السبت 23 نوفمبر 2024

مملكة سفيد بقلم رحمة نبيل

انت في الصفحة 2 من 195 صفحات

موقع أيام نيوز

بعدم فهم لنظراتها المخيفة تلك ثم نظر خلفه صوب الممرضات اللواتي كن يحدقن نحوهما بفضول كبير يقول 
سميرة وعبير اللي قالولي كده 
رفعت تبارك عيونها فورا تجاه سميرة وعبير إذ انتفضتا في وقفتهما تبعدان عيونهما عنها بړعب كبير وتبارك تتوعد لهما تنفست بصوت مرتفع تقول بلا اهتمام 
لا يا دكتور أنا لا متجوزة ولا ڠضبانة ولا نيلة والعيل الزنان ده ابن سميرة اساسا بس عشان عبير مجابتش عيالها الاتنين انهاردة يلعبوا معاه عمال يعيط وانا قولتلها هاخده اسكته 
أنهت حديثها تستأذن منه ترحل برأس مرفوعة تشعر بالڠضب والحنق تاركة خلفها الطبيب يحدق في ظهرها بريبة كبيرة متعجبا تصرفاتها ومنذ متى لم تكن تصرفات تبارك غريبة تلك الفتاة التي تدور حولها علامات استفهام كثيرة منذ جاءت للعمل في المشفى .
اقتربت تبارك من سميرة تعطيها الصغير مبتسمة بهدوء 
ابنك يا حبيبتي ابقي سكتيه بنفسك جاتكم الهم والواحد مش بياخد من وراكم غير المصاېب 
تحركت بعدها تبارك صوب عملها ترغو وتزبد تحاول تعديل وضعية حجابها بعدما افسدها ذلك الصغير وافسد كذلك فرصتها مع ذلك المغرور الوسيم ...
للچحيم جميعا .
________________________
واخيرا يوم آخر انتهت فيه من عملها تتحرك خارج المشفى تتفحص حقيبتها كي تتأكد أنها لم تغفل عن شيء هناك كما حدث ونسيت من قبل محفظة أموالها وفقدت جميع ما بها عدا بطاقتها الشخصية وورقة بها بعض طلبات المنزل التي تحتاجها .
ابتسمت ساخرة تسير بين الطرقات تتنهد بتعب شديد وهي تشعر أنها تود لو تستسلم أن ترتكن لأحد الجدران وترتاح تأخذ استراحة محارب كما يقولون وأثناء تلك الاستراحة تحمل درعها والسيف وتهرب بهما لتبيعهما لرجل الروبابكيا علها تستفيد من تلك المعركة بأي شيء غير القتال .
وعلى ذكر القتال رأت تبارك معركة يومية تلوح لها في الأفق حينما أبصرت جارتها الودودة صاحبة اللسان السليط تقف أمام بنايتها تحمل بين أناملها بعض الإبر الطبية صاړخة بصوت جهوري وبيدها الأخرى تمسك صبي بعمر العشر سنوات يفوقها طولا وهي تقول بحنق 
ما تهمد يا زفت واستنى أما التمرجية تيجي 
تمتمت تبارك بحنق شديد تعض شفتيها 
تمرجية اخرتها بعد سنين دراسة وپهدلة في الخدمة 
تنفست بصوت مرتفع تستدير لتعود وتغير طريقها أو تختفي لساعات حتى تمل جارتها وترحل مع ذلك الغبي ابنها الذي تأتي به يوميا لتعطه هي حقنته ..
ولم تكد تستدير حتى سمعت صيحة مرتفعة تقول بتهليل 
اهي جات اهي تبارك تعالي الله يكرمك يا ختي ادي الواد ده الحقنة لاحسن مستنياك من بدري وميعاد الحقنة عدى 
أغمضت تبارك عيونها بغيظ شديد قبل أن تمحي غيظها وترسم بسمة واسعة تستدير ببطء تقول باعتذار خاڤت 
معلش يا ام أنور اصل أنا مش معقمة ايدي وكنت بتعامل مع مرضى كتير وكده ممكن أأذي أنور ممكن تاخديه الصيدلية اللي على اول الشارع فيها شاب يديله الحقنة عادي 
وقبل أن تركض صوب منزلها اوقفتها أم انور باعتراض 
هو ايه أصله ده يا ختي هو أنت هتعملي عملية ولا ايه بقولك تعالي ادي الواد الحقنة خليني ارجع البيت الاكل على الڼار والحاج زمانه راجع من الجزارة ينكد عليا شكل كده طلاقي على ايدك 
اتسعت أعين تبارك من كل تلك الكلمات 
كل ده عشان حقنة! حياتك كلها واقفة على حقنة ابنك وبعدين هو مش خف ولا هو كل ما يلاقي نفسه فاضي يجي ياخد حقنة 
أخذت تبارك الإبرة تجهزها أثناء حديثها وأم أنور تتحدث بكلمات كثيرة كعادتها 
طبعا ما أنت معندكيش عيال وراجل في رقبتك ومش عارفة المرار اللي الواحد شايفه ألا صحيح يا بت يا تبارك هو مفيش حد كده ولا كده 
نظرت تبارك حولها قبل أن تعود لها بنظرها 
لا مفيش حد يا أم أنور
يابت ركزي أنا قصدي عريس ....خطيب 
أجابت ببساطة شديدة وهي تخرج الهواء من الإبرة 
لا مفيش 
التوى ثغر السيدة وهي تمتص شفتيها تفتح فمها على وشك نطق جملة تحفظها تبارك عن ظهر قلب لذلك قالت تقاطعها 
تعالى ادخلي جوا عشان اديله الحقنة ونخلص 
وقبل أن تتحرك أمسكت بها أم أنور تقول بجدية 
جوا ايه يا ختي ما تديها للواد خلينا نخلص هو يعني في حد ! اقلع يابني خليها ت 
وقبل أن تضع أم أنور كلامها حيز التنفيذ صړخت تبارك تمسك يدها پصدمة تنظر حولها بشحوب وصدمة من كلماتها 
يقلع ايه أنت بتعملي ايه أنت ادخلي جوا يا ست عايزة تفضحي ابنك في الشارع هو مفيش احساس ولا حياء خالص !
رمقتها السيدة بحنق وقبل أن تتحدث قال الصبي وقد بدأ يتململ في وقفته بحنق شديد 
انا زهقت ياما وعايز ادخل الحمام خلصوني بدل والله امشي ومش هاخد حقن ولا نيلة
صڤعته والدته تزجره

انت في الصفحة 2 من 195 صفحات