رواية في قبضة الاقدار (كامله جميع الفصول) بقلم نورهان ال عشري
انت في الصفحة 1 من 115 صفحات
بمثل هذا الوقت من العام الماضي في إحدي ليالي كانون الباردة هزمت إحداهن أمام كلمات دافئه أغتالت برودة قلبها فأذابته و أضرمت النيران بأوردتها و التي سرعان ما أخمدتها لوعه الفراق لتترك خلفها بقايا حطام إمرأة أقسمت علي نكران العشق طيله حياتها ...
نورهان العشري
كلما كانت ذاكرة الإنسان قويه كلما كانت حياته أصعب بكثير و في قانون العقل كل الأشياء قابله للنسيان ماعدا الشئ الوحيد الذي تود نسيانه .
كانت جالسه علي أحد المقاعد بشموخ في ذلك البهو الكبير تنتظر الميعاد الذي جاهدت أسبوعا كاملا حتي تحصل عليه و ها هو يأتي بمنتصف اليوم و هي في عملها لتهاتفها تلك الفتاة بلهجه صلفة تخبرها بأن موعدها مع السيد سيكون بعد خمسة و أربعين دقيقة و ألا تتأخر فاضطرت إلى ترك عملها ومهرولة إلى ذلك الصرح الكبير الذي كان يثير في نفسها التوتر الذي قلما يظهر عليها و لكنه كان نابع من السبب المحرج في كونها تود مقابلة ذلك السيد الذي كان الوصول إليه شاقا و كأنه أحد رموز الدوله أو أحد المشاهير .
كم يثير نفورها و إشمئزازها هؤلاء الأشخاص الذين هم علي شاكلته ! و تتمني من الله أن يمر موعدها معه علي خير و أن تجد عنده من التعقل ما يجعله يستمع إلي حديثها أو بالأحري طلبها كي تعود حياتهم هادئه من جديد ..
كان هذا أول ما رأته حين دلفت إلي الداخل لتجد على يمينها مكتب ضخم و لكنه أنيق و عصري أمامه مقعدين تتوسطهم منضدة صغيرة و خلفهم كان مقعد السيد المنشود و الذي كان يعطيها ظهره مما جعلها تتقدم خطوتين إلي الداخل و قد كانت خطواتها هادئه لا تعكس توترها الذي كان يزداد مع مرور الوقت خاصة و أن ذلك المتعجرف لا يزال يعطيها ظهره مما جعلها تسخر داخلها قائله
هيا أرنا وسامتك أيها السيد المغرور !
بدأ شبح إبتسامه ساخرة في الظهور علي جانب شفتيها و لكنها تجمدت فورا ما أن دار الكرسي ليواجهها لتجد نفسها أمام أوسم رجل قد رأته بحياتها !
شعر أسود حريري لامع مصفف بأناقه ملامح رجوليه جذابه عينان ثاقبه أنف مستقيم شفاه غليظه ذقن منحوت ببراعه لحيه كثيفه نوعا . كانت ملامحه تضج بالرجوله محاطه بهاله من الهيبه و الثقه اكتسبها من سنوات عمره الاربعين و جعلت ثباتها يتلاشي شيئا فشيئا إلي أن أتتها نبره صوته العميقه لتكمل صورتة الرائعه حين قال و هو ينظر إلي أسمها المدون أمامه
أنسه فرح عمران .
لا تعلم لما شعرت بشئ من السخريه في حديثه و إنعكس علي نظراته التي بدت و كأنها تقيمها و قد حمدت ربها كثيرا بأنها كانت ترتدي ثياب العمل الرسميه المكونه من تنوره سوداء تصل إلي أسفل ركبتيها و فوقها قميص من الستان الأزرق و جاكت من نفس لون التنورة و قد كانت تعكص شعرها فوق رأسها علي هيئه كعكه منمقه فلا تترك الحريه لخصله واحده منه في الهرب. كان هذا المظهر يعطيها وقارا تحتاجه كثيرا و خاصة الآن لمواجهه تلك الهيبه التي أمامها .
واصلت التقدم الي أن وقفت أمامه مباشرة ثم قالت بهدوء
أهلا بحضرتك يا سالم بيه
هز رأسه ثم قال بإختصار
أتفضلي
أشار إليها لتجلس علي المقعد أمامها فأطاعته بصمت و قد كانت عيناه مسلطه عليها بطريقه أربكتها قليلا و لكنها تجاهلت ذلك و حاولت التركيز علي ما أتت لأجله فرفعت عيناها إليه فوجدته يومئ برأسه بمعني أن تبدأ في الحديث فتحمحمت بخفوت و إحتارت كيف تبدأ فوجدت نفسها تقول بخفوت
بصراحه في موضوع مهم كنت حابه أتكلم فيه مع حضرتك
لم تتغير ملامحه إنما تخللت السخريه نبرته حين قال
أنا كمان عايز أعرف يا تري إيه الموضوع الخاص إلي بيربطنا !
حل محل التوتر شعور بالڠضب الممزوج بالخجل فهي حين سألتها مديرة مكتبه عن سبب طلبها لرؤيته أجابتها بإختصار موضوع خاص و كررت تلك الإجابه علي مسامعها طوال الأسبوع المنصرم .
تحمحمت بخفوت قبل أن تقول بنبرة ثابته
في الحقيقه هو فعلا موضوع خاص .
قاطعها دلوف مديرة مكتبه لتسمعه يخبرها بأن تحضر لها عصير ليمون و تحضر قهوته المعتادة . ثوان و الټفت اليها قائلا
معاكي . قولتيلي موضوع خاص !
إغتاظت من تكراره تلك الكلمه و كأنه يسخر منها لذا شدت ظهرها و أستقامت أكثر في جلستها و قالت بنبرة قويه
المقصود هنا بموضوع خاص أنه يخص ناس تهمنا . و إلي هما حازم أخوك و جنة أختي !
قالت جملتها الأخيرة علي مهل و هي تراقب تبدل ملامحه من السخريه إلي الترقب و لكن لهجته بدت هادئه و هو يقول بإختصار
كملي ..
أخذت نفسا قويا قبل أن تقول بلهجه قويه
بصراحه أنا عيزاك تبعد حازم أخوك