلم في ايه.. 
صمت قليلا يطالعها قبل أن يبادر بقوله شمس أحنا قربنا علي سنة عارفين بعض بحكم شغلنا سوا..وفي سؤال جوايا نفسي اسئله ليكي من زمان.. 
  ايه هو السؤال ده 
طافت عيناه فوق ملامحها بدفء لبرهة أربكتها بشدة وعيناها تزوغ بعيدا عنه قبل أن يهمس 
شمس انتي لسه شايفاني الشاب المستهتر بتاع البنات لسه مش بتثقي فيا وبتشكي في أخلاقي زي ما حصل يوم ماجيتي المكتب وافتكرتي اني مش لوحدي
  لأ.. 
لم تتمهل لحظة واحدة قبل أن تجيبه أصدرت حكما منصفا أثلج صدره فابتسمت عيناه وهو يرمقها بشكر وعاطفة لم يعد يواريها وهو يتمتم براحة لو تعرفي ردك العفوي ده فرق معايا ازاي 
  وليه يفرق معاك 
  لأنك تهميني فوق ما تتصوري ياشمس.
صدمها رده المباشر وأخجلها وجعلها تصمت بحيرة فواصل طرق جدار صمتها الحائر شمس..يمكن دي أول مرة اكشفلك عن رغبتي اني اعرفك على جسار الحقيقي اللي محدش يعرفه تحبي تعرفيه لو موافقة يبقي اسمحيلي اقابلك بكره في مكان مناسب محتاج أقولك حاجات كتير عني.
تأملته بتيه مآخوذة بمنحني ما وصل إليه حديثه معها ودلالته الواضحة..عيناه تبرق وهو ينظر إليها.. بريق يعكس لها غموضا يستجديها لتحل طلاسمه وتتفهمه وتعطيه فرصة..كيف تحركت لتعلن ردها بقبول لقاءه في الغد حقا لا تدري.. كأن تعويذة سحره المعهود سيطرت عليها وأجبرتها لتفعل. 
تراقبه من بعيد وهو ينتظرها وكل حين يتفقد ساعة معصمه لا يدري أنها هنا منذ أقل من الساعة عشرات المرات تأخذ قرار بالذهاب إليه فتتراجع بتردد وارتباك يغمراها.. لا تعرف كيف طاوعته وجاءت تقابله بهذه البساطة.. لم تفعلها قبلا مع أحد تاريخها كله لا يحوي موعد غرامي واحد مع أحدهم.. دائما صارمة حازمة لا تلين بقول أو فعل.. مهلا مهلا.. هل قالت موعد غرامي كيف تطرق عقلها لهذا الخاطر دون غيره حتما تبالغ هو مجرد لقاء عادي مع شخص عادي وسينتهي نهاية عادية.
استقام جسدها بثبات مستجمعة كل شجاعتها وتقدمت إليه وصوت أفكارها ينعتها بالكذب. 
اللقاء وصاحبه ابدا ليس عاديا.
نهض وانفرجت من شفتيه ابتسامة حانية راصدا اقترابها المرتبك رغم محاولتها الثبات فابتسم داخله وتأثيره عليها
________________________________________
يزيد من ثقته الرجولية ويشي بمعاني يطوق قلبه لتصديقها.. وإلى الآن لا يدري كيف عرض عليها هذا اللقاء وقرر كشف ماضيه لها..ترى حين تعلم ستتغير معه سيقل قدره بعيناها 
  السلام عليكم. 
ألقت تحيتها المقتضبة مقاطعة أفكاره فرد قائلا 
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. اتفضلي. 
تنحنحت قبل أن تهتف معلش اتأخرت عشان.
  مش مهم. مهما اتأخرتي كنت
هستناكي ياشمس..
يا ويلها من كلماته التي تكاد تشق قشرة ثباتها بقوة مازالوا بالدقيقة الأولي وها هو يوجه أولى سهامه گ محارب مخضرم..هل حقا يمثل مجيئها تلك الأهميته لديه
  تشربي ايه 
قالها وهو يسحب لها مقعدا بفعل مهذب لتجلس عليه فقالت وهي تأخذ مكانها قبالته ليمون بالنعناع.. 
طلب ما قالت مع فنجان قهوة له وانتظر أن يأتيه ثم
هم ببدء حديث في تلك الأثناء قائلا عاملة ايه 
  الحمد لله.. 
  أنا بشكرك انك جيتي تقابليني يا شمس ده معناه انك فعلا بقيتي تثقي فيا.. 
حاولت أن تتحدث بهدوء خافية توترها أنت شغال معانا من حوالي سنة يا جسار واكيد دي فترة كافية اني أشكل عنك فكرة منصفة عن الأولي.. مع استغرابي طبعا انك اتحولت من النقيض للنقيض.. أنا صحيح هاجمتك قبل كده بس لما جت فرصه عدت تقيمك تاني عشان مبقاش ظالماك لأني محبش بشكل عام اظلم أي حد..
ابتسم تلك الابتسامة الرجولية الجذابة والتزم الصمت وهو يتأملها لتعلوا وتيرة توترها ثانيا فينقذها حضور النادل واضعا مشروبهما فوق الطاولة.. 
أشار لها لتتناوله بينما ارتشف القليل من قهوته ثم أخذ نفسا عميق وزفره قائلا بصوت بدت نبرته عميقة كمن يطلق عنان مشاعر مكبوتة داخله 
  طول عمري كان جوايا حاجة تعباني ومسببالي شعور بالنقص وخلل وفراغ في حياتي هو السبب الرئيسي اني كنت بعمل علاقات كتير في الماضي.. كأني كنت بحاول ألهي عقلي عن التفكير والأسئلة اللي كل يوم بتزيد.. ليه بابا مش بيحبي ليه ملامحي مخصماه ومش طالعة شبهه ولا حتى شبه ماما أو أخويا وليه ماما عمرها ما وحكت ليا حكاية عشان انام على صوتها زي أي طفل مع أمه ليه مش بتدعيلي زي ما بتدعي لاخويا رائف.. ليه هي كمان بحسها مش بتحبني وليه دايما عايزين يكونوا بعيد عني ليه وليه وألف ليه كانت بتصرخ في عقلي كل يوم ومفيش إجابات لأسئلتي..الوحيد اللي حبني بجد هو جدي نادر اللي برضو مفيش بيني وبين ملامحه أي شبه دوامة حيرتي كانت بتبلعني كل يوم عن التاني وتخنقني.. حاولت أهرب بشكل تاني.. نجحت واجتهدت في شغلي وفعلا قدرت الاقي نفسي في حاجة اكتشفت اني بارع فيها..متعة غريبة ماتساويش كنوز الدنيا لما بسمع دعوة مظلوم رجعتله حقه..دعوات بتعوضني اللي اتمنيته من اقرب الناس ليا.. أو اللي افتكرتهم أقرب ما ليا.
بدأ حديثه يغزوا كل حواسها وانتباهها وهي تنصت له باهتمام شديد مستنتجة أشياء بين السطور تخاف مجرد توقعها فضلا عن تصديقها ليواصل جسار بوحه العميق واللا محدود لها 
  أخر مرة وانا بستقبل ماما وبابا في المطار ابتديت اتأكد من ظني وبابا بيمنع ماما تقرب مني وتسلم عليا حتي لو عمري ما شوفت منها حنينة. بس يكفي اني عارف انها أمي اللي مشتاق ليها لكن قصاد لهفتي ناحيتهم مالقيتش غير برود وجمود من بابا وماما حيرني في امرهم اكتر وقتها أخدت قرار اني لازم اعرف إجابات شافية لأسئلتي تريحني..بس ماكنتش اعرف إن الجواب اللي بدور عليه هيكون خناجر ترشق في قلبي وروحي باپشع طريقة وانا بسمع امي بتصرخ في جدي وتقوله مش هسمح واحد لقيناه في الشارع يقاسم ابني في الميراث.
هنا أنهمرت من مقلتي شمس دمعة هاربة من حدود عيناها عندما وصل بسرده لتلك النقطة المفجعة كما توقعتها تماما..مسكين.. كيف تحمل صدمة گ هذه لا ريب انه هاج وحطم كل ما طالته يداه لكنه لم يفعل.. هذا ما عاد يقصه لها جسار وهو يخبرها عن هدوء انسحابه من بينهم ومن حياتهم ذاتها زاهدا بالترف والبذخ الذي كان يحيا ويتنعم به.. 
ولم ينسى ذكر خيبة أمله بفقد أثر والديه بعد أن حاول شرطي قريب لصديق رائف التقصي عن الحاډث ولم يثمر البحث سوي أن أصوله مصرية ولا شيء أخر..كما أخبرها كيف أتي العم أمين ذاك اليوم وعرض عليه العمل معه بأكثر أوقاته حاجة لبداية ومعنى جديد لحياته.
ختم حديثه معها بتلك الكلمات وهو يراها تكفكف دموعها الغزيرة بمحرمة ورقية هامسا لها
  هو ده جسار يا شمس.. الشاب اللي اكتشف انه ولا حاجة.. ميعرفش لأهله طريق.. ولا حتي أسم أبوه وعيلته ايه عنده اخوات أعمام خالات ميعرفش أي حاجة..الشخص اللي قدامك ده حياته صفحة مش مسطورة فيها غير دموع وحزن وۏجع لأنه مايعرفش جذوره نبتت في أي أرض..وده أسوأ شعور ممكن حد يعيشه يا شمس.
انتبه أخيرا أن شهقاتها بدأت تعلو باڼهيار فصاح بفزع كأنه كان في غفوة لم يفق منها سوي الآن شمس انتي پتبكي قالها وهو يلتقط
عدة محارم ورقية ويقدمها لها برجاء عشان خاطري كفاية عياط وأسف اني بكيتك بالشكل ده مش قصدي والله أنابيب كنت محتاج اشارك مشاعري وكل أسراري.
حاولت السيطرة علي نحيبها وهدأت قليلا قائلة بصوت مبحوح عارفة انك مش قاصد ياجسار.. بس مقدرتش اتحمل المأساة اللي عشتها..حقيقي تجربة
صعبة اوي على اي حد.
تنهد بصبر ورضا علمته له الأيام الحمد لله علي كل حال يا شمس.. ربنا كتبلي الحياة رغم اني كانت كل مقومات مۏتي مع والدتي أكيدة..لكن بعتلي اللي يسمع صړختي وينقذني من المۏت.. وده له حكمة يمكن تبان بعدين.. 
  فعلا كل حاجة بتحصلنا ليها حكمة وسبب.. المهم انك ترضي بحياتك ياجسار.. انت كنت ممكن تبقى شخص ضايع أكتر من كده لو محدش علمك ورباك كويس.. لكن بالعكس جدك صانك وحبك ولسه بيحبك زي مابتقول وبقيت شخص ناجح وليك قيمة ومستقبل يشرف.. أرمي اللي عرفته وري ضهرك وكمل مسيرتك وربنا يعوضك بالخير..
حدجها بنظرة دافئة وهو يهمس أمال أنا ليه طلبت أقابلك ياشمس.. ماهو عشان كده.. 
  كده اللي هو ايه مش فاهمة
  العوض يا شمس عوض ربنا ليا اني اعمل العيلة الدافية والعزوة اللي اتحرمت منها.. أني ازرع نبتة حب تكبر وتضلل عليا وتشبعني بضلها بعد الجفا اللي عشته طول عمري عرفتي ليه فتحتلك قلبي 
صمتت مآخوذة تنظر له بتيه ليكمل بعثرتها بكلمات فتت جدار ثباتها أرضا 
  تتجوزيني ياشمس
تقبلي تشاركيني حياتي زي ما شاركتيني في قلبي
جخظت عيناها لا تصدق ما سمعته.!
تتزوج هي وجسار كيف 
ليبرز بغتة صوت بين أفكارها
صوت لخاطر تخافه
سارة! 
ماذا لو ابنة العم مازالت تحبه!
رواية صړخة على الطريق 
بقلم ډفنا عمر
الفصل التاسع
لا تحاول البحث عن حلم خذلك
واغزل من حالة الانكسار عناقيد حلم جديد وحياة أجمل
و مهما حل الظلام بعالمك واستحكمت حلقاته
لا بد أن يبزغ من نافذة الكون شعاع مشرق.
كفيل بتبديد ظلمات روحك لطاقات مفعمة بالنور.
رجل بفراسته وذكاءه لن يغيب عنه مسار أفكارها هو يعلم ما يجول بعقلها الآن ويفهم ويقدر دوافعها وقلقها الذي غبر ملامحها الجميلة فتمتم جسار بهدوء
  سارة زي اختي يا شمس..
تعجبت منه فكأنه قرأ خاطرها وسمع لصوت ضميرها ليواصل باستطراده واظن ده بقي واضح ليكي الفترة اللي فاتت سارة سعادتها الوحيدة مع آدم والحمد لله انها فهمت ده دلوقت ومنتظراه يمشي أول خطوة ناحيتها.
  يعني انت بجد مش بتحبها
تساءلت بشك مازال يراوضها فقال ليغمرها بتأكيد يورثها الراحة حب واحد لواحدة لأ.. أقسم بالله ولا مرة شوفتها غير إنسانة برتاح ليها وبخاف عليها بدون اي غرض كأنها أخت ومش اكتر من كده.
  طب وأنا 
مالت أكتافه للأمام بوضع يوحي بالاهتمام الطاغي ودنى بوجهه قليلا من محياها وهو يرتشف ملامحها بنظرة جعلتها تبدو كبقعة دماء حمراء من فرط الخجل وهو يهمس بصدق لا يشوبه قطرة كڈب انتي حبيبتي ياشمس لما تخيلت اعمل عيلة مشوفتش في عيوني غيرك انتي أم ليهم..أنا بحبك ياشمس وده اللي بقيت متأكد منه بحبك ونفسي تكوني وطني اللي بدور عليه بعد طول غربتي ووحدتي.. علي شعرك ليلي الحالك هينور بنجوم عنيكي..في قربك هلاقي الدفا والحنان اللي اتحرمت منه وينتهي الشتات اللي عايشه ها قلتي ايه موافقة
صمتت لكن داخلها اصوات صاخبة تحتفل بما سمعته للمرة الأولى من بين شفتاه عيناه نطقت بالصدق صوته لمس بحرارته شغاف قلبها البكر هدهد أنوثتها التي لم ترتوي بطوفان هذه المشاعر من قبل هو اول من فعل ويالا غرابة الأمر بأكمله فإن راجعت تاريخهما معا لن تجد سبب منطقي يوصلهما لنتيجة كهذه لكن منذ متى كانت اقدارنا يشكلها المنطق وحده النصيب من يجرف تيارها إلينا.. نكست رأسها ووجهها مخصب بالحمرة لفتاة قليلة الخبرة في ساحات العشق و بدلال يليق بمثلها 
هفكر.
قفزت سارة من الفرحة تهلل گ الطفلة 
جسار طلب ايدك لا مش قادرة اصدق ياشمس بجد أنا عايرة ازغرط بس مش بعرف.. 
أجابتها برصانة تميزها يابنتي اعقلي هتفضحينا وبعدين أنا لسه بفكر أصلا.. 
  ياشيخة روحي بتفكري في ايه هو ده عريس يترفض ده تقريبا مافيهوش عيب..
صمتت شمس ورغما عنها راحت ترمقها بنظرة ذات مغزي أدركتها سارة جيدا فاقتربت منها مبتسمة مع قولها عارفة عيونك بتقول ايه بس اطمني ياشمس..أنا قبل
كده أكدت لك ان مشاعري ناحية جسار فعلا أخوية.. وإلا كان رد فعلي اختلف تماما لو كنت بحبه.. بالعكس انا حقيقي فرحت عشانكم جدا وفوق ما تتخيلي. 
بشك لا تملك إخراس صوته بشكل قاطع يعني بجد ياسارة مفيش حاجة جواكي ناحيته
بحسم أجابتها نهائي.. وبعدين يابنتي انا قلبي مشغول بأبو الهول. 
  أبو الهول 
  أيوة.. سي آدم اللي مش عايز ينطق ويريحنا.. 
  يعني بتتمني تتجوزي آدم يا سارة 
  وليه لأ ياشمس مشاعري وغيرتي عليه مالهاش غير تفسير واحد.. اني بحبه وعايزاه ليا انا وبس..ده يمكن انا كده من البداية بس مكنتش فاهمة ياريته بس يثق في نفسه أكتر من كده ويصارحني بحبه.. 
غمرتها شمس بعناق حاني أنا مبسوطة اوي لأنك أخيرا رسيتي علي بر يا سارة وفهمتي عايزة ايه.. 
  طب وانتي رسيتي علي بر 
تنهدت وهي تقول بحيرة أنا متلخبطة ومتاخدة من المفاجأة..بحاول اجمع نفسي واهدي عشان افكر. 
  بس انتي بتحبيه صح 
نهضت لتقف أمام نافذتها متطلعة للافق بشخوص أكدب لو نكرت
ان فعلا فى حاجة قوية جوايا بتتحرك ناحيته يا سارة بس خاېفة 
  من ايه 
  يكون حبه ليا مش حقيقي.. 
  وليه يكون كده ايه يجبره يتقدملك لو مش عايزك 
  ان ضياعه يخليه زي الغريب اللي بيدور علي مركب والسلام يبحر بيها لأي شط..خاېفة يكتشف انه كان عايز وطن تاني واني مش السكن اللي هيرتاح
________________________________________
فيه.
شعرت بغموض بحديثها وكأنها تقول طلاسم لتغمغم ايه الكلام الغريب اللي بتقوليه ده وطن ايه ومركب ايه هو طالبك تروحي معاه مصيف ده عايز يتجوزك يعني اكيد بيحبك انتي بالذات.. يابنتي جسار حواليه بنات زي الرز يعني لو مش شايفك افضلهم واقربهم مش كان اختارك.. صدقيني جسار بيحبك..عيونه بقيت ڤاضحاه وهو بيتابعك في كل مكان.. 
التفتت شمس تصيح بلهفة 
  بجد يا سارة عيونه ڤاضحاه.. 
  أه والله دي مفيهاش أي شك.. ومع كده صلي استخارة وربنا أكيد هيوجه قلبك للخير والصح ان شاء الله..
تنهدت وهزت رأسها بعين غائمة ده اللي هيحصل يا سارة وربنا يعملي الخير.. 
ياصباح القلب الطيب ياجدي
ضوي وجه وهي يستقبل صوت جسار هاتفيا بترحيب حاني حبيب جدك الغالي..مفيش أحلي من صباحك عندي.. عامل ايه يا حبيبي
  الحمد لله يا جدي بخير ياتري فاضي شوية نتقابل انهاردة ولا عندك مرضى كتير 
  ولو مش فاضي افضالك..عايزني امتى 
  ممكن بالليل بعد ما اخلص شغلي.. الساعة تمانية كويس 
  ممتاز بس صوتك بيقول انك عايزني في حاجة تفرح.. صح ولا انا غلطان
  هو انت تغلط ابدا يا دكتور نادر فعلا تقدر تقول خبر هيفرحك إن شاء الله بس هتعرفه لما نتقابل.. أسيبك بقا لشغلك هنتظر تليفونك.. 
  ماشي ياحبيبي في رعاية الله. 
في مقهى راقية التقي جسار بجده وبعد تبادل عبارت الاطمئنان والود بينهما.. بادر الأول بطرح ما لديه 
  ايه أكتر حاجة بتتمناها ليا دلوقت يا جدي 
رد علي الفور إنك تتجوز واشوف ولادك.. 
ابتسم ملثما كفه بمحبة وقال يبقي آن الآوان تفرح يا جدي.. ده بالظبط اللي جيت اكلمك فيه..
رفع حاجبيه بدهشة ممزوجة بحنانه وهو يهتف هتتجوز بتتكلم جد يا جسار يعني لقيت العروسة
  أيوة يا جدي وكلمتها كمان ومنتظر رأيها..وقلت لازم تعرف طبعا لأن لو وافقت بإذن الله حضرتك اللي هتخطبهالي من أهلها..
ربت علي وجنته والفرحة لا تساعه بس كده أنا جاهز من دلوقت وبعدين ايه لو وافقت دي وهي تلاقي زيك فين حليوة وشعرك مسبسب.. 
قهقهة جسار لإطراء الجد القرد في عين جده.. 
  بس يا ولد ماتقولش كده على نفسك..انت سيد الشباب كلها ومحدش زيك.
للحظات صامتة تضافرت نظراتهما باتصال غير مرئي والجد يحمد الله داخله أن العلاقة بينه وبين جسار عادت لعهدها القديم..بينما الأخير يشكر الله ان له رجل وقور مثل جده يشرفه ويكون كبيره أمام عائلة شمس هو ليس وحده تماما الحياة لم تجرده من كل شيء. 
  كبرت وهتتجوز وتعمل عيلة هتكبر في يوم من الأيام يا حبيبي.. قالها الجد وعيناه تبرق بحنان ليجيبه 
لولاك بعد ربنا ماكانش بقي في أنسان أسمه جسار يا جدي.
  ماتقولش كده.. انت اللي عيشتني اجمل أحاسيس كنت محتاجها معاك ضحكت من قلبي ونسيت سني وانا بلاعبك واجري وراك وقلبي بيسبقني ويرعاك ابني
توفيق وحفيدي كانوا بعيد بس انت كنت دايما قريب مني أدتني حاجات كتير اوي ياجسار.. لو هنتحاسب هكون المديون ليك..
تمتم بمشاعر جياشة لا ياجدي انت مش مديون لحد ابدا.. وانا مش هنسى فضلك عليا ابدا..وكل خطوة جديدة في حياتي مش همشيها غير وانا ماسك ايدك. عشان كده جيتلك وأول ما اعرف رد شمس..هنروح نخطبها.. 
تردد قليلا قبل أن يتسائل طيب عرفتها كل حاجة عنك
  أكيد قلت كل حاجة..لازم ابدأ حياتي بدون أسرار وده حقها عليا.. 
  طيب ولما تتقدم لوالدها هتقوله 
فكر قليلا وشعر بالحيرة كيف لم يفكر بتلك النقطة
  رأيي ما تقولش.. 
  بس ده حقهم ياجدي زي ما قلت لشمس أعرفهم.. 
  يعني لو عرفوا هتفرق ايه لو كنت عرفت مين أهلك كنا نقول تمام وهتتقدم بأسمهم..انما انت لحد اللحظة دي بتنتمي لعيلة السماحي اللي هي عيلتنا يبقي خلاص مفيش داعي تكشف المستور وتدخل في مشاكل. 
  وده مش خداع يا جدي
  لأ.. انت مش بتكدب يا جسار لأن أهلك الحقيقين ماتعرفهمش بالفعل. 
  طيب وشمس 
  شمس لو وافقت عليك يبقي بتحبك ووقتها هي اللي هتقرر انك ماتقولش وانه سركم انتم وبس.. انت صارحت أكتر واحدة يخصها الموضوع بما انها هتكون مراتك.
بدأ عقله يدرس الأمر بكل جوانبه لم ينفر جسار من الأمر ك وبدا مرتاحا له فغمغم والله ياجدي ده هيتوقف علي شمس وقرارها النهائي.
  كل خير إن شاء الله ياقلب جدك..
رمقه بحنان ثم تشجع ليلقي أخر ما يود قوله 
  جدي.. كنت عايز أطلب منك طلب مهم. 
  أطلب عيوني ياجسار.. 
قبل كفه ثانيا واستأنف تسلم عيونك يا جدي كنت بقول يعني لو حصل نصيب و روحنا نخطب شمس عايز الاتفاق يبقى في
حدود قدرتي المادية مش قدرة حضرتك.. أنا الحمد لله عن طريق علاقة جيدة بعميل اخدت شقة في كومباوند ودفعت جزء كبير من تمنها ودي اول حاجة لازم اوفرها وانا داخل علي جواز.. وعربيتي برضو جبتها بنفس الطريقة بس خلصت تمنها الحمد لله..بقولك كده عشان تطمن اني فعلا مش محتاج دعم مادي منك.
ابتسم الجد فخرا بمن رباه وقد أثمر شخصية عزيزة النفس گ جسار.. ربت على كفه وقال لو تعرف ازاي مبسوط باللي قولته وإن زرعتي فيك طرحت كل عزة وفخر بيك بجد انا بتباهي بيك في كل مكان.. أما بخصوص الماديات مستحيل تمنعني اعمل معاك اللي هعمله مع رائف لو كنت في نفس الموقف سيب الأمور تمشي بشكل تلقائي وماترفضش أي حاجة اقدمهالك علي سبيل الهدية مهما كانت أنا جدك يا ولد وليا حق عليك ڠصب عنك. 
نكس جسار رأسه مبتسما وقال كنت عارف انك عنيد ياجدي ومش هتوافق.. 
لكز رأسه بمزاح يبقي تريح نفسك وتفكر في المهم عايزك تتجوز في أسرع وقت عشان اشيل ولادك وافرح بيهم.. 
  ياااااه.. انا بحلم من دلوقت بولادي وعزوتي.. 
  ربنا ينولك اللي في بالك ويسعدك انت ورائف وافرح بولادكم قبل ما اموت يا حبايبي.. 
صاح بفزع حقيقي وبعدين ياجدي هتزعلني منك ليه..ألف بعد الشړ عليك.. 
ربت على كتفه برفق متخافش أنا بدعي ربنا يطول في عمري لحد ما اطمن عليك انت واخوك يلا بقى عشان معاد العيادة قرب.. وأول ماتعرف رد شمس عرفني
 أكيد ياجدي. 
أسبوع مضى وهو ملتزم بأقصى حدود ضبط النفس والصبر منتظرا ردها الأخير طامعا أن ترويه بالقبول وقد شعر أن مشاعره تتفاقم نحوها كل يوم وخياله لا يرسم في لوحة أحلامه زوجة غيرها وأم لأطفاله..هي من سيصنع معها عائلة وعزوة من صلبه يتمناها بعد غربة النسب التي يعيشها بعيدا عن أهله.
رسالة علي هاتفه جعلت وجهه الشارد يهلل بالفرحة وهي ترسل جملتها المقتضبة بعد ما يخلص شغلنا هقابلك في نفس المكان..حاد بصره تلقائيا لساعة الحائط وتنهد مع همسه الذاتي لسه فاضل ساعتين بحالهم ربنا يصبرني. 
وعاد ينغمس في عمله بحماس حتى مضي الوقت سريعا وذهب بلهفة ليلتقيها ويعرف جوابها داعيا الله أن يكون ما يطوق له خاصتا بعد ما عرفته عن هويته الضائعة..
بخطي خجوله وطلة أنيقة مع لمسة وشاحها الرقيق الطائر فوق كتفيها تقدمت نحوه ليقف سريعا مرحبا بحرارة
أخيرا الشمس طلعت.!
ابتسمت وقد راقها إطراءه المغزول من أسمها وهتفت برقة معلش اتأخرت عليك
كنت جاية وسارة عطلتني شوية. 
  هي عرفت بموضوعنا
تساءل بفضول لتجيبه أنت عارف سارة بالنسبالي ايه يا جسار عرفتها اللي يخصها تعرفه.
عقد حاجبيه باستفسار مش فاهم. 
جادت عليه بتوضيح أكثر وهي تسرد عرفتها انك طلبت ايدي واني بفكر.. لكن باقي كلامك عن حياتك وأهلك وكده ما قولتش طبعا. 
  ليه
سارع بسؤاله وعيناه تلتهمها إعجابا لتهتف بثبات 
لأنه أمر مايخصش حد غيري أنا وانت ياجسار.. هيفرق ايه لو قولناه لو كنت بالفعل لقيت أهلك وأمورك واضحة ساعتها كنت هقول لأن الصورة هتكون كاملة قصادهم.. انما دلوقت لو حكيت هتكون صورتك مهزوزة في عيونهم.. هتربكهم وتقلقهم علي الفاضي.. أنا دلوقت مش شايفة غير جسار المحامي الشاب الناجح ومستقبله الواعد عيلته اللي شايل أسمها عيلة تشرف أي حد وأهلي مش هيرفضوها..ليه بقى نعقد الدنيا بإيدنا 
ابتسم بحنان مش قبل ماتطمنيني واعرف رأيك. 
شاكسته بقولها خسارة كنت فاكراك أذكي من كده يامتر. 
همس لها عايز اسمعها. 
أطرقت بخجل لا تملك ردعه والحمرة تغتال وجنتيها مع همسها الخاڤت دون النظر إليه موافقة.
هزت رأسها بتصديق ومازالت مطرقة فاستأنف شمس..أنا بحبك أوي..حبي ليكي مختلف عن أي مشاعر حسيتها ناحية أي بنت. 
تخابثت بسؤالها عايز تقولي إن كل علاقاتك مع البنات مفيش فيها علاقة حب واحدة 
أبتسم لسؤالها الخبيث فراوغها يعني ممكن نقول إن احيانا كان في.. 
رمقته بعدوانية وحاجبها مرفوع فضحك وقال لا ياشمس أقسم بالله ما دق قلبي بالحب لغيرك انتي وربنا شاهد علي قسمي..اللي فاتوا كنت بملي بيهم فراغي..
ثم مازحها وبعدين وحياتك هما اللي كانوا بيشبكوا في سنارتي بمزاجهم أصلا.. 
  سنارتك دي هكسرهالك. 
ابتسم منتشيا بغيرتها وهي تعلن بتلقائية وتملك محبب عن حقها به فقال شمس.. بتحبيني 
صمتت فعاد يهمس بلهفة راجية عشان خاطري قوليها عايز اسمعها منك. 
  جسار اصبر عليا أنا لسه متاخدة صدقني هتسمعها في الوقت الصح وماتنساش لسه مفيش بنا رباط رسمي.
  طب حددي معاد مع رضوان بيه..ينفع الجمعة الجاية
  هكلم ماما وهبلغك بالمعاد.. 
  منتظر بفارغ الصبر وجاهز لكل طلباتهم الحمد لله أنا أخدت شقة كويسة جدا في موقع ممتاز بالتقسيط. 
  أفهم من كده إن جدك مش هيساعدك ماديا 
تحدث بجدية لأ طبعا.. من لحظة ما عرفت الحقيقة وأنا رافض اي مساعدة مادية من جدي.. ولولا اترجاني امسك المكتب تاني كنت بعدت نهائي..حتى العربية رفضتها وجبت واحدة برضو بالتقسيط عن طريق عميل عندي قدملي تخفيضات كبيرة بعد ما كسبته قضية مهمة.. أنا
عايش وهعيش بقرشي اللي من تعبي وبس ياشمس..وده شئ مهم عندي إنك تعرفيه
ومضت حدقتيها بإعجاب حقيقي لعزة نفسه وزهده رغم استطاعته التمتع بكل ثراء الجد..نقطة جديدة تضاف لصالحه وتزيد اقتناعها بتغيره وطيب معدنه.. 
  نتغدا بقي أحسن من فرحتي حاسس اني عايز أكل خروف بحاله. 
ضحكت برقة وكلماته ترضي غرور أنوثتها بمدي قيمة موافقتها لديه..وبعد قليل تناولا طعام مناسب ثم افترقا علي وعد بلقاء قريب بينه وبين أهلها.
جسار طالب ايد شمس!
دهشة صدحت بتساؤل أمين لأخيه فرد الأخير 
ده اللي عرفته من مراتي وانه عايز معاد يجي مع أهله يطلبها في أقرب وقت.. وشكل كده شمس موافقة عليه فانت ايه رأيك
سبح أ مين بأفكاره والعجب يعتريه بحق كان يظن منذ عرض على جسار العمل في الشركة ان وجهته هي ابنته ساره وانه يريدها.. لينتهي الأمر بينه وبين شمس أبنة أخيه!..مامعني الحديث الذي سمعه في السابق إذا وكل إشاراته أوحت بحب بينهما!
  ساكت ليه يا أمين انت مختلط به اكتر مني وعايز اعرف رأيك ايه مبدئيا في الشاب ده
فاق من
________________________________________
شروده ودهشته وتمام بحيادية بصراحة يا رضوان انا شايفه شاب ممتاز من كل الجوانب..أصل وعيلة معروفة ومحترمة جدا .وهو نفسه كيان مكتمل بذاته..محامي واعد وشاطر وذكي.. كمان مهذب وأخلاقه لا غبار عليها بإستثناء فترة تعثره
في الجامعة وعلاقاته بالبنات عرفت ده طبعا بعد ما تقصيت عنه أول ما اشتغل معانا.
  غريبة..جسار كان متعثر في جامعته وله علاقات طيب ما ده كده شيء يقلق.
رفع أمين حاجبيه ورمقه بنظرة ما جعلت رضوان يقهقه حتي سعل بقوة ليهتف بعدها ليك حق تستغرب واحد بتاريخ اخوك مع الچنس الناعم المفروض يسكت خالص.. 
  طبعا ده انت ماكنتش عاتق واحدة لما ختمتها في الأخر بجوازة عرفي خليت بابا يغضب عليك فترة كبيرة
استعاد رضوان تلك الذكرى ببعض الحزن اه والله يا أمين زعل والدي مني وقتها تعبني اوي وخلاني طلقت الست اللي اتجوزتها بعد تلات شهور بس ومن ساعتها معرفش عنها حاجة.. 
  ده لأن بابا وقتها جابلك فرصة شغل في دولة عربية وسفرك..خاف تعيد الموضوع تاني..
تنهد وهو ينفض عنه تلك الذكرى يلا اهي راحت لحالها والحمد لله أديني عقلت واتجوزت واحدة بحمد ربنا عليها..وربنا يبارك في ولادي.. 
وواصل نرجع لموضوعنا بقى.. يعني يا أمين رأيك جسار عريس مناسب لبنتي
هتف لينصفه والله أنا شايفه شاب كويس حتي لو بدايته كانت لهو وعدم التزام لكن العبرة في النهاية الولد اتخرج واجتهد في شغله وعمل في وقت قياسي أسم رنان في عالم المحاماه..واهو شغال معانا من سنة.. تنكر التزامه وأخلاقه واحترامه للكل بدليل علاقته القوية بولادك..حمزة وريان.
 مقدرش أنكر كلامك ده حقيقي فعلا يعني رأيك اتكل على الله و احدد معاد واقابله. 
  اتكل علي الله الولد مايتعيبش. 
  علي خيرة الله هبلغ شمس أنه يشرفنا الجمعة الجاية طبعا مش محتاج اقولك تبقي موجود..
  أنا هكون موجود قبلك يا رضوان شمس دي بنتي مش بنت اخويا.
لاحظت صمته الشارد منذ أتى فتسائلت بريبة
مالك يا أمين متغير وساكت من وقت ما جيت في حاجة
نظر لزوجته بعين غائمة وأفكاره مازالت يصبغها العجب إن كان جسار يحب أبنة أخيه ما معنى الحديث الذي سمعه بين الفتاتان 
  سارة فين يا صابرين
إجابته في أوضتها كنت رايحة اناديها عشان نتعشى سوا زمان السفرة جاهزة.
قال وهو يبتعد بالفعل أنا هروح ليها عايز اكلمها في حاجة.
  طب ما تستنى لما نتعشى و...
  مش هينفع لازم اكلمها دلوقت.
وتركها أمين دون أن تجد صابرين مجال لاستفسار أخر لكن غمرتها الحيرة و القلق لامر حديثهما الغامض هذا.
أمين بيه بنفسه جاي أوضتي المتواضعة
ابتسم لها بحنان وغمغم بطلي بكش وتعالي نتكلم شوية جد.
طوقته سارة بدلال وقبلت خد أبيها قائلة مش قبل ما ابوسك واقولك انك وحشتني انهاردة طول اليوم مش شوفتك وانشغلت في شغل المكتب مع أدم زميلي.
أحاطها بنظرة ثاقبة قبل أن يلقي بدلوه منتظرا رد فعلها باهتمام شديد تعرفي إن جسار طلب إيد شمس بنت عمك
هتفت بحماس أيوة يا بابا عرفت شمس نفسها قالتلي وفرحت أوي أوي عشانها جسار ده شاب مفيش زيه.
حيره رد فعلها أكثر وشتته لم يجد أي حزن لمعرفة ابنته خبر كهذا أمعقول أنه فهم حديثهما ذلك اليوم فهم خاطئ سارة لم تحبه لما إذا كانت ثورتها حين علمت بحاله أهتمامها لا يترجم إلا كونه مشاعر خاصة داخلها نحوه ما الذي تغير !
  مالك يا بابا باصصلي بس سرحان في حاجة يا حبيبي
أراد ألا يراوغ في الأمر فمن حقه أن يطمئن على ابنته ويفهم ما يجب عليه فهمه جذبها لتجلس جواره وبحنانه المعهود تسائل حبيبة بابا أنتي في حاجة معرفهاش ونفسك تقوليها ليا أي حاجة حتى لو كانت قديمة أحب اعرفها.
قالت بعجب حاجة إيه يا بابا مش فاهمة قصد حضرتك.
  حاجة تخص جسار مثلا يا سارة.
  جسار وماله جسار
يا بابا هو حضرتك معترض انه يتقدم لشمس عرفت حاجة غلط عنه يعني
غمغم بعد برهة صمت أخرى اللي اعرفه انه شاب ممتاز..لكن اللي لسه محتاج أفهمه منك هو ليه كنتي قلقانة عليه وعايزة تروحي مكتبه في اليوم اللي روحت اطلب منه يشتغل معايا أنا حسيت وقتها انك مهتمة به بشكل شخصى عشان كده شغلته معايا وخليته تحت عيوني عشان اختبره واقيمه عن قرب وطول الوقت كنت منتظر انه يقوم بخطوة تخصك انتي لكن اتفاجأت بعمك بيقولي انه طلب شمس بنته والأغرب انك مش زعلانة لما عرفتي بالعكس شايفك مبسوطة يبقي
اعتقد من حقي أفهم منك كل حاجة يا سارة ثم حاوط أمين وجه ابنته الحبيب براحتيه وتمتم عايز اطمن إن قلبك مش مكسور يا بنتي ومفيش حد خذلك.
ذهولها بكل ما قاله أبيها لحمها بضع لحظات وهي تستعيد بذاكرتها ذلك اليوم حين شكت أن والدها سمع حوارها هي وشمس والأن فقط جاءها اليقين مع اعترافه والذي جعل عيناها تترقرق دمعا أن أبيها ما استعان بجسار للعمل لديه إلا لأجلها إسعادها لو كان صدق حدسه.
مدت كفيها الرقيقة واحتوت هي الأخرى وجه أبيها بحنان وحب غامر وهي تقول يا حبيبي يا بابا يعني حضرتك كنت فاكر اني بحب جسار وكنت مستعد تساعدني 
همس لابنته بصدق وأنا ليا مين غيرك في الدنيا يا بنتي عشان اهتم بسعادته ده انتي نور عيوني يا سارة والبنت اللي حيلتي انا قربت جسار مننا عشان اتأكد من أخلاقه سألت عليه وعرفت حاجات كتير واحترمته لما استقل بحياته من غير ما يعتمد على أهله ماديا وما استغربتش من سكنه في بيت متواضع أحيانا الإنسان بيحب يثبت لنفسه انه يقدر يبني كيان مستقل لوحده عشان كده طول الوقت كنت منتظر يجي يطلبك مني بس..!
صمت دون قول المزيد لتبادر سارة وعيناها مازال يغشاها الدموع أنا هفهمك كل حاجة يا بابا ومش هخبي عنك حاجة عشان تطمن وتتأكد إن قلب بنتك متصان و محدش كسره.
وبدأت تسرد عليه كيف نمت داخلها مشاعر بريئة نحو زميل الجامعة الوسيم ذو الصيت الواسع ومثلها مثل أي مراهقة انجذبت لجسار وظنت انها وجدت فارس أحلامها وتمنت لو فازت به لتكتشف مع الأيام ومع نضوجها ان مشاعرها كانت أخوية ربما رأت به شقيق كانت تتمناه هذا كل شيء.
وهنا فقط استراح قلب أمين وهو بتنهد براحة يعني انتي مش بتحبيه زي ما فهمت ومش زعلانة انه فكر في شمس
  أبدا يا بابا بالعكس فرحانة جدا شمس دي اختي وافرح ليها كأنها أنا واكتر..وفي النهاية كل شيء نصيب.
ابتسم و قبل جبينها بحنان جارف ربنا يريح قلبك يا بنتي ويرزقك الزوج الصالح اللي يصونك و يعرف قيمتك.
  حتى لو كان فقير يا بابا
اندفعت بتساؤلها لتشعر بالندم ووالدها يرمقها بريبة قصدك ايه هو في حد معين
نفت سريعا لا لا يا بابا مفيش حد دي مجرد دردشة يعني.
رمقها مليا بضع لحظات قبل أن تنفرج شفتيه عن ابتسامة حنون مع قوله الفقر يا بنتي عمره ما كان عيب المهم المعدن والأصل وإن الإنسان حتى لو فقير بس يكون طموح..ساعتها مش هيفضل واقف مكانه وهيتقدم كل يوم عن التاني.
أثلج صدرها بشدة سماع رأي أبيها وغمرها الأمل بأن تنال يوما ما تتمناه..لتجده ينهض بعد سماع طرق والدتها طب يلا بقى عشان انا جوعت ولو أتأخرنا على مامتك أكتر من كده هتقيم علينا الحد.
قهقهت واصطحبته ولم تخلو الأجواء من مرحها وهي تشاكس والدتها..لتمضي امسيتهم بسلام وأمين منشرح الصدر بعد أن اطمئن على ابنته..والفرحة تملأه لأجل صغيرته الأخرى شمس.. ودعى داخله ان يكون نصيبها خيرا مع هذا الشاب الذي استحوذ على إعجابه منذ زمن..وأن تتعاقب الأفراح وتدق الطبول ببته هو الأخر فإن صدق حدسه تلك المرة قريبا جدا سيطلب أحدهم لقاءه.
رواية صړخة على الطريق 
بقلم ډفنا عمر
الفصل العاشر
حين تبتر أحبال المودة وتغدو غريبا وسط من كانوا أقرب لك من حبل الوريد..تختنق روحك و يضيق صدرك ويصبح لا مفر من إصلاح من تم إفساده.. وإلا لا تنتظر ان يطرق أحدا بابك..منحته بيديك كل أسباب الغياب. 
حدجت زوجها مليا وهو يرتدي رابطة عنقه وقالت لتفتعل معه أي حديث عله ېحطم أصفاد ذاك الفتور الذي طال بينهما
 ناوي تاخد رائف ابننا معاك
أجابها دون النظر نحوها وهو يهندم هيئته بعناية طبعا لازم يكون مع أخوه في يوم مهم زي ده يا إلهام. 
هزت رأسها وغمغمت ربنا يوفقه العيلة اللي اختار منها عيلة كبيرة هتعوضه. 
رمقها مليا عبر المرآة ثم قال تحبي تيجي معانا 
  اجي ليه جسار ماطلبش احضر معاه وكمان والدك مش بيطيقني وأكيد مش هيحب اجي معاكم.
ارتدي جاكته وقال قبل مغادرته 
براحتك بس على فكرة الأهتمام مش بيطلب يا إلهام جسار ماطلبش من حد يجي معاه غير
جده واخوه لكن انا اللي عرفتهم اني هكون موجود لأن ببساطة
دي اقل حاجة اقدمهاله..وفعلا حسيته فرح هو وبابا لأنها جت مني لو انتي عايزة تقربي كنتي فرضتي نفسك وقولتي هكون معاكم.. وقتها كنتي هتكسبي بابا اللي بقالك أكتر من سنة معرفتيش ترجعي علاقتك معاه.. واستطرد بنظرة باردة منهيا حديثه عن اذنك.
نظرت لأثره بشرود بعد رحيله تعلم ان زوجها محق فيما قال هي لم تقدم أي بادرة لتصلح الأمور معهم مثل توفيق الذي استعاد الود مع جسار ونال رضا أبيه.. أما هي منبوذة خاصتا من الجد الذي لا يحدثها إلى الآن رغم انها أختارت أن تترك عملها وأنهت غربتها لأجلهم..ومع هذا مازال توفيق فاتر المشاعر معها هو أخبرها ان علاقتهما لن تعود قبل ان تصلح ما افسدته مع والده وهذا ما فشلت به أو بالأحرى لم تفعله بعد.. تنهدت بحزن وظلت مطرقة برأسها تفكر بما آل إليه حالها وكيف تستعيد مكانتها كما كانت. 
التوتر يلازمها طيلة اليوم وحضور جسار مع والده وجده صار وشيك الكثير من الأمور تشغل بالها هل سيلتزم جسار باتفاقهما ويخفي أمر نسبه المجهول ام سيتهور ويجاهر به ويفسد علاقة لم تبدأ بعد هي لا تضمن رد فعل الجميع بشيء گ هذا هي حقا لا تراى فيما صارحها به جسار ما يقلق بل ربما ازداد احترامها له أضعاف.. كان يمكن ان يخفي كل شيء عنها ولا يكترث ويستفيد من نسبه المعروف لعائلة السماحي.. لكنه كان صادقا وهو يكشف لها كل خباياه دون تردد..وهذا ما أشعرها بالراحة والأمان.. لا تصدق ان من تتحدث عنه داخلها وتدعمه هو ذاته جسار القديم.. بل لا تصدق ان بيوم قريب ستتضافر حياتها معه للأبد..صدق من قالو لا محبة إلا بعد العدواة
فانقشعت العدواة ولم يبقي بخافقها غير المحبة.
شمس هرد علي التليفون واجيلك
قعطعتها سارة
________________________________________
بقولها فئومأت لها بتفهم وراحت تتأمل هيئتها في المرآه ربما للمرة العاشرة ثوبها الوردي يبدو شديد الرقة وبينما هي شاردة تنظر لنفسها عانقتها والدتها وهي تقول ما شاء الله قمر شموسة. 
  بجد يا ماما شكلي حلو
 حلو بس وربنا تجنني
تدخلت سارة بقولها بعد ان انهت لتوها مكالمة جانبية مستطردة طلع عندي حق لما صممت على الفستان ده لونه روعة علي وشك ومخليكي منورة. 
ابتسمت شمس وهي تمتن لها سارة أكثر منها خبرة بتلك الأمور التي تخص المظهر والتجميل وقد ساعدها رأي ابنة العم بشكل كبير. 
  ربنا يخليكي ليا يا سيرو..مش عارفة من غيرك كنت هعمل ايه
  عيب تقولي كده أحنا اخوات ومسيري اتعبك واطلع عينك كمان يوم ما اتخطب.
دعت صابرين والدة سارة بحرارة ربنا يفرحني بيكي قريب عشان فرحتنا تكمل. 
سارة بمزاح وهي كده فرحتنا ناقصة يا ماما طب بذمتك احنا مش بنعيش معجزة دلوقت مش دي شمس اللي كانت عمالة تقول انا مابفكرش في الجواز وأهم حاجة شغلي.. 
أهي وشها منور ونستنية عريسها والرضا بينط من عنيها. 
ضړبتها شمس علي رأسها بخفة ومسحة خجل اعترتها 
فضحكت جمانة والدة شمس وقالت أه والله يا سارة دي صح معجزة أنا لسه مش مصدقة اللي بيحصل.
فغمزت صابرين بعيناها مشاكسة شكل جسار ده سره باتع يا جمانة.
  وبعدين معاكي يا خالتو انتي وماما هو انتوا مش وراكوا غيري انهاردة تحفلوا عليه.
سارة وهي تقرص خدها أمال نحفل علي مين غيرك يا عروسة. 
ابعدتها شمس وهي تسبها حانقة لتضحك جمانة مع قولها 
  خلاص يا سارة سيبي بنت عمك مش تضايقيها.. ده يومها انهاردة ثم صاحت وهو تحوطهما بنظرة حانية ربنا يفرحنا بيكم انتوا الاتنين ونشيل ولادكم يا حبايبي. 
.........
شمس ليه مش بعتي شكل الفستان اللي هتلبسيه انهاردة
حبيبتي انا خلاص وصلت مع بابا واخويا وجدي
شمس عايز اشوفك أول ما ادخل
شمس هو ماينفعش نخرج انا وانتي انهاردة
رسائله تنهال عليها بلهفة واضحة.. يفتقدها بشدة رغم انها حدثته في الصباح عقب استيقاظها وامتنعت عن مهاتفته فقط بضع ساعات لتستعد له لكن يبدو ان تعلقه بها صار چنوني والأعجب انها تشاطره الجنون ذاته هي مثله تعلقت به وإن غاب تشعر بنقص وفراغ غريب..كأنها لم تعد تكتمل ألا معه..عجيب أمر القلوب حين تهوى..ريشتها تصبغ جدران الحياة
بكل ألوان السعادة. 
بحفاوة شديدة تم الترحيب بزيارة جسار مع جده ووالده وشقيقه رائف..كما حصد موافقة والد شمس على طلبه للزواج منها بعد تبين رأي ابنته بالطبع ثم تم الاتفاق علي الأمور الأخري مع التزام الجد بوعده لجسار بألا يتخطي كثيرا حدوده المادية وبلهفة لم يخفيها جسار تعجل إتمام زفافهما بعد أشهر قليلة تكفي لتجهيز عش الزوجية بلمسات شمس كما تتمنى..وأن لا داعي لهدر الوقت. 
وحشتيني اوي يا شمسي انشغلتي عني طول اليوم
هكذا همس لها جسار بعد ان نال جلسة خاصة معها بعد ان تم الاتفاق علي كل شيء.. ومكث الجد وأبيه ورائف بضيافة والد شمس الذي أصر ليتناول الجميع العشاء معهم.
  مش كنت بستعد لزيارتك يا جسار ڠصب عني كنت مشغولة.
شملها بنظرة فاحصة أخجلتها وهو يغمغم
بعبث بس قمر يا شمسي. والفستان رهيب عليكي.
تضرج وجهها بالحمرة وقالت برقة بجد عجبك يا جسار الصراحة هو ذوق سارة قالت لونه الوردي هيليق عليه اوي. 
همس لها عندها حق..بس لونه مش أحلى من ورد خدودك يا شمس.
تفاقن خجلها بعد إطراءه ولم تجيبه فتنهد بشوق أمتى بقا نكون سوا في بيت واحد أمتى أقدر... .
  جسار. 
قاطعته متوقعة ما سوف يتفوه به فلا تريد منه أي تجاوز يضعفها أكثر..وتقدر مدى احتياجه ليتأنس بها ويتوحد بكيانه معها وتصبح له كل شيء كما يخبرها دائما..وهي تريد مثله لكن لكل شيء وقته.
بالسرعة دي جسار طلب شمس وكمان هيتجوزوا في خلال كام شهر!
ألقي آدم تعجبه علي مسامع سارة التي هزت كتفيها ببساطة بعد رشفة قهوة مستغرب ليه جسار بقالوا سنة معانا في الشركة واتعامل هو وشمس بشكل مباشر من خلال شغلهم واتعرفوا علي بعض بما يكفي انهم ياخدوا خطوة زي دي.. شقته محتاجة شوية ديكور وتبقي جاهزة وجده هيعمله احتفال الزفاف في أفخم فندق يليق بأسم عيلته المعروفة..يعني مفيش عوائق تمنعهم من حاجة..
  عندك حق.. مفيش عوائق. 
قالها بنبرة مشروخة لم تلتفت لها إلا الآن وهي ترى رأسه منكس بغبرة حزن علي وجهه فصاحت سريعا آدم أنا مقصدش حاجة والله كنت بتكلم بعفوية. 
قال مقتضبا عارف. 
نظرت له بشفقة وهي تراه يعذب نفسه بحاجز صنعه بيده ولا يستحق معاناته..كثيرا ما تشعر أنه سوف يصارحها بكل شيء وفجأة يتراجع هذا الوهج في عيناه وينطفيء ويسدل قناع بروده من جديد.. 
  لحد أمتى هتفضل أسير لأوهامك دي يا آدم
  قصدك ايه يا سارة
  انت فاهم..احنا بقالنا قد ايه متخرجين طب بلاش..هل لسه بتشك اني بحب جسار الحب اللي يمنعك تقربلي أظن خطوبته لبنت عمي تنسف ظنونك من أساسها مستني ايه بقا
رمقها طويلا قبل أن يهمس مش ده المانع الوحيد بنا يا سارة لو الأول اتنسف لسه في بنا فارق مادي يخليني أخاف أقرب حتى لسور قصرك العالي..
  مجرد أوهام! 
أوهام عايش فيها لوحدك قصر ايه اللي بتتكلم عنه يا أدم وهو القصر ده اتبني في يوم وليلة بابا وعمي ياما تعبوا عشان يوصلوا.. كانوا مجرد مهندسين لسه متخرجين كل واحد فيهم اتغرب في دولة وعمل قرش..وفي وقت ما قرروا يرجعوا يدمجوا قرشهم ويبدؤا حلمهم اللي كبر بالجهد والعرق لحد ما بقي الصرح اللي انت شايفه ده وانت مش اقل من إنك تحلم وتثق في حلمك انه هيكبر في يوم.
قيمها بنظرة أخرى وهو يتأملها بحب وإعجاب لهذا النضج الذي تجلى بشخصيتها ليست جميلة فحسب.. بل ذكية وعاقلة أيضا تنهد وهو يحني كتفيه للأمام بود صاحب همسته يعني لو اتقدمتلك بظروفي دي يا سارة هتوافقي
زفرت بقوة وهي تصيح أخيرا أبو الهول نطق. 
  أبو الهول
أكدت بقوة أيوة لأنك كنت شبه الصنم مش بتتحرك.. 
ابتسم لقولها وغمغم والصنم نطق يا ستي..تفتكري كمان باباكي يوافق علي واحد بظروفي وعيلتي المتواضعة والدي معندوش غير مكتبة أدوات مدرسية مع لعب أطفال في شارعنا عايش منها واخواتي الصغيرين لسه مشوارهم طويل وأنا واخويا الكبير بنساعد..خاېف يا سارة والدك يستقل بيا.
  تبقي ماتعرفش بابا..صدقني هو عكس ما انت فاكر.. بابا ما يهموش غير سعادتي لو وافقت أنا هو مش هيمانع مادام أصلك يشرف وسمعتكم محترمة. 
تنهد وحاصرها بنظرة مفعمة بالحب وقال لها ما متمه بقلبه سنوات بحبك.
أطرقت مبتسمة فواصل
مصارحته لها انتي لوحدك حلم كبير يا سارة اتمني يتحقق. 
  هيتحقق لو حاولت تاخده..لكن لو فضلت مكانك هياخدوا غيرك.
هتف بحدة غيري طب خلي حد يقربلك كده. 
ضحكت بانطلاق يا سلام يابني انا تقريبا كل أسبوع بيتقدملي عريس وبرفض عشان سعادتك واخد جنب وساكت.
غمغم بنبرة مفعمة بمشاعره خلاص مفيش سكات تاني..هعرف والدي واخويا الكبير وهستعد واجي اخطبك في أقرب وقت. 
  وأنا مستنياك يا آدم.. 
  طب مش هتقوليها.. 
  لأ. 
  ليه
  عشان متغاظة منك ولازم اعذبك شوية
همس بهيام حتى عذابك بحبه.
ضحكت بدلال ثم تنهدت براحة بعد أن خطى حبيبها خطوته الأولي نحوها وصارحها بمشاعره..وتتمني تيسير ماتبقي بينهما..فمن أمامها الآن رجلا بحق لا ينقصه شيء سوى المادة وبمثابرة وطموح سينال الكثير وهي بجانبه وتمنحه كل الدعم.. وكل الحب. 
بعد مرور شهر!
  سارة جايلها عريس يا أمين. 
قالتها زوجته صابرين وهي تخلع عنه جاكيته فقال بهدوء على أساس مش كل أسبوع تقريبا بيتقدم ليها عريس!
وبعدين مين العريس ده والأهم من كده تفتكري بنتك هتوافق ولا هترفض زي العادة
  لا اطمن يا أمين ده زميلها في المكتب بتاع جسار وهي اللي بلغتني انه عايز يجي يعني واضح موافقتها عليه. 
  طيب خليه يجي الجمعة وربنا يقدم الخير. 
ها هو أدم خطى سور قصدها العالي وصار داخله لكن الخۏف يعكر عليه فرحته.. ماذا لديه ليخبر به والدها ليس لديه شقة وهي أهم ما يجب توفيره لشاب مقدم علي الزواج.. يشعر انه تسرع ليته تمهل قليلا وما انجرف
وراء حماسه ومشاعره.
بنظرة ثاقبة رصد أمين توتر أدم الذي تفصد جبينه عرقا فأشفق لحاله وقال مازحا ايه يا متر مالك.. ده انت محامي شاطر المفروض تكون واثق من نفسك ودفاعك عن حقك في اللي جاي تطلبها مني..
حديث أبيها الممزوج بالمرح أذاب بعض جليد توتره ليبتسم بتردد لم يبرحه بعد أعذرني ياعمي أنا فعلا متوتر بس ڠصب عني.. 
  لا أهدى ومتخافش.. المواضيع يابني بيحكمها النصيب وبس.. لو ليك نصيب في بنتي هتاخدها.. 
  سارة دي حلم عمري ياعمي نجمة في السما والنجوم محدش بيطولها.. 
  بس فيه بشړ طلعوا القمر.. ولا نسيت 
نظر له أدم بإعجاب فاستطرد أمين بابتسامة
شوف يا آدم بنتي حكت كل ظروفك.. وقالتلي عن سبب ترددك الوقت اللي فات ده.. وذكرت كمان ازاي هي بتقدرك وتحترمك وشايفة فيك اللي انت نفسك غفلان عنه.. وانا الحقيقة قبل ما اوفق تيجي تقابلني سألت عنك كويس وعرفت كل اللي يهمني اعرفه.. انك انسان خلوق ومحترم وبار بوالديك وأخوك مهندس ميكانيكا وسمعته طيبة واخواتك في مراحل تعليمية مختلفة. 
  بالظبط حضرتك. 
تنهد أمين مستطردا زي مع قلت عرفت اللي يهمني اعرفه عنك.. والحقيقة كله كان في صالحك.. أما مستقبلك أنا شايفه واعد لأن واضح انك طموح.. عشان كده هبلغك ردي.. 
تعلقت أنظار أدم به بلهفة ليقول الرجل 
أنا موافق تتجوز بنتي. 
ذهول جعل فم أدم منفرج لا مصدق سماعه موافقة الرجل هكذا ببساطة ليقهقه أمين 
أقفل بقك يا ولد عيب.. 
ضم أدم شفتيه سريعا ومازال تحت تأثير المفاجأة ليوصل امين نيجي بقي للهم الكبير بالنسبة لأي عريس بيبدأ حياته.. الشقة..
عادت ملامح أدم تتوتر وهم بقول شيء فقاطعه الأول اسمعني الأول وشوف اقتراحي.. سارة عرفتني ان معاك مبلغ مش بطال جمعته وركنه على جنب.. تمام انا بقي هخدمك في ايه الخدمة الأولى اخلي المبلغ ده ينفع يكون مقدمة شقة كويسة.. والخدمة التانية اني أأجل مع صاعب العقار دفع الأقساط بتاعتها سنة كاملة تكون انت وسارة اشتريتوا العفش المناسب ليكم والخدمة التالتة انك بعد الجواز تدفع الأقساط كل تلات شهور..صحيح وقت السداد هيطول بس مش مهم لأنه بالنسبة لمرتبك هيكون مناسب.. ايه رأيك بقي
نظر له ولا يعرف ماذا يقول. 
لم تكذب سارة حين قالت انه سينبهر من تفكير والدها ومرونته وحكمته..بدقائق معدودة زلل كل عقباته وأوجد له الحلول التي تصون كرامته في ذات الوقت..كيف فعل كل هذا!
  ناقص خدمة رابعة وأخيرة.. أني هنزلك مبلغ كويس جدا من سعر الشقة الإجمالي.. وده لأن صاحب البناية اللي
________________________________________
هقترحها عليك عميل قديم عندي وصديق ليا ويتمني يخدمني في اي شيء.
ومضت عين أدم بانبهار وتقدير جم وهو يقول أنا مش عارف اقول لحضرتك ايه
بجد.. ياريت كل الأباء يكونوا بمرونتك وحكمتك وطيبتك مع خطاب ولادهم..
تمتم امين بتواضع يا أدم انا كل اللي يهمني سعادة بنتي.. غير كده سهل اي حاجة تتعوض انتوا لسه شباب والمستقبل فاتح أبوابه ليكم.. هتشتغلوا وتبنوا نفسكم لحد ما يبقي ليكم صرح خاص بيكم تفتخروا بيه قصاد ولادكم..
  أول حاجة هفتخر بيها قصاد ولادي هو حضرتك ياعمي.. 
ابتسم امين بود لأطراءه ربنا يكرمك ياحبيبي ويتمملكم علي خير..شوف هتجيب أهلك امتى وانا منتظركم أي وقت..
واستطرد مع نهوضه 
هنادي سارة تطمنها بنفسك وتقولها علي اتفاقنا.. وانا هشوف الغدا جاهز ولا لسه.
وتركه يطارد الفرحة في قلبه.. أخيرا جبر الله خاطره ويسر خطواته نحو من حلم بها منذ زمن..ولأجلها سينحت الصخور كي تعيش معه برغد وسعادة. 
الفصل الحادي عشر
تسألين من أنت
أنت يا جميلتي شمسا لا ټحرق
قمر لا يغيب نوره عن سمائي
وطن ستنبت أرضه ألاف السنابل
وأنا لك بئر عشق وحنان لأرضك
و مطرا سيهطل ليروي ثراكي كي تزهري
بعد خمسة أشهر. 
  خلاص حددتوا الفرح يا متر 
بوجه مشرق أجابه أيوة يا أشرف اخر الشهر يعني كمان عشر أيام. 
ربت كتفه بود مبروك يا جسار ربنا يتملك بخير. 
  تسلم يا صاحبى عقبالك يلا شد حيلك أنا اهو هتجوز وسارة وأدم اتخطبوا ومش فاضل غيرك. 
  بإذن الله والدتي رشحتلي بنت تعرفها وربنا يسهل.
  طب كويس عشان تحصلني بسرعة وتجيب ولد وبنت لولادي عشان نبقي نسايب.. ولا فاكر هتخلص مني
قهقه قائلا طب افرض يافالح أنا وانت جبنا صبيان وبس 
  لأ انا حاسس اني هجيب الأتنين..ثم تنهد مع قوله أنا نفسي أجيب ولاد كتير يا أشرف عايز عيلة كبيرة تنتمي ليا لوحدي وقتها بس هتروح من جوايا مرارة اني بعيد عن أهلي. 
تعاطف معه وهو يهتف إن شاء الله تحقق حلمك يا صاحبي هانت.
  ربنا كريم..المهم اعمل حسابك بكره انا وانت واخويا مع ولاد عم شمس رايحين نجيب بدلة فرحي. 
  جاهز من دلوقت يا باشا. 
  حبيبي يا أشرف 
ابعتلي صورة البدلة بتاعتك
بعثت رسالتها عبر تطبيق الواتس ليصلها رده بعد لحظات 
لأ مش هينفع أصل بيقولوا فال وحش
ضحكت وهي تكتب له 
يا سلام يا استاذ انت بتردهالي يعني
أرسل لها رده
أشمعني انتي مخبية عني فستانك واحدة بواحدة
يا شمسي
ابتسمت بحنان وهي تراه يرسل لها صورته مرتديا بدلة زفافهما وخلفه شقيقها حمزة وشقيقه رائف كم بدا وسيما يسرق القلب تشتهي أناملها تهذيب شعره الثائر هذا يوما دون أن تشعر أغمضت عيناها وهي ترقيه بكلمات دائما ما تسمعها من والدتها..تذكرت افتقاده لوالدته وأبيه..هل يشعر بالحزن ربما يساوره شعور فقدهما القاسې..فليعينها الله علي سد فراغهما وتعويضه بفيض حنانها وحبها له.
شوفتي طلعت أحسن منك وبعت صورة بدلتي
قاطعها وصول رسالته فابتسمت وبعثت له تشاكسه
برضو مش هتشوف فستاني غير يوم الفرح
أرسل لها إيموشن غاضب فردت بأخر يحرك لسانه بمكايدة.. 
وصل جسار أمام مركز التجميل بسيارته المزينة بالورود..ذهب واللهفة تملأه لرؤية عروسة فقابلته سارة بمشاكسة على فين يا استاذ مش قبل ماتدفع عشان تعدي. 
رفع حاحبيه بتثبتي أستاذك يا سارة
  أيوة.. وبلاش تضيع وقتنا يا استاذنا..هات مبلغ محترم عشان اسيبك تدخل لعروستك..
بحث بجيب جاكيته وأخرج بضعة نقود وقال مفيش معايا نقدي غير دول يا مستغلة..
قلبت الورقات بين يديها ومطت قائلة ولو انه مبلغ لا يرضي طموحي بس مش مهم هكون كريمة واعديك يا أستاذنا.. 
أمسك طرف حجابها وقال بتحذير أنتي هتسيبني اعدي ولا ابوظلك لفة الحجاب 
صاحت بړعب لالا خلاص عدي انا بهزر معاك يا استاذ.. 
ابتعدت وتقدم وصار بتوازي جدار قصير انقطع عند غرفتها.. طرق طرقتان ثم حرك مقبض الباب ببطء ودلف ليجدها تقف وتعطيه ظهرها تنحنح وقال السلام عليكم يا عروستي.
  لم تجيبه.. دار حولها وحدقتيه تتجول بما يطاله حتى وقف أمامها وأخيرا عانقت عيناه محياها الذي جعله مؤخوذا بضعة ثواني وهو يري فتنتها ورقتها وطبقة. تلبيضاء تشف وجهها أسفله.. 
تقدم گ المسحور ينظر لها ثم رفع طرف وشاحها ورمقها بحب وهي مطرقة بخجل يلفها الصمت منذ حضوره.. 
  ما شاء الله.. طالعة قمر.. 
همست بمشاكسة خفيف قمر ولا شمس
ابتسم
وهو يدنو قليلا انتي شمس حياتي اللي هتملاها دفا.. وقمر ليلي اللي هتغمريه بنورك.. 
رفعت أهدابها والتقت أعينهما بلقاء مفعم بمشاعرهما التي رغم قصر عهدها جارفة هو وجد بها هوية جديدة وهي تراه حبيب تملكها وصارت تعشقه وقد ظنت أنها لن تعشق أحد بتلك القوة.. هو من يستحق أن تخلع عنها رداء الخشونة والصرامة اللذان تسلحت بهم لتصد علاقات كثيرة عابرة حاول أصحابها فرضها فرضا..وها هي أدخرت كل مفاتنها ومشاعرها له وحده..
  شمس.. 
ناداها برقة فهمست نعم. 
  ينفع نمشي من هنا علي بيتنا 
ابتسمت بحمرة خجل أومال الفرح والمعازيم في القاعة دول منتظرين مين
عاد يهمس بلوعة مش هقدر أصبر.. عايز نكون لوحدنا.. 
اشتعلت أكثر من فرط خجلها وغمغمت جسار بلاش جنان همس وهو يدنو لوجهها هو بعد ما شوفتك فاضل فيا عقل الحمد لله ان مكتوب كتابنا توجست من أخر كماته هامسة جسار. 
غيبها بموجة عاطفة تحكمت به ثم قال مبتعدا جسار جاب أخره..ابتسمت ووجها مرتبك بعد اكتساحه القصير فتنهد بقلة حيلة للأسف مضطرين نروح القاعة ثم ثني ذراعه لتعلق أناملها به ثم تبادل معها نظرة عشق أخيرة قبل أن يغادروا بسيارته دون عزول بينما حضر آدم بسيارة أخرى ليأخذ خطيبته سارة.
داخل قاعة فخمة وقفت عائلتي العروسان يستقبلان الوافدون من الحضور امتلأت الساحة بشخصيات مرموقة وذو شأن من تلا عائلة العروس ومن جهه معارف جد العريس ووالده توفيق..
بدأت الأجواء تستعد لاستقبال العروسان اللذان وصلو لبوابة القاعة بالفعل لتنتبه الأحداق بترقب لهما.. بدأ عبور جسار وعروسه..هتافات ندت من الأفواه وهما يشاهدون طلتهما بينما دمعت عين والدتي شمس وسارة.. أما الجد فلمعت عينه بحب وفرحة طاغية وهو يري السعادة تنضح من وجه حفيده الغالي.. ورائف الذي راح هو وريان وحمزة يطلقون صفيرا مبهج تحية للعروسان.. أما توفيق فكان سعيدا بحق لأجله وتمني داخله أن ينال هذا الشاب ما يعوضه عن فقدان هويته وأهله الحقيقين..وكم أثني علي تلك الخطوة في حياة شاب مثله يبحث عن عائلة تخصه..وها هو يقترب من تحقيقها.
أما إلهام كلما التقت عيناها بعين جسار تجد سحابة حزنه وخذلانه منها لا تزال تظلل نظراته نحوها..إلى الآن علاقتهما مازالت خالية من الود بخلاف علاقته بالبقية.
تعددت فقرات الحفل الشيقة وتلقى العروسان التهاني من الجميع.. وبعد وقت كافي انتهى الاحتفال وتوجه جسار وشمس لجناح كبير بذات الفندق بعد توديع الأهل عند باب المصعد..
  كل يوم منهم كان سنة بالنسبالي. 
  فاكرة اول مرة قابلتك
أومأت بإيجاب ليستطرد رغم حدتك وقتها بس فيكي حاجة شدتني عجبني نظرة عيونك الشرسة وفي نفس الوقت لمست لحظة ارتجافتها اللي حاولتي تخفيها بس انا فهمتها..
ثم ضمھا إليه أكثر وقال انتي كمان اتأثرتي بيا صح طبعا شوفتيني واد حليوة علي رأي جدي وقولتي في بالك ليهم حق البنات يتلموا حواليا.. 
لتهتف بارتباك جسار لازم نصلي الأول.. ابتعد بإجبار أكيد.. بس اعمل ايه وانتي بالحلاوة دي كلها.. 
همست له هو بجد أنا حلوة
رفع حاجبيه بدهشة انتي مش شايفة نفسك في المراية ترددت قبل ان تخبره بصوت خاڤت أقولك علي
سر أنا عمري ماشوفت نفسي جميلة.. ولأني متربية وسط شباب اخدت منهم الصرامة وقوة الشخصية.. ساعات كنت اقول لنفسي هو ممكن حد يحب التركيبة دي
لم يجيبها بكلمة واكتفى بأن قادها برفق نحو طاولة الزينة لينعكس هيئتهما في المرآة.. بدأ ينزع من عيناها أهدابها الصناعية تحت دهشتها ثم يلتقط محرمة مبللة ومخصصة لأزالة مثل هذا الأمر ثم شرع بتجريف وجهها من طبقة المساحيق بالكامل لتظهر بشرتها النقية الناعمة بخمريتها الرائعة..ووقف خلفها يعانق ظهرها مشيرا لإنعكاسها قائلا شايفة ازاي ظلمتي نفسك 
اللي قدامك دي مش جميلة
اغرورقت عيناها وهي تنظر
له عبر مرآتها.. الغريب انها وجدت نفسها في تلك اللحظة بالفعل جميلة كأنها استعارت عيناه هو لتري نفسها بملامح جديدة التفتت إليه وأحاطت وجهه براحتيها ثم قبلت جبينه مطولا بفعل يعد جريء لمثلها ثم همست وهي تغوص بعيناه لو تعرف بتصرفك البسيط ده عملت فيا ايه 
ثم فاضت عليه بالكلمة التي انتظرها طويلا وصبر كثيرا لينالها من بين التي ارتجفت قبل أن تقولها 
  أنا بحبك أوي يا جسار أنت أول وأخر حب في حياتي أوعدك اني هعوضك كل اللي اتحرمت منه وهعمل معاك العيلة والعزوة اللي بتحلم بيها هكون كل حاجة ليك ونفسك تحسها وتعيشها.
لم يعد لديه صبر كي ينالها بعد ما قالته أسرع بإتمام صلاتهما الأولى ثم بدأت مراسم ليلة العمر بعهود و روابط قوية ولدت بينهما ولن ټموت أبدا.
منذ عودته من زفاف جسار وهو مختلي بذاته.. يتصفح ذكراياته عبر ألبومات الصور التي يكتنزها وعيناه تطارد وجه صغيره هنا كان يحبو بين قدميه وهنا حين كبر عدة أعوام وبتلك الصورة كان مراهق نمى شاربه علي استحياء أما هنا صار شاب ممشوق الجسد.. شيء واحد كان مشترك بين كل هذا الصور.. عين جسار أو بالأحري الحزن الذي سكن بها.. كان يعلم انه مهما فعل وقدم له لن يعوضه عن حنان أبويه وأهله..يشهد الله انه فعل كل ما بوسعه ليغنيه عن الجميع.. ويطلب من ربه الغفران لانه تقاعص في البحث عن والديه الحقيقين.. صحيح لم يجد سبيلا حينها لكنه لو اجتهد لوجد وسيلة.. لكن حبه وتعلقه بجسار جعله يسدل أستار فوق عيناه وعقله كي لا يفقده.. أحبه وسيظل يحبه ويتمني له السعادة هو وزوجته.
  بابا.. ممكن اقعد معاك شوية 
قالها توفيق الذي اقتحم غرفته بعد طرقتين لم ينتبه لهما الأخر أثناء شروده تعالي يا ابني
شملت نظرة فاحصة من عين توفيق الصور التي يفترشها و يشاهدها أبيه فغمغم اشتاقت لحفيدك بالسرعة دي 
تمتم بعين غائمة من يوم ما ساب البيت ده وانا مابطلتش لحظة واحدة اشتاقله يا توفيق.
مسحة من تأنيب الضمير وخزة توفيق فقال أنا أسف يا بابا ان انا وإلهام مقدرناش ندي جسار اللي احتاجه صدقني انا كنت بحبه بس حاجة جوايا كانت بتمنعي اقرب منه اكتر. 
هز الرجل رأسه وعيناه لا تحيد عن صور حفيده وقال في حاجات مابتجيش بالعافية يا توفيق وخلاص اهو ربنا كرمه بزوجة محترمة واهلها يشرفوا وهيكونوا عزوة جديدة تعوضوا اللي خسره.
  يا رب..واستأنف بقوله بابا هو جسار يعرف اللي كتبته له في وصيتك من أملاكك
أخبره بنفي مايعرفش كل مرة حاولت اساعده ماديا كان بيرفض بقوة خۏفت اقوله
________________________________________
يصمم اني اغير الوصية أو يرفض بعزة نفس فقلت اسيبها لوقتها جسار مش طماع زي ما مراتك كانت فاكرة يا ابني كان ممكن يستغل حبي له وياخد كتير بس هو رفض يا رب مراتك تكون فهمت ده كويس.
  إلهام فهمت يا بابا والله وندمانة ونفسها تصلح علاقتها معاك بس حضرتك اديها فرصة.. 
قال باقتضاب ربنا يسامح الجميع..
 اللهم امين هو بكرة هيسافر لشهر العسل 
  أيوة عم مراته السيد أمين حاجزلهم اسبوعين في فندق معروف في باريس هدية لفرحهم..وانا حجزتلهم في فندق كبير في الغردقة اسبوعين بعد مايرجعوا.. ثم ابتسم لابنه وقال عقبال ما افرح برائف ومراته واطمن عليه هو كمان.. 
  والله شكله قريب يا بابا.. الولد كلمني عن أخت أشرف صاحب جسار اللي حضرتك عارفه..لفتت نظره لما كان بيزور اخوه في سكنه القديم.. شافها كام مرة واتعلق بيها.
انعكس علي وجهه الجد استحسان واضح وهو يقول طب والله ياريت يا توفيق.. أشرف شخص محترم جدا واكيد اخته متربية كويس. 
  انا بصراحة شوفتها في الفرح الليلة ولقيتها مناسبة جدا وجميلة فعلا وطبعا الفرق المادي مش مشكلة ابدا.. كده كده لو هتتجوز ابني هتعيش حياتنا احنا.. 
  طب ومراتك رأيها ايه 
  أهي دي المشكلة يا بابا.. إلهام كانت راسمة تجوزه بنت اختها بس طبعا رائف عمره ما فكر فيها غير اخت.. اكيد هتعصلج شوية بس ما تقلقش انا هخليها توافق أنا أهم حاجة عندي ان رائف عايزها وهيكون سعيد معاها.. الباقي مش مهم.
أومأ له عندك حق طيب
شوف هتوصلوا لايه وانا جاهز اي وقت نروح نخطبها لرائف. 
  إن شاء الله يا
بابا و ربنا يديك الصحة و يخليك لينا.
  تسلم يا حبيبي.. 
تحسس جانب الفراش بكفه فوجده فارغ أشرع عيناه بصعوبه ليجدها تصلي جواره ابتسم وانتظر وهو يتأملها حتى ختمت الصلاة ونزعت إسدالها مقتربه منه فغمغم بحب صباح العسل ياشمسي. 
  صباح الخير ياحبيبي صحيت من شوية كلمت ماما وبابا وقلت اصلي واصحيك.. 
تشمم عبقها وقال ريحتك حلوة اوي.
ابتسمت له ميرسي يا حبيبي ماماتي سألتني عنك كانت قلقانة جدا. 
  وطمنتيها 
  طبعا.. قولتلها اني مع أحن زوج في الدنيا..
همهم لها بكلمات غزل رقيقة وهو يضمها لتعود وتهتف احنا هنسافر بعد الضهر 
أومأ لها لتستطرد مشتاقة جدا هشوف باريس لأول مرة معاك يا جسار. 
تذكر مفاجأة السيد أمين لهما بتلك الرحلة فقال 
بصراحة يا شمس ماكنتش حابب حد يتكفل بشهر عسلنا سواء جدي أو عمك..كنت هقضيه في مصر في مكان مناسب حسب ظروفي انا.. 
  ياحبيبي دي هدية من أهلنا اللي بيحبونا وحقهم يفرحوا بينا بطريقتهم.. مالهاش علاقة بظروفك أنا والله لو كنا هنقضي شهر عسلنا كله في شقتنا كنت هكون مبسوطة برضو مادام معاك..
حاصرها بنظرة أشعلها عشقه وقال يسلملي عقلك يا شمسي ويخليكي ليا..أنا كل دقيقة بحبك أكتر. 
  وانا كمان.. 
ثم داعبت أنفه بمرح ممكن بقي حبيبي يقوم يجهز عشان ننزل نفطر تحت ونطلع على المطار
شاكسها طب ممكن اقولك كلمة سر الأول.
قالت بدلال كلمة ايه يا جسورتي.. 
  لأ مادام دخلنا في level جسورتك الكلام هياخد منحنى تاني خالص.
قهقهت ليبتلع باقي ضحكتها بموجة عاطفته من جديد.
يتبع
الفصل الثاني عشر
أشرعة القلوب لا تقودها أيدينا
بل تجرفها رياح الأقدار كيفما شاءت
فلا تكن يا صغيري أحمقا فقير الطموح
وأختر من ترتقي بك دون انبطاح
ربما ينقص قدرك وتخسر عالمك المخملي.
بطلت حجته التي كان يراها من خلالها تحت مظلة الصدفة فوق الدرج أو عند مدخل البناية فقد تزوج شقيقه جسار وأصبح له مسكن أخر كيف سيقابل فتاته وهو من كان يقتات على تلك اللحظات العابرة التي تجمعه بها وابتسامتها الخجول خين تبصره تخبره أن هناك إشارة ما تجمع أرواحهما رغم شح حديثهما سويا يا حبذا لو ألقي تحيته فترد بمثلها وليس أكثر وذاك ما يتعجبه رائف لما جذبته أريج دون غيرها لكن أحيانا لا جواب بين رغبات القلوب هي وحده من تملك زمام أمره وأمرها فكر كثيرا أن يحاول لقائها منفردا لكن ضميره يحذره أن يخون ثقة أشرف لو فعل فهو بمثابة شقيق أخر له لا طريقة أخرى أمامه سوي ما اقتحم ذهنه الأن نعم.. مادام يشعر أن قولبهما متصلة بحبل واحد فليفعلها مثلما يفعل الرجال بتلك الظروف ويعلم أن هناك حرب صغيرة سيقودها لإقناع والدته هي للأسف تطمح لتزويجة إبنة خالته وهذا لن يحدث.
تلون وجهها بأصباغ الڠضب وهي تهتف باستنكار أنت بتقول ايه يا رائف عايز تتجوز من بنت لا هيمن مستواك ولا عيلتها ليها تاريخ عيلتك أنت مش عارف انت عيلة مين
ولأنه توقع تلك العاصفة من والدته تمتم لها رائف مستعطفا ماما مش انتي بتحبيني 
رمقته إلهام بحنق متحاولش تأثر عليا مش موافقة علي البنت اللي عايز تخطبها دي مستحيل.
  يا ماما معترضة ليه طيب دي بنت محترمة جدا وجميلة واخوها صاحب اخويا جسار وانا عارفه كويس.
تفاقم استنكارها بصياح حاد يعني اخوك ياخد بنت حسب ونسب وعيلة كبيرة تشرفه وانت رايح تاخد بنت ناس فقرة ليه يعني! محدش أحسن منك. 
بذات الهدوء عادت يخبرها يا أمي ده نصيب وانا عاجبني أريج ومرتاح ليها وحاسس انها نصي التاني وفقرها ده مايفرقش معايا خالص المهم أخلاقها وانا ماشوفتش بنت زيها.
  ليه يعني فيها ايه مميز والبنات الأخلاق كتير بس انت اللي مش شايف وغمي عيونك. 
أدرك مقصدها فقال لو قصدك بنت خالتي فأنا معاكي انها ماتتعيبش ابدا بس قلبي مش مايل ليها بحسها اختي انما اريج شيء تاني..ثم لثم كفها برجاء عشان خاطري بقى ياماما وافقي نخطبها لما يرجع اخويا جسار من شهر العسل.
  سيبني مع ماما شوية يا رائف.. 
بصوت والده سمعها وهو يدلف إليهما لتوه فقال لأبيه بتهذيب حاضر يا بابا .بس أرجوك حاول تقنع ماما بأريج لو جنتم عايزين سعادتي بلاش تحرموني من رغبتي دي.
أومأ له توفيق وعيناه مصوبة بجمود نحو زوجته طب روح لجدك عشان كان عايزك وربنا يسهل.
......
  هو انتي لو معملتيش مشكلة ماترتاحيش يا إلهام 
على عكس توقعها انه سيحاول استمالتها برفق هاجمها بحدة لتشير لصدرها باستنكار مقهور أنا يا توفيق 
أقر بحدة ومين غيرك تقدري تقوليلي عيب البنت اللي ابنك عايزها ايه 
صاحت ملوخة بحنق والله كفاية فقر عيلتها.. اشمعنى جسار ياخد واحدة من عيلة كبيرة وابني ياخد بنت ناس فقرة ومعدومين. 
رفع حاجبيه ساخرا قولي كده بقى! يعني كل مشكلتك ان جسار مايبقاش افضل من ابنك صح ياخسارة يا إلهام لسه زي ما انتي نظرتك للناس طبقية ومتعالية ومغرورة.
هدرت پغضب تدافع وليه ماتقولش عايزة الأفضل لابني الحيلة بدال
ما تتهمني اني طبقية يا توفيق وبعدين الناس فعلا طبقات مختلفة ماتنكرش دي حقيقة مش محتاجة جدال.
  فعلا الناس طبقات بس المقياس الوحيد مش محصور بس في الغنى والفقرولا في حسابات البنوك الأخلاق والسمعة الطيبة أقيم أنواع الثراء البنت محترمة واهلها محترمين وانا سألت عليهم كويس اخوها محامي له مستقبل كبير.. وبعدين احنا اللي هنرفعها لمستوانا لما تنتمي لينا مش العكس ليه ترفضي وتزعلي ابنك الوحيد وتكسري قلبه
طعنتها كلمته الأخيرة بحنايا القلب لتغمغم بعين باكية أنا مقدرش اكسر قلب ابني رائف ابدا يا توفيق ده روحي.
  يبقي وافقي تخطبي له اللي قلبه عايزها بلاش تكسري خاطره وهيله يعيش الخياة اللي اختارها رائف مش صغير ودي أقل حقوقه علينا. 
رمقته بعين مغرورقة بدأت عبراتها تهطل ببطء لتقول باستسلام خلاص ياتوفيق اللي تشوفوه اعملوا وقت ما تقرروا تروحوا تخطبوها هكون جاهزة.
جلست مطرقة على طرف فراشها تبكي بصمت فأشفق عليها ورق قلبه نحوها واقترب متمتما برفق طب لازمته ايه العياط دلوقت يا إلهام! 
رفعت وجهها إليه ليتبين حمرة عيناها من البكاء لأنك بقيت قاسې عليا أوي ياتوفيق ومابقيتش تحبني حتي والدك مش بيحبني ولا عايز يسامحني ويرضي عني..ليه كلكم بتعاملوني كده هو انا اجرمت اما حبيت ابني بطريقتي وخۏفت عليه وعلى حقه ومع كده سكتت وسلمت لأمركم ليه لسه انت بعيد عني ووالدك بيكرهني أعمل ايه أكتر من كده عشان اأسن انكم بتحبوني ومش پتكرهوني.
ثم اڼفجرت تبكي بقوةقائلا بنبرة لينة يشوبها الكثير من الحنان بس يا إلهام و بلاش عبط انا مش قاسې عليكي بس انتي عصتيني من يوم ما جينا ونفذتي اغلي في دماغك وتجاهلتي أوامري ومع كده لسه بتعملي مشاكل علي اسباب تافهة رفضك لرغبة ابنك اسبابها غيرة مش مفهومة من جسار.. وأوعي تنكري اللي بقوله. 
  غيرة مش حقيقي. 
  لا حقيقي كل اللي في دماغك ان رائف يناسب عيلة اعلي من اللي ناسبها جسار. وتاه عن حساباتك سعادة ابنك هتكون فين.!
ثم صمت ليرفع وجهها إليه ويزيل دموعها برفق قائلا اسمعي يا إلهام وافهميني كويس كل واحد في الدنيا بياخد نصيبه كامل ماتنسيش ان جسار اتحرم من أهله الحقيقين يعني منتهي العدل إن ربنا يرزقه بنسايب زي دول.. أما رائف طول عمره مش محروم من حاجة سواا حنان ئو عيشة مرتاحة وحسب ونسب ومادام الولد راضي بالبنت مالناش دعوة بقي مانسيبه يقرر هو.
ثم ابتعد مقترحا بحماس مباغت طب ما أحنا فيها ليه نساني الفرصة ما ممكن اخنا نصنعها ايه رأيك تنزلي دلوقت تبلغيه بموافقتك عن خطوبة رائف و تبوسي ايده وتسترضيه. 
  تفتكر مش هيكسفني فأخبرها بدعم 
جربي مش هتخسري حاجة واسمك عملتي أول محاولة حقيقية مع بابا. 
ابتسمت وهي تنظر إليه طب وانت ياتيفا..خلاص مبقتش زعلان مني و لسه بتحبني زي زمان 
لمز حانب رأسها بمرح ياعبيطة ده انتي عشرة عمري واتجوزنا بعد قصة حب عنيقة ولا نسيتي يا إيلي

ثم نهض وجذب يدها معه وڤي تسير خلفه برضا تام يلا تعالي نفرح رائف بموافقتك هو وبابا بلاش نضيع وقت.
تبعته وعيناها ترمقه بحب وفرحة كأنها طفلها ضالة أخيرا عثرت على شاطيء الأمان.
  إلهام عايزة تقولكم حاجة يا جماعة.
قالها توفيق الذي انضم لابيه وابنه في غرفة مكتبه وتحت انظارهم المترقبة بفضول قالت 
  أنا موافقة علي البنت اللي اختارتها يا رائف.. 
ضحكت لحماسه بينما استأنف ابنها صياحه صحيح ما يجيبها إلا رجالها يا تيفا.. 
لكزته ألهام بصدره عيب يا ولد تقول لابوك كده. 
بينما قال ابيه بمزاح متفاخر بما حصده عيب يا ولد أبوك لسه تأثيره شغال لحد دلوقت.
رمقته بلوم وهي تبتسم بمسحة خجل وعادت تنظر للجد الذي يتابع كل شيء بتعبير غامض لا يشف شيء مما داخله لا ينكر أن قراراها هذا زحزح جدار غضبه عليها قليلا لم يكن يتوقع من زوجة ابنه سوى الرفض والمحاربة وها هي تسلم لأجل سعادة صغيرها.
  رائف اخرج انت بقي اتصل على اخوك
________________________________________
جسار عشان هو يتفق مع أشرف ويظبط زيارتنا لما يرجع. 
  ماشي يابابا هوا. 
وأسرع راڤف گ الريح يخبر أخيه بما لديه. 
.......
  لسه زعلان مني ياعمي مش عايز ترضى عليا
قالتها ببعض التردد ثم برجاء وهي ترصد رد فعله فظلت تعبيرات الجد مبهمة حتى انفرجت عن ابتسامة وقورة وهو يغمغم برفق حاني لا يا إلهام.. خلاص مش زعلان منك.
نبض خافقها بفرحة واندفعت بصدره تبكي مثلما كانت تفعل ليضمها بعناق أبوي رابتا برفق علي رأسها مع قوله 
خلاص يابنتي محدش فينا معصوم وكلنا لينا أخطاء.. يمكن الغلط غلطي اني حاولت اغصبكم تتقبلوا جسار في حياتكم وانا زعلي منك كان علي صډمته أما عرف الحقيقة.. كنتي قاسېة اوي عليه يا إلهام.. بس خلاص يا بنتي لعله خير.. اهو دلوقت اتجوز وهيعمل عيلة وربنا يسعده ويسعد رائف كمان.
جففت دموعها وهي تغمغم بصوت متحشرج يارب يا بابا.
توفيق وقد تنفس الصعداء أخيرا
بعد مصالحتهما أظن كده اطمنتي ان بابا مش زعلان.. 
  الحمد لله.. ده بابايا أنا كمان يا توفيق وكنت هتجنن انه زعلان مني ومش بيكلمني. 
ربت علي ظهرها بدعم ربنا مايجيب زعل تاني.. 
شكرته بامتنان وصاحت أنهاردة هتتغدوا وتحلوا من إيدي. 
مازحها توفيق إلهام هانم بنفسها هتدخل المطبخ
سددت ضړبة ضعيفة لصدره بطل تريقة يا توفيق. 
وذهبت لتعد لهم شيء بيدها حلاوة هذا الصلح الغالي.
  حبيب اخوك الصغير وحشتني طحن يا متر.
ابتسم جسار وومضت عينه بحنان وهو يستمع لرائف وانت اكتر يا لمض.. وحشتني اوي.. عامل ايه وجدي صحته أخبارها ايه.. 
  زي الفل يا كبير.. ويا ريت ترجع من شهر العسل بتاعك بسرعة عشان عندي ليك خبر هيفرحك جدا. 
  ايه هو
  ماما وافقت اخطب أريج أخت أشرف صاحبك
هتف بفرحة بتتكلم بجد يا رائف 
  أه والله كانت معصلجة معايا بس تيفا اتدخل في الموضوع وحل الدنيا في ساعة زمن طالع لابنه عفريت. 
قهقة جسار يا راجل هو اللي طالعلك برضو عموما ألف مبروك ياحبيبي أريج بنت ممتازة وتستاهلك وتستاهلها. 
  اه والله خطفت قلبي من أول رشفة شاي. 
عاد يقهقه علي خفة ظل أخيه ثم قال ماشي يا ابو رشفة شاي..طب انا هكلم أشرف اعرفه وبإذن الله مجرد ما ارجع هنروح نخطبهالك..مبسوط يا عم 
  ده انا هطير من الفرحة لدرجة ممكن تلاقيني بالليل علي باب الفندق عندك في باريس.. 
ضحك له للدرجادي بركاتك يا أريج.. ربنا يديم عليك السعادة ياحبيبي والله فرحتني جدا بالخبر ده. 
  عارف والله يا جسار عشان كده اتصلت هات بقي مرات اخويا اسلم عليها احسن تقول علي أخوك قليل الذوق. 
  حاضر دقيقة أروح عندها. 
دلف لغرفتها وقال شمس رائف عايز يسلم عليكي
التقطت الهاتف وتبادلت معه كلمات ود ومرح لخفة ظل رائف ثم أنهت المكالمة وهي تقول ظريف اوي رائف اخوك ده.
  لا ده مشكلة اصلا.. ألشه وهزاره بيفصلني والله.. 
  ربنا يديم الود بينكم ياحبيبي..
وواصلت لسه قافلة مع سارة وبتسلم عليك. 
  والله دي واحشتني أوي أوي وعايز اشوفها شوية وهتصل بيها. 
تغير وجهها وانعقد حاجبيها قليلا بعبوس فلاحظه متسائل مالك ياحبيبتي كأنك اضايقتي
  لا ابدا مفيش. 
أخذها تحت ذراعه وهو يهتف لأ فيه وشك اتغير لما قلت سارة وحشتني ثم ضيق عيناه قائلا معقول غيرانة
نظرت له برهة ثم ابتعدت عنه و وقفت نحو النافذة تنظر بشرود فاقترب منها وضمھا ثانيا قائلا أنا مش قصدي والله أضايق بتكلم عادي وبعفوية. 
لبثت على صمتها تنظر للأفق أمامها فأدار وجهها إليه ورصد عيناها مليا قبل همسه خلاص أنا أسف.. هاخد بالي بعد كده مادام بتغيري.
وجد سحابة دموع تتكثف بمقلتاها فصاح پخوف ليه كده طيب يا شمس منا بقولك أسف وهاخد بالي بعد كده.. 
هزت رأسها هامسة زعلانة من نفسي ياجسار أنا بحب سارة أوي بس مش قادرة انسي ان في يوم من الأيام كانت بتحبك خاېفة غيرتي عليك تخليني اخسرها في يوم من الأيام لأن ڠصب عني بحس بڼار عمري ماجربتها غير بعد ما اتجوزنا أنا بغير حتى من البنات الأجانب اللي هنا أما بتبصلك واحنا سوا.. 
ابتسم برفق وقال مټخافيش ياحبيبتي أنا مش هسمح ابدا تخسري سارة بسببي وده هيتوقف علي معاملتي انا ليها بعد كده.. انتي من حقك تغيري عليا لأني أخصك وبتاعك لوحدك زي منا بغير عليكي من الهوا الطاير.
ابتسمت وقالت بلهفة بجد بتغير عليا ياجسار
 ده سؤال برضو طبعا مش مراتي وحبيبتي.
طار جسدها من فوق الأرض بغتة وهو يحملها لتهتف ضاحكة يامجنون بتعمل ايه خضتني. 
مال بجبهته علي جبينها أصل جسورتي دي بتعمل فيا حاجات غريبة ولازم تتحملي نتايجتها.. 
بدلال همست نتايجتها اللي هي ايه ياجسورتي
  حالا هتعرفي بشكل عملي ياقلب جسورتك. 
غلقت الباب سريعا ووقفت ودقات قلبها تتواثب كأنها كانت تعدوا بعد أن سمعت حديث شقيقها أشرف لأبيه عن رغبة رائف للزواج بها وانتظاره عودة أخيه جسار ليأتوا لطلبها.. رغم انها لم تتحدث معه ولم يتعدي ما بينهما غير لقاءات عابرة وهو صاعد لأخيه ويقابلها صدفة فتخجل وتركض بعيدا عنه.. لكن قلبها يتحرك بين ضلوعها بقوة حتي صار يحتل أحلامها دائما ولم تتصور أن يفكر بها والفرق المادي بينهما شاسع هكذا.. لكن وما المانع.. هي ليست قليلة ومستقبل مشرف ينتظرها بعد التخرج.. واختياره لها يعني انه شخص عملي ومتفتح ولا يفكر بطبقية.. تماما مثل جسار التي تعتبره شقيق أكبر لها.. 
  أريج! 
قالتها والدتها بعد عبور غرفتها لتواصل 
عندي ليكي خبر حلو اوي
تظاهرت انها لا تعرف شيء وقالت خير يا ماما
  جالك عريس زي الورد.. 
  بجد مين ده
  مش هتصدقي.. عارفة جسار صاحب اخوكي
  أيوة طبعا
  أخوه الصغير اللي اسمه يوه ده انا نسيت.. 
  رائف 
  أيوة هو رائف و... ..
ثم صمتت والدتهع بغتة وهي تطالعها بريبة انتي كلمتيه قبل كده ولا ايه 
نفت سريعا لا والله يا ماما ساعات بس كنت اقابله علي السلم وهو طالع لأخوه واكون انا نازلة
من عند اشرف وصاحبه.
هزت رأسها باقتناع اه فهمت.
ثم غمغمت بحنان وفخر اظاهر الواد لما شافك عجبتيه وحطك في دماغه.. 
وواصلت وهي تحدجها بحنان ربنا استجاب دعايا ليكي مكتوبلك عريس يشرح القلب يا أريج.. ربنا يتمم بخير يابنتي لو كان هيسعدك.. 
ثم نهضت تقول أما اروح بقى اشوف الأكل علي الڼار وانتي تعالي ساعديني. 
  حاضر يا ماما جاية وراكي.. 
تنهدت وتمالكت أمرها ثم تبعت والدتها والابتسامة الحالمة ترافق شفتيها.
رواية صړخة على الطريق 
بقلم ډفنا عمر
الفصل الثالث عشر
مضت سريعا أيام شهر العسل وعاد جسار وزوجته ليستقبله رائف بالترحيب بينما أتى شقيقي شمس حمزة وريان مرحبين وقالوأولهم يقول وحشتيني يا مشمش.. 
  وانت أكتر يا حمزة.. ثم صاحت لشقيقها الأخر 
  رينو حبيبي.. 
صاح بمرحه المحبب قلبي والله مصر نورت بيكي..
  أحم.. أنا جوزها علي فكرة.
ضحكوا مرحبين به وحمزة يقول أنت مش بس جوزها يا جسار أنت بقيت أخونا كمان.. حمد الله علي السلامة يا أستاذنا.
وعانقه ثم نظر للأخر ازيك يا رائف عامل ايه
  الحمد لله يا حمزة وقريب ياجماعة هتحضروا فرحي علي فكرة.
لكزه جسار يا ابني امسك نفسك انت لسه خطبتها حتى.
لثم كتفه بمرح يشوبه التقدير ما انت جيت ياكبير وكله هيظبط علي أيدك.
ريان مستعجل علي الهم ليه ياعم. 
شمس مستغلة الفرصة مش احسن من اللي مش راضي يريحنا ويتجوز ومشف ريق ماما وبابا معاه.
لوح لها أوبا.. أديك جبتلنا الكلام يا رائف. 
ضحك الأخير والله كنت زيك يا ريان لحد ما وقعت في النصيب والنصيب غلاب يا صاحبي. 
حمزة طب يلا نمشي ونكمل كلامنا في الطريق..تعالي معانا يا رائف. 
استأذن بتهذيب لا معلش مش هقدر يا حمزة اشبعوا انتوا من العرسان براحتكم ونتقابل مرة تانية انا جيت بس استقبل أخويا و اشوفه لأنه كان واحشني جدا.. 
ربت جسار على ظهره بمعزة واضحة حبيبي يا رائف تسلمل وانت وحشتني أكتر ولينا قعدة سوا في بيتي. 
  أمال يا متر حد هيقرفك في عشتك غير أخوك اللاسع علي رأي بابا.
قهقوا لمزحته و غادرهم سريعا ليتوجه جسار لسيارة حمزة المرصوفة جانبا متخذا جلسته خلف المقود مع تمتمته بقول ايه يا جسار ماما كانت منتظراكم انت عارف هتتجنن علي بنتها شمس بس أنا قولتلها هشوف ظروف جوزها الأول.. هيوافق نرجع علي بيتنا ولا اوصلكم علي بيتكم
نظر لزوجته التي ابتسمت بمكر تستحسه ليوافق ليغمغم برضوخ هي دي فيها كلام يا عم حمزة! خدنا عند الست الوالدة بدال اختك ما تنكد عليا في البيت وتستفرد بيا.. 
ضحكوا عاليا وعلق ريان تعجبني ياجوز اختي.. الذكاء في المواقف دي مطلوب يا متر 
حمزة فعلا بصراحة لعيب وتسديدة موفقة يا جوز اختي
جسار منا لازم امشي المركب ياجماعة.. أنا راجع من شهر عسل لسه مأثر عليا انما بعد كده هتلاقوني مرعب والشخطة مني تنيمها من المغرب.
قهقهت شمس ثم تهكمت مازحة ومالو ياسبع الرجال نبقي نشوف موضوع الشخطة بتاعة المغرب دي و النوم بدري مش غلط يا زوجي العزيز. 
احتجزتها والدتها بين ذراعيها بعواطف جارفة گ حال كل أم لا تصدق انها عادت فراحت تقول وحشتيني يانور عيني.. انبسطي مع جوزك وهو كويس معاكي زعلك حنين عليكي أوعي يكون زعلك أو...
قاطعتها شمس وهي تضحك اهدي يا ست ماما اديني فرصة اجاوبك..
وابتسمت لها وهي تغمغم اطمني خالص.. جسار كويس جدا معايا ومزعلنيش ابدا بالعكس والله كان طاير بيا يا ماما وكل يوم بيقولي بحبك أكتر من اليوم اللي قبله.
ثم شردت غارقه ببوح مشاعرها وهواجسها الغريب ماما هو ممكن واحدة تحب جوزها بالشكل الكبير ده رغم ان تاريخ علاقتنا مش طويل أنا بقيت احب جسار لدرجة الخۏف اني اتحرم منه لأي سبب متعلقة بيه زي الطفلة ما بتتعلق بأبوها..بحبو دعيما معايا ومايغبش عني كل ده عادي يا ماما
دمعت عين والدتها من فرحة ما تسرده شمس عن زوجها.. الآن اطمئنت عليها وتضاعفت غلاوة جسار في قلبها وتمتمت توضح لها الراجل اما بيكون حنين اوي كده الست بتعتبره فعلا ابوها واخوها مش بس جوزها يعني شعورك طبيعي جدا يا حبيبتي اطمني ربنا يسعدكم ويفرحني بولادكم أهو مرات حمزة أخوكي طلعت حامل عقبالك زيها.
  ربنا يقومها بالسلامة تعرفي يا ماما جسار هيتجنن ومنتظر حملي من دلوقت.
  ربنا يرزقكم يامشمش وتفرحي جوزك بيكي عقبال ريان ما يتجوز بنت حلال هو كمان.. 
  والله لسه قايلاله كلمتين في الطريق ربنا يهديه. 
  يارب تعالي بقي اطلعي لجوزك عشان برضو ممكن يتحرج وانا هخليهم يجهزوا السفرة زمانكم واقعين من الجوع.
  أنا جيت.
قالتها سارة بمرح ليمزح معها ريان استر يارب. 
  ياسلام شوفت عفريت حضرتك
حمزة بعتاب ماتزعلش قطتنا يا ريان.. 
سارة بمدح محبب تعيش ياحمزة يا ذوق انت.. 
ثم قالت
________________________________________
وعيناها تلمع بحنان وهي تنظر نحوه حمد لله على السلامة ياجسار انت وشمس أمال هي فين
  الله يسلمك يا سارة عقبالك.. هتلاقيها مع طنط. 
  لا يا جسارة يا حبيبي قولي يا
ماما بلاش طنط دي أنت بقيت في غلاوة ولادي حمزة وريان وأكتر.
قالتها جمانة والدة شمس بنبرة حانية سكبت عليها سيل من أمومتها وهي تقبل جبينه لتستطرد ولا انا مش زي مامتك وهتعتبرني حماتك 
رجفت أهدابه تفاعلا مع قولها الذي مس وترا داخل قلبه كأن السيدة تعلم بما ينقصه حتي ظن أن زوجته قصت لها شيء عن ماضيه المجهول نظر لها تلقائيا لتنفي هي بحركة طفيفة بعينيها صحة خاطره الذي أدركته فقال يشرفني طبعا اقول لحضرتك كده.. 
  يبقي خلاص من هنا ورايح أنا مامتك ياجسار.. ربنا عالم ازاي بعزك وزادت غلاوتك من شكر بنتي فيك.. ربنا يرزقكم الذرية الصالحة. 
جسار بمزاح أيوة ركزي دعواتك هنا أوي..
ضحكت قائلة بإذن الله هنفرح قريب..حمزة مراته حامل اهي يعني فال حلو.. 
سارة طب وسعولي بقي اسلم علي العروسة اللي راجعة مزة علي الأخر.. ثم جذبتها وهي تهتف للجميع سوري ياشباب هاخد بنت عمي منكم شوية.
ريان طبعا هو انتو تتجمعوا إلا اما النم يشتغل.. بس خفي علي اختي دي راجعة من سفر تعبانة. 
  ياساتر علي غلاستك.. 
حمزة روحوا انتوا يابنات سيبكم منه ده بيستفزكم وخلاص.. ثم دفع رأس أخيه موبخا أعقل بقي شوية. 
  مايبقاش ريان أخوك لو عقل.
قالها رضوان الذي أتاهم لتوه لتندفع نحوه شمس معانقة بشوق بابا وحشتني أوي أوي. 
ربت عليها برفق وانتي كمان يا روح ابوكي..البيت مضلم من وقت ما مشيتي والله ..
ريان ايه ياحج رضوان.. وانا مش مكفيكم ولا ايه
سارة أكيد مخنوقين منك. 
  مالكيش دعوة انتي. 
حمزة وبعدين في نقاركم ده احترموا ماما وبابا وجسار.. 
ابتسم الأخير ولأول مرة يختبر حلاوة تلك المواقف العائلية المرحة الدافئة..كم تمني أن يحيا في جو مماثل.. أشقاء..أب وأم يضمانه بهذا الحنان كما يفعلان مع شمس. 
  أزيك ياجسار نورت الدنيا كلها.. 
  بنورك ياعمي والله. 
جمانة طب هروح بقي اخليهم يجهزوا السفرة. 
سارة وانا هاخد شموسة دقايق. 
ريان ماتصدعيش أختي. 
الټفت ترمقه بامتعاض وهي تبتعد تحت ضحكات شمس وحمزة وجسار. 
  يلا يا مشمش احكيلي بالتفصيل الممل كل حاجة حصلت معاكي من بعد الفرح لدلوقت.. 
  أتجوزت. 
باقتضاب قالتها بخبث لتهتف سارة بحنق يا سلام لا بجد نورتيني..هي دي إجابة برضو
  أمال اقولك ايه.. أنا اختصرت وقلت الخلاصة.
  لا أنا عايزة التفاصيل
  لأ.. عيب ياسيرو دي أسرار زوجية.. 
  كده برضو يا شمس بتخبي عليا..ده طول عمرنا سرنا مع بعض.. 
ضحكت مع قولها مش مسألة أخبي والله بس دلوقت غير زمان يا سارة.. أنا بقيت زوجة ومسؤلة عن زوج وأقل حقوقه عليا ان اسرارنا ماتطلعش برة ابدا.. وكفاية اقولك ان ربنا كرمني براجل بجد واني أسعد واحدة في الدنيا وحبي لجسار زاد أضعاف بعد ما عاشرته وعرفت طباعه عن قرب.. 
ثم غامت عيناهاتعرفي يا سارة ساعات بحس ان جسار ابني مش جوزي..مين فينا فرض الإحساس ده على التاني مش عارفة لكن اللي فهمته كويس انه من جواه طفل اتحرم من حاجات كتير في حياته بيحاول يعوضها معايا وده مخلي علاقتنا متلاحمة بشكل قوي رغم مدة تعارفنا القصيرة.
  ياااااه يا بنت عمي.. واضح ان شهر العسل قربكم اوي من بعض يا شمس ثم ربتت علي كفها عموما أنا عرفت المهم واتأكدت انك مبسوطة ربنا يسعدكم حبيبتي.
  يعني مش زعلانة عشان قولتلك لازم احافظ علي اسرارنا.. 
  لا طبعا وكلامك مظبوط..
يابنات الأكل جاهز تعالوا
  حاضر يا ماما جايين.. 
ونهضت وهي تقول يلا يا سيرو وبعدين نكمل كلامنا.. 
  ماشي ياقلبي..
انقضت أمسيتهم القصيرة في بيت والدي شمس ثم غادرت الأخيرة مع زوجها لمنزل الزوجية.
 خليكي هنا ثواني هدخل الشنط بس.. 
تعجبت طلبه ومكثت قرب باب شقتها تنتظره فعاد لتري قامته تنحني ليحملها كأنه يحمل عصفورة صغيرة هامسا دي أول مرة ندخل شقتنا بعد الجواز.. ولازم تدخلي وانتي على دراعي..
تغمض عيناها وصوته ينفذ إليها ويتغلل بروحها..كلماته تخبرها عن مقدار شوقه لها لتسقط بلحظات أسيرة هذا الشوق راضية كل الرضا بهذا الأسر.. 
ايه أخبار المكتب يا أشرف
هتف بها جسار وهو يأخذ موقعه خلف مكتبه ليجيب الأخير أطمن الدنيا ماشية وكسبنا كذا قضية وفي زباين منتظرينك بيقولوا عايزينك تتولي قضاياهم بنفسك.. 
  تمام خلي السكرتيرة تحدد لهم مواعيد بكره وآدم اخباره ايه معاك
  الحقيقة بيشتغل بمنتهي الجدية والتفاني.. 
 ده من حظي يا أشرف انكم بتساعدوني.. لولاكم كان المكتب اتقفل من زمان..خصوصا مع شغلي في شركة أمين بيه.. 
  احنا معاك وفي ضهرك دايما وانت مش مقصر وبتدينا تعبنا وزيادة. 
  ده حقكم يا أشرف..
واستطرد باهتمام خلينا بقي في الأهم يا صاحبى..عايزك تاخدلي معاد من والدك في أقرب وقت زي ما اتفقنا قبل كده عشان هناخد البنت الحلوة اللي عندكم لأخويا رائف.. قلت ايه
ابتسم أشرف ده انتوا تنوروا يامتر ونسبكم يشرفنا أكيد خلاص هاخد معاد من بابا وهبلغك يا صاحبي.. 
  بس بسرعة أحسن رائف مش صابر.. أختك جننته. 
قهقه صاحبه لا معلش ابنكم مچنون من الأول.. 
فبادله جسار ضحكته في دي عندك حق
بس تعرف يا أشرف مبسوط اوي ان رائف فكر في أريج وعلاقتنا هتكون أقوي..والله كأنه هياخد أختي. 
غزاه شعور قوي بالامتنان لأن رفيقه لم يغيره شيء مازالت أواصر صداقتهم بنفس متانتها بل تزداد يوما عن يوم قوة.. 
  والله نفس شعوري لما عرفت ان اخوك عايز اختي.. 
انه هيقربنا سوا ربنا يديم صداقتنا العمر كله.. 
  اللهم امين يا صديقى.. 
وواصل مستعيدا مزاحه امتى بقى هتعزموني انا ومراتي عندكم شمس نفسها تشوف والدتك جدا..دي حاجة بعيدة عن موضوع زيارة الخطوبة
  يا سلام.. ده انت تأمر..شوف لو يوم أجازتكم الجاية فاضين هنحضر المحاشي من دلوقت.. 
  لا محاشي يبقي جاي بس اتوصوا بورق العنب عشان شمس بتحبو.. 
  عيوننا ليكم يا متر. 
راقبها وهي منهمكة بطهو الطعام وشعرها معقوص لأعلى گ ذيل الحصان وبيجامتها الزرقاء تعطيها مظهر طفولي محبب فابتسم مقتربا لها 
حبيبتي تعبت من الصبح وانشغلت عني خالص. 
الټفت له مبتسمة وهي تقبل جديه هاتفة حقك عليا يا حبيبي والله أنت عارف دي أول مرة أعزم أهلي في بيتنا وأول مرة يدوقوا أكل من ايدي ولازم أبهرهم. 
غمغم بحنان واثق انهم هينبهروا من أكل مراتي حبيبتي طب مش عايزة مساعدة في حاجة 
  لا يا عمري لو احتاجت هقولك وماما زمانها جاية وهتساعدني.
تنهد برضوخ براحتك يا مشمش ثم مال ولثمها سريعا وتمتم تصبيرة بقا. 
ضحكت وهي تبتعد بدلال بطل دلع بقا وروح أجهز أنت عشان تستقبلهم. 
  كلامك أوامر يا أستاذتنا. 
.......
يلا ياجماعة الأكل جاهز
تهتف شمس لأسرتها وهي ترص أطباقها علي منضدة الطعام ووالدتها خلفها تجلب المعالق.
جسار الله الأكل شكله يشهي تسلم ايديكم
جمانة مراتك اللي عملت كل ده. 
حمزة مشمش بقيت تطبخ..دي معجزة. 
رضوان مفيش حاجة بعيدة عن ربنا. 
جمانة قولي يا جسار كنت بتحب تاكل ايه من ايد مامتك ونفسك شمس تعملوا ليك عشان اعلمها
تلجم جسار وهو يرمق والدة زوجته بصمت شارد لا يذكر أي شيء فعلته له إلهام ليحبه..لا ذكرايات بينهما سوى الجفاء.. طال صمته فأجابت عنه شمس مامته وباباه كانو متغربين دايما وهي مش بتحب تطبخ..
غمغمت جمانة بتفهم أيوة فهمت. 
نظرة امتنان نالتها منه لتكمل وده في صالحي لأنه هيحب أكل مراته حبيبته وبس.. 
رمقها جسار بحب لاحظته والدتها هاتفة بحنان 
ربنا يسعدكم يا حبيبتي..ثم صاحت تنادي 
يلا يا ريان الأكل جاهز. 
صاح الأخير وهو يقدم عليهم طب مين اللي طابخ
  مراتي.. 
بفخر قالها جسار ليمزح الأول يبقي مش هاكل..إلا لو فيه عندكم مطهرات للمعدة.. 
ضړبة علي رأسه نالها من والدته وهي تعاتبه طب استر اختك قدام جوزها وبلاش فضايح. 
  سيبيه يا ماما سيبيه مايبقاش ريان أخويا..شايف يا بابا اخويا مش واثق في أكلي ازاي.. 
قال معاتبا بطل رخامة علي أختك يا ريان.. 
جسار طب يلا ياجماعة ابدؤا ونحكم بعدها بس خدوا بالكم أحسن تاكلوا صوابعكم من حلاوة الأكل.. 
ضحكت شمس لزوجها قائلة يسلملي دعمك ياغالي. 
ريان طب نجيب اتنين ليمون وشجرة ونقوم نمشي 
عادت والدته تضربه من جديد مع قولها وبعدين معاك وبعدين.. 
جسار بكره اشوفك مع مراتك يا استاذ ريان يالي عمال تتريق علينا..
  لا هتلاقيني أسد في نفسي.. 
جمانة اتجوز الأول وبعدين نشوف موضوع الأسد ده
  تفائلي يا ماما تفائلي. 
لاك ريان شيء من الطعام وبدا عليه استحسان وهو يقول ايه ده يا مشمش 
ردت بقلق ايه الأكل وحش يا ريان طمني. 
  مش عارف اقولك ايه بس ده طلع حلو. 
للمرة الثالثة تضربه والدته خضيت اختك يا شيخ
جسار أخيرا اعترفت بشطارة مراتي. 
  أضطريت ياجوز اختي الأكل فعلا يجنن.. 
ابتسمت شمس بظفر وقالت دي شهادة من المچنون اخويا اعتز بيها.. ضحكوا لقولها واستأنفوا الطعام بمدح الجميع في الوليمة التي صنعتها لهم شمس للمرة الأولى. 
غادر عائلة شمس ووقفت هي ترص الصحون النظيفة في خزانة المطبخ بعد رفضها أن تساعدها والدتها سعيدة هي بتلك الحياة البسيطة التي تختبرها للمرة الأولي وهي تتشارك كل شيء مع جسار الذي يتعاون معها الآن بتمشيط السجاد من بقايا الطعام والأتربة بالمكنسة حيث كانوا يجلسون ليفزع بغتة علي صوت ضجيج سقوط بعض الصحون هرول إليها فوجدها ملقاه أرضا بحالة إغماء..حملها وأرقدها فوق فراشها پخوف ثم استنجد بطبيب يعرفه سابقا عن طريق الجد نادر وبعد وقت قصير أتى ليتفقد حالة زوجته ويطمئنه عليها..
الهلع يأكل روحه منتظر بفارغ الصبر خروح الطبيب وطمأنته على زوجته ليستجيب الأخير لخاطره وهو يخرج معدلا وضع عويناته قائلا مبروك يا سيد جسار المدام حامل.
جحظت نظراته وتجمدت بذهول.. 
زوجته حامل بهذه السرعة يتحقق حلمه
بعد أشهر سيحمل طفله بيديه 
لا يدري كيف أنقد الطبيب أجرته و ودعه للباب. 
توجه إليها وجدها تميل برأسها على الوسادة مسدلة أهدابها دني ليرقد جوارها لتشعر بدموعه الدافئة تلمس بشرتها فتضمه بقوة وهي تبكي مثله وتقول حلمك بيتحقق ياحبيبي زي ما اتمنيت هنعمل العيلة اللي هتعوضك واستأنفت رأسه بحنان أمومي صارت تعرف متى يحتاجه منها كنت زمان اقول انا هجيب طفلين وبس وياريت ولد وبنت واتريق علي سارة لما تقول هتجيب
ولاد كتير.. بس دلوقت غيرت رأيي أنا عايزة اجيب ولاد كتير أوي لحد ما انت تزهق وتقولي كفاية.. هعملك العزوة اللي اتمنيتها ياجسار..فرحان يا حبيبي
رفع وجهه الباكي مع همسه فرحان دي ماتساويش احساسي دلوقت.. شكرا انك بتشاركيني حلمي وكل مادا بتسعديني أكتر.. أنا بحبك اوي.. انتي زي اسمك بالنسبالي.. شمس نورت حياتي وحولت برد روحي لدفى وهونتي عليا أوجاع العمر اللي فات..ثم غفى كلا منهما جوار الأخر روحا وجسد. 
الفصل الرابع عشر
عطايا الخالق لا تزال
________________________________________
تهطل من سماء رحمته على ذاك اليتيم
عناقيد أحلامه تتشابك لمنحه مذاقات فرحة تلو الأخرى بذرة عائلته نبتت بنطفة جنينه..شمسه الدافئة تحمل باحشاىها الأن أملا طالما طاقت روحه إليه من سيشاركه تلك الفرحة
تسابقت أقدامه ركضا كطفل صغير أسرع ليخبر والديه بما أنجزه.
للمرة الأولى يعود جسار زائرا لفيلا جده بعد تجرده من كل شيء قبلا راح يطرق بابهم بقوة والسعادة تكاد تفقده السيطرة على عقله ما أن أشرعت البوابة له حتى هرول يبحث عن الجد وهو يصيح بنداء صاخب على غير طبيعته الهادئة الرزينة جدي.. أنت فين ياجدي
أخذته قدماه متوجها بلهاثه لغرفة الطعام ليجد أحداق الجميع تنظر إليه بدهشة لاقتحامه الغريب والمباغت ليستأنف جسار صياحه وهو يقترب من جده لاهثا بقوة توشك أن تقطع أنفاسه جدي.. شمس ..شمس حامل.. هيبقي عندي عيلة تخصني ياجدي.. ولادي هيتولدوا بين ايديا وهما عارفين جذورهم فين مش هيعشوا اغراب زيي ياجدي هيبقي عندي عيلة من صلبي وعزوة تعوضني شمس حامل ياجدي شمس حامل.
ظل يهذي دون وعي وأنفاسه تتقطع وصدره يتضخم بالهواء من فرط انفعاله غافل عن تلك المقل التي شاركته سيل دموعه ووخفقات فرحته..وبالأخص إحداهم واحدة لم تكترث له يوما أو تراه طفلها لم تشعر بمعاناته لحظة واحدة طيلة حياته لم ينل منها ذرة عطف او حنان أو اهتمام مقلة ينضح من صاحبتها الذنب الآن فقط أدركت إلهام كم كانت قاسېة القلب عليه كم عاش محروما لعائلة تبثه دفئا وحبا واهتمام رغم أن الجد لم يقصر معه لكن ظل فراغ أبويه نصلا مزق روحه حتى أصبح جرحه غائر عميق بعمق معاناته سنوات عمره الفائتة..
نهضت إلهام تاركة مقعدها متوجهة إليه حيث يضمه الجد نادر ويهتز جسده بكاء مثله..وبيد مرتعشة مترددة ربتت گ الريشة الناعمة على كتفه..استدار لها لتذهل عيناه حين بصرها.. لوهلة وقف كأنه استعاد وعيه الكامل لتوه ينظر حوله بدهشة كأنه يتسائل كيف أتي إلى هنا 
  مبروك ياجسار. 
قالتها بحنان عجيب نفذ لقلبه مستشعرا إياه منها للمرة الأولى .. هل حقا هي سعيدة لأجله تهتم لفرحته فضلا عن أن تشاركه إياها 
  ربنا يقومها بالسلامة وتجيب منها ولاد كتير يعوضوك اللي افتقدته.. ثم استأنفت تحت أنظار الجميع الذاهلة وليس جسار وحده دلوقت بس عرفت قد ايه كنت قاسېة عليك يا ابني.. سامحني إني ماكنتش أم ليك أنا كنت ممكن اعوضك كل ده لو كنت ليك أم حنينة وعاملتك زي أبني..بس انا كنت فعلا قاسېة مقدرتش احب غير رائف مع إن ماكنتش هخسر حاجة لو قسمت حناني ورعايتي وحبي بينكم وجبرت خاطر يتيم واتقيت الله فيه سامحني ياجسار أرجوك.
يقف أمامها وغشاوة الدموع تغتال عيناه بقوة
ورغم هذا يراها جيدا.. ربما هي مرته الأولي التي يراها بهذا الشكل الأدمي معه..كأن انسلخ عنها كيان أخر وروح أخرى قطرة الحنان الشحيحة التي هطلت عليه من حديثها هذا روته حد الثمالة.. كان قطرة واحدة منها تساوي نهرا جاريا قطرة واحدة محت الكثير كل معاناته.. كيف أذا لو فاضت عليه بينابيع من هذا الحنان كيف كان سيشعر لو حقا أحبته كأبنها يوم..
ربتة أخرى جاءته من توفيق وهو يقف جواره وعينه تفصح عن ندم يطابق ما ابدته زوجته وهو يقول 
إلهام عندها حق يا جسار وياريت نبدأ صفحة جديدة كلنا عشان ابنك بتولد وسط عيلة بجد..
ثم منحه أجمل وعدا تلقاه منهما وهو يهمس بصدق 
ابنك ياجسار هيكون أول أحفادي أنا وإلهام..
اللي حرمناك منه هنديه بطيب خاطر لابنك..عيلتك مش هيكون ناقصها حد بعد انهاردة.. انت هنكمل بينا زي ما طول عمرك كنت مكمل اللي قصرت فيه مع بابا موافق من انهاردة نكون عيلتك بجد
ثم بسط له ذراعيه لأخر مدي وهو يقول 
لو موافق تعالى في حضڼي.. قولي يا بابا زي زمان.
نقل جسار بصره بين ذراعي توفيق وإلهام ثم جده وشقيقه ليعود وينظر للأول ثانيا..ودون تردد ارتمى بين ذراعيه وعانقه بقوة ليبادله توفيق عناق شديد حاصر أضلعه وراح يقبل رأسه وهو يقول مبروك ياحبيبي مبروك.. 
ترك أبيه ثم نظر لإلهام وهي تبكي ليجثوا بغتة علي قدميه ثم التقط كفها ولثمه بتقدير لتنهمر دموعها أكثر وهي تربت
على رأسه بحنان مغمغمة مبروك ياحبيبي.. هنتظر من دلوقت حفيدي بفارغ الصبر.
بظهر كفه المجعد كفكف الجد نادر دموعه الآن فقط ارتاح قلبه تجاه حفيده الغالي.. لو انقضى اليوم أجله لما حمل
هما له هو مطمئن ان صغيره يحيا وسط عائلة حقيقية تحبه دون زيف.. اقترب ليضمه رائف ويعانقه بقوة قائلا مبروك يا كبير.. بس أول عيل لازم تسميه على أسمي ماشي
ضربه أبيه بخفة وليه مش علي أسمي. 
  لا يا بابا مع احترامي ليك اسمك قديم بصراحة. 
إلهام متدخلة بمزاحهم وهي تجفف دموعها سيبوه يختار هو ومراته بلاش غلاستكم عليه.. حفيدي هيكون اسمه مميز..وكل عصر وله أسامي تناسبه. 
دعمها الجد صح يا مرات ابني.. هنختارله اسم جديد ومعناه حلو.. بس اما نعرف الأول نوع الجنين. 
ثم نظر لجسار طبعا بكره أهل مراتك هايجوا يباركوا لبنتهم خلينا احنا اليوم اللي بعده كلنا هنيجي نزورك في بيتك ونبارك لشمس.. 
غمغم براحة طاغية تنوروا بيتي ياجدي.. هستناكم من دلوقت. 
وواصل معلش هستأذن عشان اروح البيت اطمن عليها.. 
توفيق مع السلامة ياجسار و وصل تهانينا مؤقتا لمراتك.. 
  حاضر عقولها.
عرفت أن اول حد هتجري تفرحه بالخبر جدو نادر
حسيت إن ماليش غيره ممكن بفرحلي بجد بس كنت غلطان 
أول مرة أحس أن في ايد تانية حنينة ممكن تطبطب عليه وان في قلوب ممكن تشاركني فرحتي أنا عشت سنين عطشان لنقطة حنان حقيقية انهاردة بس حسيت بيها يا شمس الست اللي عمري ما حسيتها أم ليا انهاردة كانت أمي اعتبرت ابني أول أحفادها تخيلي
ابتسمت بحنان سعيدة لأجله هاتفة الحمد لله يا حبيبي كرم ربنا مالوش حدود لما بيدي بيدي كتير..وانت من انهاردة مش مطلوب منك غير انك تفرح وتصدق انك مش لوحدك أهلي هما أهلك وعيلة جدك كمان بقوا عزوتك و ولادنا هيكونوا وصلة الترابط بنا وبينهم.
بصوتها الصادح أغرقت جمانة محيطهم مبهجة زغاريد من فرط فرحتها بحمل ابنتها لتشاركها صابرين والدة سارة الفرحة وهما يمكثان في بيت شمس بعد أن علموا الخبر من جسار و الذي عبر عن امتنانه لله في اليوم التالي حين وزع هدايا رمزية علي موظفي الشركة ليشاركوه فرحته الكبرى..أما رضوان وأمين فترجما فرحتهما بمكافئة مالية عشرة أيام لجميع العاملين بالشركة.. حتى شقيقاها حمزة وريان لم يقصرا بإبراز فرحتهما بحمل شقيقتهما الوحيدة.. 
أما سارة راحت تقفز من الفرحة كعادتها أمام شمس التي قهقهت قائلة اهدي يا مچنونة.. 
  انتي لسه شوفتي جنان.. ده لما يجي البيبي هبدع أنا وهو.. أنا فرحانة اوي ياشمس عشانك انتي وجسار كأن اللي جاي ده ابني انا كمان.. 
ربتت علي كفها بتقدير طبعا يا سارة.. أنا وانتي اخوات وولادنا واحد. 
ثم قالت بسعادة جمة أنا أكتر حاجة مفرحاني هي فرحة جسار.. كأنه طفل وأخيرا جاله هدية غالية.. مش قادرة اقولك بيعمل ايه من وقت ما عرف بحملي.. نفسي املي عليه البيت عيال عشان أعوضوا اللي عاشوا يا ساره. 
  تعوضيه ايه 
تساءلت سارة بعد استشعارها مبالغة ما بحديث شمس لتبرر الأخرى سريعا قصدي يعني انه مش كان له اخوات كتير وعيلته مش كبيرة.. 
أومأت بتفهم أه فهمتك.. عموما ربنا يسعدكم ويقومك بالسلامة يامشمش.. 
  يارب حبيبتي.
  انما شوفتي المهرجان اللي عاملاه ماما وطنك جمانة بره أول مرة اعرف انهم بيعرفوا يزغردوا أساسا. 
 بركات البيبي يا سيرو. 
  أه الله سره باتع..
يالا ياروح ماما اشربي الشوربة دي مغذية جدا صابرين مرات عمك اللي عملتها بنفسها.
هتفت بالعبارة والدة شمس لتصيح الأخيرة ممتنة 
تسلم ايدك يا طنط تعبتي نفسك.. 
  تعبك راحة يامشمش وربنا يقومك بالسلامة
  شكرا ياطنط. 
جمانة يلا ياسارة خلي آدم يشد حيله عشان تتجوزوا وافرح بعيالك انتي كمان. 
سارة ادعولنا بس وكله هيتيسر. 
صابرين ربنا يسهل أمورك ويفرحني بيكي ويقوم بنت عمك بالسلامة يارب.. 
غمغم الجميع اللهم أمين. 
ماما كانت عايزة تيجي معانا للدكتور أول مرة
قالتها وهي تهندم وشاحها وجسار يغمغم مفيش داعي نتعبها وبصراحة أنا عايز انا اللي أتابع معاكي كل حاجة مع الدكتور واطمن عليكي بنفسي ياريت والدتك ماتزعلش
من كده.
شمس وهي تستدير له بعد فراغها من عقد الوشاح يا حبيبي وايه هيزعلها ماما اهم حاجة عندها اكون بخير ومبسوطة اطمن ماما مش حمل زي بقيت الحموات.
ابتسم وهو يخبرها مامتك أصلا مش حماتي دي أمي.
  بلاش جسورة دي دلوقت احنا عايزين ربنا يسترها بدال ما تتهور.
ضحكت وهي تلتقط حقيبتها لا على ايه يا عم خلينا مؤدبين يلا بينا علي الدكتور.
يراقبان ملامح الطبيب المغلقة بشيء من الريبة بدأ يتسلل لقلبيهما لينهض الاول مختبئا خلف مكتبه مستعدا لإلقاء ما لديه وكم بدا الأمر صعبا وهو يخبرها بما رآه بمقدمة ربما تمهد وتواسي قلولهما.
  أصعب حاجة على أي طبيب أنه يضطر يبلغ مريضه بحقيقة مش هتسعده بس ده امر ربنا وحكمته عشان كده يؤسفني أبلغكم أن الجنين ده مشوه.
كأن صاعقة هبطت على رؤسهما معا وهما يحدقان بوجه الطبيب بذهول وسريعا ما انطفئت فرحتهما و تكثفت سحابات دموع أنحدرت من أعينهما دون مقدمات خاصتا جسار الذي تلقي الأمر كأنه طعڼة غادرة أډمت قلبه وفتن فرحته.. طفله الحبيب الذي ينتظرة بفارغ الصبر مشوة لماذا
  يعني ايه يا دكتور
مشوة ازاي انت متأكد طب ماينفعش يتعالج وهو في بطني..مفيش اي حل ينقذ ابني أرجوك ساعد ابني يا دكتور انا مش عايزة أفقده وانا لسه مفرحتش به أرجوك.
بتوسل ولوعة تفطر القلب خاطبت شمس طبيبها وهي تبكي بينما ظل جسار أسير صډمته معقود لسانه ليجيب الطبيب توسل زوجته المكلومة تفتكري لو في حل ينقذه كنت هنتظر اقتراحك يا مدام شمس نسبة التشوه عالية جدا ومع كده هعمل إشاعة تانية أكثر دقة ولو زي ما توقعت للأسف لازم نعملك عملية تفريغ ونتخلص من الجنين وربنا يعوضكم خير.. 
  ايه سبب التشوة 
نطق جسار أخيرا بصوت مرتجف واهن على مسامع الطبيب الذي أجابه بعطف هحدد ده لما أحلل عينة من الجنين نفسه وقتها هعرف أسباب التشوة ايه عشان نتفاداها..
لبثوا مطرقين الرؤس بسكون دموعهما تسيل وتنعي فرحتهما المهدرة ليبث فيهما الطبيب بعض الأمل بقوله وحدوا الله يا جماعة ده قضاء ربنا وحكمته اللي محدش يعلم خير ولا شړ.. بس علي الأغلب هي خير ليكم..ولما نعرف أسباب التشوه اللي حصل بأمر الله هنتجنب حدوثه المرة الجاية اتعشموا خير وتفائلوا ربنا كبير.
لم يدري جسار كيف وصل بزوجته لشقتهما متظاهرا بالتماسك ثم اصطحبها لفراشها وأرقدها به
________________________________________
وهي في حالة صدمة شديدة مما حدث ولا يختلف هو حالا عنها والصمت يغتاله بعد كلمات الطبيب التي نحرت بنصلها القاسې فرحتهما برؤية طفلهما الأول.. نظر لها وانخلع قلبه لعبراتها الجارية مع صمت حزين.. فاستجمع قوته فقط لأجلها و وهو يزيل بأنامله دموعها خامسا باذنيها قدر الله وما شاء فعل ياشمس..ده قضاءه ولازم نرضى به مهما كان.. وأكيد هيعوضنا عنه بالأفضل انا متأكد. 
لم تستجيب للحديث معه غارقة بعالم أخر ذهنها مشوش لا تتقبل ما حدث هل ما تحياه كابوس نعم هو كذلك ستنام وتستيقظ لتتأكد أنه مجرد كابوس وجدها تميل بالفعل بتنام بهدوء عجيب دون قول كلمة واحدة. فتمدد معها واحتضنها وترك لدموعه الصامتة العنان ناعيا بقلبه فقد جنينه الأول.
تأكد بالإشاعة التالية والأكثر دقة تشوهات الجنين وصار حتميا إجهاضه بعملية تفريغ لتحليل عينة منه كي يتبين طبيبهما الأسباب التي ذبحت حلمهما في مهده..وتمت العملية بالفعل وها هما يقومان بزيارة أخري ويجلسان أمام الطبيب ليعلما أسباب التشوه.
عين جسار مصورة باهتمام على وجهه ينتظر منه تبريرا طبيا لما حدث لعل المرة القادمة يسلم طفله مما أصابه.. ليتنحنح الطبيب وهو يقول ما سيقلب حياتهما رأسا علي عقب وتكون خسارة طفلهما الاول أهون مصائبهما أهونها على الاطلاق!
رواية صړخة على الطريق 
بقلم ډفنا عمر 
الفصل الخامس عشر
ظن أن أركان فرحته اكتملت دون نقصان محلقا في سماء سعادته لتأتي الرياح وتبتر جذورها بغير رحمة تاركة إياه کسير الخاطر مفطور الخافق.
باهتمام وترقب حدجه جسار وعروقه تنتفض وهو ينتظر منه تبريرا طبيا لما حدث لعل المرة القادمة يسلم طفله مما أصابه.. ليتنحنح الطبيب وهو يقول ما سيقلب حياتهما رأسا علي عقب وتكون خسارة
طفلهما أهونها
  مبدئيا كده أسباب تشوه الأجنة بيكون متعدد جدا بس الغريب إن تقريبا كلها مش متوفرة في حالتك يا مدام شمس وده اللي حيرني قبل ما ناخد عينة من الجنين ونعمل التحليل الأخير اللي وضح إن في تطابق كبير في الجينات ما بينكم. والتطابق ده مايحصلش غير لسببين أولهم و أقواهم إنكم تكونوا أقارب.
تجمدت نظراتهما و شحب وجهها وخلت منه الډماء وهما ينظران له پصدمة ليواصل الطبيب طرح بقية أسباب 
وفي حالة انكم مش أقارب هيكون هنا السبب غير معلوم طبيا و دي من الحالات النادرة طبعا. 
  بس احنا مش قرايب!
همس بها جسار بذهول ليجيبه الطبيب في الحالة دي هيكون السبب غير معلوم زي ما قلت و وقتها تقدروا تجربوا الحمل مرة تانية وانتم و نصيبكم لو اتكررت حالات التشوه للأجنة يبقي للأسف لازم ترضوا بقضاء ربنا وحكمه و تمتنعوا عن الإنجاب أو في حل تاني بس عارف انه صعب.
نظروا إليه بترقب ليصمت برهة مشفقا عليهما لقسۏة ما سيقوله الحل هنا انكم تنفصلوا و كل واحد يجرب حظة مع طرف تاني.. وقتها بنسبة عالية جدا هتجيبوا أطفال أصحاء لأن مشكلة تشوه أجنتكم هي إن جيناتكم واحدة للأسف.! 
يسير معها بغير هدى متخطي مكان سيارته وهما شاردان بحديث الطبيب و بالأخص أخر ما قاله أن ذريتهما لن تأتي إلا معطوبة إن ظلا سويا. 
  هتسبني 
همستها شمس بوهن گ الشاة المذبوحة التي تئن بأخر ما تبقي لها في الحياة ليديرها إليه پعنف قابضا علي وجهها بقوة لو ھموت مش ممكن افكر اسيبك يا شمس. 
  و حلم العيلة والعزوة اللي نفسك تعملها هتتخلى عن حلمك عشاني
  أتخلى عن كل حاجة إلا انتي و ولادي لو مش منك مش عايزهم و هرضى بنصيبي المهم انتي ماتسيبنيش.
نظرت له ودموعها گشلال غزير لا يتوقف غير عابيء بنظرات المارة حولهما خامسا بأذنيها تعالي نرجع للعربية ونروح البيت عشان ترتاحي. 
أعد
لها مشروب دافيء محاولا جعلها تتجرعه لكنها أعرضت عنه فاقدة شهيتها و دنت للنافذة وعيناها شاخصة في الفراغ تفكر بعمق شديد لتستدير له بغتة قائلة جسار هو احنا ليه استبعدنا نكون أنا وأنت قرايب
هز رأسه بتشتت معرفش. 
  مش يمكن يكون في بنا قرابة فعلا
  طب ازاي يا شمس وقرابة من اي ناحية
صمتت تفكر مليا حتى برق شئ بعقلها گ ومضة خاطفة مجرد معلومة عابرة سمعتها بالصدفة في حديث دار بين أبيها والعم أمين وهو يقص له عن سيدة تزوجها قبل والدتها وطلقها بعد أشهر قليلة هنا تمخض خيالها عن أفتراض من فرط بشاعته جحظت عين شمس بشكل مخيف وهي تعود لتحدق بزوجها والډماء جفت من عروقها وشحب وجهها گ المۏتى حتي صاح جسار عليها فزعا شمس! مالك وشك اصفر وبتبصيلي كده ليه
لم يصله منها شيء وسريعا ما انعار جسدها وسقطت فتلقفتها ذراعيه قبل تمام سقوطها صارخا بأسمها في لوعة. 
لكنها لم تعد تسمعه!
لم يجد من يستغيث به غير جده الذي أتاه مهرولا بطبيبا أسفر فحصه لشمس عن اصابتها پصدمة عصبية شديدة.
  ايه اللي حصل لمراتك يا جسار يا ابني فهمني
أجابه باقتضاب حزين أنا وشمس فقدنا الجنين يا جدي. 
نكس الجد رأسه بحزن شديد ولم يتمالك نفسه وعيناه تذرف العبرات بعد فقد فرحته قبل الجميع ثم دني من حفيده يؤازره بنبرة حانية قدر الله وما شاء فعل يا حبيبي.. ربنا يعوضكم بأحسن منه.. انتوا لسه صغيرين وهتجيبوا كتير غيره وبكرة تشوف.
ببؤس واضح تمتم له بأسف ونعم بالله يا جدي بس الدكتور قال كل ذريتي انا وشمس هتكون مشوهة. 
استيقظ به حس الطبيب وهو يقطب جبينه بتساءل وايه السبب في التشوه ده ه
مد له جسار تقرير أشعتهما الأخيرة ليتلقفها جده وعينه تجري فوق السطور ليسقط باڼهيار فوق الأريكة بتهالك والذهول يعتريه مما استوعبه عقله ويرفضه بذات الوقت مغمغما معقول! مش ممكن مستحيل يكون اللي فهمته مستحيل!
  مش ممكن ايه ياجدي وايه اللي فهمته قولي في ايه يا جدي أبوس ايدك قول.. قول اي حاجة انا هتجنن وتايه وضايع ومش قادر افهم ايه بيحصلي وليه بيحصل معايا انا بالذات كل ده من يوم ما
جيت الدنيا وهي جاية عليا. قول يا جدي انا ذنبي ايه ..قولي سبب واحد يخليني اعيش في حياتي العڈاب والحرمان ده كله.. قول ياجدي وريحني عشان خاطري قووول.
باڼهيار تام راح جسار ېصرخ ويهذي بكلماته وهو يجثو باكيا تحت قدمي الجد گ طفل صغير جسده يهتز من قوة نحيبه فاقدا سيطرته علي نفسه.. ليهدئه جده بصعوبه واحتواء شديي بين ذراعيه الواهنة حتي هدأ قليلا لكن لا تزال الصدمة تزلزل كيانه وهو يستكين بصدر الجد.
اضطر الجد نادر إعطاءه مهديء كي ينام ويرتاح عقله من تلك الکاړثة التي هطلت فوق رأسه ثم انتصب على قدميه بقوة مصورا كالقذيفة نحو وجهته التي يعرفها جيدا. 
ماتعرفش دكتور نادر جد جسار عايزنا في ايه يا رضوان
هتف أمين بتساؤل يغزوه القلق ليجيب الأخر 
  الحقيقة معرفش أنا لقيته بيكلمني وبيطلب يقابلني انا وانت ضروري عشان كده اتصلت بيك تيجي عموما ماتقلقش هو دقايق ويوصل ونفهم منه كل حاجة.
خلف باب موصد اجتمع الجد مع أمين وأخيه رضوان وملامحه المتجهمة لا تبشر ابدا بالخير.. 
  خير يا دكتور نادر اتصالك قلقني أنا وأخويا. 
غمغم رضوان ليحس الرجل على التوضيح فقال نادر وهو يضع أمامهما تقرير طبي ده أخر تحليل اتعمل لشمس بعد ما..
صمت متجولا بوجهيهما الشاحب قبل أن ينزع فتيل قنبلته بعد ما تم إجهاض شمس بسبب حالة نادرة من تشوة الأجنة مابتحصلش غير لاتنين متزوجين بينهم قرابة ډم.
  إجهاض
قالها رضوان منتفضا بهلع بينما اتسعت عين أمين بجزع ثم ومض بذهنه تساؤل فرض ذاته بس قرابة ازاي ومفيش بينا وبين عيلتك أي قرابة يا دكتور!
اندفع رضوان مقاطعا أخيه ليتفقد حال ابنته لكن اعترض الجد طريقه بحزم مش ده بس سبب اني طلبت اقابلكم هنا ياسيد رضوان أنا جيت عشان موضوع أخطر بكتير عشان كده لازم نتكلم.
رمقه أمين بتعجب نتكلم في ايه 
  هنعمل مكاشفة.. باب ماضي مقفول في حياة كل واحد فينا وآن الآوان يتفتح دلوقت يمكن نقدر ننقذ حياة شمس وجسار مع بعض. 
فطرة الخطړ أشعلت قلب كلا من أمين ورضوان.. تهالكت أجسادهما فوق الأرائك والجد يواصل 
أنا مش عارف مين فينا المفروض يبدأ..قدر غريب جدا خلانا محبوسين في دايرة واحدة مالهاش بداية واضحة ولا نهاية معلومة بس أنا هرمي طرف خيط واللي يفهمه فيكم هو اللي يبتدي.
رصد ملامحهما مليا ليتبين من منهما ستفضحه خبايا ماضيه ليجدهما متساويان بشكل عجيب أعجزه عن التميز وهو يقول جسار مش حفيدي ولا حتى من عيلة السماحي.
جحوظ أصاب مقلتيهما مع عدم استيعاب ليكمل نادر 
وده معناه إن حد فيكم بتربطه صلة ډم بجسار
زلزال أصابهما الذهول اغتال امين بينما الړعب ملا عين رضوان
وهو يحدج أخيه بعين گ الجمرة المتقدة وتفاصيل زواجه العرفي قديما تطفوا علي سطح ذاكرته..ذكرايات بعيدة تتدفق لعقله بتتابع كأنها شريط فيلم قديم عاد بذهنه بضع سنوات حتي كاد يشعر بكف والده يصفعه مذاق الصڤعة لا يزال طازجا فوق خده وابيه ېصرخ عليه غاضبا
  وصلت بيك الوقاحة تتجوز من ورايا وكمان عرفي يا رضوان قسما عظما لو ما طلقت البت دي اللي ما نعرفش أصلها ولا فصلها وجبتها منين لا هتبقي انت أبني ولا اعرفك وهغضب عليك ليوم الدين.. 
  يا بابا أنا... 
  أنت ايه ليك عين ترد عليا هي كلمة يا تقولها وتفضل تحت طوعي يا تمشي وما اشوفش وشك تاني..
  هطلقها. 
برضوخ تام قالها رضوان حينها خوفا من ڠضب والده.. 
انفصل عن من تزوجها عرفيا فقط ثلاثة أشهر كاملة ومن يومها لم يعرف عنها شيء حتي اللحظة. 
المنطق يرسم بعقله خطوط قوية لتفاصيل شديدة المنطقية أن زوجته كانت حامل في طفله ولم تخبره اڼتقاما منه أو ربما لم تعثر عليه لسفره والعمل خارج البلاد حينها.. وربما أخفت أيضا هويته عن طفله ونسبتها لأخر فلم يعرف الابن نسبه الحقيقي..وحتما توفاها الله وإلا كانت منعت تلك الزيجة..فلن يبلغ انتقامها حد تزويج أخ بشقيقته.. 
يالا مصيبته..يالا فاجعته. 
  مستحيل..
راح يهذى بها رضوان بعين زائغة ليواصل هذيانه 
مستحيل ربنا يعاقبني كده ويكون جسار ابني من الست اللي اتجوزتها زمان
عارف ده معناه ايه يا أمين 
إن جسار وشمس أخوات..
أخوات يا أمين اخوات.. 
هدر بكلمته الأخيرة صارخا وهو ينهار باكيا بحړقة
والاحتمال يذبحه ذبحا.. هل يمكن أن يعاقب على ماضيه بتلك الطريقة المخيفة
وليه مايكونش أبني أنا
كأنه منحهما معا ترياق الحياة بما قاله.. 
ليصيح رضون بلهفة يا ريت يا أمين.. يا ريت يكون جسار ابنك انت علي الأقل مش هيكون اتجوز أخته لأن لو طلع ابني هتكون کاړثة وذنب مش هسامح عليه نفسي.
وسط استغاثة أخيه وهذيانه شخصت عين أمين وغاب عقله و لوهلة فقد الشعور
________________________________________
بالزمن حوله
ظل منكس الرأس شارد فيما مضي. 
رجع للوراء سنوات وسنوات.. 
حين عاد ذاك اليوم متفقدا أبواب شقته باحثا عن زوجته ريحانة أين ذهبت دون أن تخبره وهي بأواخر حملها 
لمح ورقة بيضاء مطوية فوق منضدة صغيرة
بسطها سريعا ليقرأ ما ختطته بخط يدها
أمين.. أنا هقضي اليوم عند .. صاحبتي اللي ساكنة في ... زهقانة لوحدي وانت مطبق بقالك يومين في الموقع بتاع شغلك.. هتسلي معاها شوية وارجع بالليل..لو جيت بدري تعالي خدني 
طوي الورقة وتوجهه من فوره لصديقتها التي راحت تخبره 
  ريحانة فعلا جت والمغرب ركبتها حافلة جماعية قالت انها أمان أكتر لأن معاها ناس تانين.. بس ومعرفش عنها حاجة تانية. 
بصوت الصديقة استعادها عقله.. 
انتظر زوجته لتأتي فلم تفعل
توجه لقسم الشرطة ليقدم بلاغا بفقدها.. وبعد أيام كاد فيها يفقد عقله لم يثمر البحث من تلاهم عن أي شيء.. 
بحث بكل الطرق عنها ولم يجدها انقطعت كل سبل العثور عليها فمكث أمين فترة مكتئبا لا يحدث أحدا حتي ساق الله إليه لقطة عابرة عبر التلفاز لخبر قديم عن احتراق حافلة بركابها حتي تفحم جميعهم ما لفت نظره ان تاريخ الحاډث هو ذاته يوم اختفاء ريحانة وطريق الحاډث هو ذاته نفس الطريق المؤدي لرفيقتها.. 
ذهب سريعا ليبلغ القسم بهذا الأحتمال وقلبه ېتمزق أن يكون هذا مصيرها.. استدعوا رفيقتها ربما تعلم أرقام الحافلة.. فلم تذكر منها سوى أخر رقمان.. ليتطابقا مع الحافلة.. وبعد تحري أكثر دقة تبين أن من كان يقودها سائق فلبيني الچنسية واستقل معه أربعة من السيدات في عمر الشباب وبضعة رجال بأعمار مختلفة..وهذا ما تم تحديده عن طريق الطب الشرعي حينها.. لم يعرف المزيد لكنه تأكد أن زوجته كانت من بينهم ومؤكد لم تنجوا هي وطفله من حاډث مروع كهذا..
  ساكت ليه يا أمين! اتكلم ابوس ايدك أنا عقلي هيطير مني.. قول اللي عندك بلاش تسكت كده..
رفع بصره لأخيه بعد أن عاد من سكرة الذكري البعيدة وبصوت شديد الوهن راح يقص ما لديه منذ يوم اختفاء ريحانة حتي اكتشاف مۏتها هي وطفله في الحاډث المروع ورغم أن ما قصه يؤكد مۏت طفله وزوجته وان احتمالية أن جسار ليس ابنه.. 
إلا أن للحقيقة دائما وجه أخر ولكي يظهر وجهها يجب أن تكتمل الصورة وهذا ما تطوع به الجد نادر مع قوله الحاسم
  دلوقت دوري اقول اللي اعرفه.. 
ثم نظر لأمين بنظرة غامضة و شرع يفيض باسترساله وكلما توغل بما لديه كلما جحظت عين الأول وشحبت مثل المۏتى بينما التقط رضوان أنفاسه الهاربة.. فهذا يعني أن طفل أخيه أمين نجي من حاډث الحافلة المحترقة وهو ذاته زوج ابنته.. جسار هو ابن شقيقه الذي ظنوا ۏفاته وهو جنين بتلك الخواطر المتوالية بذهن رضوان راح يهتف بحماس
  أمين.. جسار ابنك.. أيوة جسار ابنك أنا متأكد..
اتضاح الحقيقة بعد ما قاله الجد نادر ضخت الأمل والقوة في عروق أمين فنهض يمسك بشقيقه كمن يتعلق بقشة
تنجيه من الڠرق ليه متأكد يا رضوان أنه الني.. قول اللي تعرفه أرجوك وريح قلب اخوك.. 
فاض عليه بما يعرفه لأن جسار عنده حساسية الألبان اللي كانت عند ريحانة مراتك بالظبط ودي حاجة وراثية عشان كده جسار ورثها من أمه الله يرحمها وكما بيستخدم ايده الشمال في كل حاجة اكل وكتابة واي شئ زيك انت يا أمين وزي ولادي ريان وحمزة اللي ورثوها منك هما كمان.. طباعه في نوعية الأكل اللي بيحبه.. وتعبيرات كتير في وشه كنت بحس اني شايفك انت قدامي ويستغرب من الروح اللي بحسها فيه منك انت.. اختلاطي بيه بجد جوازه من لنتي خلاني لاحظت كل الحاجات اللي بيشبهك فيها وكنت بقول لنفسي صدفة.. صدقني جسار ابنك يا أمين ابنك ومن صلبك.
صار ېصرخ رضوان بأخيه
انه أبنه والأخر مذهولا لا يصدق ان طفله نجي وعاد إليه بعد سنوات طوال..
الجد نادر متدخلا بانفعال مماثل يبقي لازم في اسرع وقت انتوا الاتنين تعملوا تحليل Dna قبل ما تقابلوا جسار.. مش هسمح انه يتعلق بأمل كاذب لازم انا شخصيا أتأكد انكم أهله قبل ما يعرف الحقيقة.
قرار حسمه الجد بينهما وبالفعل أخد منهما شعرتان وتوجه على الفور لأخذ عينة من جسار دون علمه لعمل الإجراء اللازم.. 
أسبوع كامل مر على شمس وهي غائبة بعالم أخر لا تدري عن ما يدور حولها ترقد بمشفي لمتابعة حالتها الصحية وطرف أنبوب شفاف مغروز بذراعها لبتدفق بعروقها الغذاء.. 
وجسار ماكث جوارها لا يفارقها ليل نهار..أما والدتها مفطورة لما أصاب ابنتها والتي تعلم بعض أسبابه فقط.. وهو إجهاض جنين مشوة تكتم الجد والأب والعم عن تلك القصة التي دارت بين ثلاثتهم حتي صدور نتيجة تحليل ال Dna..وجسار ذاته لا يعلم عنه.. 
أما أمين الذي ينتظر نتيجة التحليل بلهفة صار يرصد كل شاردة تصدر عن جسار..يراقب كل مايفعل وهو يراه بعين أخرى عن زي قبل.. يسراه التي يستخدمها في قضاء شئونه مثله تماما..نفس طريقة سيره.. شعره الأسود الناعم تماما گ شعر والداته ريحانة. شكل حاجبيها المميز.. رسمة عيناه التي تشبهها كذلك.. حساسية الألبان خاصتها..كلما تعمق بتفحصه يجد تشابه ما بينه وبينهما.. قلبه صار متيقن من أنه ابنه هو.. وانتظاره التحليل ليس ليتأكد هو.. بل لأجل جسار كي يصدق هو الأخر انه أبيه..حينها سيعانقه عناق جارف يشتاقه حد الۏجع.
  التحليل هيطلع امتى يا دكتور نادر
قالها أمين هامسا وهو يقترب من الجد لينظر له بإجهاد بكره هستلمه يا أمين بيه.. 
تنهد الأخير مع قوله أنا خلاص يا دكتور متأكد انه ابني..لكن عايزه هو اللي يتأكد ويصدق اني أبوه.. 
نظر له الجد وشبح الفقد يلوح له بذراعيه وحانت فصول النهاية أن تكتمل ليعود كل شيء لاصله..
هو لم يعد الآن جد لجسار..
لقد فقد حفيدة قطعة روحه وقلبه. 
مجرد أن يعلم من هو أبيه ومن هم أهله سينساه ويختلط بهم ويعوض ما فاته.. سينزوي بعيدا ويتركه متنعم بدفء أسرة حقيقية ينتمي إليها..فليكن معه الله حينها..
  مافيش داعي لوجودكم وتعبكم علي الفاضي..أنا موجود مع شمس وانتم ارجوا بيوتكم ارتاحوا..
هكذا هتف جسار على الجميع بتلك الكلمات وشحوب وجهه تضاعف مع سواد عيناه من قلة نومه وحزنه.. فاقترب أمين ورمقه بنظرة حانية وقال مش هسيبك هفضل معاك..
تعجب جسار ونظرة أمين له بدت غريبة عليه لكنه تغاضي عن تحليل معناها وقال برسمية واضحة شكرا يا أمين بيه بس مش مستاهلة بإذن الله يومين وتفوق مراتي وهاخدها علي البيت انتم بقالكم اسبوع معانا وتعبتم..ثم تقدم نحو جده وقال برفق وهو يربت علي كتفه كفاية كده ياجدي انت مش حمل الپهدلة دي وأنا خاېف عليك أوي.. ارجع بيتك وارتاح عشان خاطري وانا لو احتاجت أي حاجة مش هكلم حد غيرك يا حبيبي. ده وعد...
غيرة قاسېة نهشت قلب أمين وهو يري أبنه يستنجد بغيره ويحدثه بهذا الحب والحنان وينتابه القلق عليه.. 
غيرة لم تخفي عن عين جده نادر فسخر داخله من المفارقة العجيبة قريبا جدا ستتبدل الأدوار ويقف هو بعيدا عن حفيده يراقب عناقه لأبيه..
أحاط وجهه براحتيه وغمغم بحنان متخافش عليا يا ابني أنا بخير ومش هسيبك غير لما مراتك تفوق. 
بتلقائية مال رأس جسار علي كتف جده والحزن يتملكه بشدة..كأنه يتلمس تلك الجرعة القصيرة من حنان من رباه ليصمد امام ما يحدث.. 
وعلي الجانب الأخر ېحترق أمين لوعة لمثل هذا العناق.. متي يعلم أنه أبيه وأحق بمشاعره وحنانه وبره وعطفه هو أبيه وكل ما لديه هو رائحة زوجته الراحلة.
شعر بمن يمسك ذراعه گ مؤازارة ليجد رضوان يبادله النظرات الكاشفة لدواخله.. كأنه يقول له صبرا. 
  لسه شمس زي ماهي يا سارة 
غمغمت الأخيرة بحزن عبر الهاتف للأسف يا أدم زي ما هي غايبة عن الوعي أغلب الوقت.. صعبانة عليا أوي.. وكمان جسار مسكين هيتجنن عشانها.. ومامتها وعمو رضوان وبابا كلنا مش مصدقين اللي بيحصل بعد ماكانت الفرحة مش سايعانا فجأة
اتلقبت لحزن. 
  معلش يا سارة ده قضاء ربنا وبإذن الله يعوضهم بطفل جديد معافى.. 
  معرفش ليه يا
أدم حاسة ان الموضوع أكبر من فقد الطفل.. نظرات بابا وعمو وجد جسار كمان مش طبيعية..كأنهم مخبين حاجة.. 
  هيخبوا ايه أكتر من كده بيتهيئلك.. المهم ياحبيبتي امسكي نفسك شوية أنا خاېف عليكي وزعلان عشانك..
  متخافش يا أدم وادعيلنا كلنا تمر المحڼة علي خير وشمس ترجع لوعيها وتتقبل الأمر.. 
  هتعدي بإذن الله.
  طيب هسيبك واروح اطمن علي شمس وهكلمك تاني.. 
  ماشي حبيبتي منتظرك. 
ذهب معه للمختبر لا يطيق صبرا للأنتظار ليعلم النتيجة ومعه رضوان..مكث يترقب ظهوره ليهب من مقعده بعد أن بصره يغادر الغرفة التي اختفى بها.. 
  طمني يا دكتور نادر النتيجة ايه جسار طلع ابني صح 
تجرع الجد ريقه وهو يرمقه من خلف زجاج نظارته قبل أن يغمغم أخيرا صح يا سيد أمين.. جسار أبنك.
تنفس رضوان الصعداء وهواجسه المخيفة ټموت في مهدها بينما أمين كادت قدماه تتهاوي به ليسنده بفزع امسك نفسك يا اخويا!
  طلع ابني يا رضوان.. كنت حاسس انه ابني..ابن ريحانة نجى ورجعلي بعد سنين طويلة.. جسار ابني. 
صار أمين يهذي وشقيقه يبكي فرحا لنجاة ابن أخيه.. ليستطرد الأول بلهفة عايز اشوفه.. لازم يعرف اني ابوه ويترمي في حضڼي أنا.. نفسي احضنه واشم فيه روح ريحانة الله يرحمها. 
  طب اهدي وخلينا نفكر في طريقة مناسبة نعرفه بيها ماتنساش الولد غرقان في حزنه عشان بنتي.
  لأ مش هصبر هروح اخده في حضڼي وبعدها يجي وقت الكلام. 
  اسمحولي انا اتصرف واجيبلكم جسار في مكان مناسب للقاء زي ده..لأن ماينفعش حد غريب يحضره.
وذهب الجد ليستدعي جسار ويمهد له الحقيقة وليهون عليه الله ألم الفراق. 
الفصل السادس عشر
القلوب لا تنتظر صك هوية لتعبر المسافات لمن تحب.
سلطانها نافذ أينما حلت لها عيون ترى وذراع يحتوي.
لا تخطئ طريقها مهما تراكمت أسباب الضلال.
............
انقلب عالمه رأسا على عقب صرخات قلبه العجوز تشبه صړخة صغيره حين تلقفه بين يديه قطعة لحم حمراء لا حول له ولا قوة تمزق وشاح الحقيقة عن وجهه وتجلت خبايا ماضيه هو ذاته من سيخط بدموعه كلمة النهاية من نبع مقلتيه الذابلة سيخبر جسار أنه لم يعد مجهول الهوية جذوره اضحت شجرة عريقة النسب تثير الفخر لم يعد مصدر أمانه و فخره الوحيد قريبا جدا سيصبح ذكرى بعالم صغيره سينتمي لغيره فقد كل الحق به ويا ۏجع روحه على هكذا فقد سيدعوه للحضور وليكن الله في عونه حين تحين ساعة الفراق. 
لا يعرف لما أصر جده أن يقابلته في الفيلا..وعلى مضض ترك زوجته لرعاية والدتها وسارة متوجها إليه.
  عمي رضوان و أمين بيه
________________________________________
هنا
اطلق جسار دهشته من رؤيتهما فور دخوله وغمغم أنا مش فاهم حاجة ياجماعة احنا ليه متجمعين هنا بالذات فهمني في ايه ياجدي! 
تقدم نحوه الأخير وهو يحدجه بنظرة غريبة لا تخلو من الحزن العميق انا استدعيتك عشان هنا بدأت الحكاية وهنا مكتوب تنتهي يا ابني..ضياعك وحزنك ووحدتك خلاص آن الأوان ينتهوا.. جذورك اللي كنت بتدور عليها اتشال عنها الغبار ورعرت فوق الأرض تاني و هتديك حياة جديدة وبداية تعوضك اللي فات.
كلمات جده الغامضة أشعلت فضوله وحيرته أكثر.. دارت عيناه بين الجميع ليجد من أعينهم دموع صامتة تنهمر دون سبب.. 
  مش كان نفسك تلاقي أهلك و تعرف مين والدك يا جسار
أهله!
والده!
عقله يدور بفلك خواطره الخاطفة 
بركانه الخامد اشټعل من جديد.
أين عائلته!
من أبيه 
له أشقاء أعمام واولاد عمومة 
عشرات الأسئلة تدوي برأسه دون رحمة
لينتفض بغتة لخاطر فرض منطقيته بقوة.
أيعقل أن من النقطه عقله صحيح!
  آن الأوان تعرف مين هما أهلك يا ابني.
هنا انتبهت كل حواسه مع حديث جده..بدأ عقله يعمل بسرعة غير عادية ويحل الخيوط من عقدها..وكلمات بعينها تعود وتدوي بخاطره!
في تطابق كبير في الجينات ما بينكم.
التطابق ده مايحصلش غير لسببين
أولهم وأقواهم إنكم تكونوا أقارب.
بصوت الطبيب انسابت في دهاليز عقله..
تنقلت حدقتاه بين أمين ورضوان وجده يغمغم 
أنا عملت ليكم انتم التلاتة تحليل. Dna.. والنتيجة أكدت مين أبوك..وممكن ببساطة اقولك حالا النتيجة رجحت كفة مين فيهم وأثبت نسبك.. بس انا عايزك أنت اللي تحدد بإحساسك اللي عمره ماخذلك مين فيهم أبوك ومين عمك خلي قلبك يدلك علي اللي جيت من صلبه يا جسار.
حملق بجده في ذهول شديد كأنه يتلمس منه يقينا
يثبت أنه لا يحلم وأنه بالفعل يقف أمام أبيه في حيز محيطه ولا يفصلهما شيء بإيماءة ونظرة حانية كنانه جده أنه يحيا واقعا لا يقبل الكذب شعور ضخ بروح جسار قوة وتقدم نحوهما ودموعه تنهمر دون إرادة وجسده يرتعد من فرط ما هو مقدم عليه.. جال بينهما مليا ودون شعور دنى من أمين وامتدت يده المرتجفة يتحسس وجه أبيه كما دله قلبه ليتلقفه أمين الباكي بعناق جارف اختلط بنحيبه الذي تصاعد وهو يطلق أه ۏجع لحرمانه من ابنه الأول كل هذه السنوات..لم يكن يعلم أنه
حيا يرزق ظن النيران التهمته بأحشاء والدته.. لو علم بنجاته لما هدأ حتي وجده وأعاده لأحضانه..
 كفاية كده يا أمين سيبني اخد ابن اخويا في حضڼي شوية. 
قالها رضوان وهو ينتزع جسار من صدر أبيه ويتلقفه بصدره رابتا علي ظهره وهو يهتف من يوم ما شوفتك في عيد ميلاد سارة حسيت اني حاجة شدتني ليك بس كدبتها ومع الوقت نسيت أتاري الډم حن لبعضه وقلبي عرفك يا حبيب عمك.
العبرات كانت خير عنوان لما بحياه جسار يبكي ولا يصدق انه يتعانق الآن هو وأبيه وعمه..عادت له هويته الضائعة ولم يعد شخص مجهول مبتور الجذور ها هم أهله وعزوته حمزة ريان سارة وحبيبته وزوجته شمس.. ابنة عمه الغالية قطعة من روحه وقطرة من دمه.
  شمس.
همسهل جسار بلوعة وهو يبتعد عن عمه مواصلا بلهفة شمس يا عمي شمس لازم تفوق وتعرف أنها مراتي وبنت عمي وحبيبتي.. يمكن ده يخليها تخف وترجع زي الاول.
بفيض حنان وحب يذيب القلب لثم أمين ظهر ابنه كنوع من الدعم له بينما احتوى رضوان خديه قائلا كل الدنيا هتعرف ياحبيبي مش بس شمس..ولاد عمك واختك سارة وخالتك جمانة أخت ريحانة أمك.
  ريحانة!
بقلبه قبل شفتيه همس حروف أسم والدته كأنه يتذوقه الشهد شعر بشوق ولذة يختبرها للمرة الأولى..كثيرا ما حاول تخيل أسمها.. توقع لها أسماء كثيرا في عقله لم يصل أحداهم لجمال هذا الأسم.
أسمها گ عبق الجنة القابع أسفل قدميها لم يكتب له نعيم قربها في الدنيا لكنه سيفعل كل ما بوسعه ليقابلها و يهدي روحها الطاهرة عناقيد عمله الصالح بدنياه حين يآويه الثرى..
جذبه أمين وهو يضم كتفيه برفق يلا ياحبيبي تعالى معايا العيلة والدنيا كلها لازم تعرف انت مين عشان يفرحوا معانا..من انهاردة انت بقيت أهم وأغلى شخص عندي وعند الكل مش هتكون لوحدك تاني.
سحر ما يحياه جسار بلحظة حياته الفارقة جعلته يستجيب لدعوة أبيه وكاد يغادر حيز الغرفة قبل أن يتوقف بغتة ويستدير خلفه لينخلع قلبه مع استدارته تلك وهو يري جده الحبيب ينظر له باكيا بنظرة تشق القلب كأنه يودعه للأبد كأنه فقد الحق به شعور جعل جسار يندفع مثل الطفل ليتشبث به بقوة هاتفا إياك ياجدي إياك أشوف في عيونك النظرة دي تاني محدش هيقدر ياخدني منك ولا يمحي مكانتك في قلبي وحياتي لأنك حتة مني..انت اللي ربتني وتعبت لحد ما كبرتني و ماحرمتنيش من حنانك وحبك آوتني تحت جناحك و حمتني من البرد و چحيم التشرد..ظهور أهلي دلوقت مش هيخليني ابعد عنك بالعكس لو عيلتي اكتملت فانت اهم شخص فيها يا جدي..أنت كبيرنا كلنا ومكانك هيفضل محفوظ
ظل جسار يعانق جده وهو يصيح بكلماته ليثبت له أنه لا يزال عالق بطرف جلبابه كمان كان مازال يحبه وينتمي إليه.. ثم جذب كفه وهو يصيح بمشاعر مفعمة بوفاءه لذاك الرجل تعالى معايا يا جدي عشان زي ما اهلي لأزم يعرفوني لازم كمان يعرفوا الراجل اللي رباني السنين دي كلها و له الفضل الأول والأخير عليا.. صح يا بابا
قالها بعفوية ليرتجف قلب أمين بين ضلوعه من حلاوة النداء الذي انحرم من سماعه القدر خبأ له أجمل هدايته في خريف العمر.. كأنه لم يسمع تلك الكلمة من قبل طيلة عمره.. أما جسار فأعادها عقله ثانيا لتترد داخله وتسد شقوق روحه وتروي أرضه القاحلة التي نبتت بها معجزة هويته من جديد. 
  صح يا حبيب ابوك..
قالها أمين داعما له بقوة ثم اقترب من الجد ونظر له بتقدير جم وهو يخبره بما يستحق لو فضلت عمري اللي باقي كله اشكرك
علي تربيتك لابني مش قدر أوفيك حقك يا دكتور نادر.. أنت ربيته بطريقة خلتني فخور بيه..تمسك ابني بيك دلوقت خلاني اتأكدت انك عوضته غياب أهله وكنت له سند حقيقي..ربنا يجازيك خير علي كل حاجة طيبة قدمتها لأبني.. وزي ما قال مفيش حاجة بينكم اتغيرت انت جده وكبيره وكبيرنا احنا كمان وحياة جسار مستحيل تستقر من غيرك.
ابتسم جسار بفخر وسعادة لأبيه وعيناه تشكر له صنيعه ثم نظر للجد الحبيب قائلا شوفت بقى يعني مفيش داعي للحزن اللي شوفته في عيونك ده.. مش هسمح تزعل ولا عيونك تنزل دمعة تاني ياجدي.. 
ثم كفكف جسار دمعاته ليغادر وهو يتوسط والده وعمه وجده الحبيب..متوجهين لمنزل أبيه الذي استدعي بهاتفه الجميع دون توضيح أسباب ليكون لقائهم الأول مع ابنه العائد بين أرجاء بيته كما يجب أن يكون. 
القلوب لا تنتظر صك هوية لتعبر المسافات لمن تحب.
سلطانها نافذ أينما حلت لها عيون ترى وذراع يحتوي.
لا تخطئ طريقها مهما تراكمت أسباب الضلال.
قلبها وحده عرفه قبل أن تظهر ماهية هويته.
شقيقها هو يشاركها الروح والعصب.
سند جديد ولج حياتها ليغيرها ويعطرها بعبق قربه.
كل شيء بدنياها ستتغير معالمه.
صار لها شقيق يحتويها كما تمنت.
جسار هو أخيها.
يالا حلاوة اللقاء بينهما.
لا تدري الآن هل تعانقه ام تنفذ لثنايا أضلعه تختبيء به.
كأنها
تخاف أن تفترق عنه ثانيا.
فلا طاقة لها على الغياب من جديد.
 جسار..أخويا.
همستها وهي تقبل كتفه وهو يشتد احتواء حاني لها.
شقيقته كما كان يشعر نحوها دائما.
سارة.
صغيرته مدللته ما بقي له من عمر.
  عيون أخوكي كنت حاسس طول الوقت انك قريبة من روحي وحتة مني وصدق إحساسي بيكي يا سارة.
أحنا عرفنا بعض من البداية كنا حاسين بحاجة بتربطنا دلوقت بس قدرت اعمل اللي اتمنيته كتير وانا ببصلك بشعور أخوي كان طاغي عليا..
ومن جديد سحبها في عناق شديد لتطلق هي عنان بكائها وهي تعانق أخيها..هي مثله أدركته منذ زمن..أقطابهما تجاذبت بشكل لم تفهمه حينها جسار أخيها..من ذات الصلب تجري بعروقهما دماء واحدة
يبكيان ويشاركهما ابيهما البكاء وذراعيه تحتويهما الان اكتملت عاىلته وما عاد شعور النقص يغزوه عاد صغيره وما عادت يد البعد تفرقهما بعد ذلك.
عجيب قدره! 
بعد أن كان يعاني الحرمان ويشتهي عناق من أبيه ووالدته.. لأن تتلقفه أيادي وصدور أفراد عائلته بلهفة وحب. الجميع في ذهول تام لمعرفة حقيقته وبركان عاطفة جياشة تفجر بينهم أولاد العم حمزة وريان.. وخالته جمانة شقيقة أمه ريحانته أما سارة فمازالت تنظر له مآخوذة كأنها تحلم بكل ما يحدث.
  روح بقي لمراتك عرفها متأكد ان اما تعرف هترجع لوعيها وتسترد صحتها تاني.. أما اللي راح ماتزعلوش عليه لأنه خير.. لولا الجنين اللي ماټ ماكنتش عرفتنا وعرفناك ياحبيبي..
قالها أمين وهو يربت علي ذراعه ليؤكد رضوان أبوك عنده حق ياجسار..ربنا مش بيعمل حاجة وحشة.. وبإذن الله هيجبرك انت وبنتي..
قبلته خالته جمانة وهي تغمغم بحنان وهتجيبوا بنت زي القمر وتسموها ريحانة كمان.. 
ابتسم لها بعاطفة جديدة ولثم يدها ثم قال عندكم حق.. أنا هروح لشمس عشان لازم تكون وسطينا في اللحظة دي.. 
يحمد الله انه وجدها مازالت متيقطة قبل أخذ جرعة مهديء جديدة.. دنى منها وهو يطالعها بنظرة يفيض منها كل حبه وحنانه وهو يهمس شمسي..
التفتت اليه لتقابله بوجه شاحب وبنظرة جامدة خلت منها الحياة تتلوي بجمر ظنها المخيف أن الرجل الذي تزوجته وحملت طفله يمكن أن يكون شقيقها.. الخاطر وحده الذي يذبحها ذبحا ما بال وقع الحقيقة عليها لو صدق ظنها
تريد الكشف عما تكابده وتخاف..بل ټموت هلعا.
حاول الاقتراب منها فابتعدت عنه سريعا كأن عقرب هاجمها تعجب جسار لفعلتها لكنه أرجأ الأمر لحالتها النفسية وتمتم بحنان شمسي عندي ليكي مفاجأة هتخليكي تقومي ترقصي من الفرحة..
رمقته بجمود كأن ما عاد شيء يفرحها حتي واصل 
أنا خلاص عرفت مين أهلي ياشمس..
انتبهت له بعين محدقة بريبة ليستطرد أنا وانتي طلع دمنا واحد كان مكتوب نتقابل ونحب بعض عشان بسببك انتي أوصل لجذوري واعرفها.. أيوة ياشمسالفضل بعد ربنا اني اعرف اهلي هو انتي ياحبيبتي..صحيح فقدنا ابننا بس ربنا عوضني بعيلتي الحقيقية.. 
عيناه تدور على تقاسيم وجهه بحيرة..فرحته وحماس حروفه ينسف ظنها المخيف بقوة!
  أنا ابن عمك ياشمسي أبن أمين.
اتسعت عيناها حد الجحوظ المرعب ونهضت من فراشها
وكاد الوهن والضعف يسقطها أرضا ليتلقفها جسار بين ذراعيه ويحول دون سقوطها وشمس تتكئ عليه تحتضن وجهه بين راحتيها هامسة بخفوت مذهول أبن عمي
يعني انت مش... 
  مش ايه ياحبيبتي
لبثت نظراتها تتشرب وجهه ثم ضمته إليها بقوة وهي تبكي مهارة مع قولها الحمد لله يارب الحمد لله انك طلعت ابن عمي وحبيبي وجوزي وروحي..
اعتصرها بعناق أشد قوة ثم غمرها بقبلات شوقه ثم وقال أيوة ياحبيبتي انا كل حاجة ليكي وزي ما
________________________________________
ربنا جمعني بأهلي هيعوضنا خير.. بس انتي خفي وارجعيلي تاني أنتي وحشتيني ياشمس نوري دنيتي بضحكتك تاني وواثق ربنا يرزقنا بدال اللي راح.
ظلت تعانقه وتبكي الآن فقط عادت لها الحياة.. كل شيء يمكن تعويضه إلا ما كانت تظنه وتخافه.. 
  شوفتي القدر يا شمس روحي عرفت اخويا من غير ما افهم ليه منجذبة له.. كنت دايما اقولك مش عارفة اسمي مشاعري ناحية جسار ايه.. دلوقت بس فهمتها.. 
هتفت بها سارة بشرود لتربت على كتفها الأخيرة 
فعلا..أنتي بالذات يا سارة قلبك كان دليلك..
  وانتي مفيش مرة حسيتي إن دمك حن لجسار
غامت بعيناها مستعيدة لقطات خاطفة من عمر تعارفهما لتقول حسيتها أول مرة لما قرب مني وبصلي ارتجفت بس حاولت اخبي.. ومرة تانية لما شوفته في مكتبه حزين حسيت بخنقة غريبة مافهمتش سببها.. ولما جه اشتغل معانا فرحت جوايا ولقيتني بعامله بود استغربته فيا وكنت فاكرة اني هكون فظة معاه بس مقدرتش في حاجة كانت بتشدني لجسار بس داريتها عشانك لما افتكرتك بتحبيه بس اما اتجوزنا اتملكت مني اكتر وحسيت انه حتة ولما حكيت لأمي اني متعلقة اوي به قالتلي لأنه حنين..بس هو كمان كان عنده نفس الشعور. 
  سبحان الله فعلا دمنا حن لبعضه. 
  فعلا ادعيلي يا سارة أقدر اعوضه اللي فات واحققله حلمه بعزوة من صلبه. 
  يارب يعوضكم اللي راح حبيبتي. 
عصفت عيناها بحزن كلام الدكتور بيقول انه هيبقي صعب.. 
  بس ربنا لا يصعب عليه شيء.. 
أومأت لها ونعم بالله يا
سارة.. 
  طب هو فين أخويا 
  عمي أمين اخده عنده في الأوضة بتاعته فوق..خلينا نستناهم.. أكيد عمي لسه مش مصدق انه رجعله وعايز يشبع منه..ولعلمك ممكن بابا يصمم تعيشوا معاه في الفيلا. خصوصا لما اتجوز أنا و البيت هيفضى. 
أقرت برأيها زي ما جسار يقرر ولو اني حبيت بيتي اوي. 
  عادي يا شمس بيتك هيفضل موجود برضو وتبقي بين هنا وهناك. 
تنهدت الأخيرة ربنا ييسر الخير يا سارة خلي كل حاجة لوقتها.
وافقتها الأخرى وقلبها لا يزال يحتفل بظهور شقيق لها
كم كانت تحبه دون أن تعلم.
يتبع
الفصل السابع عشر
طغيان الشوق اكتسح روحه وهو يتتبع أبيه حيث غرفته سيل المفاجأت والخبايا لا يزال يهطل من سماءه منحة بعد منحة يتلقاها جسار وداخله يذوب حمدا لله من فرط كرمه بعد أن كاد اليأس ېمزق خافقه ولأنه عاش عمرا لا يدري شيئا عن والدته صار بتسأل مثل طفل لحوح فضولي
كلمني عن ماما يا بابا.
كانت بتحب ايه 
پتكره ايه
ملامحها تشبهني
أكيد كانت جميلة صح
ليها معاك صور
أسئلة انسابت من شفتيه وهو يجالس والده فرمقه أمين بحنان طاغي وتركه في موضعه متوجها لزاوية ما بغرفته ومن إحدي الأرفف الموصودة بخزانته جلب له ألبوم صور قديم يحتفظ بين صفحاته بذكراياته القصيرة مع زوجته الراحلة ريحانة.
انتزاعه جسار من يد أبيه بلهفة شديدة و راح يتصفح ألبوم الصور المكتظ ملامحها الحبيبة ليتآوه قلبه وهو يرى ملامح والدته للمرة الأولى وعيناه تحتضن محياها بشغف سحابة دموعه تكثفت وفاضت من عينه لتنهمر دون شعوره وهو ينهل من صورها القديمة وهي شابة جميلة.. هنا تبتسم.. هنا تضحك.. هنا تتعانق بأناملها مع أنامل والده..هنا تأكل.
كلما تصفح الصور كلما ازدادت دموعه ليجرفها أمين له بحنان وهو يغمغم كانت ملاك من كتر طيبتها..كل الصفات الحلوة كانت في أمك ريحانة كانت زي أسمها..عبيرها بيتخلل جواك من غير ماتحس.
  خسارة مش واخد من ملامح أمي حاجة.
قالها جسار بحسرة حقيقية ليهتف والده أنت واخد شعرها وشكل الحاجب.. ووارث منها حساسيتك للألبان..
ثم ملس علي شعره وقالتعرف أنا عندي ليك حاجة هتفرحك جدا يا حبيبي.. هدية من أمك ريحانة ويمكن تكون بشړة خير للي جاي.
راقبه جسار وجذوة لهفته لا تنطفيء و والده يتركه وقت قصير ليعود ومعه حقيبة كبيرة فض له ما فيها ليبصر جسار ملابس متنوعة وأشياء كثيرة تخص طفل رضيع..وأبيه يوضح
  دي هدوم ولعب والدتك كانت اشتريتهم عشانك لما وصل حملها فيك للشهر السابع.. دي كل حاجتك اللي هي أختارتها بذوقها.. كانت بتنتظرك بفارغ الصبر.. سبحان الله ماكانش ليك فيهم نصيب يا ابني..كأنهم اتجابو لولادك مش ليك انت. 
واستطرد وهو يربت علي وجنته بحب ولادك ياجسار اللي ربنا هيكرمك بيهم بإذن الله.. أول حاجة هتلمس جسمهم الهدوم اللي أختارتها والدتك اللي هي جدتهم.
بحرص كبير كأنه يحتوي بين يديه ماسة غالية التقط جسار قطع الملابس الصغيرة وراح يتشمم عبقها بشوق وعين خياله تجسد له والدته أمامه وهي تبتسم..القدر كان رحيم به ادخر له هداياها لتكون زاده وزواده بعد الفراق..كل قطعه ملابس تحكي له شيء عنها.. الألون التي كانت تفضلها.. ذوقها الرقيق حتى في ألعابه الصغيرة..راح يلثم كل شيء وبدأ يبكي بصمت ليشاركه أبيه البكاء ثم العناق مغمغما بعدها خلاص ياجسار كفاية دموع ياحبيبي كل واحد بياخد نصيبه والحمد لله انك رجعت لحضني تاني.. أوعدك اعوضك كل اللي فات.. من اللحظة دي هتاخد كل حاجة أولهم أسمي انت كبير عيلة أمين الرشيدي كل اللي املكه بقي ليك..
بدا جسار كأنه بعالم أخر لا يسمع والده.. غارق بين أشيائها يتخيلها معه تلاعبه بتلك الألعاب..تفهم أمين شروده وقدره..فمكث يتأمله بصمت ليرتوي منه ومازال لا يصدق أن طفله عاد إليه شابا يتعكز عليه في أخر العمر.. 
مبروك رجوع ابنك يا أمين
رغم أن عودة أبنه رحمة من رب العالمين ليكون سندا له ولشقيقته سارة وابنتها الوحيدة إلا أن شعور الغيرة بدأ يثقب قلبها بسهامه الچارحة بعد هذا العمر وهي تسمع أمين زوجها يحدث ابنه جسار و يتغنى بسيرة والدته ريحانة ويذكرها له بحنان كأن رجوع
جسار أحيا عاطفة زوجها تجاه زوجته الراحلة..لا تعرف ما الذي يحدث معها هل تبالغ حين تغار من سيدة لما تعد موجودة بدنياهم حقا لا تدري.
تنهدت صابرين بقلة حيلة هي بكل الأحوال تخفي مشاعرها تلك ولن يعلم عنها أحد.
  الله يبارك فيكي يا صابرين ربنا كريم وحفظلي ابني ورجعه لحضني تاني. 
تبسمت له بتوتر الحمد لله يا أمين أن ربنا جمعكم. 
لاحظ غموضا بعيناها وطيف حزن تحاول إخفاءه فتسال باهتمام مالك يا غالية
  أبدا مافيش حاجة.
امسك كفها برفق و قال لو بعد العمر ده كله ماعرفتش اقرا عيون مراتي يا صابرين يبقي اللي بينا ماكانتش عشرة. 
حدجته مليا قبل أن تهمس وعيوني بتقولك ايه يا امين 
منحها ابتسامة رائقة وهو يخبرها بتقولي انك ماتعرفيش غلاوتك عندي يا شريكة العمر. 
برقت مقلتيها برضا فاستطرد أنتي عشرة
سنين طويلة عشنا فيها كل حاجة ام بنتي ونور عيوني الصدر الحنين اللي بلاقيه لما احتاجه. 
لمعت عيناها بسحابة دموع من إظهار مشاعره بما ترضاها وربت على قلبها وهو يواصل موضحا لها كلامي عن ريحانة والدة جسار ده حقه عليا لأنه اتحرم من أمه أقل حاجة اعوضه بيها اني اكلمه عنها ده مسكين ما داقش حنانها لحظة واحدة..لو تشوفي وهو بيتفرج علي صورها ولعبه اللي كانت جايباها عشانه كأنه رجع طفل صغير.. حسيت انه كان مبسوط وناسي الدنيا..ده كل اللي ناله من أمه يا صابرين سيرة حلوة وشوية لعب وهدوم على ذوقها لولاده إن شاء الله ده يزعلك في حاجة
كأنه أزال عنها غشاوة وغبرة الغيرة بكلماته هذه كيف تغار وكل ما ورثه هذا الصغير حفنة ذكرايات ردت له روحه وروت بعض ظمأه ذكرايات ارتشفها من شفتي أبيه وهو يحاكيه عنها.. غيرتها حقا أعمتها عن حقيقة ما يجري.
  حقك عليا يا أمين. 
قالت بعد أن خجلت من ذاتها ولامت ضميرها سرا فأجابها متفهما ماتقوليش كده أنا عارف انك أطيب مخلوقة وانك هتكوني أم تانية لجسار..مش كده. 
ابتسمت وربتت علي كتفه هو وسارة ولادي ومفيش فرق بينهم يا أمين اطمن..وربنا يراضيه ويفرحنا بولاده. 
  يارب يا صابرين يارب. 
كأني بسمع عن قصة لفيلم هندي.
هكذا تعجب أدم بعد أن قصت عليه سارة كل ما حدث لتجيب الأخيرة هي فعلا قصة غريبة بس حقيقية.. جسار طلع أخويا يا آدم عشان كده كنت بحب اكون قريبة منه ومتعلقة به.. مشاعري ناحيته كانت مختلفة عن اللي بحسها ناحيتك ودلوقت عرفت السبب.
تنهد بقوة مع قوله واخيرا مش هغير منه عليكي.. خلاص طلع اخوكي.
ابتسمت قائلة يعني كنت بتغير
  كنت بټحرق مش بس بغير أنا اشتغلت معاكي في مكتبه مخصوص لأن ما اتحملتش تكوني معاه لوحدك وبعيد عن عيوني. 
رمقته بحب تجلى بين عيناها للدرجة دي كنت بتحبني
منحها أكثر نظراته عشقا هاتفها بخفوت أنا بحبك حب انتي لسه ماتعرفيش عنه غير القشور يا سارة.. بكرة الأيام تجمعنا وهتفهمي.
  ومين قالك مش فاهمة أنا كمان بحبك يا أدم. 
تآوه بلوعة ياااااه لو كنا متجوزين دلوقت.
ضحكت وقالت كنت هتعمل ايه يعني
غمز بإحدي عيناه الإجابة هتوصلك عملي بعد كتب الكتاب.. 
ضحكت ثانيا بخجل ونهضت تهتف طب يلا بقي يا استاذ وصلني البيت وبعدين روح نام وارتاح.. 
علي مضض نهض ليفعل وكله شوق ليجتمع بحبييته تحت سقف بيته.
جسار أمين الرشيدي
تحسس بانتشاء أسمه المنقوش فوق قالب صغير يعلوا مكتبه في شركة والده.. عادت هويته وتبدل نسبه ليصبح شرعا وقانونا أبن المهندس أمين الرشيدي..أستقام براحة علي ظهر مقعده مستعيدا بعض التفاصيل الماضية منذ علم انتمائه
لتلك العائلة.. الحفل العائلي الذي تم علي شرفه.. ترحيب الجميع به وحبهم الذي ادخره له قدره لم يعد ينقصه سوى أن يري صغار أصحاء من صلبه هو تنهد وهو يناشد ربه سرا بتحقيق هذا الحلم وتكون شمس هي من تحملهم بأحشائها.
قاطع خلوته القصيرة طرقا على باب مكتبه فصاح سامحا بالدخول لتهتف السكرتيرة 
  الاستاذ أشرف طالب يقابل حضرتك يا جسار بيه. 
أمرها قائلا باهتمام خليه يتفضل بسرعة. 
تبادل معه عناق دافئا بترحيب كبير حبيبي يا أشرف فينك يا ابني وحشتني.. 
  وانت أكتر.. انت اللي فينك مختفي ومش بتيجي حتي المكتب من فترة.. قلقتني عليك. 
  لا اطمن بالعكس انا عندي ليك أخبار مش هتصدقها من غرابتها وسرعة احداثها في نفس الوقت. 
  خير قلقتني
  الأول تشرب ايه عشان الكلام هيطول.
  قهوة.. أمر بإحضار اثنين من القهوة ثم بدأ يسرد كل ما حدث معه لتتصاعد دهشة أشرف حتي هتف أخيرا معقول كل ده حصل وفي الفترة البسيطة دي سبحان الله يا جسار عشان كده كنت بترتاح لسارة. 
  لأ ومراتي طلعت أصلا بنت عمي. 
  طب هي عاملة ايه دلوقت 
اصطبغ وجهه ببعض الحزن مخبيش عليك يا أشرف شمس تعبانة نفسيا من وقت كلام الدكتور..للأسف قرابة الډم بنا كان تمنها أن ذريتنا تبقي مشوة.
  بس ده مش أمر مسلم بيه ربنا موجود وقادر يعمل المعجزات. 
 يارب يسمع منك
  طب وجدك 
  جدي ده قطع قلبي وصعب عليا
________________________________________
أوي يا أشرف تصور افتكرني هنسحب من حياته مايعرفش اني مقدرش ابعد عنه وروحي فيه. 
تمام بإعجاب أصيل طول عمرك ياجسار ربنا يراضيك يا صاحبي. 
  تسلم ياغالي.
قاطعهما اتصال أبيه ليغمغم صديقه طب اسيبك بقي تروح لوالدك.. ومعادنا بكره.. 
ثم الټفت إليه وقال علي فكرة ماما مستنية تيجي بمراتك عشان العزومة اللي قولنا عليها.. وكمان تجيب رائف معاك.. ماهو بقي خطيب اختي بقي.. 
ضحك جسار ده ما هيصدق.. خلاص هشوف شمس و في اقرب وقت هعرفك.. 
  منتظرك.. سلام. 
  نعم يا بابا
رمقه أمين بتلك النظرة الأبوية الدافئة ومشاعره المستحدثة تطفو بين عيناه قائلا 
  تعالي ياحبيبي عايز اكلمك في حاجة مهمة. 
  اتفضل يا بابا. 
  أدم خطيب اختك كلمني امبارح انه عايز يحدد فرحه الشهر الجاي ايه رأيك
  الرأي لحضرتك
اولا وبعدين سارة نفسها. 
ابتسم له بمحبة لأ ازاي بقى انت اخوها الكبير ورأيك يساوي رأيي أنا شخصيا.
راقه شعور انه لرأيه وزن وقيمة في حياة عائلته بعد أن كان مهمشا مع من ظنهم أبويه ليبادر بإخبار أبيه بما يراه مناسبا
 بصراحة رأيي مادام هو جاهز يتجوز يبقي مافيش داعي للتأجيل بالعكس انا نفسي افرح بسارة أختي في بيتها واشوف ولادها كمان. 
راقه رأي جسار فوافقه الرأي عندك حق يا ابني خلاص الفرح الشهر الجاي بإذن الله.
واستطرد دود قولي بقى اخبارك ايه في الشغل الدنيا تمام معاك 
  الحمد لله يا بابا سواء هنا او في المكتب الدنيا تمام والبركة في أشرف وأدم تقريبا لولاهم كنت مقدرتش اشيل المكتب لوحدي مع الشركة. 
  ربنا يبارك فيهم ويديم المعروف بينكم.. 
واستأنف امين تعرف اني عرضت على أدم يشتغل معانا ورفض
جسارليه
أمين من خلال معرفتي بشخصيته الولد ده عزيز النفس جدا.. واعتقد موضوع انه يتقال عليه اهل مراته مشغلينه هيضايقه..عشان كده فضل يبقي شغال مع نفسه.. 
  والله مش غلط أنه يكون عفيف النفس وعموما حضرتك عرضت عليه ومقصرتش ربنا يوفقه مكان ما يكون. 
 اللهم امين ربنا يسعده هو واختك واشوف ولأدكم كلكم..
احتل وجه جسار بمسحة حزن لاحظها ابيه فقال داعما له بقوة
اتعشم في ربنا خير يا ابني ده مفيش حاجه تكتر عليه.
تنهد ببعض الحزن داخله ونعم بالله يا بابا طيب هستأذن حضرتك عايز اعدي علي جدي نادر اطمن عليه واشوف رائف بقالنا كتير مش بنتقابل.
 طب ابقي وصل سلامي ليهم.
 حاضر يوصل. 
تم تحديد موعد زفاف سارة وأدم وراح الجميع يستعد لتلك المناسبة حتى أتى موعدها..وبقاعة مميزة ازدحمت بالمدعوين وكبار العائلتان والفرحة تتقافز بالوجوه..
  أخيرا. 
همسها وهما يعبران في الممر المؤدي لبوابة القاعة لترد همسته مش قولتلك هتحقق حلمك. 
  أنا دلوقت بحلم بحاجة واحدة. 
  ايه هي
  أخدك حالا علي عش الزوجية وخليهم هما يهيصوا مع نفسهم. 
ضحكت برقة قائلا والصرف ده كله يروح على الفاضي يا دومي
 ارحمي دومي واتكلمي بخشونة شوية لو عايزة تخضري فرحك يابنت الناس. 
قهقهت بقوة طب بطل بقى احنا داخلين القاعة خلينا ندخل بهيبتنا گ عريس وعروسة. 
  أحلي عروسة في الدنيا يا قلبي. 
  الفرح كان جميل..
قالها جسار وشمس تساعده بخلع ملابسه بعد عودتهما من الزفاف لتجيبه 
  أه والله سيروا كانت قمر.. وأدم كان وسيم جدا هو كمان.. 
استدار لها برفعة حاجب محذرا نعم 
غمغمت بعفوية غافلة عن تحذيره بقولك أدم كان... .
  انتي هتكرريها تاني 
لبث تطالعه برهة ثم استوعبت للتو غيرته فضحكت بشدة وهي تحتضنه مش قصدي يا جسورتي بقول يعني انهم الاتنين كانوا حلوين.. 
نظرت إليه لتجده قاطب حاجباه فلثمت دقنه هاتفة بدلال خلاص أسفة يا جسورتي.. 
  مفهوم ياحبيبي.
شرع باستبدال بدلته بملابس نوم مريحة لتهمس له جسار في حاجة مهمة عايزة اقولهالك. 
تمتم بصوت ناعس قليلا قولي يا حبيبتي.
حدجته مليا قبل أن تهمس أنا حامل.
انتفض معتدلا وظل يرمقها بدهشة وهو يردد حامل! بتقولي حامل يا شمس
أومأت تؤكد له بعين مغرورقة لتنفرج أساريره وتزحف الفرحة علي وجه وهو يصيح بانفعال بجد يا شمس أنتي حامل..فقد ظنته سيحزن وربما يعاتبها لأنها كررت التجربة لكن علي العكس هلل للخبر بسعادة لتباغته بسؤال 
  يعني مش هتعاتبني اني حملت رغم ان الدكتور قال قاطعها بقوله بالعكس دي بشړة خير لينا مش يمكن زي ما ربنا لم شملي عليكم يحقق باقي حلمي ونجيب ولاد أصحاء كتير متجوزين وهما قرايب وولادهم بيجوا كويسين تفائلي يا شمسي أنا حاسس اننا هنفرح قريب. 
أغمض عيناه وحلمه يتجسد لخياله وهو يرى طيفا لطفله بين يديه مرتديا نفس الثوبه الأبيض الذي انتقته والدته له يوما.
غاليته ريحانة. 
بعد ثلاثة أشهر.. 
  تعبانة أوي ياشمس ونايمة طول الوقت ومقصرة أوي في حق أدم واحنا يعتبر لسه عرايس.. 
  ياحبيبتي طبيعي انتي في الشهر التاني من الحمل وده عز التعب..كلها شهر كمان وتروح اعراض القيء والدوخة دي..وبعدين جوزك أكيد فاهم انه ڠصب عنك. 
  يارب يا شمس.. انتي في الشهر الكام
  الرابع.. ثم كسي صوتها رجاء ادعيلي يا سارة يحفظ ابني المرة دي
ربتت علي كتفها بعطف متفهمة قلقها مټخافيش بإذن الله خير انتي رايحة امتي للدكتور
  بكره.
  تحبي اجي معاكي.
  مافيش داعي يا سارة هروح أنا وجسار وهنبقي نطمنكم. 
  ماشي حبيبتي هنتظر تفرحيني أن شاء الله. 
تحسست شمس بطنها المنتفخ وقالت خاېفة اروح للدكتور ونعيش نفس التجربة تاني يا جسار.. ايه رأيك مانروحش ونستني رزقنا وقت الولادة 
نظر لها بحنان مشفقا عليها من خۏفها حبيبتي أتعشمي في الله خير..الأفضل
نطمن من دلوقت عشان مايكونش في أي خطړ عليكي.
 وافرض عشنا نفس الموقف يا جسار
  يبقي هنكون عملنا اللي علينا ياشمس..وكله في الأخر قضاء ربنا ولازم نرضى به.. 
أطرقت رأسها ولم يبقى لديها غير التسليم لقضاء خالقها مهما كان متمتمة عندك حق.
وتوجها سويا للطبيب وقلوبهما تتصارع خوفا وكلا منهما يخبيء قلقه عن الأخر
تعلقت أبصار جسار و زوجته بوجه الطبيب
وهو يتفحص الشاشة التي تعرض لقطات مبهمة أقرب لبقع سوداء بأحشاءها من الداخل وبعد برهة تركها ليحتل مقعد مكتبه بالزاوية الأخرى.. فلحقته شمس سريعا بعد تجريف طبقة الدهان اللازج عنها.
منتظرة بلهفة قول طبيبها فيما رأى.
هل ينتظرهما صدمة أخرى
ام أمل جديد!
رواية صړخة على الطريق 
بقلم ډفنا عمر 
الفصل الثامن عشر
خوفه يتضافر مع قلقه وهو يسأل الطبيب عن حالة زوجته وكل أمله أن يأتيه خبرا يثلج صدره وينعش روح المتعبة.
  خير يا دكتور طمني.
زفر الأخير نفسا محملا بشفقته الطاغية وهو يجيبه للأسف..نفس الوضع اللي حصل في الحمل الأول.
سحابة الحزن خيمت على رؤسهما ولمعت مرايا العبرات بأعينهما وهما يشيعان مركب حلمهما العزيز في بحر الخذلان للمرة الثانية دون رجعة ويالا قسۏة قدرهما هذا.
ليعود الطيب يستطرد 
  لازم نعمل عملية تفريغ يا مدام شمس. 
همست گ برجاء ېمزق القلب يعني ماينفعش احتفظ بابني حتي لو مشوة أنا راضية يا دكتور بس يعيش وتشوفه عيوني.
يعلم أن فاجعتها عظيمة لكن مجيء طفلهما مشوه فاجعة أكثر إيلاما لو يعلمون مما جعل الطبيب يهتف بحزم يمتزج بعطفه يبقي بتظلميه وتظلمي نفسك يا مدام شمس ازاي هتقدوا تشوفوا ابنكم مشوه قصاد عيونكم هيفضل معاكي سنة ولا اتنين وھيموت..ولو عاش هتشيلوا ذنبه في رقبتكم لأنه مش هيقدر يتكيف في مجتمعه وهو مشوة وقتها هتكوني اتعلقتي به أكتر وهتتعذبي أضعاف عذابك دلوقت.
واستطرد بنبرة حانية نصيحتي ليكي گ أب عندي بنت قدك.. الإچهاض هو الحل الأفضل ليكم استعوضي ربنا فيه وهو قادر يغير الأحوال محدش عارف الخير فين.
ودع جسار الطبيب بكلمات مقتضبة والأخير يبلغه بموعد عملية التفريغ ثم جذبها وهو يضم كتفيها بقوة ليؤازرها حتى وصلا لمنزلهما والشرود الحزين يبتلع ملامحهما.
دثرها بالغطاء وهي بحالة جمود ونظرة عيناها زجاجية متحجرة بخيبة أملها جسار بقوة هامسا لها بما يقوي روحها تفتكري ربنا عايز يعذبنا يا شمس أكيد لأ بس هو بيختبرنا يمكن بعد كده الطب يتقدم ويلاقي علاج لحالتنا.. أنا متأكد ومتعشم فيه خير.. عشان خاطري خليكي قوية وسلمي أمرك لله..بكرة العوض يجي من أوسع أبوابه ياشمس بس إياكي والقنوط من رحمته.
همسات بخفوت ودموعها تزحف فوق خديها
  طول عمرك محروم وبتتمني يبقي عندك عزوة من صلبك.. هتصبر لحد ما نلاقي علاج لحالتنا 
  هو قدامي حل تاني غير الصبر
رفعت عيناها إليه وارتعشت شفتاها وهي تهمس بكسرة خاطر وقلبها منفطر في حل يا جسار.
إنك تتجوز غيري.!
واستطردت كأن روحها تتصارع بها أنصال سيوف تمزقها وتطلقني.
وبعدين يا جمانة كفاية عياط
قالها رضوان وهو يربت علي ظهرها بإشفاق رغم أن حاله لا يختلف عنها لوعة لكنه مؤمن صابرا على قضاء ربه..لتصبح زوجته شاكية وجيعتها
  صعبان عليا اللي حاصل مع بنتي وجسار جوزها .. نفسي اشوف ولادهم الاتنين نفسي اشيل حفيد ريحانة أختي عشان يعوضني مۏتها قلبي بيتقطع يا رضوان ومش عارفة حتي أواسيها ازاي. 
  بس انتي مؤمنة وموحدة بالله وعارفة انه له حكمته في كل شيء حد عالم الغيب 
  ونعم بالله يعني تفتكر لو جربوا تاني ممكن يخلفو طفل سليم.. 
  هو صعب علي ربنا 
حاشا لله.. طبعا لأ
  يبقي خلاص سلمي أمرك للي ما يصعب عليه شيء اللي خلانا نعرف ان جسار ابننا بعد كل السنين دي قادر يرزقهم.
كفكفت دموعها وقد بثها بعض الأمل عندك حق يا رضوان.. وانا هفضل ادعي ليل نهار لحد ما ربنا يتقبل مني.. 
أيوة كدة يا ست الكل.. هي دي الروح اللي كلنا محتاجينها.. ربنا بجبر خاطرنا ويفرحنا قريب.
منذ اقتراحها الذي فجرته بوجهه منذ يومان وهو يشعر بالصدمة نحوها ويتجنبها قدر استطاعته..كيف تفكر بتلك الطريقة هل تريد فراقه لتقود تجربة زواج أخرى مع غيره وتنجب أطفال أصحاء! الغيرة والحزن يمزقانه لمجرد الفكرة ما باله بالفعل! لا لن يسمح لها..هي له وحده.. إن لم تنجب منه فلترضي بقضاء الله كما رضى هو رغم حاجته إليهم.. لكنه لن يحتمل فقدانها مهما كان الثمن.
أما هي كل تفكيرها منصب عليه لا عليها تريده أن يحقق حلم العزوة التي يتمناها ولو من غيرها فليتركها ويبحث عن أخرى ويتولاها الله بعدها.. لن تتحمل ان تشاركه فيه واحدة وهي على ذمته.. 
محت دموعها وذهبت إليه عازمة على حسم الأمر بينهما وأصرارها علي الطلاق مهما كلفها ذلك.
  يا تري فكرت في طلبي
قالتها بجمود يناقض غليانها ليرمقها بجمود مماثل وهو ينسحب من محيطها دون اكتراث.. لتقبض ذراعه قبل أن يذهب صائحة بحدة جسار انا مش بهزر أنا عايزة اطلق وكل واحد فينا يروح لحاله.
  حاله!
قالها وزجاج نظرته الجامدة يتشقق ويبرق ويشتعل شرر غضبه المكبوت منذ يومان الحال ده اللي هو ايه بالظبط إنك تتجوزي غيري وتخلفي ولاد مش مشوهين وتعيش حياتك هو ده حالك اللي بتتكلمي عنه يا شمس! ده اللي انتي عايزاه فعلا وهتقدري تعمليه
رغم إنكسارها تمسكت ببرود وجهها
________________________________________
وقټلت بنبرة ثلجية دي حاجة تخصني لوحدي.. اتجوز او
لأ هيفرق معاك ايه 
ثم نظرت له بنظرة مهتزة عكست مشاعرها الحانية المهم انت تتجوز غيري وتحقق منها حلمك وتعمل عيلة مش ده كلام الدكتور ياجسار قال طول ما احنا سوا مش هنجيب ولاد كويسين.
رمقها مليا بنظرة مبهمة ثم قبض بغتة علي ذراعها پعنف ألمها مع صوته الحاد مالكيش دعوة بيا أنا راضي وعلي چثتي حد غيري يلمسك انتي هتفضلي مراتي وعلى ذمتي لحد ما اموت فاهمة!
ودون أن يشعر صار يدمغها بقبلات عڼيفة توثق امتلاكه لها قولا وفعلا حتي لو كان أناني نحوها لن يتركها احتواءه لهل كان قاسېا وللغريب لم ټقاومه أو تنفر من قسوته بل هدهدت جنونه بلمساتها الحانية حتى استكان لها لتتخلي لمساته عن الحدة وهو يضمها بحب هامسا أنا راضي بكل حاجة إلا اني اتحرم منك يا شمس مهما حصل مش هسيبك ولا هسمحلك تبعدي عني .
اطلقت عنان بكائها أخيرا على صدره بعد تمسكه وإعصاره الذي كان خير دليل على حبه الجارف لها ليتلقى بكائها بصبر وتركها حتى أفرغت ما بداخلها وهدأت فأرقدها بين ذراعيه وهي كطفلة صامتة مستسلمة قبل أن تهمس لو سبتك عمري ما كنت هتجوز.. أنا اقترحت كده عشانك.
لثم أناملها واحد تلو الأخر قبل أن يرد همستها 
للمرة المليون بقولك اني راضي.. و متأكد إن ربنا هيعوضنا..و كفاية عليه عرفت أهلي و بقى ليا عيلة تخصني..و الحمد لله علي حكمته.. 
نظرت له بدهشة انت بجد مش ناقم علي اللي بيحصل يعني و لا مرة قلت في نفسك ليه بيحصل معايا كده ولا قلت اجرب مع غيرها واجيب ولاد 
  و الله ما حصل و لا
هيحصل..أنا مؤمن بقضاء ربنا.
طالعته بحب يسيل من عيناها ثم مالت تقبل موضع قلبه مع همستها بحبك. 
ابتسم 
هرد عليكي بطريقتي لتبتسم و هي تتلقي سيل عاطفته وارتشفته قطرة قطرة وداخلها تحمد الله انه تمسك بها ولن يتخلي عنها و اخيرا تخلصت من أكبر كوابيسها أن يتركها يوما. 
بعد مرور قرابة الأربع سنوات..
  نديم.. تعالى هنا كمل أكلك تعبت ماما معاك.. 
صاحت سارة وهي تركض وراء طفلها الأول لاهثة ليأتي أدم من خلفها بالراحة يا سارة ازاي تجري كده انتي ناسية انك حامل في الشهر الخامس
تذمرت بضيق أعمل ايه يا أدم ابنك شقي اوي إن ماكنتش اجري وراه عشان ياكل مش بياكل خالص. 
غمغم بربتة حانية طب هاتي وانا هخليه ياكل وانتي ارتاحي..ثم صاح علي طفله ديمو..تعالى لبابا حبيبك ولا مش عايز تروح لجدو وتيتة بكره.. 
هرول عليه الصغير وراح يلتهم الطعام بعد أن حصد وعدا من أبيه بزيارة والدي أدم في اليوم التالي..
ابتسمت وهي تطالعه مستكين علي قدم أبيه هاتفة شوفت الندالة بيسمع كلامك وأنا لأ كاني شفافة.
شاكسها ده من الهيبة حبيبتي.
رفعت حاجبيها بعدوانية قصدك ايه شايفني تافهة
قهقة ولكز وجنتها ماتزعليش انتي عسل. 
هزت رأسها وهي تبتسم له وسريعا ما غامت عيناها بشرود ليلاحظها متسائل سرحتي في ايه 
  في أخويا جسار وشمس صعبانين عليا اوي يا أدم تلات مرات تحمل من أول جوازها وينزل الجنين مشوه أخرهم من سنة أنل قلبي بيتقطع عشانهم. 
تنهد مشاركا إياها مشاعر الحزنوالله انا كمان بزعل عشانهم بس هنقول ايه ده نصيب ومكتوب يا سارة ولازم يرضوا بقضاءه.
  ونعم بالله ربنا يقر عينهم ولو بطفل واحد سليم. 
  والله ما بعيد علي ربنا.. انتي ادعيلهم.. 
  مش ببطل دعاء يا أدم ربنا عالم. 
ربت على كتفها وتمتم يبقي تفائلي خير ياحبيبتي.. 
ثم لثم خد ابنه بحنان مع قوله شايفة ديمو شطور ازاي خلص طبقه كله وجدو أمين هيتبسط منه خالص.
ابتسمت وجذبته إليها لتعانقه مين حبيب ماما 
الصغير وهو يشير لنفسه أنا.. 
  طب ليه بتتعبني أنا والنونو.. 
نقل بصره بين أمه وبطنها وقال نونو هنا 
  أيوة بس لسه هيكبر. 
شرد الصغير يفكر بعمق ليغمغم أدم الذي يراقبه باستمتاع أكيد بيتخيل البيبي في بطنك دلوقت.. فكرني بمشهد فيلم الحفيد عارفاه
ضحكت قائلة طبعا فيلم الحفيد كله علامة ماتتنسيش في طفولتنا كلنا.. 
نهض من جوارها متأهبا لرحيله طب أنا نازل المكتب يا سيرو عايزة حاجة 
  لا ياحبيبي سلامتك ماتتأخرش بالليل. 
  حاضر يا قلبي.. سلام. 
في إحدي دور الأيتام!
  بابا جسار جه.. بابا جسار جه.
هكذا تقافزوا الصغار وهم يهرولون نحوه وقد أتاهم محملا بالهدايا گعادته متلقفهم بذراعيه ليصيح أولهم ابن الستة أعوام فين ماما شمس مش جت معاك ليه
معلش ياحبيبي ماما شمس تعبانة شوية وكان صعب تيجي معايا. 
فصاح طفل أخر ذو تسعة أعوام يتباهي أمامه بما أنجزه أنا حفظت جزء عم يا بابا جسار.. 
هتف بنبرة حانية ونظرة فخر منحها لصغيره ماشاء الله ياشيخ هادي.. خلاص تاخدوا الهدايا الأول وبعدين تسمعني القرآن بصوتك الجميل.
بدأ جسار يوزع عليهم هداياه ثم لاحظ غياب إحدى أطفاله فقال أمال فين اختكم دارين 
نكسوا رؤسهم بحزن فانقبض قلبه قائلا ايه يا ولاد مالكم هي دارين تعبانة 
قال أحدهم وأكبرهم عمرا لا يا بابا بس في ناس جم
أخدوها من تيتة صفاء وقالوا هتعيش معاهم على طول وتبقي بنتهم.
تجهم وجه جسار بحزن وهو يفقد أحد أبناؤه كما يعتبرهم وسريعا ما غادرهم متوجها لغرفة مديرة الدار
السيدة صفاء.. 
السلام عليكم.
رفعت وجهها عن إحدى الملفات المشرعة أمامها مجيبة تحيته بود وابتسامة بشوش و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا سيد جسار.. اتفضل.. 
غمغم وهو يأخذ مكانه قبالتها صحيح يا مدام صفاء في أسرة أخدت دارين تعيش معاهم 
ابتسمت وأدركت سبب تجهمه أيوة.. أسرة محترمة وربنا مش كرمهم بولاد كفلوا دارين و أخدوها تعيش معاهم.
  طب و حضرتك ضامناهم يعني افرضي عاملوها وحش وأذوها نفسيا زي ما ساعات بنسمع.. 
أخبرته بهدوء و ليه يعملوا كده و هما محرومين من الضنا أكيد هيعوضوا بيها النقص اللي في حياتهم ويتقوا الله فيها..
ابتسم بمرارة و هو يتذكر معاناته الشخصية و قال مش يمكن الأم ربنا يكرمها وتحمل في طفل و بعدها تعامل المسكينة وحش و تحسسها بالغربة!
عدلت نظارتها الطبية غليظة الإطار فوق أنفها قائلةحسب علمي ان مستحيل يخلفوا لأن في موانع صعبة عند الزوجين يعني اطمن يا سيد جسار و بعدين انا بتابع حياة الأطفال حتى بعد خروجهم من الدار وبكتب شرط اساسي في التعاقد بنا ان لو ثبت اي ضرر للطفل أو الطفلة من حق الدار تستعيده لكنفها تاني..و هما وافقوا و مضوا على الشرط.
رمقها بشرود ومقطفات مما عاشه تغزوا خياله لتستطرد بقولها انا كمان بحب كل أطفال الدار ومتعلقة بيهم جدا ولو مالقيتش ان العيلة اللي بتيجي تكفلهم كفء و يستحقوا مش بوافق اطمن يا سيد جسار.
هز رأسه بتسليم وقال طيب ممكن اعرف عنوانها فين عشان أسأل عليها 
أومأت له بترحيب أكيد طبعا ثم رمقته بتقدير وقالت بصراحة ربنا يجازيك خير انت ومدام شمس على اللي بتبذلوا عشان الولاد سواء ماديا أو معنويا.. 
تمام بنظرة غائمة صدقيني اللي بناخده من الأولاد دي أكتر بكتير من اللي بنمنحه ليهم يا مدام صفاء.. 
و واصل قبل مغادرته عموما حضرتك كمان بتقدمي ليهم كتير ربنا يقدرنا كلنا نرعاهم و نوصلهم لبر الأمان. 
  اللهم امين. 
غادر الدار و الضيق يعتصر قلبه و يدميه و صغيرته دارين ربما تعيش نفس ما عاشه هو من قبل وهو يتسول الحنان مما ظنهما أبويه ليتها ضلت مع من تتشابه ملامح أقدارهم بذات التفاصيل و المعالم أيتام مثلها لو بيديه لما سمح لأحد صغار بمغادرة الدار هناك يرعاهم كما يجب ماذا عساه بفاعل حين ينفرط عقد ترابطهم و يذهب كلا منهم لمصيره وحياته!
تنهيدة حاړقة زفرها جسار وهو يقود سيارته نحو عنوان الصغيرة ليقرر شيئا بضميره جعله يقف ويصف السيارة ويبتاع شيء ما ثم يعود مستأنفا القيادة لوجهته
مين يا رحيمة
أجابت الأخيرة على سيدة المنزل بقولها
  ده واحد بيقول جاي من طرف الدار يا ست ياسمين هانم.. 
اقبلت السيدة رامقة جسار بفضول قائلة تحت أمرك أي خدمة 
جسار بتهذيب أنا أسف للإزعاج بس انا جاي اشوف دارين. 
رمقته بريبة ما تعلمه أن الصغيرة ليس لها أقارب فترجمت ريبتها بسؤال ايوة وحضرتك مين وتقرب لها ايه
بابا جسار 
ركضت الطفلة من خلفها عابرة الباب بينهما لترتمي بين ذراعيه هاتفة بحماس وترحيب صادق وحشتني اوي يا بابا جسار.. انا دعيت ربنا بالليل أشوفك عشان كده انت جيت.. هصلي واشكر ربنا كتير أوي.. 
تلقفها معانقا إياها برفق وهو جاثي أرضا ثم نظر للسيدة متمتما أنا أسف لحضرتك بس اسمحيلي اكلم دارين شوية هنا في الجنينة قدامك واطمني أنا مش غريب عنها زي ما سمعتي أنا في مقام والدها.. 
حدجته السيدة ياسمين مليا وقيمته بنظرة ثاقبة غير غافلة عن عناق الطفلة له بقوة وفرحة واضحة فاطمئنت له ومنحته
سماحها طيب حضرتك تقدر تتفضل هنا وتتكلم معاها براحتك ثم نظرت للخادمة قدمي ضيافة مناسبة للبيه يا رحيمة.
هذب شعرها برفق وهو يقول عاملة ايه ياحبيبتي مبسوطة هنا الناس اللي هنا بيعاملوكي كويس في حد زعلك منهم 
نفت الصغيرة لا محدش زعلني خالص يا بابا.. ماما ياسمين و بابا حسن بيحبوني و بيعاملوني كويس.. مفيش حاجة مضايقاني غير اني مش بشوف اخواتي في الدار وحضرتك انت و ماما شمس و تيتة صفاء.
ملس جسار على رأسها بحنان و قال متزعليش يا حبيبتي أنا وماما شمس هنزورك هنا دايما أما اخواتك في الدار أكيد في طريقة تشوفيهم بس لازم تستأذني بابا و ماما الجداد ثم التقط الحقيبة من جواره و قال انا جبتلك حاجات حلوة زي اخواتك ثم احضر من جيبه هاتف صغير و قال و هو يرصد المحيط حوله خدي يا دارين ده تليفون عليه رقمي ورقم تيتة صفاء..أي حاجة وحشة تحصل معاكي و تضايقك لازم تعرفينا و احنا هنساعدك.. فاهمة حبيبتي 
أومأت الصغيرة أيوة يا بابا فاهمة طيب حضرتك هتيجي تاني تشوفني
  هاجي إن شاء الله.
قال أنا همشي دلوقت وقريب جدا هاجي أزورك مع ماما شمس
اتفقنا
  أتفقنا يا بابا جسار.
مين هيدي حضڼ لخالو
هرول عليه الصغير نديم ابن شقيقته ملبيا نداءه فالتقطه جسار بلهفة حانية وهو يقول روح خالوا اللي كبر وبقي راجل كبير.. 
ثم. راح يدغدغه ليقهقه نديم وسارة تأتي من خلفه متدللة عليه يا سلام هو نديم بس اللي وحشك يعني 
ابتسم ولمعت عينه بحنان وبسط لها ذراعه الأخر زاي بقا ده انتي وحشتيني جدا جدا عاملة ايه يا قلب اخوكي وأخبار البيبي ايه 
  الحمد لله ياحبيبي فينك وحشتني اسبوع بحالو غايب عننا. 
  معلش مشاغل والله وجوزك عارف حتى اسأليه
  والله قولتلها يا متر. 
قالها أدم مستأنفا بترحيب نورت الدنيا يا جسار. 
________________________________________
ده نورك. انتي و سارة وديمو. 
  فين شمس
  عند خالتي جمانة أصلها تعبانة شوية. 
  ألف سلامة عليها كويس انك عرفتني عشان ازورها.
واستطردت أنا هروح اعملك أحلي غدي بأيديا إياك تقول امشي أحسن ازعل منك. 
تبسم لها بمحبة لا اطمني يا قلبي انا اصلا مفرغ اليوم كله ليكم عشان كمان اشبع من حبيبي الصغير. 
  يا سلام عليك أيوة كده..خلاص هروح ابدع واعملك الأكل اللي بتحبه عشان عيونك.. 
  عيني عليا اللي اتهريت بانية ومكرونة.. 
قالها أدم ليشاغبها قبل أن تذهب فلكزته بكتفه طب استر على سيرو حبيبتك.. 
  ياروحي ده لو عملتي عيش وجبنة راضي وعاجبني
ضحك جسار شاطر ياجوز اختي لحقت نفسك. 
  منا لازم امشي الدنيا انت في الأخر ساعتين وماشي وانا اللي ممكن أنام في الصالة يا ابو نسب. 
شهقت سارة باستنكار وتعليق مضحك بقي كده طيب جهز نفسك هتبات في الصالة الليلة. 
قهقه هو وجسار ورحلت عنهم وهي تحدج زوجها متوعدة له وراحت تعد وليمتها بينما ظلوا هما يلاطفان الصغير ريثما تعود. 
عاملة ايه دلوقت يا ماما
  بخير ياشمس اطمني وارجعي بيتك بقي بقالك يومين سايباه وقاعدة معايا. 
  لازم اطمن عليكي الأول. 
ربتت علي كتفها أنا بقيت بخير باحبيبتي.. الليلة تتصلي بجوزك يجي ياخدك ماشي 
أومأت لها حاضر يا ماما هو قالي هيقضي يومه كله عند سارة عشان نديم وحشه اوي.. هقوله يعدي عليا بالليل. 
كسي وجه جمانة الحزن فلمحته شمس و قالت ماما أحنا بخير اطمني.. الحمد لله رضينا بقدرنا سوا ومرتاحين مټخافيش و متزعليش
رمقتها بتردد ثم حسمت أمرها رغم انها صعبة
عليا وقلبي بيتقطع عليكم انتم الاتنين بس لازم اقولهالك تاني سيبيه يابنتي مادام مفيش امل وكل واحد فيكم يشوف حاله مع حد تاني هو يخلف من غيرك وانتي تخلفي من غيره. 
تدفقت الدموع بعين شمس قولتهاله يا امي كتير ورفض الفكرة واتمسك بيا وقال انه راضي..وادني حملت تلات مرات وبيطلعوا مشوهين خلاص يا ماما مابقيتش قادرة اتحمل مۏت ولادي اللي مش بلحق اتهني بيهم وجسار كمان نبه عليا مش أفكر أحمل تاني لانه تعب من الصدمات و مشاوير الدكاترة.
نظرت جمانة لابنتها پألم وقلب منفطر و لا حيلة لها بشئ ثم أخذتها في عناق احتوتها به مغمغمة ربنا قادر يا بنتي يعوضكم ويرزقكم من عنده.
تنهدت شمس وهي تسلم أمرها لله قائلةونعم بالله يا ماما 
يتبع
الفصل التاسع عشر
من رحم الحياة دائما ما يتمخض الأمل.
مهما سبقته دموع الخيبات. 
بعد أربعة أشهر!
طمني يا أدم سارة ولدت
هلل الأخير بفرحة الحمد لله أختك بخير وجابت والد جميل و قمر زي خاله. 
زفر جسار براحة الحمد لله كنت خاېف عليها اوي حملها المرة دي كان متعب.
  اه والله غير حملها في نديم خالص يلا اهي قامت بالسلامة.
جسار حمد الله على سلامتها انا لو اعرف انها هتولد الفجر كنت ماسبتهاش.. 
  والله ولا أنا كنت اعرف.
  هي الولادة كده بتكون فجأة المهم انها قامت بالسلامة..ويتربي في عزك يا أدم.
  الله يعزك يا جسار.
  روح انت بقا خليك معاها وانا هجيب شمس مراتي واعدي عليكم.
  في انتظاركم.
بسم الله ما شاء الله.. زي القمر
قالتها شمس وهي تحمل الرضيع لتتسائل بفضول 
هتسموه ايه يا أدم 
  جسار.
تفاجأت شمس وزجها بتسمية الصغير علي أسمه بينما منحت سارة أدم نظرة حب وامتنان لاقتراحه هذا ليواصل 
أنا سميت نديم علي أسم بابا و كنت ناوي لو ربنا كرمني بولد تاني هيكون علي أسمك يا جسار.. أنت أعز شخص عند سارة وانا كمان بعزك زي أخويا.. ودي اقل حاجة اقدمهالك. 
 وكمان جسار الصغير طالع شبهك انت يا قلب اختك.
صاحت بها سارة ليمزح أدم طب ياريت على الأقل اضمن انه هيبقي حليوة ومدوخ البنات.
كمم أدم فمه ملوحا بمرحخلاص يا متر هسكت اهو مش عايزين مشاكل. 
شاركتهم شمس المزاح والضحك لكنه وحده كان يدرك حزنها العميق الذي تحاول إخفائه عنهم.. فقال وهو ينهض للرحيل طب نمشي احنا بقى عشان هنريح شوية في البيت وبعدين اخد شمسي ونسهر برة. 
سارة أيوة ياعم يا متدلع و رايق و انا قاعدة هنا وسط العباسية دي.. 
  بلاش قر على أخوكي يا بت انتي أحسن يحصلنا حاجة.. 
ثم تمتم بحنان مبروك ياحبيبتي و حمد الله على سلامتك.. 
  الله يبارك فيك و يسلمك من كل سوء يا
جسار.. 
شمس حمد لله سلامتك يا سيرو ترتاحي بقا و هكلمك بالليل.
من يراه وهو يحتوي كفيها بهذا الحنو وعيناه تلمع بحبه الجارف يظنهما مازالا في أول عهدهما ولم يمضي على زواجهما عدة سنوات يشاركها ألمها ومع هذا يجب يمدها بقوته حين يوهنها الضعف.
 ايه رأيك في المكان ده عجبك يا شمسي
جابت سريعا بعينها حولها ثم نظرت إليه بنظرة عميقة هي تفهم أن جسار يحاول التهوين عليها يعلم ما تكابده حين ترى رضيع يولد بين ذراعي والدته تحتاج تلك العاطفة حد المۏت في سبيل تحقيقها ولو لحظة واحدة ثم ټموت.
 المكان جميل وعجبني اوي ربنا يخليك ليا يا حبيبي.
هكذا حاولت مكافأته بجملتها مخبئة حزنها بين ضلوع خافقها فلا ذنب له ولها بما يحدث لهما.
 بفكر هديتي هتكون ايه لجسار الصغير تفتكري اجيبله ايه
بادلته حماسه باقتراح ومض بخاطرها ايه رايك انا وانت نفتح حساب باسمه ونحطه مبلغ فيه وبعد كده بابا وماماته يضيفه في حسابه هما كمان وكله هينفعه هو وأخوه لما يكبروا
راقه كثيرا فكرتها فكان رده حماسي الله عليكي يا شمسي فكرة ممتازة وعجبتني خلاص بكرة نعمل كده.
  إن شاء الله يا حبيبي.
مرت لحظات بينهما يغلفها الصمت حتى قطعه جسار بهمسه شمس حاولي تتقبلي نصيبنا مش كل اما تشوفي واحدة ولدت تحزني كده على نفسك لازم تكوني راضية من جواكي عشان ربنا يراضينا لما نصبر ونحتسب.
ترقرق ليل عيناها القاتم وتكثفت دموعها رغما عنها هي لا تعترض لكن تشتاق من يحاسب أنثى على شوقها الفطري لقطعه من حشاها تناديها ماما! تلك الكلمة السحرية التي تنبت بقلبها براعم السعادة.
  بحاول يا جسار بس ڠصب عني بحزن انا في النهاية بشړ وليا طاقة.
واستطردت پخوف لم يترك خاطرها لحظة واحدة وانت لحد امتى هتفضل صابر خاېفة يجي يوم يفيض بيك و...
قاطعها بعتاب و أيه أسيبك اتجوز تاني تفتكري جوزك وحبيبك ممكن يتخلى عنك 
تساقط خيط رفيع من دموع مقلتيها الحبيسة دون رد ليرفع كفيها القابعان بواداعة بين كفيها ثم انسحب معها عائدين لمنزلهما فهناك يعرف كيف يزيل عنها غبار الحزن بموجة عشق حاني لا تنضب فتغفوا على صدره منهكة من
وصالهما راضية بتلك الهدنة لسانها لا يقف عن الدعاء سرا بأن تثمر إحدى لياليهما الخاصة معا نطفة تبث في قلوبهما الحياة.
بعد عدة أشهر
  صباح الخير يا مشمش هتروحي معايا انهاردة عند جدي نادر ولا وراكي حاجة
  معلش يا جسار مش هقدر أحس معاك عند جدو نادر حاسة اني تعبانة شوية 
انعقد حاجبيه بقلق متسائل مالك يا حبيبتي أنا ملاحظ فعلا ان وشك شاحب شوية تعالي نكشف.
  لالا اطمن ده شوية صداع هما السبب وبعدين سارة هتعدي عليا هي والولاد بعد العصر وأدم هياخدها من هنا بالليل تكون انت جيت من برة.
  قولي كده بقى.. بتوزعيني عشان قعدة النميمة بتاعتك انتي وسارة.
قهقهت قائلة أموت في ذكائك يا متر.. 
قرص وجنتيها برقة وانا بمۏت فيكي أكتر ثم قال بعبث ماتيجي اقولك كلمة مهمة قبل ما انزل.
دفعته بدلال لا بالليل نبقي نتكلم براحتنا وبعدين مايصحش دلوقت يا متر لأن سارة علي وصول. 
غمز لها بمشاكسة ماشي يا مشمش اهربي براحتك أصلك بقالك فترة كده رخمة ومزاجك مش حلو معايا خالص.
..قالها مازحا متأهبا للرحيل لتوقفه سريعا شاعرة بوخزة ضمير جسار استني.
  نعم ياحبيبتي
أقتربت منه قائلة پخوف اوعي تكون زعلان مني بجد أنا فعلا مش مظبوطة معاك بقالي فترة بس بالله عليك تعذرني.. 
ابتسم بمحبة مبسطا لها الامر ياحبيبتي بهزر معاكي وبعدين انا مش ممكن ازعل منك ابدا يا شمسي وقمري سوا. 
رمقته بحب ثم ابتعدت عنه قائلة اوعدك اعملك سهرة حلوة بالليل لما ترجع يا جسورة 
لثم كفيها مغمغما وانا مستني يا قلب جسورة.
صاحت حين ميزت رنين الباب أهي سارة جت.
استقبل شقيقته بحفاوة يا روح قلب أخوكي نورتي الدنيا كلها..ثم تلقف من يديها جسار الصغير وراح يقبله ومن ثم حمل شقيقه الاكبرنديم وهو يقول ديمو حبيب خالو وحشتني خالص وأنا راجع هجيبلك حاجة حلوة.
  خدني معاك يا خالو.
عاتبت سارة صغيرها نديم.. قولنا ايه مش وعدتني انك مش هتمسك في حد خارج وهتفضل مع ماما وخالتو شمس وتلعب مع اخوك
جسار استني بس يا سارة..ثم حدث الصغير.
أنا رايح عند جدو نادر عايز تيجي معايا فعلا 
الصغير بحماس ايوة.
سارة بس ممكن يضايقك ياجسار ابني شقي اوي وعارفاه مش هيستر هناك.
ابتسم بتفهم ماتقلقيش ديمو مش هيتعب خالو..وأنا هاجي بدري شوية عشان اشوف أدم إن شاء الله.. 
شمس خلاص هنستناكم يا جسار اوعوا تتأخروا.
راقبتها بعين فاحصة وهي تصب لها بعض العصير ثم قالت
  شكلك مش عاجبني يا شمس.
  مش عاجبك ليه بقي يا ست سارة مالي يعني. 
تفحصتها أكثر بعين خبيرة ثم صاحت بثقة كأنك حامل 
ارتبكت وزاغت عيناها بتوتر نافية أنا لا طبعا انتي غلطانة انا مش حامل ولا حاجة.
  شمس انتي مابتعرفيش تكدبي عليا ده واضح جدا
لو ده حاصل ليه مخبية
أطرقت أخير راسها بعجز دامعة مستسلمة لفراسة سارة الاخيرة رابتة على ظهرها ليه مدارس يا شمس و ليه مخبئة حتى على جسار.
تماما بصوت باكي عشان هياخدني للدكتور يا سارة وياخدوا مني ابني..انا عايزة انسى ان ولادي بيجوا مشوهين هسلم أمري لله يمكن ينجي ابني المرة دي من التشوه أنا باخد علاجي وفيتاميناتي كلها هروح للدكتور ليه عشان يقولي هعملك إجهاض واقتل ابنك
وواصلت باڼهيار لم تعد تسيطر عليه سيبوني افرح وهو جوايا شوية واصدق اني هشوف ابني بخلقة تامة واخده في حضڼي واشم ريحته واشبع منها.
ثم استطردت كأنها تهذي عارفة أنا كل يوم بكلمه في بطني وبحكيله حاجات كتير نفسي اعملها معاه لما يتولد.. وبكلم ربنا كل صلاة فجر وابكي عشان يراضيني و يرزقني طفل سليم يقر عيني انا وأبوه المسكين ده ربنا حنين هيديني أنا حاسة بكده يا سارة صدقيني.
انفطر قلب ابنة خالتها لحال رفيقتها وهتفت بتأثر وشفقة ماشي ياحبيبتي ربنا إن شاء الله هيراضيكي بس لازم تكشفي يا شمس. 
صاحت الاخيرة بعناد لأ مش هكشف هستني لحد الولادة وانا ونصيبي.. 
  طب انتي في الشهر الكام 
  فاضل اسبوع وادخل في الرابع. 
  طب ازاي جسار معرفش وانتي... 
أدركت خاطرها فقالت كل شهر بتعمد اروح عند ماما كام يوم هاك عشان كده مش أخد باله خالص. 
________________________________________
فهمت.
ثم تنهدت بشفقة وهي تخبرهاطيب يا حبيبتي اقعدي بقي ارتاحي وماتتعبيش نفسك في حاجة
خالص. 
حدثتها برجاء طيب توعديني ما تقوليش لجسار حاجة عن حملي دلوقت
  شمس انتي عايزة تفهميني انك هتخبي علي جوزك لحد الولادة انتي اسبوع بالظبط وبطنك هتبان يا بنتي. 
  لما يجي وقتها يحلها ربنا.
تنهدت بقلة حيلة ودعت الله سرا أن يجبر خاطرها بطفل معافى ولا تتجدد المأساة مثل ما حدث في المرات التالية. 
رحبت إلهام بقدوم جسار وأبن شقيقته بحفاوة قائلة 
يا أهلا بالمتر الكبير والقمر الصغير اللي معاه.. 
ابتسم لها بود ازاي حضرتك عاملة ايه.. ثم غمغم للصغير يلا يا ديمو قولها ازيك يا تيتة إلهام. 
  أزيك تيتة. 
حملته بمحبة أزيك انت يا قلب تيتة.. 
ثم قبلت خده وأعطته بعض الحلوى التي تخص حفيدها.
سلم علي عمو جسار يا طارق
هتف بها توفيق من خلفهما مرحبا بجسار ثم قال هاتوا الولد العسول ده.. اسمك ايه يا حبيبي نديم
  الله اسم جميل.. عندك كام سنةأربعة 
توفيق ياااه ده انت كبير بقي.. طب تعالى سلم علي جدو نادر. 
  فعلا يا جدي بس اخوه جسار الصغير طالع شبهي انا. 
رائف مازحا بعد أن انضم إليهم يبقي هيطلع واد مز وبتاع بنات يا كبير.
لكز جسار رأسه محذرا خليكم كده فاضحني في كل حتة مرة أدم ومرة انت. انسوا الماضي بتاعي بقى واشتروا عليا شوية.
قهقهة رائف ووالده والجد ليستطرد جسار فين مراتك اريج اسلم عليها يا رائف
  جاية حالا..ثم صاح وهو يشير لها أهي جت علي السيرة. 
  أزيك يا آبيه جسار عامل ايه
  الحمد لله يا أريج اخبارك ايه وجوزك عامل ايه اوعي يكون مضايقك ولا مزعلك
رائف أزعل مين يا كبير وصيها هي عليا مش العكس. 
ضحكت قاىلة خليك ظالمني كده علي طول ده انا هادية خالص
  طب عيني في عينك كده.
ضحكت ثانيا ثم تسألت هي طنط شمس عاملة ايه ياريتها جت معاك.
  الحمد لله كويسة كانت هتيجي معايا بس اختي سارة زارتها والله. 
  خلاص تتعوض مرة تاني.
إلهام يلا ياجماعة الأكل جاهز. 
توفيق محدثا جسار هات طارق عنك عشان تعرف تاكل يا ابني.
  لا خليه معايا هعرف اكل ماتقلقش. 
أريج طب عنك ياطنط هاتي نديم هأكله انا..
أخذته لتطعمه وانقضي الوقت سريعا مع عائلة الجد نادر ثم هاتفته شمس لقرب حضور أدم زوج شقيقته فغادر على وعد لهم بلقاء قريب. 
وقفت بغرفتها لتأخذ خلوة خاطفة أمام المرآة قبل عودة زوجها راحت تنظر لموضع جنينها هامسة بخفوت وحشتني يا حبيبي انشغلت عنك اليوم كله ومش كلمتك زي كل يوم عمتو سارة كانت معايا تعرف انها دلوقت عارفة بوجودك لعلمك انت هتحبها اوي وهي كمان هتحبك..وبابا كمان هيحبك بس اوعي تزعل منه لأنه لسه مش عارف انك في بطن ماما أنا مخبياك عنه عارف ليه عشان محدش ياخدك مني ويقولي انك مشوة قلبي بيقولي انك هتتولد طفل جميل يا قلب امك ياريت تطلع شبه بابا بس لو جيت بنت اطلع زي عمتو سارة لأنها أحلي مني ماما مش جميلة بس بتحبك سواء كنت ولد او بنت أمبارح كلمت ربنا عشان يحفظك وحاسة انه استجاب قلبي بيقولي انك هتكون بخير..
  شمس! 
انتفضت بغتة على صوته بعد أن ظنته مازال بالخارج محدقة في وجهه بړعب جسار! أنت جيت امتى
رمقها بغموض ثم دنى منها وجذبها لتجلس فوق فراشها وراح يهذب شعرها برفق هامساأحنا عمرنا دارينا حاجة عن بعض يا شمس
أغرورقت عيناها وهمست سارة قالتلك
أحاطت موضع طفلها بدفاع وجنون عشان لو روحت للدكتور هياخد ابني مني
وانا مش هخلي حد ياخده ولا يأذيه.
ظلت تتوسله برجاء فبكى وهو وهي مازالت تهذي برجائها ألا تذهب بها للطبيب..راح يربت على ظهرها برفق شديد لتهدا رعشتها حتى
غفت بين يديه فأرقدها بحذر ثم ذهب ليصلي ويحدث ربه ساجدا عله يستجيب.
..................
يارب أنا مش بعترض على قضائك وراضي وحمدك علي اللي تجود بيه بس من حقي اطمع في كرمك واتعشم في رحمتك يارب حتي لو مكتوب ان كل ذريتي تكون مشوهة..أنت قادر تغير قدري وتمن علي عبدك الضعيف بطفل سليم معافى..عشان خاطر مراتي المسكينة اللي هتتجنن وتكون أم يارب ضاقت بيا كل السبل والأمل في قدرتك مش ممكن يضيع أجبرني يا جبار السموات والأرض قر عيني بذرية سليمة تكون عزوتي في الدنيا يارب لا تردني خائب الرجا أنا ماليش غيرك أدق بابه واطلب منه حاجتي وعارف انك كريم ومش بترد محتاج يدق باب رحمتك
ظل يحدث ربه باكيا حتى فاض بمكنون قلبه و بدعائه العفوي وهو ساجدا يبكي بشدة حتى ابتلت سجادته بدموعه ثم أنهى صلاته يه ويبثها دفئه حتى غفى هو الآخر. 
ط
بصعوبة كبيرة أقنعها أن تذهب للفحص لكن مع طبيب أخر.. وقفت ترتجف أمام باب العيادة وكادت تتراجع فعاق رحيلها برفق هامسا مش وعدتيني يا شمس 
خنعت له ونظرت لموضع الجنين وربتت عليه كأنها تستمد منه قوة ثم دلفا معا ليعلما مصير طفلهما تلك المرة.
.............
عيناه مصوبة بتركيز شديد على الشاشة الصغيرة التي تعرض مجسم افتراضي لأحشاء شمس طال فحص الطبيب وكل حين يعدل عويناته فوق انفه ويستأنف رصد ما يراه باهتمام.
ارتفعت عيناه بدهشة ألقت الړعب في قلب جسار وشمس التي ترجمت خۏفها لرجفة شديدة جعلت الطبيب يصيح بقلق أهدي يا مدام أرجوكي حصل ايه
تبادلت مع زوجها نظرات دامعة متوقعين ما سيقوله الطبيب.. نكست رأسها وتركت لدموعها العنان لتجحظ عيناها بغتة مع استطرداده المدام حامل في تلاتة.
حملق به جسار واتسعت عيناه بشكل مخيف غير مصدق وهو يهذي تلاتة بتقول تلاتة 
الطبيب بإيماءة مؤكدا أيوة ولدين وبنت ما شاء الله. 
راحت أعينهما تحلل التعبير المرتسم علي وجه الطبيب.. للعجب لم يكون قاطبا أو عابس أو متأسفا..بل يكسوا وجهه ابتسامة هادىة.
  مشوهين 
همستها شمس بصوت مبحوح ليجبها بالعكس انا مش شايف أي تشوه فيهم التلات أجنة زي الفل ومفيش اي تشوهات.
ريشة الذهول نحتت خطوتها عليهما غير مصدقين أنهم رزقوا بثلاثة أطفال أصحاء تلك المرة لتصيح شمس بشك متأكد يادكتور يعني ولادي مش بجد مشوهين التلاتة بخير.
وهنا راحت تضحك ثم تبكي بشكل أقلق جسار فراح يهدئها أهدي يا شمس عشان خاطري اهدي.
تشبثت بكفه وهي تهذي ضاحكة بدموع مش قولتلك يا جسار حاسة إن ابني بخير لأ مش ابني ولادي..ربنا عوضني بالتلاتة اللي راحوا مني .ربنا راضاني وحس بيا وجبرني.
قاطعها الطبيب بقلق علي فكرة توترك ده غلط يا مدام لازم تكوني هادية خالص ثم نهض ليجلس خلف مكتبه أنا هكتبلك على مقويات وفيتامينات قوية ما شاء الله دول تلات تؤام ولازم تتعذي كويس عشان حملك يكمل على خير.
وخط لهم أسماء الأدوية اللازمة ثم رحلوا ومازال الذهول يجثم عليهما ولا يصدقا ما حدث.
  هنروح للدكتور جمال. 
هتفوا بها في نفس التوقيت ليشد جسار على كتفيها حالا هنروح عنده ومش هنقوله حاجة كأننا هنعرف لأول مرة لحد ما نشوف هيقول ايه اتفقنا.
هزت رأسها بحماس باكي من فرط فرحتها اتفقنا. 
رواية صړخة على الطريق 
بقلم ډفنا عمر 
الفصل العشرون والأخير
سماء الرحمة لا تزال تمطر بزخات العطايا
وتهدي ذوات القلوب البيضاء ندى هداياها.
عين الطبيب جمال تدور فوق الشاشة والذهول يغتال نظراته الفاحصة بقوة لتتدرج انفعالاته لفرحة طاغية غمرت وجهه وهو يهتف ويكبر الله أكبر بسم الله ما شاء الله سبحان من يقول للشيء كن فيكون اللهم بارك وتممها علي خير يا كريم.
حماس الطبيب وكلماته الصادقة كانت أكثر من كافية ليتيقن جسار وشمس أن رب العالمين اتم نعمته عليهما حقا ولم يعد في الأمر شك ومع هذا تسائل الاول فقط ليسمع بأذنيه بشارة
الطبيب كلام حضرتك بيقول إن......
قاطعه الطبيب بيقول إن ربك كريم ورحمته واسعة وتعويضه مالوش مثيل يا ابني.. مراتك أجهضت تلات مرات بس ربنا ادخرلها تلات تؤام أصحاء مرة واحدة.
البكاء الجارف كان سبيلهما الوحيد وهما يستقبلان تأكيد طبيبها على صحة أطفالهما الثلاث والفرحة أفقدتهما السيطرة على مشاعرهما التي فاضت منهما بقوة ما بين شكر وبكاء.
صدر كلا منهما ارتشف دموع صاحبه عبير فرحتهما فاح من قلوبهما وصوتهما يتحمد الله على عطيته الغالية.
  كفاية يا ولاد بكتوني معاكم. 
غمغم لهما الطبيب بعين مترقرقة تأثرا بحالهما وهو كان خير شاهد على ما كابدوه هذان الزوجان كي يصلوا لتلك اللحظة الفارقة بعد صبر ورضا وكلا منهما متمسك بأنامل الأخر زاهدين بفرصة إنجاب اطفال أصحاء لو كانوا اختاروا الفراق لكنهما صبروا وهاهي بشرى الصبر تكتسحهما بفرحة لا يساعها الكون بأكمله.
 بس طبعا لازم نتابع أكتر من
الأول عشان لا قدر الله لو ظهر أي علامات تشوة لأحد الأجنة نتخلص منه فورا ونبقي على السليم فيهم. 
تبددت فرحتهما لينال منهما الخۏف والړعب فاستطرد سريعا يطمئنهم متخافوش يا ولاد دي متابعة روتينية وطبيعية عشان نطمن مش اكتر بس بإذن الله الشهور الباقية هتكمل على خير وربنا يقر عيونكم بيهم التلاتة..ألف مبروك.
وكتب لها بعض الفيتامينات وأمرها بالراحة والتغذية الجيدة والمتابعة كي يتعامل طبيا مع أي تطور. 
د
حملها جسار برفق گ الماسة الثمينة ليرقدها فوق فراشها قائلا من هنا و رايح أوعي تتحركي يا شمسي شغل البيت كله هجيب واحدة تعمله بدالك ماشي يا قلبي 
ملست على سطح بطنها بابتسامة حانية قائلة ماشي. 
واستطردت جسار أحنا مش في حلم صح في اتنين دكاترة أكدوا لينا اني هجيب تلات توائم ومش مشوهين مش كده يا جسار
أحتوى بكفه كفها القابع علي موضع أجنتهما وأخبرها مټخافيش انتي مش بتحلمي يا شمس ربنا عوض صبرنا و رضانا خير.. رزقنا بتلات ولاد يعوضونا مۏت اخواتهم زي ما قال دكتور جمال ربنا ادخرلنا فرحة كبيرة في الأخر. 
انهمرت دموعها وغمغمت لصوت مرتجف مثل قلبها طب انا مش هنام.. افرض برضو كان حلم علي الأقل خليني عايشة فيه شوية. 
اقترب وحاوطها بحنان هامسا غمضي عيونك واطمني..هننام وبعد شوية هنصحي أذا أراد ربنا وهتتأكدي انك مش في حلم. 
تراخت أهدابها رويدا و سريعا ما غطت بنوم عميق كانت تحتاجه بشدة وكلمات الطبيبان بتوائمها الأصحاء تطوف في عقلها تبتسم رغم غفيانها يهمس جسار أحلمي يا حبيبتي حلمك خلاص بقى حقيقة وبحذر نهض من جوارها ليتوضأ ويصلي شاكرا ربه ويدعوه بنجاة صغاره
بدأت خيوط الشمس تنفذ إليهما لتبدأ شمس بإفاقة ثم أشرعت عيناها تستوعب ما حولها وبغتة تدفق لذهنها ما حدث بالأمس فأمسكت بطنها وهي تغمغم بما يشبه الهذيان أنا مش بحلم! الدكتور جمال قال اني هجيب تلاتة والدكتور التاني قال انهم مش مشوهين!
ثم راحت تنظر حولها بړعب ودون وعي دفعت زوجها الراقد جوارها پعنف صائحة جسار أصحى يا جسار. 
استيقظ بفزع وهو يصيح في ايه يا شمس
________________________________________
حصلك حاجة وجد وجهها غارق بدموعه باحتواه بين راحتيه پخوف بټعيطي ليه حبيبتي مش الدكتور قال التوتر غلط
غمغمت بخفوت حصل ايه امبارح هو احنا روحنا للدكتور طب قالنا ايه 
ايقن شتاتها وظنها الخائڤ ان ما عرفوه بالامس كان مجرد حلم فابتسم ولثم بين عيناها مطولا ثم قال وهو يزرع نظرته القوية بمقلتاها ويحدثها بحنان احنا روحنا لاتنين دكاترة قالوا ان مراتي الحلوة هتجيب تلات توائم حلوين زيها ومش مشوهين خالص بأمارة ما دكتور جمال بكى علشانا وقال هيتابعك لحد الولادة عشان يطمن وبعدها رجعنا هنا ونمتي في حضڼي وبعدين صحيتي دلوقت أتأكدتي بقا انه مش حلم 
كانت عيناها متسعة ووجهه بفضول گ طفلة مبهورة بقصة يسردها لها أبيها..أخذت تضحك وهي تتمتم يعني أنا مش بحلم يا جسار! أخيرا هشوف ولادي واحضنهم واشم ريحتهم. 
 بإذن الله حبيبتي ربنا يقومك بالسلامة رفعت وجهها إليه طب هنفرح بابا وماما والعيلة كلها امتى 
  هنعزمهم كلهم عندنا بكره ونقولهم بس مش الخبر كله   ازاي مش هنقولهم الخبر كله
 يعني هيعرفوا انك حامل في طفل غير مشوة ووقت الولادة خليهم يتفاجئوا لما تولدي إن شاء الله بالتلاتة.. ايه رأيك راقها اقترحه كثيرا فصاحت
موافقة جدا.
  خلاص انا هعمل أوردر بكل حاجة من برة هنحتاجها بكرة عشان انتي تقعدي وسطيهم زي الملكة متعمليش حاجة مفهوم يا مشمش. 
ضحكت بدلال ممزوج بفرحتها مفهوم ياجسورتي. 
حذرها بعبث محبب بلاش جسورتي دي لحد ما تولدي خليني مؤدب وماسك نفسي للأخر. 
قهقهت عاليا فعاد وضحكتها الصافية يدوي صداها في قلبه وروحه وداخله يتضرع لله شكرا لما وهبه من سعادة كان ينتظرها ك ليلة العيد. 
كلما أخبر جسار أحدا من عائلتيهما بحمل زوجته وصحة طفلهما يبكي ويعانقه بقوة الجميع كان قلبه يرتجف من سعادته بحمل تلك المسكينة التي صبرت كثيرا هي وزوجها من الله عليهم وروى قلوبهما بما تمنوا وسوف يحصون الساعات والأيام إلى أن يحين موعد قدوم صغيرهم العزيز..لا يعلمون أن مفاجأة اكبر تنتظرهم حين يبصرون الصغار الثلاث.
.........
بعد خمسة أشهر.
ينهب جسار ردهة المشفى مجيئا وإياب حوله كل عائلته والجد نادر وأسرته هو الأخر حاضرون مترقبين ذاك الحدث الهام..الجميع يتضرع أن يقر أعينهما بطفلهما المعافى ولا يعلمون حقيقة ما ينتظرهم.
انفرج الباب فجأة ليهرول جسار علي الطبيب وخلفه أبيه أمين وعمه رضوان وولدي الأخير حمزة و ريان. 
  طمني يا دكتور جمال ولادي ومراتي بخير 
ابتسم له الأخير الحمد لله بخير ربنا كرمكم بولدين وبنت زي القمر ومدام شمس بخير وهتفوق كمان شوية. 
انحنى جسار يسجد لله ويشكره باكيا بانفعال كبير فربت على ظهره الطبيب بحنان أبوي ورفعه إليه وقال بما يجيش بصدره لأول مرة في حياتي علي مدار سنين ممارستي للطب اكون فرحان لحالة عندي بالشكل ده كأن ولادي هما اللي ربنا رزقهم يمكن
عشان انا كنت شاهد علي معاناتكم الطويلة والمؤلمة.. ألف مبروك يا ابني ليك انت ومراتك ويتربو في عزك وخيرك إن شاء الله. 
تركه الطبيب بعد أن فاض بعاطفته و دارت عيناه في وجوه أفراد العائلة وقرأ ذهولهم فابتسم متفهما صدمتهم وفرحتهم معا بالأحفاد..ثم تحولت مشاعرهم لسيل من المباركة والزغاريد والبكاء يعظمون عطية الله ويشكروا عليها.
ريان هتسموا الولاد ايه يا جسار انت وشمس
نظرت الأخيرة لزوجها بحب وقالت اللي يختاروا جوزي موافقة عليه.
صدح صفير مشاغب من رائف وريان وحمزة والجدة جمانة تعاتبهم بتحذير من بين بكائها الذي لم يهدأ من فرط فرحتها اعقل يا واد انت وهو هتزعجوا أحفادي.
  هتسميهم ايه يا روح ابوك
قالها أمين وهو يربت على ظهر أبنه الذي قال وهو ينظر لطفلته بحب البنت هسميها ريحانة. 
لمعت عين أبيه بسعادة بعد أن صدق ظنه في ابنه ليستطرد جسار اما الولد الأول هسميه.!
وصمت وهو يدنوا من الجد قائلا نادر علي أسم الراجل اللي رباني وكبرني وحبني من كل قلبه. 
ترقرقت عين الجد وعانقه بقوة عاجز عن قول شيء يشكره به ليعود جسار ويقف قبالة والده هاتفا أما الولد التاني هسميه.
قاطعه أمين سريعا لأ مش هتسميه الولد التاني بأسمي.
رمقه جسار بدهشة فاستأنف أمين وهو يقبض علي كتفيه العريض باحتواء حاني هنسميه يوسف ده الأسم اللي أمك ريحانة أختارته ليك يا جسار من زمان والقدر يا ابني ادخره أسم لأبنك ولحفيدها.
دمعت عيناه وعانق أبيه بقوة ثم كفكف دموعه مغمغما وهو يمازحه خلاص يبقي الولد الجاي هيكون على أسمك يا بابا
  ولد جاي مين خلاص يا روحي شطبنا.
قالتها شمس بحمية وسط ضحكات البقية لتواصل الحمد لله دول فلتوا من التشوه وربنا سلمهم.. انا مش ضامنة الجاي يجي ايه أنا ممكن أخلف فار بعد كده.
دوت قهقهة الجميع بقوة على قول شمس المضحك العفوي ليمازحها جسار ثانيا بس انا عايز أمين يا مشمش.
  طب رد علي ابنك ياعمو أمين أنا مش هتكلم.. 
ضحك الأخير ودعم ابنة أخيه مشمش عندها حق يا جسار احمدوا ربنا علي كده. 
رضوان وربنا يبارك في ريحانة ويوسف ونادر ويتربوا في عزكم وينورا حياتنا كلنا.. 
سارة ومن دلوقت ريحانة بنت اخويا محجوزة لنديم ابني حمزة ونادر هاخده لبنتي اللي لسه هتيجي.. 
رائف طب سيبولي يوسف وانا هظبط مع مراتي يومين في الساحل واجيبله بنت.
لكزه توفيق على رأسه أختشي يا ولد عيب. 
إلهام وليه ريحانة ماتاخدش طارق حفيدي. 
سارة لا كده هنزعل مع بعض يا طنط..أنا حجزتها الأول.. 
صاحت عليهم صابرين والدة سارة وصوتها يشاطرهم الفرحة أهدوا ماتتخانقوش سيبوهم هما يقرروا لما يكبروا هيتجوزا
مين ويحبوا مين.. واحنا ما علينا غير نبارك حياتهم نقول مبروك. 
نظرت شمس لصغارها بحنان طاغي وقالت بعاطفة جياشة صح ياطنط.. خليهم هما يقرروا حياتهم هتكون ازاي لما يكبروا.
بعد ست سنوات في فيلا أمين الرشيدي.
  ريحانة حاسبي تقعي يا حبيبتي. 
  مش تخاف يا بابا مش تخاف. 
يوسف برجولة مبكرة أنا واخد بالي من اختي هي ونادر اخويا يا بابا. 
ومضت عين جسار بحنان شاطر ياحبيبي. 
شمس جسار شوف اخويا حمزة فين عايزين نبدأ عيد الميلاد بتاع الولاد.
 حاضر هتصل اهو.
أنت فين ياحمزة اتأخرتوا ليه
أجابه الأخير عبر الهاتف انا بالظبط عشر دقايق واكون وصلت يا جسار.
  خلاص منتظرك..والولاد يا سيدي بيقولوا مش هنطفي الشمع غير لما خالو حمزة يجي.. 
  حبايب خالو اللي وحشوني.
شمس صائحة من خلفه جسار ريان ومراته وولاده وصلوا وسارة وأدم وولادهم كمان وصلوا..و رائف اخوك وولاده ومامته وباباه كمان لسه جايين تعالي رحب بيهم عشان انا بعمل حاجة.
 حاضر رايح ارحب بيهم 
ذهب ليستقبل جمعيهم فتسائل توفيق 
  فين بابا ياجسار اصله جالك من بدرى ومأخدش علاجه 
 جدي هناك اهو مع بابا وعمي رضوان..لو ماتقلقش اخد علاجه كله انا خليته ياخده قدامي..
أريج طب فين التوائم وحشوني يا أبيه.
أشار لها هناك بيلعبوا مع الولاد خدي طارق ابنك واخوه يلعبوا معاهم على ما نبدأ الأحتفال.
ابتسمت إلهام كل سنة وولادك طيبين ياجسار.. 
غمغم بتهذيب وحضرتك طيبة اتفضلي هناك مع خالتو وطنط صابرين..وحضرتك روح عند جدو وبابا وعمي قاعدين في الناحية التانية.
ثم حدث أخيه قائلا تعالي معايا يا رائف عايزك في حاجة. 
  معاك ياكبير.
راقبهما توفيق بعين غائمة و يبدو عليه الشرود لتلاحظه زوجته متسائلة
  مالك سرحان في ايه 
غمغم بتنهيدة قوية سبقت قوله بتعجب من حال الدنيا يا إلهام الطفل الرضيع اللي أهملناه ولفظناه من حياتنا سنين طويلة ومقدرناش نحسسه لحظة واحدة بحنان الأم والأب وعاش محروم وبيعاني بسببي انا انتي.. هو دلوقت اللي بيسأل علينا و واخد ابننا الوحيد تحت جناحه وعمله عزوة وبقت عيلة جسار الكبيرة واللي تشرف دي عيلة لأبننا ولأحفادنا حتى بابا.. كل أهل جسار بيحبوه و يسألوا عنه و بيوقروه و بقي كبيرهم.. بابا أكتر واحد حصد نتيجه تربيته لجسار يا إلهام عيونه بتلمع من السعادة والراحة وسط العيلة الطيبة والأصيلة دي وانا واكلني تأنيب ضميري
وخجلي كل اما اشوف كرم جسار واهتمامه بينا ولد قلبه ابيض ونسي كل حاجة وافتكر بس تربية بابا له وطمرت فيه.
سريعا ما انتقل إليها ذات الشعور بالۏجع والخزي معا زوجها محق فيما قاله.. ليتهما منحوا جسار ما كان يحتاجه ويستحقه لو فعلوا لما تقزموا هكذا أمام أنفسهم وذبحهم ضميرهما لوما. 
زحفت دموعها فوق خديها فازالها مع قوله 
بس تعرفي إن لسه في حاجة حلوة نتمسك بيها احنا ندمنا أنا وانتي و حاولنا نعوضه يا إلهام كنا ممكن فضلنا زي ما احنا قاسين وبعاد عنه يمكن عشان كده ابننا رائف سعيد وهو فرد وسط الناس دي ودي عبرة أخيرة تنضاف للعبر الكتير اللي أخدناها من حكاية الطفل اليتيم جسار اللي بعد حرمانه من الضنا ربنا كرمه بولاد وماحرموش من العزوة.
تنهدت بعمق وهي تكفكف باقي عبراتها عندك حق يا توفيق الحمد لله اننا فوقنا لنفسنا وقربنا من جسار وحبيناه بجد وربنا جازانا ان ابننا رائف مش هيكون وحيد بعدينا.
ايه ياجماعة واقفين بعيد ليه اتفضلوا
التفتوا لجمانة خالة جسار التي واصلت وهي ترحب بهما نورتونا والله.. جمعتنا مابقيتش تكمل من غيركم.. اتفضلوا.. 
تبادل توفيق وزوجته نظرة أخيرة قبل أن يتبعوا السيدة حيث تتجمع بقية العائلة.
اقترب سريعا حين لمح جسار ضيفاه قائلا بترحيب 
يا أهلا بأستاذ حسن ومدام ياسمين نورتونا. ثم رمق الصغيرة بحنان أبوي حقيقي ازيك يا دارين عاملة ايه يا حبيبتي بقيتي عروسة ما شاء الله
حسن بفخر واضح لا وبنتنا متفوقة كمان يا استاذ جسار. 
الأخير بامتنان غمر صوته ده بفضل ربنا ثم انتم يا أستاذ حسن اكيد وفرتوا لدارين الأجواء المناسبة عشان تتفوق.
واستطرد بترحيب اتفضلوا الكل منتظركم هناك وانتي يا دارين روحي لاخواتك في الدار هناك بيلعبو مع ولادي.
تمتمت ياسمين بعد ذهاب الطفلة عندنا ليك خبر حلو يا استاذ جسار.
حسن مؤكدا على قول زوجته فعلا عندنا خبر هيفرحك
جدا بما انك بقيت شخص غالي علينا ببشرك ان ياسمين مراتي حامل.
زوجان من المشاعر المتضادة اغتالوا دواخل جسار سعيد بحق لأن الله رزقهم من فضله وانقبض خافقه لمصير دارين المحتمل أن يكون نسخة مما عاشه هو.
ألف مبروك بجد فرحتوني بس... !
زوي حسن حاجبيه بس ايه يا استاذ جسار
  هقولكم بس تعالو معايا ثواني نتكلم بعيد عن الزحمة 
تابعه حسن وزوجته متوجسين مما يريده و ما ان اختلي بهم حتى قال بأكد تاني ليكم فرحتي بالخبر ده اكيد ده انا اكتر واحد ممكن يفهم احساسكم دلوقت وأكيد جزاكم لتربيتكم ورعايتكم لبنت يتيمة زي دارين وأسف جدا لأني هطلب منك طلب غريب شوية. 
واستأنف تحت نظراتهما المتوجسة انا بستاذنكم تسيبوا دارين تتربي مع ولادي او حتى ترجع تعيش في الدار من تاني زي ما كانت.
دهشه جمة أصابتهما ليعبر حسن عن دهشته قائلا ليه بتطلب مننا
________________________________________
نسيبها ايه سبب طلبك ده مش فاهم
بدا كأنه يسترجع أطيافا مؤلمة لماضية وما عاشه من غربة وحرمان ثم غمغم يوضح لهما أسبابه لأن اما يجى طفلكم بالسلامة للدنيا هتتغيروا معاها مش هتحبوها ولا هتكون من أولاوياتكم زي ما كانت مع الوقت هتحسوا انها بقيت عبء عليكم وبتاخد حق طفلكم وهتأذوا مشاعرها وټجرحوها وتسببوا ليها ألم نفسي. سيبوها من دلوقت افضل وانا ومدام صفاء مش هنقصر معاها.
همت ياسمين بالرد عليه ووجها يعكس استنكار واضح ليقاطعها صړاخ دارين و دون شعور هرولت تلقائيا على الصغيرة رغم خطۏرة ذلك علي حملها لتتفقد دارين.
ذهول حقيقي أصاب جسار وهو يرى لهفتها هذه..لقد خاڤت حقا علي طفلته لم يرى بخۏفها الآن سوى أم حقيقية مڤزوعة على طفلتها راقب من بعيد عناقها لداراين وهي تطمئن عليها بعد سقوطها وبعد اطمئنانها عادت لجسار و حدثته بشيء من الحدة اسمع يا استاذ جسار كلامك ده كله خيال و افتراض مالوش أي أساس من الصحة دارين دي بنتي ومش هسيبها لحد ما اموت واللي هايجي إذا ربنا أراد هيبقى اخوها او اختها ومعلش مش هسمح لحضرتك تشكك في حبنا ليها تاني او تدخل في حاجة زي دي.
تعجبت ياسمين لرؤية ابتسامته بعد هجومها الفظ عليه وهو يهتف بعد اللي شوفته بعيني دلوقت بقولك أسف يا مدام ياسمين فعلا الناس مش كلها زي بعض دلوقت اتأكدت ان دارين فعلا مع اب وأم بيحبوها من قلبهم وبيراعوا ربنا فيها.
حسن داعما لما قالته زوجته لا اطمن يا استاذ جسار دارين من يوم ما دخلت حياتنا وهي غيرتها للافضل اديت للأيام طعم ولون ومستحيل نتخلى عنها حتى لما ربنا يكرمنا هي وش الخير علينا وهتفضل مكانتها محفوظة.
اخيرا اطمأنت روح جسار أن مصير الصغيرة لن يكون مثله لقد حظت بأفضل مم تمنى لها.
دوى شدو الصغار والكبار بأغنية عيد الميلاد متحلقين حول ريحانة ونادر ويوسف مع أقاربهم وأولاد الدار ثم نفثوا بقوة ليطفئوا الشموع بين تصفيق عائلتهم الحماسي لهم وبدأت تنهال الهدايا عليهم وعين جسار
وشمس تتأملان صغارهما بحنان جارف..ثم انقسموا لمجموعات متبادلين الثمر والضحكات. 
الجد نادر و حوله أمين ورضوان وتوفيق.. 
وحمزة وأدم وجسار بينما انضم رائف لصديقه الأقرب عمرا وطباعا ريان.. 
أما النسوة جمانة وصابرين وإلهام أجتمعوا بطاولة اخرى و السيدات الصغار سارة وأريح وزوجات حمزة وريان تجمعوا حول شمس لتبدأ الثرثرة متندرين بما يفعله صغارهم وكلا منهم متشبعة بتجربة امومتها.
بينما الصغار بصوب اخر يلهون بمرح وصخبهم وضحاكتهم المحببة تزرع الفرحة في قلوب الجميع.
دثرت أطفالها الثلاث جيدا وابتعدت بحذر ليقابلها جسار عند باب الغرفة رامقا صغاره بحنان هامسا حبايب بابا لعبوا كتير انهاردة.
ردت و هي تطالعهم بعاطفة مماثلة فعلا عشان كده ناموا قبل حتى ما يفتحوا الهدايا بتاعتهم. 
مغمغما انتي كمان تعبتي اوي انهاردة يا شمسي في تحضيرات عيد ميلاد ولادنا.
تعبكم راحة يا حبيبي الحمد لله كان يوم جميل وكل العيلة ماشية من عندنا مبسوطة. 
ابتسم برضا الحمد لله ربنا يديم علينا عيلتنا الحلوة. 
رفعت رأسها تنظر إليه بحب جارف هامسة مبسوط بعزوتك اللي اتمنيتها ياغالي 
امسك إحدي كفيها برفق الحمد لله ربنا رضاني وعوضني أنا خلاص يا شمس مبقتش افتكر اصلا اللي عانيت
منه.. كأن كل الآسى والحرمان اتمسح من عقلي أنا دلوقت جسار أبو ريحانة ويوسف ونادر.. 
  ليه دايما بتقول أسم ريحانة قبل الولدين 
ومضت عيناه بحب لأنها أمي يا شمس بنتي ريحانة واخدة كل ملامح ماما.. حتى اما بشم عبير امي فيها.
سبق قولها له تنهيدة ربنا كبير يا جسار أما بيعطي بيعطي بدون حساب عوضك حرمانك من مامتك بولدين وبنت تشبهها في كل حاجة.
غامت عيناه وهمس بتفكر ممزوج بشروده في حكمة ربه لما آل إليه حاله
تصوري يا شمس لو كانت ماما عايشة وشافت ولادي انهاردة وهما مالين الدينا حوالينا بضحكهم ولعبهم سبع سنين عدوا وكل يوم بحس روحها بتحوم حواليا بتزورني في احلامي كل ليلة كأننا على معاد محدش فينا بيخلفه بغمض عيون وعارف اني هشوفها وصدقيني لو قولتلك بحس بلمستها بتطبطب عليا..ريحانة عايشة جوة قلبي.
ترقرقت عيناها لفيض مشاعره وهو يبوح لها بما في صدره ثم تمتمت بحنان
حكايتك بدأت پصرخة وخوف طفل رضيع على الطريق لا حول له ولا قوة..بس انتهت بفرحة كبيرة..فرحة محت الألم وزرعت مكانه أمل وثقة إن ربنا بيعوض مهما طال الحرمان.
بينما زوجته تحدثه اغمض عيناه ليختزل طيف والدته الذي مر بمخيلته يشاركهما اللحظة ريحانة هنا..دائما هنا.. بعد لحظات عاد ينظر لزوجته بنظرة خاصة تخصها وحدها ثم تبدلت حالته و دنى منها وعيناه تنضح بعبث 
مشمش تيجي اقولك كلمة سر 
ضحكت ثم هتفت له بدلال كلمة واحدة بس يا جسورتي
عيب عليكي يا شمسي هو في حد مستفيض في الكلام والشرح قدي .
تمت بحمد الله