السبت 23 نوفمبر 2024

قصة القرية المخيفة كاملة

انت في الصفحة 2 من 22 صفحات

موقع أيام نيوز

... كان الرجل يتحدث بانفعال لم أسمع ما يقوله بالضبط ولكن يبدو أن محدثه لم يكن متفهما واحتاج هو لجهد كبير لإقناعه ... دقائق وأنهى المكالمة وعاد إلي وقد اتسعت سريرته وهو يقول
نصف ساعة وسيصل أحدهم ليقلك لا تقلق الأمور على ما يرام.
ثم أردف وهو يشير بسبابته إلى صدره
أنا عمك عفيفي عجوز المحطة أو كما يسميها أهل المنطقة آخر الأرض ... ما اسمك أنت يابني
أنا فادي طبيب شاب ولا أملك واسطة وهكذا وجدت نفسي مكلفا بالعمل على مسافة خمسمائة ميل بعيدا عن أهلي وقريتي.
أطلق الرجل ضحكة لطيفة أبرزت فكه الخالي تقريبا من الأسنان وهو يضع حبات الشاي والسكر في الكوب ويصب عليه الماء من الغلاية ويناوله لي وهو يقول
أنت ما زلت شابا يافعا ... 
يمكنك أن تتحمل القليل من التعب في هذا العمر عندما ستكبر ستتحول هذا الأيام إلى ذكريات وخبرات جميلة تحكيها لأولادك.
رشفت رشفة من كوب الشاي بحذر فأعجبني مذاقه فشكرت الرجل بإيماءة من رأسي ...
لقد استطاع ذلك العجوز الطيب أن يزيح الحواجز بيني وبينه في لحظات فوجدت نفسي أتبادل معه حديثا وديا دون تكليف في شتى الموضوعات المختلفة وأعجبني أن هذا الرجل كان ذكيا لماحا ويحمل خبرة السنين ... بعد نصف ساعة بالضبط قاطع حديثنا ذلك الصوت القادم من خارج الاستراحة
عم عفيفي ... عم عفيفي.
خرجنا بسرعة لنرى ذلك ذلك الرجل الضخم الغليظ الملامح في الملابس البلدية يجلس على حمار أبيض عملاق ويجر خلف حمارا آخر رمادي اللون أصغر من صاحبه ... الټفت لي عم عفيفي وهو يقول
هذا هو العم شقص ...سيقلك إلى القرية.
قلت بدهشة
على الحمار.
ابتسم وهو يقول
أجل ... ألم أقل لك أنك ستعيش هنا ذكريات وخبرات جديدة تحكي عنها لأولادك في الكبر
كان الطريق إلى الجبل جبليا وعرا وصاعدا بزاوية حادة ... حمل العم شقص حقيبتي أمامه على حماره العملاق وساعدني على امتطاء الحمار الآخر الذي كان يجره بعقال في يده ... في الطريق كانت تقابلنا بعض الصخور والعقبات فكان العم شقص يدفع الحمير أو يحملها حملا من فوق تلك العقبات ثم يساعدني على العبور حتى نستطيع استكمال الطريق ... كنت أعرف أن هذه المنطقة بيئتها جبلية وعرة هذا ما أخبرني به جوجل على خريطته ولكنني كنت أظنه يمازحني أو يحاول السخرية من حظي العاثر وبؤس وساطتي ... حاولت تبادل أطراف الحديث مع العم شقص ولكن ردوده كانت مقتضبة قصيرة لا تشجع على الاستمرار في الحديث ... كان متوترا ولاحظت أنه يتابع بعينيه قرص شمس الذي اقترب من المغيب في قلق حقيقي.
بعد قليل بدأ الطريق يتوجه نزولا وظهرت القرية الرابضة في بطن الجبل بمنازلها القديمة والمصنوعة في معظمها من الصخور الجبلية والطوب اللبني في ناحية الشرق منها

انت في الصفحة 2 من 22 صفحات