السبت 23 نوفمبر 2024

مملكة سفيد بقلم رحمة نبيل

انت في الصفحة 1 من 195 صفحات

موقع أيام نيوز

تسير والحذر رفيقها تشعر أنها تود لو تطير متجاوزة تلك المنطقة لا ترغب أن تمر بها وتعرض آذانها العزيزة لصيحات النساء وتهكمات الثرثارات منهن الأمر وما فيه أنها ملت كل ذلك والأصح أنها ملت الحياة في تلك المنطقة ولولا كسرة الخبز الجافة التي تتناولها كل يوم في غرفتها الرطبة العفنة لكانت رحلت عن المكان بأكمله لكن ماذا تفعل وحياة التقشف تناديها وتغريها .

وقع بصرها فجأة على عربة فواكهة بها اطباق جاهزة من فواكهة متنوعة ثمرة تقريبا من كل نوع وفوق الطبق كتب ٢٠ جنيها بدلا من ٢٥ .
ها انظروا المزيد من الاغراءات كي لا ترحل عن المكان بالله عليكم كيف تترك تلك المنطقة التي تبيع أربعة ثمرات فواكه بخصم خمسة جنيهات ! أين قد تحصل على مثل تلك الرفاهيات !
خرجت تبارك واخيرا من تلك المنطقة بعدما استطاعت تلاشي ألسنة سكانها اللاذعة انحرفت في شوارع عدة تركض بين برك المياه الملوثة غير مهتمة بحذائها فهو ۏسخ على أية حال ..
توقفت أمام بناية صغيرة من ثلاثة أدوار تتنفس بصوت مرتفع تجفف عرق وجهها متحركة صوب الداخل وقد ظهرت لافتة مهترئة تعلو مدخل البناية كتب عليها مستشفى الأمل والحياة حيث ېقتل الأمل وتتلاشى الحياة .
ابتسمت تستقبل يوم جديد في عملها بكامل الطاقة والحيوية تفتح ذراعيها بسعادة وبدلا أن تستقبل طاقتها الإيجابية استقبلت طفل صغير يبكي بصوت مرتفع وصديقتها تقول 
امسكي يا تبارك العيل الزنان ده لغاية ما أمه تخرج من الكشف أنا مش فاهمة الناس اللي بتيجي يكشف ويجيب عيل معاه ويرميه لينا 
نظرت تبارك پصدمة لذلك الصغير الذي يقبع بين أحضانها يبكي ويجذب حجابها بينما هي تحاول أن تتلاشى يده قائلة پصدمة 
طب وأنا مالي يا سميرة خدي الولد ده أنا مش فاضية عندي مرور على العنابر 
لكن سميرة كانت قد رحلت بالفعل وتبارك نظرت للصغير الذي كان صوته قد أيقظ الامۏات من قبورهم زفرت تتحرك به صوب غرفة تبديل الثياب تاركة إياه على الأرض تختفي خلف ستار لتبدل ثيابها لثياب العمل إذ كانت تبارك تعمل في هذه المشفى المتواضعة ممرضة .
خرجت تعدل من وضعية ثيابها تحمل الصغير مجددا تضع القلم في فمها وتمسك مدونة بين أصابع يدها الحرة تقول 
همشي أنا بيك في المستشفى كده أمك بتولد ولا ايه ! كل ده كشف 
ختمت حديثها تتحرك دخل بعض الممرات كي تمر على بعض العنابر تطمئن على المرضى والصغير ما يزال يبكي بين ذراعيها وبدأت بعض الجمل الحانقة تخرج من فم جميع المسطحين على الأسرة ..
يا ختي وهي ناقصة دوشة عشان تجينا بابنك!
كنت سبتيه مع أبوه يا بنتي بدل بهدلتك بيه دي 
ايه الزن على الصبح ده ما ترضعيه يا ختي ولا تشوفيه ماله 
زفرت تبارك تحاول أن تصمت ذلك المزعج الصغير تعتذر منهم بهدوء شديد 
مش ابني والله ولا اعرفه ولا أعرف أبوه أنا متضررة زيي زيكم ويمكن اكتر منكم حقكم عليا والله..... يا بني سيب ام الطرحة 
زفرت تلقي المدونة ارضا ثم تحركت خارج المكان بأكمله تبحث عن سميرة كي تفرغ بها كامل سخطها على ما يحدث لكن فجأة توقفت أقدامها پصدمة في منتصف الطريق حينما ابصرته يتهادى نحوها بطلته المبهرة يسير متمخترا كالطاووس يجذب نحوه أنظار جميع إناث البغبغاوات حوله وهي لم تكن أفضل منهن إذ انجذبت له ولهيبته كما الفراشة لللهب .
ابتلعت ريقها تسير بهدوء وهي تضم الصغير لها تدري جيدا أنها لن تلفت يوما أنظاره ولن يراها وهذا للحق جيد لها فهي فقط تحب مشاهدته من بعيد وتتأمل وسامته كما الجميع هنا لكن ومن بين كل تلك الغمامات توقفت فجأة على صوته يقول بتعجب 
تبارك أنت خلفتي ولا ايه !
توقفت تبارك پصدمة وقد اتسعت عيونها لا تصدق أنه يعرفها ويعرف اسمها وفي المرة الوحيدة التي يقرر بها ذلك المغرور أن يهبط عن عرشه ليتفقد الرعية ويمن عليها بحديث تكون وهي حاملة بين ذراعيها صبي صغير باكي .
رفعت عيونها له وقالت بعدم فهم ولهفة 
خلفت ايه لا لا ده مش ابني أنا اساسا مش متجوزة يا دكتور 
رفع الطبيب حاجبه بعدم فهم 
مش متجوزة ازاي هو مش أنت اتجوزتي من وأنت ١٥ سنة وكان فيه مشاكل مع جوزك عشان بيضربك وڠضبانة !
كانت تبارك تتابع قصة حياتها المأساوية على لسان الطبيب الذي أعجبت به يصف معاناتها مع زوجها القذر الذي يريها الويل ألوانا منذ تزوجت به وهي فتاة قاصر.
آه فقط لو تمسك به تقسم أنها ستذيقه الچحيم لكن للاسف الشديد هي لا تستطيع لأنها ببساطة ليست متزوجة .
ابتسمت تبارك تقول بعدم فهم واستنكار 
ايه ايه مين اللي قال لك كده ! أنا متجوزة وڠضبانة ومخلفة 
تراجع الطبيب للخلف
السابق
صفحة 1 / 195
التالي

انت في الصفحة 1 من 195 صفحات