رواية بقلم نونا المصري
دول باين عليهم انهم كويسين اوي.
فقال ادهم وهو يرفع شاشة الكمبيوتر عارف... علشان كدا انا اخترتهم من بين العشرين واحد اللي انت جبتلي ملفاتهم .
كمال هقولك على حاجة بس مش عايزك تتريق عليا اتفقنا .
فنظر ادهم اليه ببطء شديد وقال ببرود ممېت وانا من امتى بتريق عليك يا كمال
فابتسم
كمال بلطف واستطرد اه صح انت الراجل الجليدي اللي بياخد كل الامور بجدية.
كمال بصراحة من بين كل المتدربين اللي قبلتهم انا عجبتني بنت وحده.
فقال ادهم بعدم اهتمام البنت اللي اسمها مريم مراد مش كدا
كمال ايوا هي.. بس ازاي عرفت اني كنت بتكلم عنها
فنظر ادهم اليه مطولا ثم قال مش حضرتك كتبت على ملفها حرف P يعني المسألة مش محتاجه ذكاء.
أبتسم كمال بسذاجة واردف اه صحيح.. بس تصدق البنت دي عندها ثقة كبيرة في نفسها وانا عن نفسي استريحتلها اوي وحاسس انها هتبقى احسن وحده من بين المتدربين كلهم .
في تلك اللحظة زم كمال فمه وقال بتذمر ايه البرود دا يا اخي بقولك البنت حصلت على شهادة تقدير من الجامعة وكانت من بين العشرة الأوائل حتى انها جت في المرتبه التانيه من بين عشر احسن مبرمجين في الكلية كلها.
فتنهد كمال بأستسلام وقال خلاص انسى... انا همشي دلوقتي.
ادهم اوك.
قال ذلك وهو يحدق بشاشة حاسوبه بجمود وبرود قاټل مما جعل كمال يحرك عيناه بشكلا دائري قبل ان يتجه نحو باب المكتب ليخرج وما ان خرج حتى اسند ادهم ظهره على الكرسي ووضع يده على ذقنه وكأنه يفكر بأمرا ثم وضع يداه خلف عنقه واسند رأسه اليهما مغمضا عيناه .
وبينما كانت تحدق ببطاقتها اقتربت منها المتدربة الاخرى ياسمين التي تكبرها بسنتين وابتسمت قائلة ازيك
ياسمين انا ياسمين وانتي
مريم مريم مراد .
صافحتها ياسمين وابتسمت قائلة اتشرفنا..عندك كام سنه
مريم 21 وانتي
ياسمين انا اكبر منك بسنتين .
مريم العمر كله ان شاء الله.
ياسمين متشكرة.. ينفع نبقى اصحاب بصراحة انا معرفش حد هنا زيك بالزبط .
مريم بابتسامة طبعا دا شرف ليا .
مريم في الاستراحة هعرفك على صاحبتي الهام...هي كمان اتوظفت في الشركة دي.
ياسمين قصدك البنت الاموره اللي كنتي قاعدة معاها الصبح
مريم ايوا.. دي صاحبتي من واحنا صغيرين.
ياسمين حلو اوي.
تسارع في الاحداث........
مر اسبوع على عمل مريم والهام وبقية المتدربين في شركة رويال للتجارة الإلكترونية وخلال ذلك الاسبوع اصبحوا اصدقاء ولم يقابلوا رئيس الشركة ابدا لكثرة انشغاله وعدم السماح لهم بالذهاب الى الطابق الاخير حيث يتواجد مكتبه الكبير كما انهم كانوا ينفذون المهمات مثل طباعة الاوراق وترتيب السجلات ومراجعة الحسابات ولم يسمح لهم في العمل في البرمجة لانهم كانوا جدد وبحاجة الى التدريب اما ادهم فكان باردا للغاية كعادته ولم يتغير في حياته اي شيء سوى ارتفاع نسبة ارباح شركته ولكن دوام الحال من المحال .
وذات صباح....
ذهب ادهم
الى الشركة كالعادة فضغط على زر المصعد ليذهب الى مكتبه ثم وقف ينتظر نزول المصعد بكل رقي وبهيئته الفاخرة في تلك الاثناء اتت مريم ووقفت تنتظر نزول المصعد بجانبه دون ان تنظر اليه حيث انها كانت تعبث بهاتفها فتسللت رائحة عطرها الى انفه لتثير في داخله بركان من المشاعر المضطربة وعرف فورا من صاحبتها لان الرائحة حفرت في ذاكرته بعد أن اشتمها لمرة واحدة عندما اصطدمت به في اليوم الذي ذهبت به لكي تجري المقابله حيث ان تلك الدقائق المعدودة التي جمعته بها في المصعد لم تفارق تفكيره ابدا وبقى يفكر بالسبب الذي جعل قلبه يتحرك مجددا بعد سبات دام لمدة خمس سنوات.
الټفت نحوها بسرعة ليجدها واقفه بجانبه وهي ترسل رسالة نصية لصديقتها الهام التي كانت قد تأخرت عن العمل في ذلك اليوم وما ان رآها حتى شعر بنفس الشعور الذي انتابه عندما قابلها اول مرة اما هي فشعرت بأن احدهم كان يحدق بها لذا قررت ان ترى من هو فرفعت رأسها ببطء ولكنه كان اسرع منها حيث انه نظر امامه بكل برود وجمود وفي داخله اعصار ثائر لان رائحة عطرها الخاص سببت له وللمرة الثانية دوارا فهو لا يعلم لما اعجبته تلك الرائح
نظرت اليه وتذكرته على الفور فهي لم تنسى جيبه ووضعها على عيناه وبعدها دلف ايضا الى داخل المصعد بطوله الوقار وهيئته الراقية ضغط على زر اغلاق الباب ثم ضغط على زر الطابق الاخير... اما هي فضغطت على زر الطابق الرابع ووقفت في زاوية المصعد متوترة من هذا الشاب البارد الذي اسند ظهره على
المرآة داخل المصعد وكان يحدق بها من خلف نظارته الشمسية التي كانت تخفي عيناه السوداوان.
فقالت في نفسها دي المرة التانية اللي بقابل فيها الراجل دا وفي نفس المكان... بس يطلع مين يا ترى
قالت ذلك ثم نظرت اليه بنظرة خاطفة لتجده مستندا على المرآة بجانبها وهو يعبث بهاتفه المحمول فشعرت بأن هذا الرجل هو شخصية مهمة حيث ان هيئته الفاخرة كانت تدل على مدى اهميته وخمنت انه قد يكون هو رئيس الشركة الذي لم يقابله اي احد من زملائها المتدربين حتى الان.
اما هو فكان بالكاد يمنع نفسه من الجلوس على الارض بسبب رائحة عطرها التي اسكرته تماما لانها اصبحت اقوى بسبب تواجدهما في مكان مغلق فوضع هاتفه في جيب سترته ثم رفع يده اليمنى وعدل ياقة قميصه مدعيا انه ليس منتبها عليها وفي تلك اللحظة اشاحت نظرها عنه بسرعة واصبح الصمت سيد الموقف.. ولكن سرعان ما قال بصوته الرزين وبدون ان ينظر إليها ريحته قويه .
فنظرت اليه مريم بسرعة وقالت أفندم !
نزع ادهم نظارته عن عيناه ثم ادار وجهه نحوها ببطء واردف بصوته الجامد الپارفان بتاعك... ريحته قوية اوي وبسببها دماغي وجعتني.
نظرت اليه ببلاهة لمدة ثواني ثم رمشت عدة مرات امسكت بياقة قميصها فقربته من انفها لتشم رائحة عطرها وبعدها نظفت حلقها ونظرت اليه قائلة اسفه...بس ريحة الپارفان بتاعك اقوى من ريحة الپارفان بتاعي وجايز لاننا في مكان مقفول الريحتين ضربوا في بعض علشان كدا دماغك ۏجعتك يعني انا مليش دعوة .
رفع ادهم احد حاجبيه بدهشة عندما تحدثت معه بتلك الطريقة ونظر اليها بنظرة باردة جدا جعلتها ترتبك ثم ادار وجهه ووضع نظارته الشمسية دون ان يعلق اي شيء ثم عاد الصمت ليخيم على المكان..وما هي الا دقيقة قد مضت حتى توقف المصعد في الطابق الرابع فنزلت منه مريم بسرعة ولم تنظر خلفها لان حدسها الأنثوي اخبرها ان هذا الرجل هو نفسه رئيس الشركة التي تعمل بها وان نظرت اليه اثناء نزولها من المصعد قد تبدو وقحة في نظره وهي لا تريد ان يحدث ذلك... لذا سارت بخطوات ثابتة مبتعدة عن مجرى نظره.
اما هو فنزع نظارته عن عيناه واغمضهما بشده واضعا يده على عظمة جسر انفه بسبب تأثير رائحة عطر مريم التي خدرته تماما ثم تنهد بقوه ونظر الى انعكاس صورته في مرآة المصعد وقال في سره غريب.. دي المرة التانية اللي بحس فيها بنفس الاحساس بسبب البنت دي معقول تكون ريحة الپارفان بتاعها هي السبب ... اه وليه لأ دي دوختني !
في قسم برمجة التطبيقات والهندسة الألكترونيه ....
توجهت مريم
نحو مكتبها الصغير ثم وضعت حقيبتها جانبا وجلست امام الكومبيوتر ثم كتبت جملة قصيرة في Google وسرعان ما ظهرت امامها الصفحة الرسمية للشركة فبحثت في بها عن اسم الرئيس التنفيذي ادهم السيوفي وكان حدسها في محله حيث ظهرت امامها صورة للرجل الذي قابلته قي المصعد... وضعت يدها على فمها وقالت بصوت خاڤت دا طلع هو بجد !
ثم بدأت تقرأ المعلومات الشخصية عن ادهم وقد انبهرت عندما علمت انه اسس شركته في سن الثالثة والعشرين وانه أصبح الرئيس التنفيذي لاكبر شركة تجارة إلكترونية في مصر كلها خلال 8 سنوات فقط وسرعان ما تساءلت بغير تصديق معقول يكون الراجل البارد دا هو نفسه ادهم عزام السيوفي اللي سمعت عنه في الكلية
في تلك اللحظة عادت بها الذكرة إلى وقت مضى عندما كان الاستاذ الذي يلقي عليهم المحاضرات يحدثهم عن اشهر مهندس تقنيات تكنولوجيا في علوم الحاسوب بمصر كلها والذي سافر الى اميركا واسس شركته الخاصة في سن صغيرة وكان يدعى ادهم عزام السيوفي الذي ينحدر من عائلة اشهر الاطباء في القاهرة حيث كان كل من جده ووالده اطباء مشهورين وكان من المتوقع ان يصبح هو ايضا طبيب ولكنه اختار ان يصبح مهندس تقنيات عوضا عن ذلك.
وبينما كانت تقرأ المعلومات الخاصة ب ادهم.. سمعت صوت مدير القسم الذي تعمل به يقول يلا يا جماعة..عايز من الكل يروح قاعة الاجتماعات دلوقتي لان ادهم بيه عايز يعمل اجتماع الاسبوع.
فلفت انتباهها ما قاله مدير القسم لذا نهضت وسألته الاجتماع هيبقى دلوقتي يا استاذ سالم
نظر ذلك الرجل المدعو سالم اليها والذي كان في الخمسين من عمره ثم قال ايوا يا انسه مريم... علشان كدا عايز الكل يتصرف كويس وخصوصا المتدربين الجدد.
فقالت ياسمين واو... انا اتحمست جدا .
رد عليها زميلها سرحان وانا كمان... دا هيبقى اول اجتماع رسمي نشترك فيه.
اما مريم فوضعت يدها على جبينها وقالت بصوت خاڤت فينك يا الهام يا رب توصل قبل ما الاجتماع يبتدي.
في مكان اخر....
كانت الهام تركض متوجهها الى القسم الذي تعمل به قائلة بتذمر الله ېحرق السهر وساعة السهر كله منك يا ابراهيم .
ابراهيم ابن جيرانهم وقد ذهب هو وعائلته لخطبتها في اليوم
السابق ولكنها لم توافق على الارتباط بشخص لا تكن له اي مشاعر فاحترم
اهلها قرارها ولكنهم شعروا بالخجل لاخبار اهل ابراهيم بعدم موافقة ابنتهم على الزواج من
ابنهم لذا احتاجوا وقتا لتمهيد الامر لهم فسهروا لوقت متأخر
واثناء ركضها وردتها رسالة نصية من مريم مضمونها كالتالي الله ېخرب بيتك انتي فين ادهم بيه هيعمل اجتماع لكل الموظفين كمان خمس دقايق وحضرتك مش موجودة لغاية دلوقتي
في تلك اللحظة سيطر الهلع على الهام